هل يجوز الحكم على باطن الشخص مع القرائن ؟ حفظ
الشيخ : ولا يمكن أن تحكم على الإنسان إلا بظاهره. الرسول عليه الصلاة والسلام قال لأسامة بن زيد وقد قتل المشرك الذي أدركه حين قال لا إله إلا الله، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: ( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ) ما يمكن يا أخي مسألة القلوب النيات هذه أبعدها عنك، إلا إذا وجدت قرينة ظاهرة تدل على ذلك بحيث تحرف نصوص الكتاب والسنة.
لما ظهرت الاشتراكية فيما مضى قبل ثلاثين سنة أو أربعين سنة وقامت بعض الدول العربية بتشجيع الاشتراكية والاشتراكية من الدين، قال علماء السلطة، نعم، أو علماء الدولة وصاورا يحرفون كلام الله وكلام الرسول عن مواضعه إرضاء للحكام، ويقولون الاشتراكية من الإسلام وقد قال شوقي : " والاشتراكيون أنت إمامهم " نعم. فجعلوا نص شاعر الله أعلم بحاله كنص الكتاب والسنة، وكذبوا على الرسول عليه الصلاة والسلام في أنه إمام الاشتراكيين، بدؤوا يحرفون الكلم عن مواضعه، قالوا : إن الله تعالى يقول وقوله الحق : (( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء )) أنتم ومما ملكت أيمانكم فيما رزقناكم سواء، فإذا جعل الاشتراكية السيد مع عبده، فكيف عاد بالحر مع الحر؟ نعم؟ من باب أولى، من باب أولى. وقالوا إن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( الناس شركاء في ثلاثة : الماء والكلأ والنار )، وقال : ( من كان له فضل أرض فليمنحها أخاه أو ليزرعها ) وأشباه ذلك.
هؤلاء نعرف أن نيتهم ما هي سليمة، لكن رجل يقول في شيء فيه احتمال ثم نقول نيته سلمية هذه صعبة صعبة جدا، ولو أنا اتهمنا الناس بنياتهم حسب ما يظهر لنا لكان فيه صعوبة ولكان هذا من شأن المنافقين (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم )) المنافقون يلمزون هؤلاء وهؤلاء، إن جاء رجل بصدقة كثيرة قالوا مراء، وإن جاء بقليلة قالوا الله مستغن عن هذه الصدقة.
المهم أن هذه المسألة لها جانبان :
الجانب الأول : أن لا ربا في هذه العملات أصلا، الربا في الذهب والفضة.
الوجه الثاني : أن الربا المحرم هو الذي فيه الاستغلال والظلم لقول الله تعالى : (( إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ))، وإذا كان مبنى الربا أي مبنى تحرم الربا على الظلم فالربا الاستثماري ليس فيه ظلم، فيه مصلحة. العامل يأخذ الربا من البنك يستفيد، يشتري حراثة يشتري سيارة، حراثة يحرث عليها، ويستفيد سيارة يكد عليها ويستفيد، نعم، هذا ما فيه ظلم. البنك مستفيد ولا لا؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطالب : مستفيد.
الشيخ : ويش فائدته؟
الطالب : الفائدة الربوية.
الشيخ : أي نعم، الزيادة الربوية، فيقول: هذا فيه فائدة للجميع، وبالتالي فيه رفع لاقتصاد الدولة، حتى لا يتعطل العاطلون، يمشون أحوالهم، وحتى لا تتعطل البنوك أيضا تربح، فيكون هذا رابحا وهذا رابحا، ويش المانع؟ الدين ما جاء إلا للمصالح، وهذه لم تتحقق فيها المفسدة، لأن الله يقول : (( لا تظلمون ولا تظلمون )) هذه محل اجتهاد في الواقع، وإن كان اجتهادا خاطئا فيما نرى، لأن الداليل على أنه لا عبرة بالظلم أو عدم الظلم. الدليل حديث التمر الذي جيء به الرسول عليه الصلاة والسلام تمر طيب، قال منين هذا؟ قال: نأخذ الصاع من هذا بالصاعين من الرديء، والصاعين بالثلاثة قال : ( لا تفعلوا هذا عين الربا )، وأرشدهم إلى أن يبيعوا التمر الرديء بالدراهم، ثم يأخذوا بالدراهم تمرا طيبا، فدل ذلك على أن الربا محرم سواء كان فيه ظلم أو لم يكن، لأن مثل هذا العقد تمر طيب بتمر رديء مع التفاوت في القدر فيه ظلم ولا لا؟
الطالب : ...
