قال المصنف رحمه الله تعالى : ثانيا : راحة النفس وطمأنينة القلب ، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى ، و أن المكروه كائن لا محالة ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب ، فلا أحد أطيب عيشا و أريح نفسا و أقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر . حفظ
الشيخ : " ثانيا : راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشا وأريح نفسا وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر ".
وهذا مهم جدا، وهو راحة النفس وطمأنينة القلب عند حصول المكروه.
أنت إذا سعيت في الأسباب وحصل ما تكره، ولم يحصل ما تريد، وكنت مؤمنا بالقدر، فما مقامك حينئذ؟ التسليم والرضا وتقول: هذا هو الذي قدر الله، ولا يمكن أن تتغير الحال عما كان، فتطمئن، وتقول: إذا كان هذا فعل ربي بي فأنا ملك له عبد له يفعل بي ما يشاء، فتطمئن تستقر ولا تستحسر وتفعل الأسباب المنجية التي جعلها الله أسبابا.
لكن إذا لم تؤمن بالقدر لا يمكن أن تصبر، ولهذا انظروا إلى القوم الذين لم يؤمنوا بالقدر إذا أصيبوا بكربة ايش يعملون ايش؟
الطالب :ينتحرون.
الشيخ : ينتحرون، يقتلون أنفسهم، ولكن هل إذا انتحروا ينجون مما هم فيه؟ لا، يقعون فيما هو أشد، فهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، لا يظن هذا المسكين أنه إذا قتل نفسه كالشاة كالبهيمة انتهى أمره، بل انتقل إلى دار الجزاء، وجزاؤه إذا قتل نفسه أن يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا والعياذ بالله، لكن مثل هؤلاء لا يؤمنون بذلك.
المهم أن الإيمان بالقضاء والقدر يوجب الأخ؟
الطالب : يوجب راحة النفس وطمأنينة القلب.
الشيخ : راحة النفس وطمأنينة القلب.
ربما مثلا يسعى الإنسان، ربما يسعى الإنسان لحصول شيء، ثم يحول القدر بينه وبين هذا الشيء، أعني: قدر الله، فتجده يندم ويتأثر، لكن يجد فيما بعد أن الخير فيما قدر الله.
قبل سنوات احترقت طائرة سعودية بعد أن أقلعت من مطار الرياض، ثم رجعت لإطفاء الحريق، لكن قدر الله وما شاء فعل، قضى الحريق عليها وعلى من فيها، قضى الحريق عليها وعلى من فيها، مع أن قائدها فعل كل سبب تمكن به السلامة، لكن قد مضى القدر، كان من جملة الركاب رجل ينتظر الإعلان عن ركوب الطائرة، فأخذه النعاس وأعلن عن الطائرة والله أعلم، أن نومه كان ثقيلا، وإلا مطار الرياض ما شاء الله إذا أعلن يخرق الأذن، لكن كان نومه ثقيلا، فلما استيقظ وإذا الناس قد ركبوا، فذهب إلى أهل المطار يوبخهم ويبكتهم ويقول كيف وكيف أنا في محل الانتظار، لماذا لم يأت أحد يوقظني؟ وفي أثناء ذلك أعلن أن الطائرة هبطت المطار واحترقت، سبحان الله! هذا قدر له النجاة، لكنه كان كره بالأول، كره ايش؟ أن يكون تخلف، لكن كان تخلفهم خيرا له، خيرا له إن شاء الله تعالى، فإن ازداد ببقائه في الدنيا خيرا، وإلا فربما يكون طول العمر شرا. ( شر الناس من طال عمره وساء عمله ).
المهم أن الإنسان إذا آمن بالقدر اطمأن (( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) (( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) الآية الكريمة إن كرهتموهن فعسى أن تكرهوهن ويجعل الله فيهن خيرا كثيرا، لو كانت الآية هكذا لكان الخير الكثير خاصا بالنساء، لكن قال: (( فعسى أن تكرهوا شيئا )) يعني أي شيء يكون (( ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )).
نعم يقول : وقوله " أن المكروه كائن لا محالة " المكروه يعني الواقع كائن لا محالة ولا يمكن رفعه، فإذا كان لا يمكن رفعه، فما الفائدة من الحزن والقلق والتعب النفسي والتقديرات التي يمليها الشيطان على الإنسان، ليتك ما فعلت ولو ما فعلت لكان كذا وما أشبه ذلك مما هو معروف.
وبهذه المناسبة أذكر كلمة عشقها بعض الناس في عصرنا هذا، وهي " الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه " هذا غلط. هل قال الرسول ذلك عليه الصلاة والسلام؟ أبدا، وهذا ينبئ عن احتجاج على القدر، وأنك لم ترض بالقدر لكن غصبا عليك، والرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا أصابه ما لا يحب يقول : ( الحمد لله على كل حال ). شف الكلمة الطيبة، ولا ينسب المكروه وهو يتضرع إلى الله عز وجل، ويعلن أنه مكروه، كأنما يحتج على القدر، ثم يقول إني أحمد لله على ذلك، طيب احمد الله على كل حال، وكان إذا أصابه ما يسره قال : ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات )، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول : " ارتاحت النفس واطمأن القلب " ورضي الإنسان " ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشا وأريح نفسا وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر ". وصدق المؤلف.
وأظن بقي دقائق نكمل ولا؟
الطالب : نكمل يا شيخ.
الشيخ : نكمل؟ طيب. باقي؟
الطالب : دقيقة واحدة.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : نكمل يا شيخ.
الشيخ : أقل من دقيقة، طيب إن كملنا بكرة منا يصير عندنا درس؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم؟ تفسير، طيب، لا بأس.