أكثر العادات والتقاليد لا أصل لها في الشرع منها القيام للداخل . حفظ
الشيخ : نحن نعيش في المجتمع اليوم له عاداته وله تقاليده الاجتماعية، قسم كبير من هذه العادات والتقاليد لا أصل لها في الكتاب ولا في السنّة من ذلك ما كنت أريد أن أتكلم عنه أنه يدخل الداخل فيقوم الناس له قيامًا، فهذه ليست عادة إسلامية بل هي عادة أجنبية وغريبة ودخيلة في الإسلام، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- كما صحّ عنه أنه قال ( ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئًا يبعّدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه )، وكان من عادته عليه السلام أنه إذا خطب في الناس خطبة ما وبخاصة خطبة الجمعة أن يفتتحها بقوله ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ) إلى أخره، ( أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد ) .
نحن اليوم أصبحنا بعيدين كل البعد عن هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم، أولًا علماً، والعلم كما لا يخفى على الجميع هو أساس العمل ومن لا يعلم لا يعمل، ثم قد نعلم ثم لا نعمل، وكل من المصيبتين قائم بين المسلمين اليوم، أي هناك كثير من الأمور لا يعلمون إما لا يعلمون شرعيتها وهم بطبيعة الحال لا يعملون بها، أو هناك أمور لا تُشرع هم يعملون بها لأنهم لا يعلمون عدم شرعيتها، وهناك أمور أخرى يعلمون عدم شرعيتها ومع ذلك فهم واقعون فيها.
اليوم مثلًا مَن الذي يجهل؟ نأتي بمثال ومثل ما بيقولوا عندنا في سوريا " نضربها على اللاوية " ، حتى ما تخفى على إنسان. مَن الذي يجهل أنه تبرج النساء هذا حرام في الإسلام؟ لا أحد، لكن مع ذلك هذا موجود، ونكتفي بهذا المثال الأن بالنسبة لعمل المسلمين بخلاف ما يعملون، لكن هناك أعمال يعملونها لا يعلمون عدم شرعيتها، من ذلك هذه العادة التي يعملونها اليوم، يدخل في داخل المجلس فلا بد للجالسين في المجلس أن يقوموا له، وإن لم يفعل قيل وقيل ... .
السائل : وما أكثر القيل.
الشيخ : أه، لماذا يقال؟ لأنهم لا يعلمون، ولذلك لعلك تذكر وأنت كنت بجانبي أنه أنا ذكرت أنه وسوسة شيطان، تذكر؟ لماذا؟ لأنه إذا كان من طبيعة البشر الاختلاف، قانون أبدي قرّره رب العالمين في الكتاب الكريم حين قال (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )) فأمر طبيعي جدًا أن تختلف مفاهيم الناس ومداركهم في الأمور كلها سواءٌ ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو متعلقًا بالعبادة أو متعلقًا بالسلوك، كل هذا وهذا وهذا ممكن يقع الخلاف بين الناس.
وإذا كان الأمر كذلك فهناك أُناس اليوم مسلمون يختلفون أشد الاختلاف في كثير من المسائل وليست من التي يُسميها بعض الناس بالفروع بل إن الاختلاف المشار إليه يقع حتى فيما يسمونه بأصول أي بالعقيدة، فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من أن يحصل هناك شيء من الاختلاف الفعلي، وهذا نلمسه حتى في الركن الثاني من أركان الإسلام وهي الصلاة، واحد بيرفع يديه، الثاني ما بيرفع يديه، صحيح وإلّا لا؟ واحد بيضع يديه هنا تحت الصرة قريبة من العورة، واحد شوية على الصرة، وواحد على الصدر إلى أخره، هذا اختلاف في الصلاة، فما بالك بالاختلاف في العاديّات، هذا سيكون من باب أولى، -بسم الله -.
من هذا الاختلاف أن ناسًا يقومون للداخل وناسًا أخرين لا يقومون للداخل وهذا الذي شاهدناه في ... ، ونحن نعيش في مثل هذا المجتمع ونعرف هذا الاختلاف، ولذلك بناءً على قوله عليه السلام ( الدين النصيحة ) قالوا لمن يا رسول الله؟ قال ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) وإذ الأمر كذلك فنحن ننصح أي مسلم إذا دخل مجلسًا فلم يقم له شخصٌ أو أكثر ألّا يجد في نفسه غضاضة، وأن لا يجول في خاطره أنه هذا الذي لم يقم ... لم يقم إلا متكبرًا، لأن هذا نابع من وسوسة الشيطان، والأصل من المسلم في المسلم أن يُحسّن ظنه فيه لما جاء من النصوص في الكتاب والسنّة من النهي عن الأخذ بالظن، وأصرحها في السنّة قوله عليه السلام ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) .
ولقد جاء في "صحيح البخاري" أن صفية رضي الله عنها زوجة الرسول المعروفة جاءت زائرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير نوبتها ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معها يقْلِبُها إلى أهلها -هكذا نص الحديث، يقْلِبها يعني يوصلها، يودعها- ثم وقف معها يتحدث، ... لما كان يتحدث حينما مر شابان من الأنصار فلمّا رأيا الرسول عليه السلام ومعه امرأة سارعا المشي أدبًا مع الرسول عليه السلام، فقال لهما عليه الصلاة والسلام ( على رسلكما، إنها صفية ) لماذا يقول؟ رسول الله واقف مع امرأة أجنبية بيتحدث في خلوة يمكن الشيطان يوسوس ... ، على مهلكم ما في أحد غريب معي، هذه زوجتي صفية، قالا يا رسول الله إن كنا نشك في أحدٍ فما كنا لنشك فيك يا رسول الله؟ قال ( إن الشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم ) .
فلا تؤاخذوني أنا وأنا فرد من أفراد المسلمين، إذا خطّرت في بالي احتمال أنه لما دخل زيد أو بكر المجلس وما قمنا أنه هذولي ما عندهم أدب، ما عنده إحترام، ممكن هذا الخاطر.
السائل : لكن يا شيخنا تعودنا على هذه.
الشيخ : اسمح لي شو بيدريني أنا، أنا ما أدري، ألا إذا دخل هذا ودخل هذا ما بيخطر في بالي هذا الشيء، لأنه عاملين دروس عليها، وتربينا عليها، فأنت قد تكون مثل هذا والأخوة ولكن قد يكون أحد الداخلين ليس ...
فأقول إذا كان الرسول يخشى على صحابيين اثنين أنه يدخل الشيطان بالوسوسة إليهما من سيد البشر عليه السلام، فما هو بعيد أبدًا أنه يدخل الشيطان في صدر إنسان أنه يوسوس له أنه هذا الشيخ وهذا الصاحب وذاك وإلى أخره، أنهم كلهم متكبرين، وإذا ما كان فيه يكون واحدة أوصل للشبهة يعني، يعني هدول غير اجتماعيين يعني، يعني هؤلاء كأنهم ما عايشين في ها البلاد، مش عارفين العادات إلى أخره، لا، نحن نعرف هذه العادات ومن تمام معرفتنا لها أنها خلاف السنّة ولذلك فنحن نحرص على المحافظة عليها وندعو الناس إلى العمل بها حتى ما تكون يومًا ما مساغًا لإشكالات حقيقية، وهذا نحن نلمسه في كثير من المذاهب، يمكن رأيتم كما رأينا بيدخل رجل، يعني عامل من العمال لابس ثياب رثة، يدخل المجلس ما أحد بيقوم له، ليه؟ لأنه مش مهندم، مش لابس أفندي، مش ضابط مثلا إلخ، طيب شو الفرق بين هذا وهذا؟ هذا مسلم وهذا مسلم، إذا احترمنا هذا لأنه مسلم لازم كمان نحترم الثاني لأنه مسلم، لكن التفريق بين هذا وهذا هو ها اللي راح يوجد الحزازات في النفوس، وراح يقول هذا المسكين ليش أنا؟ شو الفرق بيني وبين فلان ؟ آه فلان رئيس قوم إذا تكلّم أنصت الناس له، أما هذا الرجل صعلوك لا قيمة له، هذا من أسبابه أن نقوم لبعض الناس ولا نقوم لبعض الناس. سيد البشر هو بلا شك أحق من يستحق التعظيم، لكن التعظيم الذي يستحقه هو التعظيم الذي شرعه للناس على لسان رب العالمين أو على وحي رب العالمين تبارك وتعالى وإلا فليس كل تعظيم مشروعًا، وذلك أمر معروف في السنّة فقد جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه في عهده عليه السلام ذهب إلى الشام، لما رجع إلى المدينة فأول ما لقي الرسول عليه السلام همّ له أن يسجد قال له ( مه يا معاذ ) إيش هذا؟ قال يا رسول الله هو يتكلم الأن بمنطق الناس اليوم تماما، وهذا الأمر طبيعي لولا الأمر الشرعي بيقول يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسّيسيهم ورهبانهم فرأيتك أنت أحق بالسجود منهم، كلام سليم، إذا كان الإنسان بدو يأخذ المسألة بالمنطق، هؤلاء النصارى بيسجدوا لقسيسيهم ورهبانهم، وقد حدّث التاريخ قديمًا وحديثًا أنه بعض الرهبان من أخبث من وُجد على وجه الأرض ويتظاهرون بالإيش؟ الرهبة وهم زناه، فإذا كان النصارى يسجدون لأمثال هؤلاء فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك، قال عليه السلام ( لو كنت أمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لِعظم حقه عليها، ولكن لا يصلح السجود إلا الله ).
إذًا معاذ لمّا همّ بالسجود تعظيمًا وليس تحقيرًا فنهاه، لماذا؟ صرّح الرسول عليه السلام بالسبب، لا يصلح السجود إلا لله رب العالمين.
