شرح الباب التاسع والأربعين بعد المائة وهو باب لعن الكافر وتحته حديث واحد صحيح عن أبي هريرة قيل يا رسول الله ادعوا الله على المشركين.....) حفظ
الشيخ : فدرسنا اليوم في التاسع والأربعين بعد المائة وهو باب باب لعن الكافر أما الباب السابق ففيه حديث ضعيف ولذلك تجاوزناه أما هذا الباب ففيه حديث واحد صحيح بإسناد عن أبى هريرة قال قيل : يا رسول الله ادع الله على المشركين قال ( إني لم أبعث لعانا ولكن بعثت رحمة ) .
ترجم المصنف رحمه الله لهذا الحديث بترجمة ليس فيها بيان حكم لعن الكافر لأنه قال باب لعن الكافر لم يقل باب جواز لعن الكافر أو باب عدم جواز لعن الكافر وذلك لأن المسألة أولاً مختلف فيها وثانياً لأن الأصل كما سبق في درس مضى أن المسلم ينبغي ألا يعوّد لسانه أن يلعن غيره حتى ولو كان ... وفي ظني أن هذا الحديث كان من آثار تأديب رب العالمين لنبيّه الكريم فقد جاء في الصحيحين من حديث أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه و سلم كان أرسل مرة سرية فيها نخبة من أفاضل الصحابة فلما أتوا قبيلة من القبائل أمّنوهم ثم غدروا بهم فقتلوا منهم سبعين صحابياً من أفاضل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ومن قرّائهم وحفّاظ القرآن الكريم ، فلما بلغ خبرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حزن حزناً شديداً حتى قال أنس بن مالك ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم واجدا على شيء أي حزن على شيء وجد على أولئك الصحابة، ولقد كان حزن النبي صلى الله عليه و سلم لسببين : أولاً أنهم كانوا كما ذكرنا من عبّاد الصحابة ومن قرّائهم والثاني أنهم قُتلوا غدراً ولم يقتلوا وهم يلاقون وجه العدو وجهاً لوجه وإنما غدر بهم أولئك الكفار فلذلك وجد النبي صلى الله عليه و سلم وحزن حزناً شديداً فكان يدعو عليهم ويلعنهم في كل صلاة من الصلوات الخمس حتى نزل قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم ذهبت الآية عن ذهني وإنما هؤلاء الذين تدعو عليهم ليس عليك هداهم ولكن الله عز وجل قد يهديهم هذا معنى الآية ولعلي قد أذكرها فيما بعد .
ثم اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن قنت على أولئك الأقوام شهراً كاملاً وأنزل عليه تلك الآية وإذا بالقوم يرجعون مسلمين فظهر السر في نزول الآية على النبي صلى الله عليه و سلم كأن الله عز وجل لا يريد من رسوله صلى الله عليه و سلم أن يضل يدعو عليهم ويلعنهم ، فكانت النتيجة أن أولئك الأقوام التي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يلعنهم عادوا مسلمين ، فهنا السر يكمن في أنه لا يستحب على الأقل أن يلعن المسلم كافراً بعينه لاحتمال أن يعود مسلماً واحتمال آخر أن يصير إسلامه خيراً من الذي ورث إسلامه عن آبائه وأجداده ، فالظاهر والله أعلم أن هذا الحديث كان من بعد ما أدّب الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه و سلم بذلك الأدب حيث نهاه أن يستمر في لعن الكفار فحينما طلب منه صلى الله عليه و سلم أن يلعن الكفار كان جوابه في هذا الحديث لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ، فهو صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث يريد أن يقرن القول مع العمل والعمل مع القول فكما أن دعوته صلى الله عليه وسلم رحمة كما قال عزوجل (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) أي بدعوته بشريعته كذلك هو يريد أن يكون رحيماً مع الناس حتى في لفظه فهو لا يلعن حتى المشركين الذين يعادون الله ورسوله فهو لا يلعنهم أولاً لأن اللعن ليس فيه كبير فائدة وثانياً لما ذكرناه سابقاً أنه من المحتمل أن يعود هؤلاء الكفار مسلمين ، وكلنا يعلم أن كل الصحابة الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم كانوا كفاراً كانوا مشركين ومنهم من عاداه صلى الله عليه و سلم أشد العداء كعمر بن الخطاب مثلاً مع ذلك صار فيما بعد من أكبر الناس وأقواهم إيماناً بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فلو أن الرسول صلى الله عليه و سلم جعل ديدنه لعن الكفار ولعن المشركين الذين كانوا يعادونه لظهر التنافس في النهاية هؤلاء الذين يلعنهم وإذا بهم يصبحون مسلمين مؤمنين .
فالسبب حسن أدب الرسول صلى الله عليه و سلم مع الناس ألا يستعمل لفظة اللعن حتى مع الذين يستحقون اللعن من الكفار ، وهنا نقول كما قال رب العالمين (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا )) ذلك لأنه إذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم يشير لنا في هذا الحديث ألا نلعن الكفار والمشركين فأولى وأولى ألا نلعن المسلم ولو كان عاصياً وهذا كما نقول فيما مضى من الدرس معناه وضع قاعدة وأدب للمسلم ينهجه ويمشي عليه لكن أحياناً كما ذكرنا قد يغضب الإنسان وتفلت من لسانه كلمة مثل اللعن وما شابه ذلك فهذا لا أحد يعفى منه ولكن الرجل الكامل كما قال صلى الله عليه وسلم ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) فإذا ما وقع أحد من الناس في مثل هذه الهفوة بأن يلعن من لا يستحق اللعن كما سمعن من حصل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث لعن غلاما عبدا له فما كان منه إلا أن أعتق رقيقا له أو بعض رقيقه ، إذن يجب أن نعوّد أنفسنا ألا نتكلم إلا بخير كما قال صلى الله عليه وسلم ( فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) .
