حول كلام لسيد سابق حول مسألة التصوير واستدلاله بحديثين؟ حفظ
السائل : بالنسبة سيد سابق ذكر في التصوير أنه في صدر الإسلام حُرّم التصوير لأنهم قريبون عهد من عبدة الأصنام واستدل بذلك بأحاديث ثم قال إن التصوير أبيح واستدل بذلك بحديثين وقال والذي يدل على الترخيص ما رواه بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال .
الشيخ : عفوا قبل أن تقرأ النص يدل على الترخيص ترخيص ماذا ؟
السائل : ترخيص التصوير .
الشيخ : ترخيص التصوير هو ترخيص اقتناءه ولا الاقتناء دون التصوير ولا التصوير دون الاقتناء ... لا قبل أن أسمع الحديث أفهم الترخيص أل هنا للاستغراق والشمول ولا للعهد ... والذهن .
السائل : الترخيص في التصوير ولا اقتناءه .
الشيخ : كويس تفضل .
السائل : ( إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة قال بسر ثم اشتكى زيد بعد فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صورة قال فقلت لعبيد الله ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وكان معه - ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول فقال عبيد الله ألم تسمعه حين قال ( إلا رقما في ثوب ) وعن عائشة رضي الله عنها قالت .
الشيخ : اصبر شوية حتى ... هذا الحديث يدل الاقتناء ولا التصوير ... كيف يستدل بهذا الحديث على إباحة الحديث وإباحة اقتناء الصورة ... ألا تلاحظ معي أن الحديث يعارض الاقتناء وليس التصوير، نعم ، هنا نقف في نقطة أخرى هل الحديث يعطينا اقتناء كل صورة ، كلا ، إذن سقطت الدعوة ، وضحك أو لا !
السائل : لكن شيخ ما يمكن يصير ما دام زالت الرقم الذي في الثوب زالت الصورة ؟
الشيخ : لا .
السائل : ليش ؟
الشيخ : سأقول هذا الثوب لا يجوز شراءه لأن التصوير محرّم لا نشك في ذلك أما الذي يشك فلنا معه بحث آخر فمن كان معنا على أن التصوير محرم حينذاك نقول مذكّرين (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ )) ، فأنت أيها المسلم حينما تدخل متجر للثياب وتجد فيه ثياباً مصورة أشكالاً وألواناً وتشتري منها لزوجك وولدك فضلاً عن بنتك لا شك أنك في هذا العمل ساعدت المصور على تصويره وهذا لا يجوز إسلاميا ، لكننا نقول لو أن إنساناً اشترى سجادة أو اشترى ستارة أو أي شيء وتبين له فيها صورة لم يكن متنبها لها فلو استطاع أن يزيلها دون أن يهلك هذا المتاع ويصير فيها ضرر لا يمكن الانتفاع به فيتمتع بها حتى تتهرّى وتزول ، أما أن يتقصّد شراء الثوب فيه صورة هذا كأنه يشتري شيئاً فيه إعانة على معصية هذا لا يجوز
طيب إذا خلينا نتابع الأمور الحديث ليس فيه إباحة كل صورة ، هات نشوف الحديث حديث ( إلا رقما في ثوب ) فيه غير هذا ؟
السائل : فيه حديث ثاني .
الشيخ : لا بدنا نخلص الأولاني .
السائل : ما فيه غير هذا .
الشيخ : طيب أنا أرى أن صاحبك بالجنب كأنه عنده سؤال تفضل .
السائل : شيخ بالنسبة للصور ولم يأت يعني ... عامة ... صور مباحة أو غير مباحة ؟
الشيخ : البحث بارك الله فيك الكتاب هل ورد في الصور بصورة عامة يعني محرمة والمباحة ولا في الصور التي اختلف العلماء في تحريمها ؟
السائل : المحرمة ... المباحة يعني في كل الصور .
الشيخ : عفوا ما أجبتني على السؤال ، السؤال بارك الله فيك فيه صور ... جبال وأنهار ووديان هل ساق الحديث من أجل هذه الصور ؟
السائل : لا .
