ما حكم القصر في الصلاة.؟ حفظ
السائل : ما حكم القصر في الصلاة ؟
الشيخ : لما صلينا العصر اليوم لإننا نرى أن قصر الصلاة واجب
السائل : الأدلة يا شيخ ؟
الشيخ : الأدلة نستحضر منها حديث عائشة رضي الله عنها :فرضت الصلاة رَكعتين ركعتين فأقرّت في السفر وزيدت في الحضر ، ومنها استمرار الرسول عليه الصلاة والسلام طيلة حياته في كل أسفاره على التزام القصر في الصلاة ، وهذا تأكيد عملي منه عليه السلام لحديث السيدة عائشة الآنف الذكر فرضت الصلاة رَكعتين ركعتين ، ومنها حديث مسلم أن رجلاً من التابعين في ما أظن ولعله صحابي قال لعمر لو أني أدركت النبي صلى الله عليه وسلم لسألته قال عمر ماذا كنت ستسأله قال كنت أسأله ما بالنا نقصر وقد أمِنّا قال لقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ، فربنا عز وجل تفضل على عباده فخفف عنهم ما كان مشروطاً من قبل بالخوف ، خفف عنهم بأنه تصدق عليهم بقصر الصلاة ولو زال الشرط السابق وهو الخوف ، ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) ... الدلالة من هذا الحديث على وجوب قصر الصلاة من ناحيتين :
الناحية الأولى : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين بأن يقبلوا صدقة ربهم عليهم ، فكيف يتصور من مسلم أن يرفض هذه الصدقة من ربه ، ربه تفضل عليه ويتصدق عليه ثم هو لا يقبل هذه الصدقة ، فحين أمر الرسول عليه السلام بقبول هذه الصدقة ، الأمر كما نعلم جميعاً إن شاء الله الأصل فيه الوجوب إلا إذا قامت القرينة الصارفة للأمر من الوجوب إلى ما دون ذلك من الأحكام كالسنة أو الإستحباب أو الندب أو الإرشاد ، ونضرب على ذلك مثلاً من معاملة بعض الناس لبعض رؤسائهم أو ملوكهم ، لو أن ملكاً من ملوك المسلمين صالح فوهب هبة لأحد المسلمين فرفضها لا شك أن هذا الرفض سيكون غير مقبول منه لذاك الملك الصالح أو الرئيس الطيب فكيف يكون الحال إذا لم يقبل المسلمون صدقة ربهم وخالقهم تبارك وتعالى ، لذلك فهذا الحديث من الأحاديث التي يجب على كل مسلم أن يضعها نصب عينيه ولا يزهد في هذا الفرض الإلهي فيقول أنا مختار إن شئت أتممت وإن شئت قصرت ، هذا من جهة .
من جهة أخرى لا يوجد في الشرع الإسلامي أن عبادة مضاعفة في الفعل هي أفضل مما دونها فعلاً ثم تكون السنة على نقيض لك ، بمعنى بعض الأقوال لبعض المذاهب يقولون يجوز القصر ويجوز الإتمام والإتمام أفضل ، كيف يمكن أن يكون هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمر على المحافظة على القصر في كل أسفاره ، كيف يتصور أن يكون الإتمام أفضل ، فأما لو لقيل بالجواز فحسب لهان الأمر بعض الشيء ، أقول بعض الشيء لأننا سنقول بعد ذلك لماذا أنت تأتي بركعات زائدة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا دليل لك عليها ، أليس هذا من العبث وإضاعة الوقت فضلاً عن مخالفة السنة ، ومن هنا نعرف فضل وقيمة كلمة أحد الصحابة وأظنه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال لو سبّحت لأتممت ، هذه مسألة أخرى هل يصلي المسافر النوافل والسنن الرواتب ؟ قال ابن عمر لو سبّحت أي لو جاز لي أن أسبّح أي أن آتي بالنوافل لأتممت الفريضة ، لكن لا الفريضة من السنة إتمامها ولا الإتيان بالسنن الرواتب هو سنة ، لذلك من تمام كلامه رضي الله عنه وهنا الشاهد ليت لي من صلاتي ركعتان متقبلتان .
من الأحاديث التي تتعلق بفرضية قصر الصلاة وليس الإتمام ما رواه جماعة من أهل الحديث كأبي جعفر الطحاوي رحمه الله في شرح المعاني وغيره في غيره بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال " قصر الصلاة في السفر سنة فمن ترك السنة فقد كفر " ، وهنا دقيقة يجب أن نتنبه نحن طلاب العلم أن قول هذا الصحابي من ترك السنة فقد كفر ، لا ينبغي أن نفسر السنة هنا بالإصطلاح الفقهي المتأخر الذي اصطلح ولا مشاحاة في الإصطلاح لا ننكر نحن هذا الإصطلاح ،لكننا نريد التنبيه على أنه لا يجوز تفسير نصوص الأحاديث المرفوعة منها والموقوفة أيضاً بالاصطلاحات الفقهية ، هذا لا يعني هنا من ترك السنة مثلاً من ترك سنة الظهر فقد كفر لا يعني هذا أبداً وإنما هذا الذي يعنيه هو على منهج نبيه صلاة الله وسلامه عليه في الحديث المعروف ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ولعلكم تذكرون المناسبة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث وهي قصة الرهط ولا أطيل الحديث عليكم الذين يتعاهدوا بأن أحدهم يقوم الليل ولا ينام والثاني يصوم الدهر ولا يفطر والثالث لا يتزوج النساء ، تعاهدوا بينهم على هذا وانصرفوا ، فلمّا رجع الرسول عليه الصلاة والسلام إلى نسائه وأخبرنه الرسول عليه الصلاة والسلام بما تعاهد عليه الرهط بعضهم مع بعض صعد المنبر فقال عليه الصلاة والسلام ( ما بال أقوام يقولون كذا وكَذا وكذا أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فواضح جداً أن المقصود بلفظ الرسول هنا سنتي أي منهجي وطريقتي التي عشتها في تبليغي لشريعة ربي تبارك وتعالى ، هكذا يعني ابن عمر أن المنهج الذي جرى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في ما يتعلق بالصلاة في السفر هو القصر ، فهذا المنهج من أعرض عنه فقد كفر ، لذلك لا ينبغي للمسلم في اعتقادي ورأيي أن يتردد في قبول هذه الفضيلة وهذه الصدقة من الله عز وجل أن يستمر دائماً وأبداً على المحافظة على قصر الصلاة ... ، تحقيقاً لهذه الأدلة التي ذكرناها وربما يكون هناك أحاديث وأدلة أخرى لا تحضرني الآن ولعل فيما ذكرنا كفاية .