كيف التوفيق بين الحديث الوارد في صحيح مسلم ( إن لله ملائكة سيارين.....) وحديث عبد الله بن مسعود في الكوفة مع الحلقة التي أنكر عليها في المسجد ؟ حفظ
السائل : التوفيق بين أحاديث وردت في مختصر صحيح مسلم ... ( إن لله ملائكة سيارين يتتبعون مجالس الذكر ... )، وحديث خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال ما أجلسكم
قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل إلى آخره التوفيق بين هذين الحديثين وحديث ابن مسعود في وقوفه على الحلقات الذين يذكرون الله بالحصى في ظن السائل أنه في تعارض فكيف التوفيق ؟
الشيخ : ليس هناك تعارض مطلقاً ، وأنا أقرّب لكم هذا بمثل لا أظن أن أحداً عنده شيء من الفقه ولو الفقه التقليدي يقر هذا الاجتماع على الذكر متوهماً أن الحديثين المشار إليهما في السؤال يشمل هذه الصورة .
كثير من الناس حتى اليوم يذكرون الله عز وجل ذكراً لا يقرّه مذهب من المذاهب الأربعة التي يتبعها جماهير المسلمين اليوم ، فمن ذلك أنهم يذكرون الله بصوت واحد ومقتصرين على لفظة الجلالة فقط ليس بأفضل من ذكر لا إله إلا الله ، ويأخذ بعضهم بأيدي بعض فيقيمون حلقة فيبدؤون بالذكر ويقولون الله ، الله ، الله بشيء من التأنّي ثم تتسارع الأصوات ثم تتداخل ثم لا تعود تسمع إلا آهات ، وكلما تسارع صوتهم كلما ازدادت حركاتهم يميناً ويساراً ، هذا بلا شك اجتماع على ذكر الله فهل السائل يُدخل هذا النوع من الذكر الجماعي في مثل هذه الأحاديث التي أشار إليها ؟
أعتقد أنه لا أحد على الأقل في هذا المجلس على الأقل السائل لا أظن يقول أن هذا النوع من الذكر يشمله ذاك الحديث .
أريد أن أسأل لماذا ربما يقول بعض المسؤولين لأن هذا شيء غير معقول ، أنا لا أريد أن يكون الجواب هكذا ، أنا أريد أن يكون الجواب لأن هذا الشيء غير منقول لأنه ليس كل غير معقول لازم يكون غير منقول والعكس أيضاً ليس كل منقول لازم يكون معقول لأن العقول هذه المؤمنة يجب أن تخضع للمنقول لكن بشرط الصحة كما تعلمون دائماً وأبداً ، معقول حجر أصم يضرب بعصا وإذا به يخرج منه اثنا عشر عينا من الماء مثل ماء ... ؟ معقول ؟ غير معقول لكن إنه لحق مثلما أنكم تنطقون قد وقع . معقول أن يضرب البحر بعصاه وإذا به ينفتح أمامه طريق كأنه معبّد من جديد ويمر جيش موسى عليه السلام وبني إسرائيل ويغتر بهذه الظاهرة فرعون فيمشي وراءهم فإذا خرج آخر جندي من بني إسرائيل على الساحل رجع البحر كما كان ، معقول ؟ غير معقول ، لكنه معقول ، لماذا ؟ لأننا نحن الآن نسمع أخبار ما نهضمها لأننا ما درسنا مقدماتها ولا رأينا بأعيننا آثارها لكن نصدّق بها ، لماذا ؟ لأنه صار عندنا يقين بأن أهل العلم تحققوا من هذا الخبر ، قبل أن نرى هذه الراديوات والمسجلات هذه ، إلى آخره ، يمكن سمعتم أن أناساً يحدثون عنهم بأنهم إذا سمعوا الراديو يقولون إن هذا شيطان ، بينما هي آلة اخترعها ابتدعها الإنسان بقدرة الله عز وجل، كل هذه الأشياء كانت قبل أن تُرى غير معقولة لكن أصبحت حقائق علمية واقعية .
