بيان خطأ فهم الناس للآية الكريمة (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )). حفظ
الشيخ : وبمناسبة الكلام عن الأخذ بالأسباب وأنه لا يلزمه تركها اعتمادًا على ما يسمونه بالتوكل وأنما هو حقيقته تواكل وليس توكلًا، فالله عز وجل ذكر في القرأن الكريم (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )) [البقرة: 197]، كثير من الناس لا يفهم هذه الأية على وجهها الصحيح، فيفهم ظاهرها وتزودوا من الأعمال الصالحة هكذا يفهم وليس كذلك، وتزودوا من الأعمال الصالحة فإن خير الزاد التقوى يعني العمل الصالح، ليس هذا هو المقصود، المقصود مباشرة، وتزودوا إذا خرجتم مسافرين إلى الحج أو إلى العمرة لا تخرجوا غير متزوّدين بالزاد المادي بالطعام وبالشراب لا سيما في تلك الأيام التي كانت المسافات تُقطع بأيام بل ربما بشهور، فيضطر الإنسان إلى أن يحمل معه الزاد أما الأن فالزاد تيسّر في أثناء الطريق في كثير من البلاد فكان بعض الناس يخرجون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم متأثرين ببعض الأراء والأفكار الجاهلية الأولى، كانوا يخرجون من اليمن إلى مكة حاجّين لا يستصحبون معهم طعامًا ولا شرابًا، ماذا كانوا يقولون؟ كانوا يقولون نحن نخرج متوكّلين على الله تبارك وتعالى، فكان عمر يقول على أمثال هؤلاء إنما خرجوا متوكّلين على جيوب الأخرين أو كما قال عمر رضي الله عنه.
فالبنسبة لهؤلاء أنزل الله هذه الأية (( وتزودوا )) ، أي إذا خرجتم مسافرين إلى بيت الله الحرام فلا تخرجوا بغير زاد بل تزوّدوا ، فإن خير الزاد التقوى، أي هذا الزاد هو يمنعكم عن أن تسألوا الناس وعن أن تأكلوا أموال الناس باسم أنتم متوكّلون على الله فهذا ليس من التقوى في شيء وإنما التقوى أن تخرجوا متزودين من بلدكم إلى بيت الله الحرام، فهذه الأية تؤكد هذا المعنى الذي نفهمه من هذه الفقرة وهو الأخذ بأسباب الرزق وهو على نوعان كما ذكرنا، سبب اللجأ والتضرع إلى الله فلا ننساه والسبب الأخذ بأسباب الرزق التي شرعها الله تبارك وتعالى.