قال المصنف رحمه الله تعالى : وهما موجودتان الآن , ولن تفنيا أبد الآبدين << ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبدا قد أحسن الله له رزقا >> [ الطلاق : 11 ] , << إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيآ أبدا لا يجدون وليا و لا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنآ أطعنا الله و أطعنا الرسولا >> [ الأحزاب : 64 _ 66 ] . حفظ
الشيخ : قال : " وهما موجودتان الآن " . يؤخذ من قوله تعالى: (( أعذت للتقين )) وفي النار (( أعدت للكافرين )).
ومن السنة الظاهرة المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : ودليل ذلك (( ومن يؤمن )) نعم " ولن تفنيا أبد الآبدين ".
قال: " دليل ذلك : (( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا )) " الشاهد فيها قوله : (( أبدا )) وهذا صريح في التأبيد.
وقال في النار : (( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا )) الشاهد قوله : (( أبدا )) (( لا يجدون وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا )). يا ليتهم، ولكن التمني رأس مال المفاليس، هذا التمني ينفعهم لو كان ذلك في وقت الإمكان، أما الآن فلا. إذا انتقل الإنسان من الدنيا، وعند انتقاله من الدنيا لا ينفعه الندم. فرعون حين أدركه الغرق ماذا قال؟ (( قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) فقيل له : (( آالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )) وانظر الذل والعار والخزي على هذا الخبيث الذي كان متكبرا على بني إسرئيل كيف صرح الآن بأنه متبع لهم بقوله : (( آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل )) لم يقل آمنت بالله ولا برب العالمين رب موسى وهارون كما قاله السحرة. قال : (( آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل )) فكأنه الآن يقول: أنا تبع لهم، فأذل في الدنيا قبل الآخرة والعياذ بالله لكنه لم ينفعه.
هؤلاء (( يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول )) ويقولون أيضا إذا وقفوا على النار: (( يا ليتنا نرد )) ايش؟ (( ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )) قال الله تعالى : (( بل بدا لهم ما كان يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )). نعم.
يقول عز وجل : (( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا )) وتأبيد النار كتأبيد الجنة سواء. يجب علينا أن نعتقد عقيدة دل عليها كتاب ربنا وسنة نبينا بأن النار مؤبدة، ولا يهمنا من قال بخلاف ذلك، بل من قال بخلاف ذلك نرى أنه أخطأ، فإن كان مبنيا على عقيدة وأساس وقاعدة كما يقوله من يقول بمنع تسلسل الحوادث كالجهمية وغيرهم فهو ضال، ومن قالها عن حسن قصد ونحن نعلم أنه حسن القصد فهو مخطئ، مخطئ ولا نصفه بأنه ضال، لأن كل من خالف الحق فهو ضال لا في العقيدة ولا في غيرها، ولهذا لما قيل لابن عباس في قصة أبي موسى الأشعري حين أفتى في ايش؟ في مسألة فرضية. قال ابن مسعود رضي الله عنه في قصته مع أبي موسى: ( قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين ) لأن أبا موسى قال للسائل: وائت ابن مسعود فسيوافقني على ذلك.
فعلى كل حال من خالف في هذا أعني في أبدية النار، فإن كان مبنيا على عقيدة وعلى منهج وعلى قاعدة فهو لا شك أنه ضال ومبتدع، ومن كان عن حسن نية واجتهاد فهو مخطئ نعم؟ سواء كان ابن تيمية أو ابن القيم أو غيره. نحن لا يهمنا الرجال، يهمنا الحق الذي قال به الرجال.
" ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف ". نقف على هذا لأنها أعلنت الساعة.