كذلك تماماً بالنسبة للأمور المنقولة في كتاب الله وفي حديث رسول الله هي معقولة عند ناس وغير معقولة عند ناس مثل المسائل العلمية معقولة عند ناس درسوها ودرسوا القائمين عليها ووثقوا بالأخبار المنقولة عنها ولم يشاهدوها كما لم نشاهد الذين نزلوا القمر إلى آخره ، لكن أصبحنا مضطرين أن نؤمن بذلك من الناحية العلمية ، كذلك الأمور الإيمانية معقولة عند بعض الناس وغير معقولة عند بعض الناس على عكس المثال السابق .
الأمور الإيمانية معقولة عند المؤمنين لأن الله عز وجل أولاً على كل شيءٍ قدير ، وثانياً لأن هذا الشيء جاء الخبر عن الصّادق المصَدّق وهو الرسول عليه السلام إما كتابة وإما سنةً ، لذلك فإننا نؤمن بكل ما جاء عن رسول الله عز وجل ، فالمثال السابق الذي صوّرته لكم قلت يجب أن يكون جوابه ليس لأنه لا نقبل في الأحاديث الحاضّة على الاجتماع على الذكر لأنه غير معقول ولكن لأنه غير منقول وبالتالي ما دام منقول فهو غير معقول .
والآن نوسّع الدائرة لأننا يجب أن نرجع إلى النقل في الأمور الشرعية قبل العقل بخلاف الأمور الدنيوية فهنا الإسلام لا يتدخل فيها كما قال صراحة ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، فهنا أعطي العقل امتداده إلى ما لا نهاية بشرط ألا يخالف الشرع .
فإذا انتقلنا إلى صورة أخرى من الاجتماع في الذكر دون السابقة إما أن يصبح الأمر بدعة بين أخذ ورد ، يعني الذي قال في الصورة الأولى لا هذه معقولة ولا منقولة ربما نأتي بصورة أخرى نتردد هل هي منقولة أم لا ، إذن نحكّم الشرع إن كانت منقولة قبلناها وإن كانت غير منقولة رفضناها ، مثاله الاجتماع على الصلوات فبعض الاجتماعات منقولة وبعض الاجتماعات غير منقولة ، مثلاً ندخل المسجد فيصلي كل واحد منّا سنة الظهر القبلية مثلا أو البعدية كل واحد يصلي لحاله ، فهل يشرع الاجتماع في هذه الصلاة وهي نافلة ؟ الجواب لا .
فلو أن إنسان زيّن له وقال يا أخي يد الله على الجماعة لماذا نحن متفرقين فلنصلي جماعة ، فهل يكون هذا الاجتماع مشروعاً ؟ الجواب لا ، لماذا هل لأنه غير معقول ؟ لا ، لأنه غير منقول ؟ وبالتالي يصير غير معقول ، لماذا غير معقول ؟ لأن عقل المسلم يحكم أن هذا الاجتماع الذي نقطع بأنه لم ينقل فلو كان خيراً لسبقونا إليه ، إذاً هو ليس بخير . فمعرفة الخير والشر في الشرع ليس طريقه عقلي وعقلك وإنما طريقه هو النقل الصحيح الثابت عن الله ورسوله ، هذا مثال الاجتماع . إذن نأخذ الآن أي اجتماع في الذكر نحن نطلب أن يكون منقولاً من طريق نقل صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأي اجتماع في الذكر إما في القرآن وإما بالتهليل والتسبيح والتكبير والتحميد لم ينقل عن السلف الصالح إطلاقاً ، الاجتماع على قراءة القرآن جماعة بصوت واحد أو على التهليل وغير ذلك من الأذكار بصوت واحد فهذا لم ينقل لكن المنقول على العكس من ذلك كان أحدهم يلقى أخاه فيقول له اجلس بنا نؤمن ساعة ، فماذا يفعلون ؟ يذكرون هذا الذكر الذي هو غير منقول ولا معقول ؟ لا ، وإنما الأمر أحد شيئين إما أن يجلسوا فيتدارسون آية من كتاب الله يتلوها أحدهم ويفسرها هو إن كان أفقههم وأعلمهم أو تولى تفسيرها غيره ، أو جلس كل منهم يذكر الله بما بدا له بما يحفظ من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الاجتماع على ذكر الله عز وجل إما اجتماع كاجتماعنا هذا للتفقه في دين الله من كتاب الله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو اجتماع على ذكر سرّي غير جهري وكلٌّ يذكر ما يحفظ وما يشعر بأن نفسه تتزكى وتتطهر بهذا النوع من الذكر لأن النفوس تختلف .
