كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة يعرفون لا إله إلا الله بأنه لا نافع إلا الله ولا ضار إلا الله ولا محي إلا الله ولا مميت إلا الله فهل هذا التعريف ينفعهم؟ حفظ
السائل : كثير ممن ينسبون للعلم والدعوة يعرفون لا إله إلا الله أنه لا نافع إلا الله لا ضار إلا الله لا محيي إلا الله لا مميت إلا الله، هذا التعريف هل ينفعهم
الشيخ : كلا لا ينفعهم لأن هذه العقيدة ليست كافية لأن الكفار الذين عادوا الرسول صلى الله عليه وسلم وقاتلوه واضطروه للخروج من بلده والهجرة إلى المدينة كانوا يعتقدون هذه العقدية (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ )) فآيات كثيرة في القرآن الكريم تبين أن المشركين كانوا أولًا يؤمنون بوجود الله وثانيًا لا يجعلون شريكًا لله في ذاته فلا يعتقدون أن هناك خالقًا معه نافعًا معه ضارًا معه بل كانوا يعتقدون أن الأمر كله بيده تبارك وتعالى هذا من جهة من جهة أخرى أن الله عز وجل لما أرسل الرسل وأنزل الكتب ما فعل ذلك لكي يدعو الناس إلى الاعتقاد بوجود الله وبأنه هو الضار النافع وأنه لا شريك له في شيء من ذلك ما بعثهم ولا أنزل الكتب من أجل لأن هذا أمر مفطور في الناس حتى المشركين ولذلك صرحت الآية الكريمة أن المشركين إذا سئُلوا (( أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ )) فرقوا بين الإله وبين الرب فهم يشركون في الإلوهية ولا يشكرون في الربوبية يعتقدون بأن الله هو رب العالمين وحده لا شريك له وأنهم إذا وقعوا في مصيبة أو في بلية تضرعوا إلى الله وإلتجئوا إليه لما وقر في نفوسهم من أن الله هو الضار وهو النافع فهم كانوا يؤمنون بما يسمى عند العلماء بتوحيد الربوبية لكن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة هؤلاء الناس جميعًا إلى عبادته وحده لا شريك له ليس لاعتقاد أنه واحد في ذاته وأنه لا خالق معه، لاحظ الاعتقاد كانوا يؤمنون به لصريح القرآن الكريم وإنما الذي كانوا يكفرون به أن هناك أشخاص مخلوقون ويستحقون أن يعبدوا مع الله تبارك وتعالى وهذا صريح في القرآن حيث قال عز وجل (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ )) الذين تدعونهم في شدة هم عبادٌ أمثالكم (( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ )) لأنهم يعتقدون أنهم عبيد ولذلك قال عز وجل في الآية الأخرى (( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) هؤلاء المشركين الذين اتخذوا من دون الله أولياء إذا سئُلوا لماذا تعبدونهم من دون الله قالوا (( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) إذًا هم يؤمنون بأن المعبود الحق هو واحد لا شريك له في العبادة ولكنهم من ضلالهم أنهم اتخذوا من بعض الصالحين أولياء يعبدون يتوجهون إليهم بالدعاء والإستغاثة والركوع والسجود لماذا هم أجابوا بأنفسهم وألسنتهم (( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) فإذًا المشركين الذين كانوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما الخلاف بينهم وبين الرسول في عن الخالق واحد والرازق واحد والمحيي واحد والمميت واحد فهذا كانوا يؤمنون به ولكن الخلاف كان في أنهم عبدوا غير الله خضعوا لغير الله عز وجل فأشركوا مع الله في العبادة وليس في الربوبية ولذلك وصل ضلال هؤلاء المشركين إلى أنهم كانوا إذا طافوا بالبيت وهذا الطواف ورثوه من أبيهم إبراهيم عليه السلام ثم دخلهم الشرك فكان قائلهم يقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكٌ تملكه أنت وما ملك لك شريك لكن هذا الشريك هو مملوك لك وما معه أيضًا مملوكٌ لك إذًا المشركون كفروا بتوحيد الإلوهية بتوحيد العبادة وليس بتوحيد الربوبية ولهذا في القرآن الكريم (( إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ )) أما الآية السابقة تبع الربوبية (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) هم قالوا (( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ )) الشاهد أن الآية الأولى صريحة بأن المشركين يؤمنون بربوبية الله وحده لا شريك له الآية الثانية صريحة بأنهم ينكرون أن يكون الإله واحد ما معنى الإله إذًا الإله هو المعبود فلما كان الرسول يدعوهم إلى أن يعبدوا الله وحده لا شريك له كانوا ينكرون ذلك ويقولون (( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ )) الآية الأخرى: (( إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ )) كيف يستكبرون وهم في الآية الأخرى والله يخبر عنهم (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) معنى ذلك أن الربوبية شيء والإلوهية شيءٌ آخر الرب واحد بإتفاق البشر جميعًا حتى المشركين الذين قاتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعادوه كما ذكرنا أما الله فمتعدد عندهم ولذلك إستنكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والعبادة أنواع وأقسام وأعظم عبادة تتجلي فيها حاجة الإنسان وعبوديته لله عز وجل هو الدعاء ولذلك قال عليه السلام في الحديث الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) ثم تلا قوله تعالى (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ))
إذًا المشركون هذه نقطة مع الأسف الكثير من خواص المسلمين اليوم لم يتنبهوا لها وهو التفريق بين الربوبية وبين الإلوهية المشركون كانوا يؤمنون بوحدانية الله في الربوبية ولكنهم كانوا يكفرون وبوحدانية الله في العبادة والإلوهية ولذلك كانوا يقولون بأن الله شريكًا لكن هذا الشريك مملوك لله وما يملكه هذه الشريك وعلى هذا فمعنى لا إله إلا الله لا يجوز تفسيره بمعنى لا رب إلا الله هذا إعتقاد المشركين وإنما لا إله الله معنى هذه الكلمة التي جاءت في القرآن مأمور بها عليه السلام والمقصودين أمته (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) معنى هذا فاعلم أنه لا معبود بحقٍ في الوجود إلا الله مش لا رب إلا الله لا رب إلا الله المشركون يؤمنون بهذا يعني الخالق والرازق والمحيي والمميت المشركون يعتقدون بأنه واحد لا شريك له لكنهم يجعلون له شريكًا في العبادة من هنا لا يجوز للمسلم أولًا أن يفهم هذه الكلمة الطبية لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله لأنه تعطيل لمعنى الإلوهية والعبادة لله عز وجل وحده ثانيًا إذا فهم المسلم هذه الكلمة الطيبة أن المعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحقٍ في الوجود إلا الله فلا يجوز له أن ينقض هذه العقيدة عقيدة التوحيد في عبادة الله وحده لا شريك له عمليًا كثير من المسلمين اليوم يدعون في الشدائد غير الله كما كان المشركون يفعلون كذلك وهذا ينادي البدوي وهذا ينادي عبد القادر الجيلاني وهذا ينادي الشاذلي و و إلى آخره كل هؤلاء الأشخاص يعبدون اليوم من كثير من المسلمين بسبب جلهم معنى هذه الكلمة لا إله إلا الله أي لا معبود بحق في الوجود إلا الله ولهذا كان أول ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو هذه الكلمة الطبية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدٌ رسول الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم عند الله ) ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله ) لا يعني أن لا رب وأنما يعني أن لا معبود بحقٍ إلا الله فمن إعقد أنه لا معبود بحقٍ إلا الله آمن بأن الرب واحد لا شريك له لكن من آمن بأن الرب واحد لا شريك له في ذاته قد يكفر بالعبودية بعبادة الله وحده لا شريك له لأنه من عبادة الله الدعاء فإذا دعا غير الله فقد إتخذه إلهًا من دون الله تبارك وتعالى