الشيخ : أنت تقول البحث عام وهذا من جملة العام ... ساق الحديث من أجل أي الصور ؟
السائل : الصور التي فيها شبهة ؟
الشيخ : التي فيها شبهة أو المختلف في تحريمها يعني صور ذات أرواح قل ، إذن أين الدليل في هذا الحديث على جواز أولاً التصوير وهذا انتهينا منه ليس فيه دليل ، ثم أين الدليل فيه على جواز اقتناء هذه الصور صور ذوات الأرواح ، أين الدليل في الحديث ، حسب ما أنت تريد أن تقول .
السائل : ... ( إلا رقماً في ثوب ) ... .
الشيخ : صحيح ،بس ( إلا رقماً في ثوب ) يا أخي هذا من الناحية الأصولية العلمية الفقهية مطلق ، رقماً في ثوب تطلق على هذه الصورة التي أمامك ... ويطلق على أي صورة ذات روح لكنها ممزقة فهو رقم في ثوب ، تُرى لماذا نفسر هذه الاستثناء في هذا الحديث تفسيراً يتجاوب مع الأحاديث الأخرى ولا يتعارض ، هل نقول إلا رقماً في ثوب أي الصورة كاملة وصورة معلقة ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد هتك الستر الذي كانت السيدة عائشة وضعته على بابها ولما الرسول عليه الصلاة والسلام جاء من السفر أبى أن يدخل وهتك السترة وقال ( إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هؤلاء المصورون ) . فلم هتك الرسول عليه الصلاة والسلام إذا كان يبيحه بقوله الرقم بالمعنى العام ، ليس هناك أبداً نص يبيح الرقم بالمعنى العام ، ولكن في هذه الإباحة ( إلا رقماً في ثوب ) كما فعلت السيدة عائشة أخذت قراما قطّعته قطعاً واتخذت منه وسائد وكان يوجد في هذه الوسائد آثار تلك الصور وهذا رقم في ثوب وفعلا صار رقما ، لذلك لا يجوز أن نأخذ الأحاديث ونضرب بعضها في بعض أو أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض وإنما نجمع بين الأحاديث ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً هذا ما يبدو لي بالنسبة لملاحظتك أنت هات ... ( إلا رقما في ثوب ) .
السائل : عن عائشة قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا ... ما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ... ؟
الشيخ : طيب خلاص هذا فعلاً لا يفيد التحريم لأن معنى ذلك أن الرسول أقر على هذا الطائر ولكن ليس أمامه .
الإقرار أضعف أدلة الجواز لأن الحكم يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام أو فعله أو تقريره ، وهنا أقر هذا الطائر لا شك وهذا يدل على الجواز ، هل كل شيء أقرّه الرسول عليه السلام يبقى على الجواز أم يمكن أن يأتي قول من أقواله فيبين لنا أن هذا الذي أقره في دور من أدوار تشريعه قد أخذ حكما آخر ، ألا تتصورون أن هذه المقدمة واقعة في الشريعة الإسلامية ؟ وآتيكم بمثل من التاريخ الأول : علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا الحديث في صحيح البخاري بينما هو يتهيأ للبناء بأهله فاطمة بنت الرسول عليه السلام جاء بناقة له ... أمام المنزل حمزة ثم انطلق لما رجع وإذا ببطن الناقة قد نقب ولما سأل من الباقر قالوا حمزة وإذا به حمزة ثملا سكرانا فيذهب ويشكو أمره للرسول عليه السلام فيأتي رسول الله صلى الله عليهوسلم ويرى هذا المنبر ويبدو كأنه لام حمزة فما كان منه إلا أن يقال يخاطب الرسول عليه السلام هل أنتم إلا عبيد لآبائي لو الإنسان واعي بما يقول ... كان في حالة الإباحة ثانياً ، فماذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام هل قال له الخمر حرام وأنه أنت سكرت ؟ لا سكت لماذا ؟ لأنه لم يكن بعد قد جاء الدور على تحريم الخمر الذي كان قد ابتليت به العرب في جاهليتها ، ومثل هذا يقال عن الصور ، فلما نقرأ هذا الحديث بلا شك نأخذ أن إقراره إباحة لكن هل نضرب أحاديث التحريم بهذا الحديث ؟ هذا لا يجوز عند عالم من علماء المسلمين إطلاقاً .