هكذا السنة في الذكر ولهذا فلا تعارض بين الأحاديث التي أشار إليها السائل وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .
قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل إلى آخره التوفيق بين هذين الحديثين وحديث ابن مسعود في وقوفه على الحلقات الذين يذكرون الله بالحصى في ظن السائل أنه في تعارض فكيف التوفيق ؟
الشيخ : ليس هناك تعارض مطلقاً ، وأنا أقرّب لكم هذا بمثل لا أظن أن أحداً عنده شيء من الفقه ولو الفقه التقليدي يقر هذا الاجتماع على الذكر متوهماً أن الحديثين المشار إليهما في السؤال يشمل هذه الصورة .
كثير من الناس حتى اليوم يذكرون الله عز وجل ذكراً لا يقرّه مذهب من المذاهب الأربعة التي يتبعها جماهير المسلمين اليوم ، فمن ذلك أنهم يذكرون الله بصوت واحد ومقتصرين على لفظة الجلالة فقط ليس بأفضل من ذكر لا إله إلا الله ، ويأخذ بعضهم بأيدي بعض فيقيمون حلقة فيبدؤون بالذكر ويقولون الله ، الله ، الله بشيء من التأنّي ثم تتسارع الأصوات ثم تتداخل ثم لا تعود تسمع إلا آهات ، وكلما تسارع صوتهم كلما ازدادت حركاتهم يميناً ويساراً ، هذا بلا شك اجتماع على ذكر الله فهل السائل يُدخل هذا النوع من الذكر الجماعي في مثل هذه الأحاديث التي أشار إليها ؟
أعتقد أنه لا أحد على الأقل في هذا المجلس على الأقل السائل لا أظن يقول أن هذا النوع من الذكر يشمله ذاك الحديث .
أريد أن أسأل لماذا ربما يقول بعض المسؤولين لأن هذا شيء غير معقول ، أنا لا أريد أن يكون الجواب هكذا ، أنا أريد أن يكون الجواب لأن هذا الشيء غير منقول لأنه ليس كل غير معقول لازم يكون غير منقول والعكس أيضاً ليس كل منقول لازم يكون معقول لأن العقول هذه المؤمنة يجب أن تخضع للمنقول لكن بشرط الصحة كما تعلمون دائماً وأبداً ، معقول حجر أصم يضرب بعصا وإذا به يخرج منه اثنا عشر عينا من الماء مثل ماء ... ؟ معقول ؟ غير معقول لكن إنه لحق مثلما أنكم تنطقون قد وقع . معقول أن يضرب البحر بعصاه وإذا به ينفتح أمامه طريق كأنه معبّد من جديد ويمر جيش موسى عليه السلام وبني إسرائيل ويغتر بهذه الظاهرة فرعون فيمشي وراءهم فإذا خرج آخر جندي من بني إسرائيل على الساحل رجع البحر كما كان ، معقول ؟ غير معقول ، لكنه معقول ، لماذا ؟ لأننا نحن الآن نسمع أخبار ما نهضمها لأننا ما درسنا مقدماتها ولا رأينا بأعيننا آثارها لكن نصدّق بها ، لماذا ؟ لأنه صار عندنا يقين بأن أهل العلم تحققوا من هذا الخبر ، قبل أن نرى هذه الراديوات والمسجلات هذه ، إلى آخره ، يمكن سمعتم أن أناساً يحدثون عنهم بأنهم إذا سمعوا الراديو يقولون إن هذا شيطان ، بينما هي آلة اخترعها ابتدعها الإنسان بقدرة الله عز وجل، كل هذه الأشياء كانت قبل أن تُرى غير معقولة لكن أصبحت حقائق علمية واقعية .
كذلك تماماً بالنسبة للأمور المنقولة في كتاب الله وفي حديث رسول الله هي معقولة عند ناس وغير معقولة عند ناس مثل المسائل العلمية معقولة عند ناس درسوها ودرسوا القائمين عليها ووثقوا بالأخبار المنقولة عنها ولم يشاهدوها كما لم نشاهد الذين نزلوا القمر إلى آخره ، لكن أصبحنا مضطرين أن نؤمن بذلك من الناحية العلمية ، كذلك الأمور الإيمانية معقولة عند بعض الناس وغير معقولة عند بعض الناس على عكس المثال السابق .
