البند الثالث بيان أنه يجب على المسلم أحد ثلاثة أمور بحسب حاله إما التقليد أو الاتباع أو الاجتهاد. حفظ
العيد عباسي : النقطة الثالثة هي أننا نعتقد أن المسلم في أحكامه الشرعية التي يتعرف فيها على أحكام الله عز وجل في العبادات، في سلوكه في الحياة في أعماله المختلفة نعتقد أن الواجب عليه أحد ثلاثة أمور بحسب حالته التي هو متحقّقٌ فيها، فإن كان عالمًا متمكّنًا، من العلم بلغة العرب وبأصول الفقه وبالعلوم اللازمة للمجتهد مثل التفسير والحديث طبعًا لا نريد الاستقصاء أن يكون مثلا في ... النحو أو مثلاً صار خبيرا في اللغة وما شابه ذلك، وإنما أن يكون عنده مقدرة فعلا هو يشعر بذلك ومن حوله من العلماء يشعرون بذلك فإن كان إنسانًا بهذه المثابة بهذه المنزلة عنده قدرة على استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة فهذا نعتقد أن عليه أن يفعل ذلك وليس يجوز له أن يقلد إلا فيما لا يستطيع الاجتهاد فيه إما لأنه لا وقت له لذلك أو بظروفٍ مختلفة، فهذا واجب الفريق الأول، العلماء يجب أن يجتهدوا ولا يقلدوا أمثالهم إلا ريثما يتصدرون ويستطيعون الاجتهاد.
الفئة الثانية هم المقلدون وهؤلاء الذين هم أكثر الناس بسبب ظروفهم أعمالهم انغماسهم في أشغالهم الدنيوية هؤلاء نعتقد أن الله عز وجل كلّفهم بأمر هو واضحٌ في قوله سبحانه وتعالى (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) [النحل: 43]، هؤلاء واقعهم يقول نحن لا نعلم ليس لدينا من الوقت من الذكاء من الظروف ما يؤهّلنا لأن نكون علماء، وهكذا الله عز وجل خلق الناس خلقهم متفاوتين في ذكائهم في مواهبهم في عقولهم في ظروفهم في رغباتهم فمنهم من ليس له رغبة في العلم إطلاقًا فهذا يُطالب فقط بتحصيل العلم الضروري، فرض العلم واجب عليه لا محيص أما ما عدا ذلك مثلا التوسّع قد يكون له رغبة في فنون أخرى وأعمال ثانية.
المهم هذا الإنسان المقلّد لابد له بنص القرأني من أن يسأل أهل الذكر، أهل الذكر أهل العلم بالكتاب والسنّة، وكما ترون (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ )) ، لم يقل مثلاً ليسأل أمثالهم من المقلدين أو ليسأل مثلا ناسًا أخرين لا يحقّقون هذه الصفة بل (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) ، ونستنج من ذلك أنه عليهم أن يسألوا أهل الذكر عن ماذا؟ عن الذكر لأنه هو الذي يحتاجون إليه، فهذه الفئة المقلدة يجب عليها أن تسأل أهل الذكر ولكن لا نجد في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله ولا في عمل الصحابة وأقوالهم ما يُلزم المسلم باتباع رأي عالم أو أراء عالم واجتهاداته في كل مسائله وطول حياته، لا نجد أبدًا، بل نتحدى الأخرين أن يثبتوا شيئًا من ذلك.
ألزمنا الله عز وجل إذا كنا مقلدين أن نسأل لكن هل ألزمنا أن نسأل إنسانًا بعينه؟ أبدًا، فيجب أن يبقى هذا الأساس مادامت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، خير القرون القرن الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل كان الصحابة هل كان التابعون هل كان أتباعهم يقلّدون عالمًا واحدًا في كل حياتهم؟ هل كان هناك مذاهب؟ ما كان إنما وُجدت بعد القرن الثالث، فإن كان خيرًا فلا بد أن يكون أولئك السابقون قد سبقوهم إليه، وإن كان ... وهو واقع فمعنى ذلك أنه لا يجوز أن يبقى وأن يستمر ويجب أن نعود إلى ما كان في القرون الثلاثة الأولى.
فإذًا مسألة المذهبية هذه المسألة الثانية بقي الصنف الثالث من الناس وهو المتبعون الذين هم وسط بين المقلّدين وبين المجتهدين هؤلاء قد حصّلوا شيئًا من العلوم، درسوا مثلا في كلية الشريعة يحضرون مجالس العلم عندهم من الذكاء والتحصيل ما يؤهلهم أن يفهموا ما يُلقى إليهم، هؤلاء عليهم، لكنهم لا يستقلون بالاستنباط والاستخراج من الكتاب والسنّة، فهؤلاء عليهم أن يتبعوا ويستعينوا بقول العلماء ويسألوا أهل الذكر، لكن عليهم أن يسألوهم مع معرفة الدليل، مع تبيّن الحجة والبرهان فلا يتبعون فلا يتبعوا هكذا إتباعًا ولا يقلدوا تقليدًا أعمى، بل يكن منهجهم قول الله عز وجل (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَة أَنَا وَمَن اتَّبَعَنِي )) [يوسف: 108]، فهذا الأساس الثالث الذي تدعو إليه الدعوة السلفية وتقوم عليه.