توضيح الشيخ لمسألة الشرب واقفا . حفظ
الشيخ : أنا ذكرت لك آنفاً بإشارة عابرة إلى الأحاديث الصحيحة التي وردت في الشرب قائماً أو بعبارة أصح إلى أكثر الأحاديث التي أعلمها ، فكون الرسول شرب قائماً معروف لديكم جميعاً وكذلك فيما أظن أنه كان يشرب قائماً ويشرب قاعداً كما أنه كان يصلي حافياً وكان يصلي منتعلاً ، من الأحاديث التي فيها التصريح بأنه شرب قائماً لمّا جاء زمزم فشرب قائماً ، من هذه الأحاديث أنه جاء إلى قربة معلقة فحلّ وكاءها فشرب من ماءها ، هذه كلها أحاديث تدل في ظاهرها وحينما نقف عندها أن الشرب من قيام يجوز لضرورة ولغير ضرورة لحاجة ولغير حاجة ، لماذا ؟ لأن هذه الأحاديث تلتقي مع القاعدة الأصل في الأشياء الإباحة ، لكن أهل العلم لا يقولون الأصل في الأشياء الإباحة إلا حينما لا يجدون أمامهم نصّاً يضطرهم إلى أن ينتقلوا بفقههم من هذا الأصل إلى فرع يخالف الأصل أظن مفهوم هذا الكلام . طيب الآن لننظر هل عندنا أحاديث أخرى تضطرنا أن نخرج عن هذا الأصل أم لا ، فأول ما يخطر في البال في هذا المجال حديث أنس في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما قال قتادة فقلنا فالأكل ؟ فقال ذاك أشر أو أخبث.
احفظ هذا لأن هذا سيعطيك إشارة قوية ما الذي يفهمه الصحابي من كلمة نهى رسول الله عن الشرب قائماً أي أن الشرب قائماً شر لأنه قال الأكل قائماً أشر ، في رواية أخرى في صحيح مسلم زجر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشرب قائما .
هذا اللفظ الثاني أما اللفظ الثالث أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا يشرب قائما فقال له ( يا فلان أترضى أن يشرب معك الهر ؟ ) . قال : ( لا يا رسول الله ) . قال : ( قد شرب معك من هو شر منه ، الشيطان ) .
الآن لنتفقه ولنحاول التوفيق بين هذين النوعين من الأحاديث ، الأحاديث الفعلية التي ذكرناها أولاً ثم الأحاديث القولية .
أنا الآن مضطر لأن أسألك القول الآن بالجواز أقرب أم القول بعدم الجواز أقرب ؟
السائل : عدم الجواز .
الشيخ : جميل القول بعدم الجواز هل أقرب حسن هل نثبت على هذا بعد أن قلنا أقرب بمعنى نتبنّاه ولو الآن ، أنا أتبنّاه منذ سنين طويلة لكن أنت ربما ما كنت مهيئاً أو دارساً للموضوع دراسة فقهية دقيقة لكن على الأقل الآن تقول بصراحة المؤمن أنه الأقرب أن يقال بعدم الجواز صح .
السائل : صح .
الشيخ : طيب . إذا كان الأمر كذلك ما علاقة حينئذ سؤالك السابق وربط هذا السؤال بموضوع النص العام إذا لم يجر العمل بجزء من أجزاءه أو النص المطلق إذا لم يعمل بإطلاقه ، على ضوء فهمي هذا قلت لك يا أخي قضية نهى عن الشرب قائما ما فيها عموم في الموضوع هو متوجه على شيء واحد وهو الشرب قائما وهو شيء واحد ليس فيه نص عام يتضمن أجزاء كثيرة كمثل مثلا ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، فهذا نص عام فلو صح ما يقوله البعض أن قوله عليه السلام أنه ( من سنّ في الإسلام سنة حسنة ) معناه من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، نقول حينئذ نخصص الحديث العام بالحديث الخاص ، لكن أين العموم في حديث نهى عن الشرب قائماً وحديث رأى رجلاً يشرب قائماً قال له ... إلى آخر الحديث لا أريد أن أعيده ، هذه قضايا خاصة وليست عامة أبداً ، ولذلك كنت واهماً في حشرك موضوع الشرب قائماً في موضوع القاعدة التي قررناها هناك .
السائل : ... وافق فعل الصحابي فعل النبي صلى الله علسه وسلم ما فهموا أن النهي ... .
الشيخ : فليكن كذلك هذا موضع ثاني لكن ليس له علاقة بالعموم والخصوص لكن ليس له علاقة بالمطلق والمقيد ليس له علاقة فإذا كان عندك شبهة في هذا فحينئذ نحن نبحث الموضوع من هذه الزاوية أن هذا ما فهم نقول إن الذي قال بالجواز ما فهم النص تريد البحث في هذا ؟
السائل : ... .