الأمور الإيمانية معقولة عند المؤمنين لأن الله عز وجل أولاً على كل شيءٍ قدير ، وثانياً لأن هذا الشيء جاء الخبر عن الصّادق المصَدّق وهو الرسول عليه السلام إما كتابة وإما سنةً ، لذلك فإننا نؤمن بكل ما جاء عن رسول الله عز وجل ، فالمثال السابق الذي صوّرته لكم قلت يجب أن يكون جوابه ليس لأنه لا نقبل في الأحاديث الحاضّة على الاجتماع على الذكر لأنه غير معقول ولكن لأنه غير منقول وبالتالي ما دام منقول فهو غير معقول .
والآن نوسّع الدائرة لأننا يجب أن نرجع إلى النقل في الأمور الشرعية قبل العقل بخلاف الأمور الدنيوية فهنا الإسلام لا يتدخل فيها كما قال صراحة ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )، فهنا أعطي العقل امتداده إلى ما لا نهاية بشرط ألا يخالف الشرع .
فإذا انتقلنا إلى صورة أخرى من الاجتماع في الذكر دون السابقة إما أن يصبح الأمر بدعة بين أخذ ورد ، يعني الذي قال في الصورة الأولى لا هذه معقولة ولا منقولة ربما نأتي بصورة أخرى نتردد هل هي منقولة أم لا ، إذن نحكّم الشرع إن كانت منقولة قبلناها وإن كانت غير منقولة رفضناها ، مثاله الاجتماع على الصلوات فبعض الاجتماعات منقولة وبعض الاجتماعات غير منقولة ، مثلاً ندخل المسجد فيصلي كل واحد منّا سنة الظهر القبلية مثلا أو البعدية كل واحد يصلي لحاله ، فهل يشرع الاجتماع في هذه الصلاة وهي نافلة ؟ الجواب لا .
فلو أن إنسان زيّن له وقال يا أخي يد الله على الجماعة لماذا نحن متفرقين فلنصلي جماعة ، فهل يكون هذا الاجتماع مشروعاً ؟ الجواب لا ، لماذا هل لأنه غير معقول ؟ لا ، لأنه غير منقول ؟ وبالتالي يصير غير معقول ، لماذا غير معقول ؟ لأن عقل المسلم يحكم أن هذا الاجتماع الذي نقطع بأنه لم ينقل فلو كان خيراً لسبقونا إليه ، إذاً هو ليس بخير . فمعرفة الخير والشر في الشرع ليس طريقه عقلي وعقلك وإنما طريقه هو النقل الصحيح الثابت عن الله ورسوله ، هذا مثال الاجتماع . إذن نأخذ الآن أي اجتماع في الذكر نحن نطلب أن يكون منقولاً من طريق نقل صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأي اجتماع في الذكر إما في القرآن وإما بالتهليل والتسبيح والتكبير والتحميد لم ينقل عن السلف الصالح إطلاقاً ، الاجتماع على قراءة القرآن جماعة بصوت واحد أو على التهليل وغير ذلك من الأذكار بصوت واحد فهذا لم ينقل لكن المنقول على العكس من ذلك كان أحدهم يلقى أخاه فيقول له اجلس بنا نؤمن ساعة ، فماذا يفعلون ؟ يذكرون هذا الذكر الذي هو غير منقول ولا معقول ؟ لا ، وإنما الأمر أحد شيئين إما أن يجلسوا فيتدارسون آية من كتاب الله يتلوها أحدهم ويفسرها هو إن كان أفقههم وأعلمهم أو تولى تفسيرها غيره ، أو جلس كل منهم يذكر الله بما بدا له بما يحفظ من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الاجتماع على ذكر الله عز وجل إما اجتماع كاجتماعنا هذا للتفقه في دين الله من كتاب الله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو اجتماع على ذكر سرّي غير جهري وكلٌّ يذكر ما يحفظ وما يشعر بأن نفسه تتزكى وتتطهر بهذا النوع من الذكر لأن النفوس تختلف .
هكذا السنة في الذكر ولهذا فلا تعارض بين الأحاديث التي أشار إليها السائل وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .