تنبيه على حجة البدل وأن الناس يتجرون بها ويحصلون أموالا وراءها [مسألة النيابة في العبادات] حفظ
الشيخ : مع التمثيل أيضا بشيء آخر يتعلق بحجة البدل ألا وهو أن التوسع في حجة البدل حتى صارت اليوم من أنواع التجارة في هذا العصر ، هذا التوسع لا أصل له في الشرع ، يجب أن نعرف أن كل عبادة كلف الله عز وجل بها عباده إنما أراد بها صلاح نفوسهم وقلوبهم فإذا ما قام أحد بشيء من الواجبات هذه عن غيره فهذا الغير إن صح التعبير لا يستفيد من عمل ذلك الإنسان شيئاً ذلك لآيات كثيرة من أشهرها قول ربنا تبارك وتعالى (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) وقوله عز وجل (( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ )) تماما كما هو الشأن في أصل هذه العبادات كلها أصلها الإيمان لأن هذه العبادات لا تفيد صاحبها شيئاً إذا لم يقترن معها الإيمان الصحيح ، وهذا معروف لدى الجميع حيث قال عز وجل (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ )) فإذا آمن الشيخ : شخص ما إذا آمن الولد وبقي والده على الشرك لم يفد إيمان ولده والد شيئاً إطلاقا لأن هذا الإيمان الذي طهّر قلبه من أدران الشرك والضلال إنما هو خاص به فوالده لا يستفيد من إيمان ولده شيئا ،كذلك إذا كان هناك والد وولد كلاهما مسلم لكن أحدهما صالح والآخر طالح ، فالصالح يصلي مثلا والطالح لا يصلي فإذا صلى المصلي سواء كان الوالد أو الولد لم يستفد من صلاته الآخر الذي لا يصلي وهكذا دواليك كل العبادات ، وهذه قاعدة (( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ )) تمام الشأن في ذلك كما هو الشأن في الأمور المادية التي يقوى بها بدن الإنسان ويحيى ، إذا كان هناك والد وولد أحدهما يأكل ما يقوم بصحته وبجسده وبقوته والآخر لا يأكل ، فهذا الذي يأكل يفيد نفسه وذاك الذي لا يأكل لا يستفيد من أكل غيره شيئا يذكر أو شيئا مطلقا ،هكذا الشأن تماماً في العبادات والمعاملات، لذلك صح عن بعض السلف وأظنه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال : " لا يصل أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد " .
فإذن حجة البدل هذه أليس لها أصل مطلقا ، قد يبدو هذا من كلامنا السابق ولكن نريد أن نضيّق دائرة حجة البدل في حدود النصوص التي جاءت بهذه الحجة لكن أردت أن نذكّر: بالقاعدة لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد إلا ما جاء به النص ، فلننظر في أي نوع أو في أي جنس من الناس جاءت حجة البدل وأنها تشرع عنه .