قال المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها , وهي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . حفظ
الشيخ : " نؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها، وهي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ".
وذلك أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، يقتص لبعضهم من بعض، وتغسل قلوبهم من الغل والحقد، حتى يدخل الجنة على أحسن وجه، وإذا جاؤوا إلى أبواب الجنة، لم يجدوها مفتوحة. أهل النار (( حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها )) على طول إهانة لهم ومبادرة للعقوبة عليهم، أهل الجنة لا، يدخلونها على إشفاق، يدخلونها على إشفاق، إذا جاؤوها وجدوها مغلقة، فيحتاجون إلى شفاعة، من يشفع؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا أدري هل إن الناس في ذلك الوقت يذهبون فورا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام لأنهم عرفوا أن غيره من أولياء الله لا يستطيع أن يشفع، أو أن الرسول يشفع بدون سؤال؟ الله أعلم، ما أدري ما بلغني في هذا علم.
المهم أن الرسول يشفع أن تفتح أبواب الجنة لأهلها، غيره ايش؟ لا يشفع، لأنه عليه الصلاة والسلام إذا شفع وفتحت الأبواب، ما احتجنا إلى الشفاعة، انتهى كل شيء، دخل أهل الجنة الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. هذه الشفاعة خاصة له.
كما أن له شفاعة أخرى خاصة به، وهي شفاعته في كافر. الكافر لا يمكن أن يشفع فيه، لأن الله تعالى قال : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )) والكافر غير مرتضى عند الله إلا كافرا واحد استأذن الرسول ربه أن يشفع له فأذن له، وهو أبو طالب. أبو طالب أذن الله لنبيه أن يشفع له لا لأنه عم الرسول، فأبو الرسول عليه الصلاة والسلام أدنى من عمه ومع ذلك لم يشفع له، أم الرسول والأم أحق الناس بالصحبة بحسن الصحبة لم يأذن الله لرسوله أن يستغفر لها، وهي أمه، والاستغفار شفاعة، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لأمه ولكن الله لم يأذن له، لأن الله لا يغفر لعدوه إطلاقا، فاستأذنه أن يزور قيرها فأذن له، يزور قبرها اعتبارا وحنانا طبيعيا لا دينيا، ولكنه لم يدع لها بالمغفرة ولا بالرحمة ولا شفع لها، مع أن صلتها به أقوى من صلة أبي طالب، وصلة أبي الرسول بالرسول أقوى من صلة عمه به. كذا يا أحمد ولا ما أنت معنا؟ طيب.
لكن الله أذن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يشفع لأبي طالب لأن أبا طالب حصل منه سعي مشكور في الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام، دافع عنه وناضل عنه، وعادى قريشا من أجله، وقال: والله لا نسلمه لكم. فشكر الله عز وجل هذا الصنيع فأذن لرسوله أن يشفع فيه فشفع، شفع له، لكن ماذا؟ كان في ضحضاح من نار عليه نعلان يغلي منهما دماغه، ويرى أنه أشد الناس عذابا، ما يرى أن غيره مثله ولا أن غيره أهون منه، لأنه لو رأى أن غيره مثله لهان عليه الأمر، أليس كذلك؟ لأن الإنسان إذا شاركه غيره في المأساة أو صار أعظم منه ايش؟ خفت عليه وهان عليه، ولهذا يقول الله عز وجل: (( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون )) ما ينفعكم، ولا يتسلى بعضكم ببعض.
وقالت الخنساء ترثي أخاها صخرا :
" ولولا كثرة الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن *** أسلي النفس عنه بالتأسي "
.
واضح يا جماعة؟
أبو طالب أهون أهل النار عذابا، مع هذا العذاب العظيم والعياذ بالله. نعلان من نار يغلي منهما دماغه أعلى ما في جسده فما بالك بما دونه مما قرب من النعلين اللذين من النار أشد وأشد، وإنه ليرى أنه ايش؟ أشد أهل النار عذابا. أفهمتم؟ هذه الشفاعة خاصة بمن؟ بالنبي صلى الله عليه وسلم. ما أحد يشفع في أي إنسان كافر، مهما كان، حتى لو فرضنا أن كافرا من الناس دافع عن الإسلام اليوم، وصار مع المسلمين على أعدائهم، لا أحد يشفع له، لأن هذه خاصة في خاص، خاصة في خاص لخاص. خاصة لمن؟ بالنبي عليه الصلاة والسلام. لخاص أبي طالب، حتى الرسول ما يشفع لأحد غير أبي طالب، في خاص وهو أبو طالب. ما يمكن أن يشفع لأحد ولو دافع عن الإسلام أعظم مدافعة إلا هذا الرجل. طيب.