الشيخ : عفوا أنا أقول إذا كانت أحاديث الرسول عليه السلام صريحة وقد قلنا ما يشبه هذا هناك قلنا في قول الصحابي إذا كان وحده فليس المسلم بالمكلف بالأخذ به ، أما إذا انضم إلى ذلك صحابي أو صحابيان ولم يكن لهم مخالف من الصحابة من جهة فضلاً عن أن يكون مخالفاً للسنة حينئذ نأخذ بقول أو بفعل هؤلاء الصحابة تذكر أني قلت هذا !
السائل : نعم .
الشيخ : كويس الشرط هنا مفقود هنا القول بجواز الشرب قائماً مطلقاً لأن بعض الصحابة قالوا بذلك فالشرط الذي قلناه هناك وهو شرط لا بد منه مفقود هنا لأن هذا مخالف لأقواله عليه السلام ، ثم قد ذكرنا من الأحاديث الفعلية أنه شرب قائماً وشرب قاعداً ، فنحن نأخذ من هذا الحديث الفعلي ما يناسب حديثه القولي ولا نأخذ من هذا الحديث الفعل المخالف للحديث القولي . إذن إذا جاءك الحديث عن الصحابي من أوله مجملاً غير مفصل لا يكون رآه قبل أو رآه بعد كيف يجوز أن نحتج به واضح ، ثم قوله شرب معك من هو شر منه الشيطان هذا ممكن نؤوله للكراهة
السائل : ما يمكن أن يكون مثلا ... .
الشيخ : لا حيد خير الكلام ما قل ودل أنا أسألك تقول يمكن أو لا يمكن ينتهى الموضوع إذا قلت لا يمكن انتهى الموضوع إذا قلت يمكن أسالك لما لا تظن أنا نفلت مني بسهولة ! حتى نتابع الموضوع حتى نصل للنهاية إما إلى طلاق وإما إلى فراق في النظر يعني في الفهم . إيش رأيك شيء يشارك الشيطان الإنسان فيه وهذا الإنسان يعلم أنه ذا فعل ذلك شاركه الشيطان في ماله وفي ماله وفي زوجه وولده فظن أنه هذا يمكن أن يكون كراهة تنزهية !
السائل : لا ما هي تنزهية لكن أنا أقول ... .
الشيخ : اسمحلي ... اسأل ما شئت السؤال الذي أوجهه إليك أريد أن أبني عليه علالي وقصورا شايف فأنت إذا قلت يمكن أو لا يمكن يختلف معنا الموضوع تماما الآن أنا قلت لك تتصور أن إذا قال الرسول لشخص مسلم أنك إذا فعلت كذا خالطك الشيطان في طعامك في شاربك تقول يمكن أن يكون هذا مكروه تنزيها لكن قولي ما هو تحريم !
السائل : لكن عندي سؤال ؟
الشيخ : تفضل .
السائل : وهو هل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن سبب مخالطة الشيطان لهم هو شربه واقفا في الحديث هل ذكر هذا في الحديث أو يمكن فيه سبب آخر !
الشيخ : ذكرتني أنت بابن حزم ! أنت ماذا تفعل بالحديث ( أترضى أن يشرب معك الهر ) شو قال هذا الرجل قال لا الهر يشربي معي ما يرضاه لنفسه والهر تعرف من الطوافين والطوفات بمعنى إذا أكل من طعامك جاز لك أن تأكل من هذا الطعام مع ذلك هذ الرجل يعني توقى وأبى أن يكون مشاركه في الشرب هذا الحيوان الأهلي اللي هو إيش قال عنه عليه الصلاة والسلام ( إنه من الطوافين علكيم والطوفات ) كالخدم يعني مع ذلك ربأ وارتفع بنفسه عن أن يرضى أن يشرب معه الشيكان قال له ( قد شرب منه معك من هو شر منه الشيطان ) ، أترى أن هذا الإنسان الذي يترفع أن يكون شريكه في الشرب ابن البيت يرضى بنفسه أن يكون شريكه الشيطان إذا سؤالك هذا لا محل له من الإعراب كما يقول ذلك النحويون لأنه يكفي هذا ... اسمع بارك الله فيك افترض إنه فيه أشياء أخرى افترض ما شئت من الاحتمالات الأخرى لكن هذ الذي جاءنا النص بالحديث ألا يكفي لتفهم منه أن هذا الشرب يكون سببا لئن يشارك الشيطان هذا الشارب ألا يكفي أن يدلك أن هذا الشرب هو مش مكروه تنزهيا ،إنما كما قلت مكروه تحريما !
السائل : إلا أفهم أنه بهذا يكون مكروها تحريما لكن أنا سؤالي لا زال قائما وهو !
الشيخ : أبدا أبدا ... فسوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار ! تفضل .
