قال المصنف رحمه الله تعالى : ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم , فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل , و أن نطهر قلوبنا من الغل و الحقد على أحد منهم , لقوله تعالى : << لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولآئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا و كلا وعد الله الحسنى >> [ الحديد : 10 ] , وقوله تعالى فينا : << و الذين جآءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنآ إنك رءوف رحيم >> [ الحشر : 10 ] . حفظ
الشيخ : " ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم " وجوبا. " فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل ".
وأما أن ننشر المساوئ بين الناس، ونقول: فلان فعل كذا، وفلان فعل كذا، فلا شك أنه محرم، لأنه إذا كان هذا حراما بالنسبة لغيرهم فكيف بالنسبة لهم.
والطعن في الصحابة ليس أمرا هينا، الطعن في الصحابة في الواقع يتضمن الطعن في الشريعة، والطعن في الرسول، والطعن في جانب الله عز وجل، ليس طعنا فيهم فقط.
الطعن فيهم في الحقيقة طعن في أربع جهات:
أولا : الطعن فيهم، وهو واضح.
الثاني : وهو طعن في الشريعة، لأنهم هم الواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذي نقلوا الشريعة إلينا، فإذا طعنا فيهم صارت الشريعة مشكوكا في صحتها وعزوها للرسول صلى الله عليه وسلم.
والثالث : أنه طعن في الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك أن من كان أصحابه على جانب من الفسق والفجور فإن ذلك قدح في مقامه. إذا كان العرف بين الناس الآن أن الرجل الشريف إذا كان أصحابه ومن حوله قد طعنوا بالفسق والفجور وغيرها، فلا شك أن هذا قدح فيه، وإن لم يكن مثلهم في الفجور والفسق، لكن كان الإنسان الشريف أن يصطحب أناسا شرفاء، أما أن يصطحب أناسا على جانب من الفسوق والفجور فهذا لا شك أنه عيب فيه، وإن لم يكن هو على شاكلتهم من الفجور وغيرها.
الجهة الرابعة : جانب الرب عز وجل، فإنه طعن في حكمته أن يهيئ لهذا الرسول الكريم الذي هو أفضل الخلق عند الله عز وجل أناسا ايش؟ فجرة كفارا فساقا، كما يقوله الرافضة في أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا نفرا قليلا ومن كان من آل البيت.
وإذا كان كذلك وجب علينا أن نكف عن مساوئهم، وأن لا نظهرها للناس، حتى لو فرضنا أن إنسانا يقرأ في البداية والنهاية، وأتى على وقعة الجمل أو صفين أو غيرها، مما يخدش كرامة الصحابة عند العامة الذين لا يفهمون فالواجب ايش؟ أن لا تقرأ، الواجب أن لا تقرأ، أما إذا كنا نريد أن نقرأها على طلبة العلم لنمحص ما فيها، لأنه دخلها الزغل والكذب، فإنه لا بأس، بل قد يجب. لكن بالنسبة للعامة لا تقرأ عليهم مثل هذا. كذلك يجب أن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، حتى لو كنا نرى أنه أخطأ فإنه لا يجوز لنا أن نحمل حقدا أو غلا عليهم، بل نقول عفا الله عنه، وإذا كان الذين انصرفوا في أحد قال الله تبارك وتعالى فيهم : (( ولقد عفا عنكم )) مع أنه عز وجل قال : (( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة )) فبين عز وجل أن منهم من كان يقاتل للدنيا ومع هذا قال : (( ولقد عفا عنكم )) فكيف نحن لا نعفو عما حصل منهم؟! بمعنى أن لا نحمل حقدا ولا غلا على أحد منهم وإن كنا نرى أنه خطأ وأن قبيله هو الصواب هو المصيب.
" لقوله تعالى : (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى )) ".
(( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل )) المراد بالفتح هنا صلح الحدييية لا فتح مكة (( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) والدليل على أنه صلح الحديبية ما جرى بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام لخالد : ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) وعبد الرحمن بن عوف من المهاجرين الأولين، بخلاف خالد بن الوليد فإنه أسلم بعد ذلك. طيب.
(( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) من بعد ولا من بعدِ؟ ليش مضمومة ومن حرف جر؟ نقول: هي هنا مبنية وليست معربة. طيب.
