فوائد من الحديث حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد منها إشارة إلى جُبلت عليه النفوس من حب المال (( وإنه لحب الخير لشديد )) وهذا خير الناس أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه عليه يتعرضون للرسول عليه السلام يُلمحون إليه بأن الله عز وجل قد أرسل إليك هذا الخير الكثير فلعلك تخصنا بشيءٍ منه هذا فيه إشارة قوية إلى هذه الآية الكريمة (( وإنه لحب الخير لشديد )) فهل في هذا ما يُؤخذ على هؤلاء الصحابة الكِرام الجواب لا حب المال حب الطعام حب الشراب حب النساء حب كل شيء لذيذ في هذه الدنيا هو أمر غريزي في الإنسان لكن الإنسان المسلم هو الذي يُقيد ويضبط هذا الحب بضوابط وقواعد الشرع أو بحب النساء لكن ما يتلطف على النساء ولا ينظر إلى النساء المحرّمة عليه وهو يحب المال لكن ما يتعدى على مال الآخرين وهكذا هذا المال الذي جاء إلى الرسول عليه السلام هو مالٌ اكتسبه هؤلاء الصحابة بفتحهم لتلك البلاد أو بفرضهم عليها حين أبوا أن يؤمنوا ويسلموا الجزية فهم السبب في كسب هذا المال ولهم حق شرعي فيه فإذًا هم لا يسمعون في ما ليس لهم فيه حق ولا عيب في ذلك عليهم ولذلك نجد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُنكر عليهم هذا الذي لاحظه منهم وإنما قال ( أبشروا وأمّلوا خير ) وقال لهم عليه السلام إنهم ما الفقر يخشى عليهم لأن الله عز وجل كان قد بشّر نبيه عليه السلام بأن الدنيا ستُفتح على الصحابة وسيملكون كنوز كِسرى وقيصر فقد كان هذا كما يعلم الجميع في التاريخ الإسلامي وخاصة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذّرهم من هذا المال الذي سيأتيهم ألا يتنافسوا فيه وألا يتقاتلوا في سبيل الحصول عليه حتى يصيبهم ما أصاب من قبلهم فهلكوا بسبب الدنيا فقال عليه السلام ( أبشروا وأمّلوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ) لذلك كان أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه عليه يخافون من المال القليل الذي توفّر لهم ولعله الكثير منكم لا يزالون يذكرون قصة سلمان الفارسي حينما دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده في مرض موته فرآه يبكي سأله عن البكاء قال ليس خوفًا من الموت وإنما إن الرسول عليه السلام عهد إلينا عهدًا فأخشى أن نكون أخلفنا معه في العهد ما هذا العهد قال إن الرسول عليه السلام قال لنا ( ليكن زهد عهدكم كزهد الراكب ) قال وأنا أرى هذه الأشياء والأشخاص في مكانه في بيته يقول الراوي فلم يكن هناك سوى ... ووعاء للغسل ووعاء للطبخ ونحو ذلك يعني أربع خمس أوعية فيخاف أن يكون قد نقض العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه زاد الراكب ما يحمل معه شوية مياة ويقطع الفيافي القِفار البعيدة على هذا القوت القليل فسلمان يخشى على نفسه أن يكون قد نقض العهد على نبيه وهو لم يملك أشياء كما جاء في بعض الروايات تبلغ العشرين درهم أو تكاد من أجل هذا التوقير للرسول عليه السلام كان يخشى سلمان أن يكون قد نقض العهد مع الرسول عليه الصلاة والسلام لذلك نسأل الله عز وجل ألا يجعل الدنيا في قلوبنا ولا يجعلها أكبر همنا، وإنما يجعلها وسيلة تساعدنا على الاقتراب والانقياد لطاعة الله عز وجل وعبادته. والآن نبدأ بالإجابة عن الأسئلة السابقة