من أجل ذلك أي من أجل ضبط منطق الفقيه وألا يميل يميناً ويساراً ويضرب الأحاديث بعضها ببعض أو يأخذ ما يشتهي منها ويدع ما لا يشتهي منها وضعت قواعد علمية أصولية منها إذا جاء نصّان متعارضان من قسم المقبول أي الحديث الثابت وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق ، وهذه الوجوه قد أبلغها الحافظ زين الدين العراقي في حاشيته على مقدمة علوم الحديث أكثر من مائة وجه ، الفقهاء مع الزمن وجدوا أكثر من مائة طريق للتوفيق بين نصّين متعارضين ، أولاً ما أمكن توفيق ثانياً كذا ثالثاً وهكذا لا بد ما تجد توفيقاً في الأخير بوجه من الوجوه ، قد أجمل القول عليها الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه نخبة الفكر كتاب في المصطلح مكثف جداً لكنه مُلِئَ علماً ، يقول في قسم الحديث المقبول إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق ، هو يسكت والتفصيل في الشروح ، فإن لم يمكن التوفيق صير إلى اعتبار الناسخ من المنسوخ معرفة المتقدم من المتأخر فإن لم يمكن صيغ إلى الترجيح بأن يقال مثلاً _ هذا من عندي ... _ أن يؤخذ بالأقوى ويترك القوي فإذا جاءك نصّان متعارضان لم يمكن التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق الكثيرة ... ثم لم يمكن معرفة الناسخ من المنسوخ منهما وجب المصير إلى الترجيح بالأقوى ، أو إذا كان أحدهما حسناً والآخر صحيحاً ترك الحسن وأخذ بالصحيح ، إذا كان أحدهما صحيحاً فرداً وكان الآخر صحيحاً مستفيضاً أو مشهوراً ترك الصحيح الفرد وأخذ بالصحيح المستفيض أو المشهور ، إذا كان أحدهما صحيحاً مستفيضاً وكان الآخر متواتراً ترك الحديث المستفيض المشهور وأخذ بالحديث المتواتر ... قال فإن لم يكن الترجيح توقف الباحث وأوكل الأمر إلى عالمه (( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا )) .
من جملة وجوه التوفيق الذي هو أول مرحلة للجمع بين الحديثين المتعارضين النظر إذا كان أحدهما حديثاً قولياً والآخر حديثاً فعلياً ، الأول قاله الرسول عليه الصلاة والسلام بلسانه ووجهه خطاباً لأمته ،والآخر فعله في ذاته وشخصه لكن هذا يعارض ذاك ترك هذا وأخذ بالحديث القولي .
إذا جاء حديثان متعارضان كلاهما من قول الرسول ليس من فعله ،والأمثلة هنا في الحقيقة كثيرة ومفيدة جداً، مثلاً ما ابتلي به الناس اليوم لبعدهم عن الفقه يشرب أحدهم قائلاً يقال يا أخي لا تشرب قائماً الرسول نهى عن الشرب قائماً بل في رواية مسلم أخرى زجر عن الشرب قائماً بل في حديث احمد أنه رأى رجلاً يشرب قائماً قال ( يا فلان أترضى أن يشرب معك الهر ) قال لا يا رسول الله قال ( فقد شرب معك من هو شر منه الشيطان ) . تقول له هذه الأحاديث يقول لك يا أخي في البخاري الرسول شرب قائماً ، ترك القول وأخذ الفعل .
لماذا قالوا إذا تعارض القول مع الفعل قُدّم القول على الفعل لأن الفعل يعترضه ويحيط به احتمالات عديدة ، أول ذلك يكون فعله في حالة الإباحة مثلما ضربنا مثلاً عن الخمر آتفا ، ثاني ذلك ممكن أن يكون فعله لعذر ما ، أخيراً يمكن يكون هذا خصوصية من خصوصياته فما دام قال للأمة قئ نسيت أن أقول حينما قال للرجل قد شرب معك من هو شر منه الشيطان قال له ( قِئ قئ ) وهذه لا تقال لإنسان فعل فعلاً جائزاً فلو كان الشرب جائزاً ما كان شدد على الرجل وقال ( إن الشيطان شرب معك ) كما هدد الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض المناسبات الزوجين ألا يذكروا اسم الله عند اللقاء فيشاركهم الشيطان هذا شيء خطير جداً .