يقول: (( و كلا وعد الله الحسنى )) سبحان الله! القرآن الكريم لما ذكر فضل من أنفق من قبل الفتح وقاتل فإنه قد يذهب القلب إلى التنقص في حق المفضل عليهم، فقال : (( وكلا وعد الله الحسنى )) وإن اختلفوا في الفضل.
وهذه طريقة القرآن أنه تعالى إذا ذكر مفضلا ومفضلا عليه ذكر المنقبة العامة للجميع. قال الله تعالى : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان )) قد يبدر إلى الذهن التنقص من حق داوود فقال عز وجل دفعا لهذا : (( وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن )) ذكر منقبة خاصة له في مقابل قوله : (( ففهمناها سليمان )) طيب.
وقال تعالى - نعم - : (( و كلا وعد الله الحسنى )) الحسنى هل هي وصف لموصوف معين أو المراد الوعدة الحسنى؟ نعم؟ إذا قلنا الحسنى هي الجنة وأنها وصف مختص بها، قلنا: المعنى وكلا وعد الله الجنة كما قال تعالى : (( للذين الحسنى وزيادة )) وإذا قلنا إنها وصف للشيء الأحسن فإننا لا نرى أن شيئا أحسن من الجنة.
" وقول الله فينا : (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )). شف سؤال المغفرة (( اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )) لا الذين سبقونا ولا الذين كانوا في عصرنا، فسؤال المغفرة قالوا لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، والغل قال : (( لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )) ولم يقل: للذين سبقونا بالإيمان، لأنهم سألوا أن لا يكون في قلوبهم غل لا للسابقين ولا _ يا صالح _ ولا للاحقين. طيب.
هذه الآية معطوفة على آيتين سابقتين، حيث ذكر الله تعالى الفيء (( للمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك الصادقون * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حرجا مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) ". وقد قال مالك رحمه الله : " إن الرافضة لا حقَّ لهم في الفيء " لماذا؟ لأنه لا يمكن أن تنطق ألسنتهم بهذا القول، لا يمكن أن يقولوا (( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) بل إنهم يشتمونهم ويلعنونهم وقلوبهم ممتلئة غلا وحقدا على الذين سبقوهم بالإيمان، ولهذا قال مالك : " إنهم لا حظ لهم في الفيء ". طيب.
(( ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )).
وأما أن ننشر المساوئ بين الناس، ونقول: فلان فعل كذا، وفلان فعل كذا، فلا شك أنه محرم، لأنه إذا كان هذا حراما بالنسبة لغيرهم فكيف بالنسبة لهم.
والطعن في الصحابة ليس أمرا هينا، الطعن في الصحابة في الواقع يتضمن الطعن في الشريعة، والطعن في الرسول، والطعن في جانب الله عز وجل، ليس طعنا فيهم فقط.
الطعن فيهم في الحقيقة طعن في أربع جهات:
أولا : الطعن فيهم، وهو واضح.
الثاني : وهو طعن في الشريعة، لأنهم هم الواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذي نقلوا الشريعة إلينا، فإذا طعنا فيهم صارت الشريعة مشكوكا في صحتها وعزوها للرسول صلى الله عليه وسلم.
والثالث : أنه طعن في الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك أن من كان أصحابه على جانب من الفسق والفجور فإن ذلك قدح في مقامه. إذا كان العرف بين الناس الآن أن الرجل الشريف إذا كان أصحابه ومن حوله قد طعنوا بالفسق والفجور وغيرها، فلا شك أن هذا قدح فيه، وإن لم يكن مثلهم في الفجور والفسق، لكن كان الإنسان الشريف أن يصطحب أناسا شرفاء، أما أن يصطحب أناسا على جانب من الفسوق والفجور فهذا لا شك أنه عيب فيه، وإن لم يكن هو على شاكلتهم من الفجور وغيرها.
الجهة الرابعة : جانب الرب عز وجل، فإنه طعن في حكمته أن يهيئ لهذا الرسول الكريم الذي هو أفضل الخلق عند الله عز وجل أناسا ايش؟ فجرة كفارا فساقا، كما يقوله الرافضة في أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا نفرا قليلا ومن كان من آل البيت.
