معرفة هذه الجماعة التي يلزم جميع المسلمين اتباعها . حفظ
الشيخ : من هم هؤلاء الذين تشملهم دعوة الجماعة التي أُمرنا بلزومهم هذا هو بيت القصيد من وقوفي هاهنا عند هذه الخصلة لحاجة المسلمين اليوم إلى أن يعرفوا الجماعة التي يجب أن يلزموها وألا يحيدوا عنها لتشملهم دعوتهم الصالحة كثير من الناس يتصورون اليوم أن جماعة المسلمين هم جماهيرهم بما فيهم العامة ويبنون على ذلك أن كل من خالف هذه الجماعة فهو شاذ ثم يبنون على ذلك بأن حكموا عليه بطرف حديثٍ على الطرف ليس بصحيح وهو ( من شذّ فهو في النار ) فهنا خطأ بُني عليه خطأ الخطأ الأول في تعريفه للجماعة أو قتاله للجماعة التي يجب إلتزامها ولا يجب الخروج عنها من هي الجماعة يعني ظهور الجماعة هذا الخطأ الأول والخطأ الثاني بنى على ذلك أن من خالف الجمهور فهو شاذ ومن شذّ فهو في النار ترى أمعنى الجماعة في هذا الحديث ومثله أحاديث كثيرة ( عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) حديث صحيح وفي حديث الفِرق الثلاث والسبعين قال صلى الله عليه وسلم ( كلها في النار إلا واحدة ) قالوا من هي؟ قال ( الجماعة ) تُرى من هي هذه الجماعة التي في هذا الكتاب فهذه الجماعة هي من كان الحق معه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه الجماعة من كان الحق معه ولو واحدًا هذا هو الجماعة ومن الدليل على ذلك أولًا واقع كل دعوة يدعو إليه نبي أو رسول وثانيًا الأحاديث التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم تؤكّد ذلك الواقع فنحن نعلم مثلًا أن واقع كل رسول أول ما يدعو الناس يكون وحيدًا ونعلم يقينًا أن دعوته هي دعوة الحق قطعًا لكن الناس كلهم على الأقل في أول دعوته كلهم على ضلال ولذلك يُعجبني بهذه المناسبة لمّا جاء موسى وكان يبحث عن الخضر كما هو مذكور في القرآن وفي السنة مفصّلًا لمّا لقيه قال له موسى السلام عليكم قال وعليكم السلام أنّى بأرضك السلام ما في هذه البلاد ناس يعرفون هذا الأدب الإسلامي فعرّفه بنفسه أنه موسى إلى آخر القصة كل نبي أي نبي لمّا بدأ بدعوته كان وحده ليس له ثاني ثم آمن به الواحد والإثنان والثلاثة إلى آخره ولكن مع ذلك الذين آمنوا دائمًا وأبدًا بالنسبة لأهل الأرض كما قال تعالى (( وما آمن معه إلا قليل )) فالمؤمنون دائمًا قِلة المؤمنون دائمًا وأبدًا قِلة نحن اليوم مثلًا يفخر بعض الكتاب الإسلاميين الذين ينظرون إلى الكم ولا ينظرون إلى الكيف لأن عدد المسلمين اليوم ثمانمائة مليون مسلم ومع ذلك بدون محاصة وبدون تحقيق فلا يزال عدد الكفار أكبر من عدد المسلمين ولو أن قسمًا كبيرًا منهم يُعتبر إسلامه إسلامًا وراثيًا وليس إسلامًا حقيقيًا ومع ذلك فهذا العدد أقل من المخالفين المسلمين فهذا الذي عنيته بالواقع أن واقع الدعاة دائمًا وأبدًا إلى الحق يكونون قِلة وليس غريبًا أن يأتي حديث في صحيح مسلم يخبرنا أن النبي الداعية حينما كان يدعو في كثير من الأحيان كان يظل وحيدًا لا يؤمن به أحد ولا يتبعه أحد فقد قال صلى الله عليه وسلم أنه عُرضت عليه الأمم فرأى سوادًا قد سدّ الأفق فسأل قيل له هذا موسى وقومه ثم نظر في الطرف الآخر من الأفق فرأى سوادًا أكبر وأعظم فسأل عنه فقال هذه أمتك ثم قال عليه السلام وعُرِض عليّ النبي ومعه الرهط والرهطان يعني ممن آمن معه الرهط والرهطان تسعة فنازلًا الرهط عدد تسعة فنازل وعُرض عليه النبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد تُرى هل كانت دعوة هذا النبي الذي ليس معه أحد دعوة باطل أم حق كل الأنبياء دعوتهم دعوة الإسلام كانت دعوته حق ولكن يجد الأرض التي تقبل هذه الدعوة فما آمن به إنسان مطلقًا لذلك أن الخطأ أن نتخذ الفترة معيارًا لمعرفة الحق هذا هو الواقع وأما السنة فالرسول صلى الله عليه وسلم يحدثنا بأحاديث كثيرة مما يُناسب وضعنا اليوم أنه حدّث عن غربة الإسلام في آخر الزمان فأحاديث الغربة معروفة لكم لكني أُبشّركم بتلك البشارة التي بشّر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أمته لكي لا ييأسوا من روح الله فقال عليه الصلاة والسلام ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله حتى تقوم الساعة ) ( لا تزال طائفة ) والطائفة في لغة العرب شخص فصاعدًا (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )) رجلين تقاتلوا مع بعضهم البعض يجب الإصلاح بينهم، الطائفة لغةً هو الواحد فصاعدًا فالرسول صلى الله عليه وسلم يُبشرنا بأن هذا الإسلام سيظل باقيًا مهما إشتدت الغربة ومهما كثر الخصوم والأعداء ... إذًا لا يجوز أن نتصور أن معنى الجماعة هو الجمهور الذي هو أكثر عددًا لأنه لم يوجد إسلام على وجه الأرض بهذا المعنى أبدًا بمعنى أنه أكثر ناس هم المسلمون هذا لم يوجد إطلاقًا حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو خير العهود وخير القرون ما كان أكثر الناس مسلمين أنا قلت هذا والله عز وجل يقول (( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )) وقال (( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ )) (( حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )) إلى آخر الآيات المعروفة في أنها تلتقي كلها على ذم الكثرة ومدح القِلة ذلك لأن القِلة هم المتمسكون بالغالب بالحق والكثرة متمسكون بالباطل إذا كان من الخِصال الثلاث هنا لزوم الجماعة فما هي الجماعة عرفتم قول ابن مسعود أن الجماعة هي من كان الحق معه ولو كان فردًا أو رجلًا واحدً وبمعنى آخر كما جاء في بعض كتب الحديث المشهورة أن الجماعة وهذا تأكيد لكلمة ابن مسعود وللأحاديث التي أشرنا إليها هي جماعة العلم والفقه لو وقفنا عند هذه العبارة أخذنا عبرة بالغة في عصرنا الحاضر لأن تعريف الجماعة بأنها جماعة العلم والفقه هذا التعريف يجب أن نقف عنده قليلًا لنفهمه مع الأسف الشديد لأن أكثر الناس لا يعلمون معنى العلم نفسه ما هو العلم؟ طبعًا ليس بحثنا علم الفلك الجغرافيا الميكانيكا ونحو ذلك وإنما هو العلم الشرعي فما هو العلم والفقه الذي من كان عالمًا فقيهًا أوالجماعة؟ العلم كما يقول ابن القيم " العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس للتمويه ما العلم نفسك للخلافة سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه " فالعلم قال الله قال رسول الله قال الصحابة. لماذا ذكر الصحابة؟ لأنهم هم الجماعة بنص الحديث السابق لمّا ذكر الفرق الهالكة الثلاثة وسبعين تستثنى منها واحدة فقال عليه الصلاة والسلام ( إلا واحدة ) لّما قيل له من هي؟ قال ( هي الجماعة ) وفي الرواية الأخرى ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) لذلك قال ابن القيم "العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة " من أجل هذا نحن ندندن في مثل هذه المناسبة ونُذكّر أنه لا يكفي أن تكون دعوتنا مقيّدة أو موصوفة بصفة تمسك بالكتاب والسنة فقط بل لابد من هذا الوصف الثابت " وما كان عليه الصحابة " لأن كل المسلمين قديمًا وحديثً وأحدث حاجة سمعناها قريبًا منذ أسبوعين أو ثلاث قال أحد المتعصبين للمذهب الحنفي والماتوريدي أن مذهبنا على الكتاب والسنة فكل المذاهب وكل الفرق وكل الطرق تدّعي هذه الدعوة " على الكتاب والسنة " القديانية الذين يقولون بأنه جاء نبي بعد محمد عليه السلام كذلك على الكتاب والسنة لكننا إذا قلنا لهم هاتوا صحابيًا واحدًا قال بأن هناك أنبياء يأتون بعد الرسول عليه السلام ... إطلاقًا كذلك لو قلنا لهؤلاء المبتدعة على إختلاف مذاهبهم وطرقهم هاتوا رجلًا من الصحابة كان يرقص في الذكر هاتوا واحد لا يجدون إلى ذلك سبيلا إطلاقًا ولكنهم يتمسكون بأقوال من أعجب العجب هذه الأقوال لم يقلها أئمتهم وهم يقولونها من أنفسهم فإذا قيل لهم أنتم السيدون قالوا لا نحن نخالف الذين يدّعون بالسيادة في هذا الزمان طيب من أين جئتم بهذه الأقوال هو من عند أنفسهم إذًا هم ليسوا مجتهدين هم مقلدون ثم هم لا يُقلدون فيأتون بأقوال ليست من عندهم هذا التقليد ليس علمًا باتفاق العلماء، لأننا الآن في سبب تفسير " الجماعة " قلنا لكم كلمة ابن مسعود الواضحة البيّنة وكلمة أخرى تنفذ إلى تلك هي أهل العلم والفقه من هم أهل العلم والفقه هم أهل الإجتهاد وأهل الفقه من هم أهل الفقه من كتاب الله وحديث رسول الله ليس أهل الفقه الذين يضيّعون حياتهم في قراءة المتون لأي فقه حنفي أو شافعي أو غيره وفي قراءة الفروع وفي قراءة الحواشي على هذه الشروح والتعليقات على هذه الحواشي ونحو ذلك هذا ليس هو الفقه الذي دعا به الرسول عليه السلام لابن عباس حين قال ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) وليس هو الذي عناه الرسول في الحديث الصحيح حين قال ( من يرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين ) فإن معالي الفقه والفهم عن الله والرسول هو مشايخ الزمان إلا القليل يُصرّحون وأنهم هم ليسوا من أهل الفقه في الكتاب والسنة وهم لا يستطيعون أن يفهموا الكتاب والسنة وإنما واجبهم التقليد هذا ما يُصرّحون به وهذا من ما ندينهم به نقول أنتم تشهدون على أنفسكم بأنكم لستم من أهل العلم ولستم من أهل الفقه ولقد جاء أحدهم ممن كتب حول هذه المسألة في العصر الحاضر بنكة بديعة جدًا فقال لا يوجد اليوم علماء حقيقة وإنما العلماء الموجودون اليوم هم علماء مجازًا ووالله إنها لأصدق كلمة قيلت من متعصب يقول لا يوجد اليوم جماعة حقيقيين وإنما العلماء الموجودين اليوم هم علماء مجازًا ذلك لأنهم ينقلون قال فلان وقال فلان لأن العلماء يعرف هذا القائل هم العلماء بكلام الله وبحديث رسول الله إذًا الجماعة هم أهل العلم والفقه من هم أهل الفقه والعلم أهؤلاء الذين يعترفون بأنهم ليسوا من أهل العلم لا إذًا أهل العلم هم الأئمة المجتهدون من هنا نقيم الحجة على المقلدين فنقول لهم أنتم لا حظ لكم في دعوة الجماعة التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن دعوتهم تحيط من وراءهم لماذا لأنهم ليسوا متمسكين بالجماعة الجماعة هم أهل الفقه والعلم وأهل الفقه والعلم ليس هو أبو حنيفة فقط ولا هو الإمام مالك فقط ولا هو الإمام الشافعي فقط ولا الإمام أحمد فقط ولا هؤلاء الأربعة فقط هناك سفيان