شرح قول المصنف من كتاب الترغيب و الترهيب:وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فراث عليه حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلقيه جبريل صلى الله عليه وسلم فشكا إليه فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ). رواه البخاري. حفظ
الشيخ : وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال " واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فراث عليه -أي تأخر عنه- حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلقيه جبريل فشكا إليه فقال إنا لا ندخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة " رواه البخاري ( راثَ ) بالثاء المثلّثة غير مهموز، يعني مش رأث وإنما راث أي أبطأ فيه فائدة مهمة يُبين لنا سبب قول الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب ) قال ذلك تلقيًا عن جبريل.بما لا ... أنه كان على وعدٍ مع الرسول عليه الصلاة والسلام فراث عنه، أي تأخر وأبطأ عنه . وفي بعض الروايات أن الرسول عليه الصلاة والسلام ظهر على وجهه الكرب والحزن والاضطراب فسأله بعض نسائه فقال ( إن جبريل عادني ) أي تأخر عنه ثم سرعان ما ظهر جبريل خارج البيت، خارج الغرفة فسارع الرسول عليه الصلاة والسلام إليه فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام " إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتًا فيه كلبٌ أو صورة " فالصورة التي كانت في البيت لم تكن صنمًا، وبالمعنى الاصطلاحي اليوم تمثالًا وإنما كان صورة على ستارة. كما سيأتي في بعض الروايات ففي ذلك دليلٌ واضح . فدلالة حديث عائشة السابق ... أن التحذير من تصوير الصور وبيان ما في هذا الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة فإنما يعني في هذا الحديث وسواه الصورة ولو كان لها ظل أو صورة مصورة على الثياب وعلى الورق فلا يُقصد فيها كما يتوهم بعض العصريين، طبعًا بعض المتقدمين ممن لم يحيطوا بالأحاديث الواردة في الباب، ولم يحيطوا السابقين، أما المعاصرين اليوم فهم يعلمون مثل هذه الأحاديث ولكنهم يدورون حولها ويحتالون عليها بشتى الحيل والتآويل كما سيأتي ذكر بعض ذلك . فإذًا هذه الصورة التي تمنع دخول الملائكة هي صورة ليس لها ظل وليست مجسّمة، وإنما هي مصوّرة على الستارة، وكذلك في حديث عائشة السابق في الدرس الماضي كما قلنا ( إن الذين يصورون هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتكم ) أو كما قال عليه السلام وأشار إلى الصورة التي كانت على الستارة، ولم يأتِ معنا في كل هذه الأحاديث حديث في الصور المجسّمة، لم يأتِ حتى الآن في كل هذه الأحاديث حديث و لو واحد في التصريح بأن هذا الوعيد الذي أوعد به الرسول عليه السلام المصورين والذين يقتنون هذه الصور إنما هي الصور المجسّمة، لم يأتِ معنا حديث مصرح في ذلك، وإنما هناك حديث علي رضي الله عنه حيث قال ( ألا تدع صورة إلا طمستها )، ومع ذلك فهذا كسوابقه من الأحديث ليس صريحًا، لأن هذه الصور هي مجسّمة، بل لعل لفظة ( طمستها ) فيها إشارة إلى أن الصورة ليست مجسّمة لأن الطمس في الصور التي كُتبت أو صوِّرت بالدهان أو التفريغ مثلًا إذا طمست بشيءٍ من الألوان أو الدهان مثلًا أقرب إلى تكسير الصنم إذا كان مجسمًا ففي هذا كله عبرة في انحراف الذين يحملون هذه الصور التي جاءت هذه الأحاديث في النهي عنها على الصور المجسمة ولم يأتِ ذِكر التجسيم أو معناه في شيء من هذه الأحاديث .