ما هي أسباب إنحطاط المسلمين فهل هي أسباب داخلية أم خارجية ؟ حفظ
السائل : يسأل سائل ما أسباب انحطاط المسلمين ؟ هل هي أسباب داخلية أولًا أو خارجية ثانيًا أو العكس ؟
الشيخ : الجواب المثل العامي " دود الخل منه فيه "، تعرفون هذا المثل ؟
السائل : نعم، عندنا دود المش
الشيخ : طبعًا هذا لا ينفي أن يكون هناك عوامل خارجية تستغل هذا الأمر الذي وقع فيه المسلمون وإذا شئتم أن تتأكدوا من أن العلة هي نابعة من أنفسنا وذواتنا ، فاقرؤوا قول ربنا تبارك وتعالى في كتابه (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) فهذا الخلاف معروف من قديم مع الأسف غير المسلمين ولا يزال الشيء الكثير منه قائمًا إلى اليوم بين الذين يتعصبون لمذاهبهم ولا يهتدون إلى السنة ولا يجدون إليها طريقًا بسبب ما ران على قلوبهم ، من جمودهم على تقليدهم بمذاهبهم، فتقع الفرقة ويقع النزاع فلا غرابة بعد ذلك أن تتدخل بعض الجهات الكافرة والتي تتربص بالمسلمين الدوائر فتستغل هذا الخلاف وتؤجج فيه النار وتزداد الفتن والمشاكل، لكن الحقيقة أن المشكلة تنبع من عندنا نحن المسلمين مع الأسف الشديد ولا خلاص من هذه المشاكل في الحقيقة إلا أن يعود المسلمون إلى دينهم كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فالدواء بعد أن وصف الرسول عليه السلام الداء ومثّل له ببعض الأمثلة كبيع العينة وغيرها مما ذُكِر معها قال مبينًا للدواء والعلاج ( لا ينزع الله هذا الذل عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، فلا شك أن الرجوع إلى الدين معناه أولًا أن يُفهم فهمًا صحيحًا على منهج السلف الصالح وليس على منهج المذاهب المتفرقة والمتعادية بعضها مع بعض، ثم أن يقترن مع هذا العلم المصفى العمل به فيومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله .
سائل آخر : شو معن شيخنا بيع العينة ؟
الشيخ : بيع العينة نوع من أنواع البيوع الربوية، وفي الحقيقة هذه من المصائب التي حلت في الأمة الإسلامية بعد أن استعمرت من الدول الكافرة، فإنهم جاءوا إلى بلاد المسلمين ببعض المعاملات التي يتعامل بها الكفار، وهم كما وصفهم ربنا عز وجل بحق أنهم (( وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ )) فإن كانوا لا يحرمون ولا يحللون فهم جاءوا بأفكارهم وبمعاملاتهم وصبوها بين المسلمين فاغتر بها كثير من المسلمين لجهلهم بدينهم من جهة، وربما لتساهلهم بتطبيق دينهم جهة أخرى، وهنا آفتان هما بلاء المسلمين اليوم الجهة المادية، والإهمال لما يعلمونه من الدين . فجاءوا بمعاملة، لم تكن معروفة من قبل طيلة القرون هذه الأربعة عشر قرن وهي ما يسمى اليوم ببيع التقسيط . المسلمون قبل خمسين سنة لا يعرفون بيع القسط أو بيع التقسيط، هذا طبعًا من ابتداع الكفار الذين وصفهم الله عز وجل في كتابه بقوله (( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )) ، فأدخل هؤلاء الكفار دنياهم فحملتهم على أن يغفلوا بالكلية عن آخرتهم، أقول بالكلية لأنه الكفار من النصارى واليهود لا يزال عندهم بقية من دين، لكن تكالبهم على الدنيا واهتمامهم بشئونها أنساهم البقية الباقية عندهم من الدين، لذلك فهم لا يحرمون ولا يحللون فقلدهم المسلمون في كثير من ما هو عليه من المعاملات، منها بيع التقسيط بيع التقسيط في اعتقادي بيع ربوي وعندنا نصوص من الشرع تجعلنا نتنبه لكون هذا البيع مخالفًا للشريعة فضلًا عن أن القاعدة العامة في تحريم الربا يشمل بيع التقسيط وإن كانت الصورة، صورة بيع التقسيط غير واضح فيها الربا ، لكن الأصل هو أن يرجع المسلم في كل حكمٍ صغيرٍ أو كبير خفيٍ أو جلي، أن يرجع إلى نصوص الشريعة وأن يخضع لها، فبيع التقسيط يدخل في نصين اثنين ثبتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة " هذا الحديث يرويه بعض أصحاب السنن والإمام أحمد في " المسند " وعنده زيادة موضحة لمعنى بيعتين في بيعة، لأن الحديث عنده من رواية سماك بن حرب بسنده عن ابن مسعود، فقيل لسماك ما بيعتين في بيعة ؟ ... هذا بكذا نقدًا وبكذا وكذا نسيئة . هذا هو بيع التقسيط الذي يُفعل اليوم، هذه السيارة نقدًا بأربعة آلالاف وتقسيطًا بأربعة آلاف ونصف ، أربعة آلاف وخمسمائة نهى عن بيعتين في بيعة، ما بيعتين في بيعة ؟ أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدًا وبكذا وكذا نسيئة، بدينار نقدًا وبدينار وقرش نسيئة ما حكم الزيادة ؟ جاء الجواب في الحديث الثاني فقال عليه الصلاة والسلام ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) ، عرض له حاجة في صورة بيعتين نقد وتقسيط، نقد بكذا وتقسيط بكذا وكذا، وكذا الثانية زيادة كما مثّلنا آنفًا ، عفوًا، نقدًا بدينار وتقسيط بدينار وقرش فقال عليه السلام ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما ) أي أنقصهما ، في المثال له دينار ( أو ربا ) إذا أخذ دينار وقرش عملية بيع العينة الذي جاء ذكره في الحديث آنفًا يتقدمها بيع التقسيط ويختلف كلٌ من البيعتين من حيث شدة الحرمة من جهة ومن حيث قصد المتبايعين أيضًا من جهة أخرى، فالمتبايعان ببيع التقسيط حقيقة كل واحد يريد أن يقوم بوظيفته البائع أن يبيع والشاري أن يشتري أما في بيع العينة الذي يأتي إلى التاجر لا يريد أن يشتري فهذه نقطة تختلف تمامًا عن بيع التقسيط الشاري يأتي إلى التاجر ليحصِّل مالًا نقودًا لكنه يُدخل بينه وبين التاجر وسيطًا هي الحاجة التي يريد أو يتظاهر أن يشتريها، هو يريد مالًا وهذا بلا شك الذي يضطره هو تفكك الرابطة الإسلامية بين المسلمين فهم لا يمثلون في واقعهم المثل الذي ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين حقًا فقال ( مثل المؤمنين في تواددهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ، فيكون إنسان يعرض له أنه بحاجة إلى فلوس، يعني بحاجة إلى قرض لله عز وجل فلا يجد من يقرضه قرضًا حسنًا والسبب ما عاد فيه الثقة بين المسلمين من جهة وما عاد فيه هذا السخاء من جهة أخرى هذا السخاء الذي ينبع من المسلم راغبًا فيما عند الله عز وجل من الأجر والثواب، فإنه يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( قرض درهمين صدقة درهم )، إذا أقرض المسلم درهمين فكأنه تصدّق بدرهم واحد خرج من جيبه لا يعود إليه المفروض في المسلمين أن يتعاونوا وأن يُقرض بعضهم بعضًا قرضًا حسنًا، فلمّا تفككت عرى الرابطة القوية بين المسلمين صار إذًا المسلم اللي بده يتاجر مثلًا بده يسلك أي طريق حتى يحصّل على نقود وهو يعلم أن هناك تجارًا كِبارًا وأنهم يبيعون بيعتين بيع نقد بالسعر الأقل وبيع التقسيط بسعر أكثر، فيأتي هذا الرجل على حسب حاجته بده مثلا ألوف بيأتي لتاجر سيارات، بده عشرات المئات بيأتي إلى تاجر ثلاجات وعلى ذلك فقس فيرى السيارة مثلًا فيقول بكم هذه ؟ يقول له نقدًا مثلًا بأربعة آلالاف ونسيئة أو تقسيطًا كما يقولون اليوم بأربعة آلالاف وخمسمائة . يقول الرجل أنا اشتريت وهو لا يريد السيارة إطلاقًا، يقول اشتريت فهل تشتري مني هذه السيارة نقدًا ؟ يعرف التاجر حينذاك أن الرجل الذي ما جف الحبر على الورق الذي سُجل أن عليه أن يدفع أربعة آلالاف وخمسمائة كل شهر مثلًا من المبلغ الذي اتفقوا عليه ، يعرف التاجر أنه حين يعود البائع يقول له اشتري أنت هذه السيارة مني نقدًا فيتضح وضوحًا قويًا للتاجر أن هذا الرجل يريد سيولة كما يقولون اليوم ، يريد دنانير وليس له حاجة في السيارة وحينئذٍ يسلط كلابه عليه ... ، أما بالتقسيط فيربح أكثر كما ذكرنا حينما يجد هذا الرجل يقول اشتري مني هذه السيارة نقدًا فيعود ويشتريه منه بأقل ما كلفته، طبعا أمر مفروغ منه بأقل مما كلفته، قلنا كلفته أربعة آلالاف إلا مائتين فأضاف مائتين ربح مقابل النقد وخمسمائة مقابل التقسيط ، فمقابل التقسيط بيربح خمسمائة زائد مائتين، أما للنقد بيربح فقط مائتين فرضية طبعا فلمّا هذا الرجل بيعرض عليه أنه يبيعه السيارة التي اشتراها منه بأربعة آلالاف وخمسمائة فيقول الرجل أنا أشتري منك مثلًا بثلاثة آلالاف، بثلاثة آلالاف وخمسمائة، ثلاثة آلالاف وستمائة، ثلاثة آلالاف وسبعمائة، ربحان هو على كل حال، فهذا الرجل لا يصدق أن يقبض هذه الفلوس فقبض مثلًا ثلاثة آلالاف وسبعمائة سُجّل عليه ماذا ؟ أربعة آلالاف وخمسمائة فهذه واضحة أنها دورة ولفة ولعب على استحلال ما حرّم الله عز وجل من الربا . هذا اسمه بيع العينة فقال عليه السلام ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فكل ها اللي في الحديث وصف من الرسول عليه السلام للمرض الذي سيصيب المسلمين فيذلوا بسببه و وصف للعلاج الذي إذا تعاطوه شفاهم الله عز وجل ورفع عنهم الذل الذي استحقوه بسبب انحرافهم عن دينهم هذا الرجوع إلى الدين يحتاج أولًا كما قلت وأنهي الجواب بهذا لنسمع ما عندك أولًا يتطلب أن يُفهم فهمًا صحيحًا وأن يُطبق أيضًا تطبيقًا كاملًا لا تقصير فيه ولا عوج تفضل كأنك أردت أن تقول شيئا