السائل : أنا أقول نص الحديث ... حتى نخلص إلى النتيجة التي تريد .
الشيخ : معليش تفضل .
السائل : وهو أن السبب في المشاركة هو الشرب واقفا .
الشيخ : أنا قلت لك آنفا بارك الله فيك افترض ما شئت أنا أعطيتك الجواب قبل سؤالك ! أنا أقول افترضت ما شئت لأني أقول هذا الذي جاءنا في الحديث كافيك ليبقيك على ما قلت لأن الحديث يدل على أن هذا مكروه تحريما ... الآن أنا أقول لم يرد قل أنت ورد ؟
السائل : أنا أسأل ..
الشيخ : وأنا ماذا فعلت !
السائل : أقول هل ورد هذا في الحديث
الشيخ : يا أخي قلت لك لم يرد ! إلا هذا الذي أسمعتك إياه !
السائل : إذا ... أشياء توضح هذا الحديث ؟
الشيخ : حسنا وأنا معك ... بعد أن علمنا أنه ما ورد لكن هذا الذي ذكرناه هو الذي ورد فهذا الذي ورد على ماذا يدل ؟
السائل : على التحريم .
الشيخ : طيب ماذا استفدت أنت من سؤالك السابق وأنه هل هناك شيء وارد أو لا ما استفدت لذلك قلت وسوف ترى إذا انجلى الغبار أفرسك تحتك أم حمار ، لماذا لأني عارف مهما كان جوابي لك أن الحكم يضل هو وأنت شاهد بنفسك أنا قلت لك لم يرد شيء آخر إطلاقا سوى هذا الذي ورد على ماذا يدل قلت على الكراهة التحريمية صح الآن تفضل افهم الآن الكراهة التحريمة على ضوء الأحاديث الفعلية ماذا تفعل ؟
السائل : ما فيه شيء .
الشيخ : لا شيء سيضل الحكم مكروه تحريماً وهذا اصطلاح حنفي وهو حرام في الاصطلاح الجمهوري ولذلك لا يجوز للمسلم المتمكن من الشرب قاعداً أن يتعمّد الشرب قائماً إلا لحاجة أو ضرورة وهذه مستثنيات معروفة في كل الأحكام الشرعية وليس فقط في هذا الحكم .
السائل : يا شيخ الحديث الذي فيه أنه قال له ( ق ) له يصح ؟
الشيخ : هذا ... أي نعم ذكرني الأخ بسؤالي عن حديث وذكرني بتمام الحديث السابق في سؤاله عن حديث غير الحديث السابق أرجو الأخ السائل أن يتفرغ للاستماع إليها ، الأخ يسأل عن حديث فذكرني بأن لحديث الهر أو الشيطان تتمة حديثه ( من شرب قائما فليستقئ ) أو بالأحرى اللفظ ( من نسى فشرب قائما فليستقئ هذا الحديث في صحيح مسلم ولكنه ليس بصحيح ، تأخذوها وتشيعوها أن الألباني ينتقد البخاري ومسلم قولوا ما شئتم لكن هذا الحديث في سنده في صحيح مسلم رجل أظن اسمه عمر بن حمزة وهو سيئ الحفظ باتفاق ولو أن الدين بالهوى بالتمني لتمنيت أن يكون هذا الحديث صحيحاً لما ؟ لأنه في تشديد من نسي وليس من تعمّد من نسي فشرب قائماً فليستقئ ، لكن هذا الحديث استرحنا منه لما درسنا سنده فتبين أنه ضعيف .
السائل : ... .
الشيخ : لا تعجلنّ الله بلاك الله فينا فاصبرن !
السائل : ... .
الشيخ : يعني إذا أنا قلت أن الله بلاك الليلة يعني بلك بالشر فنبلوكم بالشر والخير فتنة !
السائل : ... .
الشيخ : جزاك الله خيرا أيوه ذكرتي هذا الحديث بأن تمام الحديث السابق حديث أبي هريرة قال قد شرب معك امن هو شر منه قئ قال له قئ قد شرب معك من هو شر منه الشيطان قيء والحديث بالسند الصحيح في مسند الإمام أحمد
الآن يأتي السؤال تأكيداً لما اتفقنا على فهمه أنه محرم تحريماً :
هل تتصور أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكلف المسلم إذا أتى أمراً جائزاً أن يقول قيء ما شربته علماً أن هذا الاستقاء والاستفراغ قد يضر بصاحبه ، لكن هذا أيضاً دليل آخر على أن الشرب قائماً أمرٌ منكر جداً ولذلك حسن في العقل أن يأتي الشرع بهذه العقوبة أن يقول له قيء لكن لا لمن شرب ناسياً كما جاء في الحديث الآخر هذا ما عندي بالنسبة لهذه .