قال المصنف رحمه الله تعالى : ونقول للعاصي المحتج بالقدر : لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك ، فإنه لا فرق بينهما و بين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك ؟ ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : أفلا نتكل وندع العمل ؟ قال : { لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له } . حفظ
الشيخ : " ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك ". كما أقدمت على المعصية مقدرا أن الله قد كتبها لك، إذ لا فرق بين هذا وهذا، الكل غير معلوم عنده عند العاصي، هو لا يعلم أن الله قدر عليه خير أو شر إلا إذا وقع، فنقول : لماذا لما هممت بالمعصية لماذا لم تقدر أن الله كتب لك الطاعة فتعملها، إذ لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك، فبطلت حجته أو لا؟ بطلت لا شك. ونقول: أنت إذا قدرت أن السيئة كتبت لك فقد أسأت الظن بالله، ورأيت نفسك لست أهلا للعبادة، لماذا لم تقدر أن الله كتبك من المتقين فتتقي الله؟ أنت الآن قدرت أن الله كتبك من المسيئين العاصين، وهذا لا حجة لك فيه. ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ( بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، قالوا : أفلا نتكل وندع العمل ؟ قال : لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ). هذا النبي عليه الصلاة والسلام كان ذات يوم وابنته تدفن على شفير القبر، فقال : ( ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) كتب في علم الله. ( قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل وندع العمل؟ ) ما دام الشقي كتب شقيا والسعيد كتب سعيدا، ألا نتكل؟ فقال : ( لا ) ثم ذكر الجملة لو اجتمع أكبر الفصحاء على أن يعبروا بمثلها اختصارا واقتناعا ما استطاعوا، قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) اعمل يا أخي، وأنت إذا عملت فأنت ميسر لما خلقت له، لا تتكل على الكتاب، ثم قرأ : (( فأما أعطى واتقى )) وهذا فعل، اختياري ولا إكراهي؟ اختياري (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى )) واضح، فإذا رأيت أن الله سبحانه وتعالى منّ عليك بالإعطاء والتقوى، الإعطاء فعل المأمور، لأن فيه تكلفا للفعل، فهو بذل النفس، واتقى المعاصي، وصدق بالحسنى هذا التصديق بالأخبار، فجمع بين العمل والتصديق (( فسنيسره لليسرى )). أقول: إذا رأيت أن الله قد منّ عليك بثلاثة الأوصاف: الإعطاء والاتقاء والتصديق فأبشر أن الله سوف ييسرك لليسرى، كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( وسنيسرك لليسرى )).
طيب. (( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى )) هذا دليل.
طيب. (( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى )) هذا دليل.