بيان بطلان هذا التفريق بين العقائد والأحكام فيما يستدل له من الآحاد والمتواتر من السنة كما في قصة إرسال معاذ تارة وأبي موسى أخرى الوارد في الصحيحين . حفظ
الشيخ : وكلنا يعلم وهم يعلمون أيضاً ولكنهم يجحدون كما قال الله عزوجل في غيرهم (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) فإنهم جميعاً يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل أفراداً يدعونه إلى الإسلام وليس الإسلام إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم شاملاً كما لا خلاف في ذلك بين ما كان عقيدة وبين ما كان أحكاماً ، ومن الأمثلة المشهورة في السنة الصحيحة التي يعرفونها ثم ينحرفون عنها إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن تارة معاذاً وتارة أبا موسى الأشعري وتارة عليّاً فماذا كان يفعل هؤلاء الصحابة حينما أرسلهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ؟ لاشك أنهم كانوا يدعونهم إلى الإيمان بالله ورسوله وهو أصل كل عقيدة ثم إلى الإسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له يا معاذ ( ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا هم أطاعوك فمرهم بالصلاة إلى آخر الحديث الصحيح .
ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذاً وهو فرد وحديثه في اصطلاح المتأخرين حديث آحاد فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يكون أول ما يدعوهم إليه هو الاعتقاد بالله وحده لا شريك له فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، فإذا أنتم قابلتم هذا الحديث المجمع على صحته بين المسلمين قاطبة بين المتبعين للسلف والمخالفين لهم يعتقدون معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن وأمره أن يدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، فكيف يعتقدون بصحة هذا الحديث ثم يقولون إن حديث الآحاد لا يؤخذ به في العقيدة .
من هنا يتبين لكم أن الحيَد عمّا كان عليه أصحابه صلى الله عليه وسلم من انتشارهم في الآفاق ودعوة الناس إلى الإسلام دون فلسفة التفريق بين حديث التواتر وحديث الآحاد ، هذه المسألة وحدها تكفي لتبين لكل مسلم عاقل خطر الإنحراف عن اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ،