ما معنى كون الله تعالى في السماء ؟ حفظ
السائل : لا، أنا ... الله سبحانه وتعالى موجود في السماء ... .
الشيخ : عرفت الآن ، السماء في اللغة العربية يُطلق ويراد به البنيان الذي فوقنا الذي بناه الله عز وجل وسماه سماءً وهي السماء الدنيا، ثم السماء الثانية والثالثة إلى آخره . ويطلق السماء ويراد به السحاب يعني اللي هو دون السماء، ومن هنا يقول علماء اللغة كل ما علاك فهو سماء ويطلق السماء ويراد به المطر، ولذلك قال العربي القديم " إذا نزل السماء بأرض قومٍ رعيناه وإن كانوا غِضابا " تنزل السماء على الأرض وتقوم القيامة لكن هو يعني المطر، إذا نزل السماء بأرض قومٍ رعيناه رعيناه يعني أثر المطر الذي نزل وهو الزرع وإن كانوا غِضابا ويطلق السماء والمقصود به العلو المطلق الذي هو فوق السماوات كلها لذلك آية (( أأمنتم من في السماء )) يجب أن تُفهم فهمًا جيدًا على ضوء هذا البيان وما يليه (( في السماء )) في هذه يسميها علماء النحو ظرفية فإذا فهمناها على بابها ظرفية حينئذٍ من الضروري أن لا تفهم السماء هنا بمعنى (( وسع كرسيه السموات والأرض )) وإنما بمعنى العلو المطلق، (( في السماء )) يعني في العلو المطلق وليس محصورًا بجل السماء التي سعته أوسع من السماوات والأرض، الكرسي وحده يسع السماوات والأرض (( أأمنتم من في السماء )) ليس في السماء الجرمي المخلوق مهما كانت دائرته واسعة وإنما المقصود العلو المطلق . هذا إذا بقينا في فهمنا لفي على أنها بمعنى ظرفية، فحينئذٍ يكون السماء هنا ليس بمعنى المادة العظيمة المخلوقة التي فيها كواكب ونجوم و إلى آخره، وإنما هو بمعنى العلو المطلق ، أي فوق السماوات والتي فوقها العرش الله عز وجل فوق ذلك كله، فإذًا بهذا المعنى لم نجعل الله عز وجل مظروفًا للسماء وإنما هو عالي ... وفي وجه آخر في اللغة العربية أن تفهم ( في ) بمعنى ( على )، وهذا في الأسلوب العربي من يعرف اللغة العربية جيدًا يجدها أمرًا مهضومًا مقبولًا، لا نذهب بكم بعيدًا وإنما نعود بكم إلى الحديث المشهور بين العامة الذي ذكرناه آنفًا أكثر من مرة " ارحموا من في الأرض " لا يعني الديدان والحشرات التي تعيش في باطن الأرض وإنما ( على ) ف " ارحموا من في الأرض " أي من على الأرض " يرحمكم من في السماء " أي من على السماء فحينما يُفسر (في) هنا بمعنى (على) يطيح الإشكال من أصله، وهذا التعبير الذي فهمناه من الحديث السابق متلو في القرآن الكريم قال تعالى (( قل سيروا في الأرض )) شو معناها يعني؟ يعني يصيروا ديدان ويمشوا في الجو وفي الأرض؟ لا، سيروا في الأرض يعني على الأرض كذلك قصة سحرة فرعون مع فرعون وكيف أنه لمّا ربنا عز وجل أظهر المعجزة، معجزة عصا موسى (( فإذا هي تلقف ما يأفكون )) (( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى )) ، يعني هل يعني يفتح جذع الشجرة ويدكه جوه؟ لا، المقصود (( في جذوع النخل )) أي على جذوع النخل فإذًا هذا تعبير عربي لا يُقصد فيه المعنى الذي تبادر إلى بعض الأذهان، (( أأمنتم من في السماء )) يعني في جوف السماء، لا، وإنما كما قلت أولًا (في) إن تركناها على ظاهرها فنفسر السماء بالعلو المطلق حيث لا جُرم هناك ، وإما نُفسِر فيه معنى (على) وهذا أسلوب عربي، وهذه بعض الشواهد التي ذكرناها في الكتاب والسنة .