تأتي صفة أخرى، ما نسجد لكننا نركع، هل يجوز الركوع لبعض المشايخ، أو العلماء؟ لا يجوز، لأن الركوع ركن من أركان الصلاة أيضًا، ونحن نعلم أن كثيرًا ممن يُسمّوْن بالمريدين عند بعض المشايخ الصوفيين خاصة الذين يُعرفون في سوريا بالمولويين، الدراويش هؤلاء الذين يطوفون بالتنانير، تعرفونهم؟ المولوية هؤلاء، يلبسوا فستان ولا كفستان العروس.
السائل : عرب؟ عرب يا شيخ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : عرب هؤلاء وإلا؟
الشيخ : عرب ومسلمين.
السائل : عجم وإلا عرب؟
الشيخ : عرب في سوريا، عرب فبتلاقيهم عم يدوروا بها المساجد يعني بدون مبالغة الفستان تبعه لمّا ... هيك يمكن بيأخذ له مترين أو ثلاثة، وبتلاقيه عم بيلف ويدور. هذا قبل ما يدور الدوران بيكون الشيخ جالس بيروح يسجد أمامه، هذا شوف عينك، في المسجد الأكبر، مسجد بني أمية في دمشق الشام، يسجد له هيك كأنه بيأخذ الإذن من الشيخ، ف ... بيجي الثاني كمان يسجد له والثالث بتلاقي أربعة خمسة أخذوا مساحة طويلة جدًا وهم يلفوا هذا عبادة لله عز وجل زعموا.
الشاهد فهذا الانحناء فضلًا عن السجود لا يجوز أيضًا لأنه جاء في "سنن الترمذي" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا قال يا رسول الله أحدنا يلقى أخاه أفينحني له؟ قال ( لا ) ، قال: أفيلزمه؟ قال ( لا ) ، يلتزمه يعني يعانقه قال ( لا ) ، قال أفيصافحه؟ قال: ( نعم ) . صار معنا الأن السجود ثم الركوع والانحناء، الأن ندخل في القيام.
كلنا يعلم أن القيام ركن من أركان الصلاة، وأنه شعار التعظيم، ولذلك قال رب العالمين في القرأن الكريم (( يوم يقوم الناس لرب العالمين )) ، هل كان المسلمون الأولون الذين هم أعرف الناس بقدر الرسول وتعظيمه، هل كانوا يقومون له؟ الجواب عند أنس بن مالك الذي خدم الرسول خدمة خاصة عشر سنوات قال ما كان شخصٌ أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فإذًا سيد البشر يدخل كهذا المجلس لا أحد يقوم له، وأكثر من هذا يجلس حيث انتهى به المجلس، هذه من مناقب الرسول ومن شمائله عليه السلام التي ينبغي على المسلمين أن يتبعوه فيها لأن الله يقول (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرًا )) ليست الأسوة بالرسول عليه السلام بالأمر الخاص فقط بالصلاة والصيام والحج و وإلى أخره، وإنما الأسوة في كل ما جاء به الرسول عليه السلام من الهدى والنور، ولذلك قال في الحديث السابق (( خير الهدى هدى محمد )) صلى الله عليه وأله وسلم، فإذا كان هو عليه السلام يكره القيام من أصحابه له ونحن يقينًا لا نخشى عليه من وسوسة الشيطان بينما لا نضمن هذا لغيره عليه السلام، هل نضمن أنه إنسان خاصة إذا كان له جاه أو له منزلة عند الناس أنه إذا دخل وما قام له الناس ما يصير في نفسه شيء؟
ما نضمن هذا الشيء أبدًا فإذا كان الرسول المضمون أنه ما يصير في نفسه شيء من زيغ الشيطان ووسوسة الشيطان كان يكره ذلك من أصحابه الكِرام، تُرى لماذا؟ لكي نحن نقتديَ به، لأننا موضع لوسوسة الشيطان لنا بخلاف الرسول عليه السلام.
من أجل ذلك جاء قوله الصريح الرهيب لأي شخص يريد ويحب إذا دخل مجلسًا أن يقوم الناس بالتعظيم والإقامة فقال عليه الصلاة والسلام ( من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار ) ، وأنا أقول إن أنسى فلن أنسى، يوم كنت تلميذًا في المدرسة الابتدائية في السنة الرابعة أو الخامسة، يعني الصف الرابع أو الخامس كان لنا أساتذة مختلفي الاختصاصات، أحدهم مختص في التاريخ وفي اللغة العربية أذكره جيدًا لا أزال مع بعد العهد اسمه حلمي أفندي، كان هذا الأستاذ كسائر الأساتذة وأظن لا يزال هذا النظام قائمًا في المدارس يكون فيه عريف في الصف يختاره الأستاذ يقف أمام الباب، بمجرد ما يشوف الأستاذ جاء ... .
السائل : بارك الله فيك
الشيخ : شايف؟
السائل : وأجرك على الله.
الشيخ : هاي جاءت معك.
(ضحك الشيخ رحمه الله)
السائل : ... الأجر.
الشيخ : تفضل.