إذا كان أولاد الأب لهم أموال واختار الأب منهم ولداً فأخذ منه أموالا له ولأمه مع العلم أن هذا الأخذ سيؤثر على نفقة ابناء هذا الولد الذي أخذ منه ؟ حفظ
السائل : إذا كان الأب عنده أبناء عدة كلهم يعيشون حياة الكفاف وطلب من شخص بعينه أن يأخذه منه مبلغ حتى يقتات الأب والأم من هذا المبلغ دون الإخوة الآخرين وهذا الشخص عنده أبناء وبحاجة إلى تربيتهم فإذا كان أعطى المبلغ اللّي يكفي الأم والأب بده ينقص على أولاده ما رأيك ؟
الشيخ : هنا فيه قضيتان قضية تتعلق بالوالد وقضية تتعلق بالولد، ... أما ما يتعلق بالوالد فلماذا يخص ذاك الولد بالأخذ منه دون سائر أولاده ؟ هل يعني أن الولد هذا يعني أيسر وأغنى من الآخرين أم هو وإياهم في السّعة أو في الضيق سواء عند الوالد ؟
السائل : هم سواء لكن يرى أنه متدين أكثر فممكن أن يتحمله أكثر !
الشيخ : هم سواء ممكن يتحمله أكثر يعني يتجاوب معه والآخرون لا يتجاوبون، حينئذ نحن نقول هذا من حظ الولد، لكن من حظ الولد بالنسبة للآخرة وليس للدنيا والآخرة خيرٌ وأبقى، إذًا بالنسبة للوالد الحكم انتهى، يعني لو كان الوالد يخص أحد الأولاد بالطلب هكذا اعتباطًا يكون ظالمًا عكس المسألة السابقة، بينما يعطي واحدًا ولا يعطي الآخرين، هناك العكس تمامًا يأخذ من واحد ولا يأخذ من آخرين، وهم عنده سواء سواءً في المادة أو في المعنى، ففي هذه الحالة حينما يكونون عنده سواء فلا يجوز أن يخص أحدهم بالطلب دون الآخرين، أما إذا كان الوازع والدافع له على تخصيص أحدهم بالطلب هو اعتقاده لدينه وصلاحه وتقواه وأنه يتجاوب مع رغبة أبيه فهذا كما قلت آنفًا هنيئًا لهذا الولد حيث كان موضع حسن ظن أبيه به، أما بالنسبة للولد الذي هو عنده عائلة وأنه إذا قدّم لأبيه هذا الذي يقدمه إليه ينقص من الإنفاق على أهله، هنا لابد من النظر هل النقص هو في الكمالي أم في الضروري؟ فإن كان في الكمالي فعليه أن يطيع أباه وأما إن كان في الضروري فيعتذر لأبيه وبالتي هي أحسن وليس كما يفعل أكثر الأبناء اليوم مع الآباء، فالبارحة جاء عندي شاب من إخوانا الملتزمين ثم ذكر لي قصة ... أن الأب غضب منه وصاح في وجهه حتى هم بضربه، فشرد من دار أبيه وجاء إليّ لأنه يمده بالمدد بمنه على أبيه وأنا لا أعرف ... ولكن يريد أن يأخذ فتوى وبعد ما سمعته عتبت عليه عتابًا شديدًا بل أنبته، قلت يعني لو أبوك لو يضربك تضربه ؟ أنتم اليوم معشر الأبناء تعاملون آبائكم الند للند والقرن للقرن معاملة الأخ لأخيه أو الصديق لصديقه إن غاضبه غضب عليه وإن رضيه رضي عنه وهكذا، وهكذا وذكرته ببعض النصوص منها الآية العظيمة : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) ، ... المهم ما زلت أنصح هذا الشاب حتى أجهش بالبكاء، كأنه والله أعلم اعترف أنه أخطأ حيث خرج من داره غاضبًا وبدون إذنه طبعًا، فأمرته بأن يعود إلى أبيه ويعتذر له، غرضي من هذا كله هون أنه لمّا كان أحد الآباء يطلب من ابنه البار به شيئًا من المال وهو يرى أنه بحاجة إلى إنفاقه على زوجته وأولاده فكما قلت أولًا إذا كان ما يطلبه منه هو من الكماليات بالنسبة للولد، يعني الولد عنده وفرة فحينئذٍ لا يتأخر عنه أبدًا، وإن كان ليس عنده إلا القوت الضروري فيعطه من القوت الضروري وتجاوبًا مع طلبه وطلب أبيه فحينئذ يعتذر له والشاهد هنا يخفض له جناح الذل من الرحمة ويستعمل الكلام الهين اللين، فإن خضع وتجاوب فالحمد لله وإلا فعليه أن يطيعه خشية أن يقع في إغضابه، لأنه نتصور ولو كان من القوت الضروري فليس معنى الضرورة هذه إنه يتعرض هو وعائلته للضرر في الصحة.