" قوله (( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض )) الآيتين .
قال أبو العباس : نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عونا لله، و لم يبق إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )) .
فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون، هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه و سلم : ( أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده ، لا يبدأ بالشفاعة أولا، ثم يقال له : ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع ) . وقال له أبو هريرة : ( من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال : من قال : لا إله إلا الله، خالصا من قلبه ) .
فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله .
وحقيقته : أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ؛ ليكرمه وينال المقام المحمود .
فالشفاعة التي نفاها القرآن : ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع . وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص . انتهى كلامه ) . وفيه تحقيق لأمر الشفاعة، وجمع للأدلة، رحمه الله، والله تعالى أعلم " حفظ