فالشاهد تعارض الفعل مع القول قُدّم القول على الفعل لكن المشكلة إذا جاء حديثان قولان متعارضان حينئذٍ تأتي قاعدة مهمة جداً قالوا يقدم الحاظر على المبيح ... من الحظر المنع بس هذا اصطلاحهم يقدم الحاظر على المبيح .
الآن هنا عندنا فعل وقول نطبق القاعدة الأولى إذا تعارض الفعل مع القول يكون القول أقوى من الفعل ،ثانياً لو كان القول هنا فيه تصريح في إباحة هذا الشيء لما يأتي النهي عنه فيقدم النهي لأنه نفهم من النهي أن المنهي عنه من في دور الإباحة وهذا ينهى عنه ، وهذه قاعدة أيضا مهمة جداً وهي " كل نص شرعي تضمّن نهياً عن شيء فهو ينطوي تحته أن هذا الشيء ... من في دور الإباحة " إلا ما كان شركاً الذي لا يتصور أن يكون مباحاً .وهكذا إذا لاحظنا مثلاً تحريم الذهب فكلنا يعلم أن الذهب كان يلبس حتى بعض الصحابة استمروا في لبسهم للذهب بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ومنهم البراء بن عازب قالوا له كيف تلبس الذهب قال هذا الخاتم ألبسني إياه الرسول عليه الصلاة والسلام وما كنت لأدع شيئاً ألبسني إياه الرسول عليه الصلاة والسلام ، كونه معذور أو غير معذور هذا بحث ثان لكن هذا فعله مع أن هناك أحاديث تنهى نهى عن لبس الذهب نهى عن خاتم الذهب وهذه الأشياء التي نهى عنها كانت تفعل وهذا أمر بدهي جداً ، يعني قبل أن يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام ويقال له (( يا أيها المدثر قم فأنذر )) إلى آخره كان هناك حلال وحرام الجواب لا، فإذا جاء وقال هذا حرام فرأسا نفهم أنه قبل أن يكون هذا حرام كان حلالاً ،نهى يعني كان مباحاً ، وإذا عرفنا هذه القواعد الفقهية الأساسية حينئذٍ سهل علينا أن نفهم أن هذا الحديث أولاً من حيث إسناده في صحيح مسلم .ثانياً أن هذا فيه إقرار نعم الرسول ما جاء ليطيح بالوسائل الوثنية الشركية مرة واحدة وإنما على سبيل التدرج ، فما بالك عندنا أحاديث كثيرة فيها لعن المصور وفيها نهي من يقتني الصورة وفيها نهي من يعلق قيام فيه صورة أو يتخذ وسادة فيها صورة ، هذه كلها تبين لنا بأحسن بيان أن هذا الحديث كان في مرحلة الإباحة المطلقة ثم جاء التشريع فتضمن التشريع تحريم التصوير وتحريم الاقتناء ،وقال بالنسبة للاقتناء لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب ...
ومن ابتلي بثوب فيه صورة فإن تمكن من التغيير فهذا واجبه ، وكلنا يعلم قصة وعد جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يأتيه في ميعاد معين ، فرؤي الرسول عليه الصلاة والسلام حزيناً مكروباً فقالت له أم سلمة رضي الله عنها ما لك يا رسول الله قال ( إن جبريل وعدني ولم يأتني ) وإذا جبريل قائماً في الغرفة فسار إليه وقال له جبريل عليه السلام ( إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه صورة أو كلب فإن في البيت جرو كلب وانظر فإن في البيت قيام فيه صور الرحال الرجال فمُر بالجرو أن يُخرج وأن ينضح مكانه بالماء ومر بالصورة فتغير حتى تصير كهيئة الشجرة ) قال فنظروا فوجدوا جرواً للحسن والحسين يلعبان به تحت السرير فأخرج ونضح مكانه بالماء فنظروا للقرام وإذا فيه صور الرجال فغيرت حتى صارت كهيئة الشجرة فدخل جبريل عليه السلام .
إذن لا يجوز تعليق الصور بدليل العديد من الأحاديث ،ومثل هذا يحمل على وقت الإباحة ، وكفى الله القتال .