الشيخ : انتبه، ما فيه ظلم لا ظاهر ولا باطن، أنا عندي تمر طيب الصاع بعشرة ريالات، أنت عندك تمر رديء الصاع بخمسة ريالات، كم يقابل الصاع الي عندي؟ يقابل صاعين، أنا أعطيتك صاعا وأخذت صاعين، أعطيتك صاعا لكي تأكل أنت وأهلك، وأخذت صاعين بأعطيه الإبل والبقر، فأنا استفدت من الكمية، وأنت استفدت من الكيفية، ما فيه ظلم. ومع ذلك منعه الرسول عليه الصلاة والسلام. طيب. هذه بحوث طيبة يا جماعة، نعم، طيبة أفيد لكم من الفرائض.
السائل : شيخ. قد تكون هناك قرائن يكاد الإنسان يقطع بها.
الشيخ : هاه؟
السائل : قد تكون هناك قرائن على نية هذا ... الإنسان يكاد يقطع بها،
الشيخ : والله شف يا أخـي، أنا أقول مسألة القرائن قد تكون مبينة على هوى، أحيانا الإنسان كما قال الشاعر وصدق فيما قال :
" وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساويا "
الواقع إن الإنسان قد تقوى عنده القرائن بسبب ما في قلبه، ولسنا ببعيدين عن قراءة رسالة الشوكاني رحمه الله في الذين يأتون إلى السلاطين من العلماء، حيث أنكر من ينكرون على هؤلاء، وقالوا: هؤلاء يأتون إلى السلاطين لمصلحة عظيمة، نعم، لمصلحة عظيمة، وذكر مثالا عجيبا لعلكم تذكرونه في قصة الرجل الذي حبس إنسانا ليقتله فأتاه العالم فيما بينه وبينه، تذكرون هذه القضية؟
الطالب : نعم.
من يذكرها؟ طيب.
الطالب : أن السلطان حبس رجلا ليقتله.
الشيخ : نعم.
الطالب : فجاء هذا العالم.
الشيخ : نعم.
الطالب : ... السلطان ... فبعد المناقشة والرد في الكلام قال لن نقتله ولكن سأجلده وأنت تكون الجالد.
الشيخ : هو اقترح على السلطان هذا. قال: أخرجه إلى الناس واجلده وأنا أول من يجلده، يقول العالم يقول للسلطان. السلطان رضي بهذا، ما دام عالم معتبر عند الناس يبي يقوم يجلد الرجل هذا، كل يعرف إن السلطان عادل ولا لا؟ يبي يعرف إن السلطان عادل ومحق، فقدم الرجل أمام الناس ونزل هذا العالم وجلده، أول من جلده، نعم. فصاح الناس أعوذ بالله هذا العالم يعين السلطان على ظلمه ويفعل ويفعل، بينما هذا الرجل ويش منعه؟ منعه القتل، ولكن الناس لا يدرون.
فلا يمكن النيات صعبة جدا جدا صعبة، لكن الحمد لله إذا كان قوله خطأ نقول قوله خطأ، مهما بلغ من المرتبة، ونحن قد قسمنا لكم فيما سبق أن العلماء ثلاثة أقسام ايش؟ عالم دولة، وعالم أمة، وعالم ملة.
عالم الدولة هو الذي يفتي بما تراه الدولة، ويحرف النصوص من أجل ما تراه.
وعالم أمة كذلك هو الذي يفتي بما بصلح للناس ويجعله محترما بينهم وإن خالف النص، لكن يريد أن يكسب ود الناس.
والثالث: عالم ملة ما يهمه، يفتي بما تقتضيه الملة، ولا يهمه أحد، رضي الناس أم سخطوا، نسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.
انتهى الوقت عاد الظاهر ما ... .
السائل : عندي سؤال يا شيخ.
الشيخ : نعم. سؤال مهم. طيب وإن لم يكن مهما؟ تقف إلى أن ينتهي الدرس؟ نسمح له ؟ طيب. تفضل.