ترجم المصنف رحمه الله لهذا الحديث بترجمة ليس فيها بيان حكم لعن الكافر لأنه قال باب لعن الكافر لم يقل باب جواز لعن الكافر أو باب عدم جواز لعن الكافر وذلك لأن المسألة أولاً مختلف فيها وثانياً لأن الأصل كما سبق في درس مضى أن المسلم ينبغي ألا يعوّد لسانه أن يلعن غيره حتى ولو كان ... وفي ظني أن هذا الحديث كان من آثار تأديب رب العالمين لنبيّه الكريم فقد جاء في الصحيحين من حديث أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه و سلم كان أرسل مرة سرية فيها نخبة من أفاضل الصحابة فلما أتوا قبيلة من القبائل أمّنوهم ثم غدروا بهم فقتلوا منهم سبعين صحابياً من أفاضل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ومن قرّائهم وحفّاظ القرآن الكريم ، فلما بلغ خبرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حزن حزناً شديداً حتى قال أنس بن مالك ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم واجدا على شيء أي حزن على شيء وجد على أولئك الصحابة، ولقد كان حزن النبي صلى الله عليه و سلم لسببين : أولاً أنهم كانوا كما ذكرنا من عبّاد الصحابة ومن قرّائهم والثاني أنهم قُتلوا غدراً ولم يقتلوا وهم يلاقون وجه العدو وجهاً لوجه وإنما غدر بهم أولئك الكفار فلذلك وجد النبي صلى الله عليه و سلم وحزن حزناً شديداً فكان يدعو عليهم ويلعنهم في كل صلاة من الصلوات الخمس حتى نزل قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم ذهبت الآية عن ذهني وإنما هؤلاء الذين تدعو عليهم ليس عليك هداهم ولكن الله عز وجل قد يهديهم هذا معنى الآية ولعلي قد أذكرها فيما بعد .
ثم اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن قنت على أولئك الأقوام شهراً كاملاً وأنزل عليه تلك الآية وإذا بالقوم يرجعون مسلمين فظهر السر في نزول الآية على النبي صلى الله عليه و سلم كأن الله عز وجل لا يريد من رسوله صلى الله عليه و سلم أن يضل يدعو عليهم ويلعنهم ، فكانت النتيجة أن أولئك الأقوام التي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يلعنهم عادوا مسلمين ، فهنا السر يكمن في أنه لا يستحب على الأقل أن يلعن المسلم كافراً بعينه لاحتمال أن يعود مسلماً واحتمال آخر أن يصير إسلامه خيراً من الذي ورث إسلامه عن آبائه وأجداده ، فالظاهر والله أعلم أن هذا الحديث كان من بعد ما أدّب الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه و سلم بذلك الأدب حيث نهاه أن يستمر في لعن الكفار فحينما طلب منه صلى الله عليه و سلم أن يلعن الكفار كان جوابه في هذا الحديث لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ، فهو صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث يريد أن يقرن القول مع العمل والعمل مع القول فكما أن دعوته صلى الله عليه وسلم رحمة كما قال عزوجل (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) أي بدعوته بشريعته كذلك هو يريد أن يكون رحيماً مع الناس حتى في لفظه فهو لا يلعن حتى المشركين الذين يعادون الله ورسوله فهو لا يلعنهم أولاً لأن اللعن ليس فيه كبير فائدة وثانياً لما ذكرناه سابقاً أنه من المحتمل أن يعود هؤلاء الكفار مسلمين ، وكلنا يعلم أن كل الصحابة الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم كانوا كفاراً كانوا مشركين ومنهم من عاداه صلى الله عليه و سلم أشد العداء كعمر بن الخطاب مثلاً مع ذلك صار فيما بعد من أكبر الناس وأقواهم إيماناً بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فلو أن الرسول صلى الله عليه و سلم جعل ديدنه لعن الكفار ولعن المشركين الذين كانوا يعادونه لظهر التنافس في النهاية هؤلاء الذين يلعنهم وإذا بهم يصبحون مسلمين مؤمنين .
فالسبب حسن أدب الرسول صلى الله عليه و سلم مع الناس ألا يستعمل لفظة اللعن حتى مع الذين يستحقون اللعن من الكفار ، وهنا نقول كما قال رب العالمين (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا )) ذلك لأنه إذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم يشير لنا في هذا الحديث ألا نلعن الكفار والمشركين فأولى وأولى ألا نلعن المسلم ولو كان عاصياً وهذا كما نقول فيما مضى من الدرس معناه وضع قاعدة وأدب للمسلم ينهجه ويمشي عليه لكن أحياناً كما ذكرنا قد يغضب الإنسان وتفلت من لسانه كلمة مثل اللعن وما شابه ذلك فهذا لا أحد يعفى منه ولكن الرجل الكامل كما قال صلى الله عليه وسلم ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) فإذا ما وقع أحد من الناس في مثل هذه الهفوة بأن يلعن من لا يستحق اللعن كما سمعن من حصل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث لعن غلاما عبدا له فما كان منه إلا أن أعتق رقيقا له أو بعض رقيقه ، إذن يجب أن نعوّد أنفسنا ألا نتكلم إلا بخير كما قال صلى الله عليه وسلم ( فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) .