الثوري وابن عينة وعبد الرحمن بن مهدي عبد الله بن المبارك وما شاء الله من أهل العلم والفقه هؤلاء الأئمة كلهم هم الجماعة، فما كانوا عليه يجب علينا أن نتمسك به ووقع بينهم مع الأسف شيء من الإختلاف وهو حين ... هذا الإختلاف نعتقد أنه أمر طبيعيي ولكن إختلافهم لم يكن كإختلاف المتأخرين إختلافهم كان في سبيل معرفة الحق والتعصب له لا لغيره أما إختلافنا اليوم فليس كذلك إختلافهم اليوم ليظل كل منتسبٍ منهم إلى فهم إلى إمام متمسكًا بغير إمامه هكذا سمعنا بعضهم يسخر ليقول إنه يتمسك بذيل هذا الإمام نحن نقول لا نتمسك بذيل أحد أبدًا مهما كان عظيمًا وإنما نتمسك بالكتاب والسنة زايد الجماعة لأن تمسك الجماعة عصمة لنا من أن ننحرف يمينًا أو يسارًا إذًا الجماعة بتفسير الرسول عليه السلام هي: ما كان عليه الرسول وأصحابه الجماعة بتفسير ابن مسعود وهذا يدخل في مخ أي إنسان يقول الجماعة من كان الحق معه ولو كان وحده الجماعة في تفسير أهل العلم هم أهل الفقه والعلم إذًا إذا قيل لنا خالفتم الجمهور نقول لهم من هم الجمهور آلذين نعيش نحن بين ظهرانيهم الآن ليسوا هؤلاء، الجمهور إذا فسّرنا لفظة الجماعة بالجمهور نقول هم الذين كانوا على الكتاب والسنة وهم الأئمة لكن لا ننكر واقعًا أن الأئمة اتفقوا في أكثر المسائل خاصة ما كان منها في العقيدة لكنهم إختلفوا في كثير من المسائل الفقهية وإختلفوا في قليل من المسائل الإعتقادية وضربت لكم مثلًا واحدًا فيما يتعلق بإختلافهم في الإعتقاد ألا وهو الإيمان حينذاك ماذا نعمل إذا كان هؤلاء الأئمة أنفسهم إختلفوا ربنا عز وجل أوجد لنا نصرًا في نصٍ صحيح من القرآن الكريم (( فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) هذا الكلام لنُبين فقط الجماعة التي حار جماهير المسلمين اليوم في فهمها ليقفوا عند هذا الفهم الصحيح وليحاولوا أن يلزموا هذه الجماعة بالمفهوم الصحيح لكي تنالهم دعوتهم التي سبقتنا بقرون طويلة أما من لم يلزم الجماعة بهذا المعنى الصحيح فسوف يكون بعيدًا عن أن تتناوله دعوة تلك الجماعة التي يجب أن نلزم منهجها وقصتها إذا عرفنا هذا المعنى من الناحية العلمية عرفنا بعد ذلك ما هو الموقف الذي يجب أن نقيسه نحن اليوم بالنسبة للجماعات والأحزاب القائمة اليوم في أرض الإسلام وهي كثيرة فأقول كل جماعة تنتسب إلى هذه الجماعة في منهجها وخطتها وتطبيقها لهذه الخطة فهي الجماعة مهما كانت قليلة أو كثيرة قريبة أو بعيدة المهم أن تتمسك بهذا المنهج أن تلزم الجماعة، فهذا الحديث يؤكد هذا المعنى الذي يذكره ابن القيم في شعره الرائع الجميل " العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة " فلا يكفي لأي جماعة في الدنيا أن تقنع في دعوتها أنها على الكتاب والسنة للسبب الذي ذكرناه آنفًا فلابد أن تضم إلى منهجها إلى الكتاب والسنة الجماعة وهي الصحابة فأي جماعة إذًا اليوم على وجه الأرض تتمسك بهذا المنهج الكتاب والسنة والجماعة ليس فقط مجردة عن التطبيق وإنما دعوة مقترنة بالتطبيق والعمل فهي الجماعة التي تكون أولًا من الفرقة الناجية وتكون أيضًا من هذه الفرقة التي دعا الرسول عليه السلام لها بالرحمة وبالنضارة من توفرت فيه هذه الخِصال الثلاث إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم علل ذلك لأن فائدة توفر هذه الخِصال الثلاث قوله ( فإن تحيط دعاؤهم تحيط من وراءهم ).