وإذا كان كذلك وجب علينا أن نكف عن مساوئهم، وأن لا نظهرها للناس، حتى لو فرضنا أن إنسانا يقرأ في البداية والنهاية، وأتى على وقعة الجمل أو صفين أو غيرها، مما يخدش كرامة الصحابة عند العامة الذين لا يفهمون فالواجب ايش؟ أن لا تقرأ، الواجب أن لا تقرأ، أما إذا كنا نريد أن نقرأها على طلبة العلم لنمحص ما فيها، لأنه دخلها الزغل والكذب، فإنه لا بأس، بل قد يجب. لكن بالنسبة للعامة لا تقرأ عليهم مثل هذا. كذلك يجب أن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، حتى لو كنا نرى أنه أخطأ فإنه لا يجوز لنا أن نحمل حقدا أو غلا عليهم، بل نقول عفا الله عنه، وإذا كان الذين انصرفوا في أحد قال الله تبارك وتعالى فيهم : (( ولقد عفا عنكم )) مع أنه عز وجل قال : (( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة )) فبين عز وجل أن منهم من كان يقاتل للدنيا ومع هذا قال : (( ولقد عفا عنكم )) فكيف نحن لا نعفو عما حصل منهم؟! بمعنى أن لا نحمل حقدا ولا غلا على أحد منهم وإن كنا نرى أنه خطأ وأن قبيله هو الصواب هو المصيب.
" لقوله تعالى : (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى )) ".
(( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل )) المراد بالفتح هنا صلح الحدييية لا فتح مكة (( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) والدليل على أنه صلح الحديبية ما جرى بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام لخالد : ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) وعبد الرحمن بن عوف من المهاجرين الأولين، بخلاف خالد بن الوليد فإنه أسلم بعد ذلك. طيب.
(( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا )) من بعد ولا من بعدِ؟ ليش مضمومة ومن حرف جر؟ نقول: هي هنا مبنية وليست معربة. طيب.
يقول: (( و كلا وعد الله الحسنى )) سبحان الله! القرآن الكريم لما ذكر فضل من أنفق من قبل الفتح وقاتل فإنه قد يذهب القلب إلى التنقص في حق المفضل عليهم، فقال : (( وكلا وعد الله الحسنى )) وإن اختلفوا في الفضل.
وهذه طريقة القرآن أنه تعالى إذا ذكر مفضلا ومفضلا عليه ذكر المنقبة العامة للجميع. قال الله تعالى : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان )) قد يبدر إلى الذهن التنقص من حق داوود فقال عز وجل دفعا لهذا : (( وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن )) ذكر منقبة خاصة له في مقابل قوله : (( ففهمناها سليمان )) طيب.
وقال تعالى - نعم - : (( و كلا وعد الله الحسنى )) الحسنى هل هي وصف لموصوف معين أو المراد الوعدة الحسنى؟ نعم؟ إذا قلنا الحسنى هي الجنة وأنها وصف مختص بها، قلنا: المعنى وكلا وعد الله الجنة كما قال تعالى : (( للذين الحسنى وزيادة )) وإذا قلنا إنها وصف للشيء الأحسن فإننا لا نرى أن شيئا أحسن من الجنة.
" وقول الله فينا : (( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )). شف سؤال المغفرة (( اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )) لا الذين سبقونا ولا الذين كانوا في عصرنا، فسؤال المغفرة قالوا لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، والغل قال : (( لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا )) ولم يقل: للذين سبقونا بالإيمان، لأنهم سألوا أن لا يكون في قلوبهم غل لا للسابقين ولا _ يا صالح _ ولا للاحقين. طيب.
هذه الآية معطوفة على آيتين سابقتين، حيث ذكر الله تعالى الفيء (( للمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك الصادقون * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حرجا مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) ". وقد قال مالك رحمه الله : " إن الرافضة لا حقَّ لهم في الفيء " لماذا؟ لأنه لا يمكن أن تنطق ألسنتهم بهذا القول، لا يمكن أن يقولوا (( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) بل إنهم يشتمونهم ويلعنونهم وقلوبهم ممتلئة غلا وحقدا على الذين سبقوهم بالإيمان، ولهذا قال مالك : " إنهم لا حظ لهم في الفيء ". طيب.
(( ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )).