معلوم أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر فما الدليل على ذلك ؟ حفظ
السائل : ... حديث يقول لا يجوز الصلاة في مسجد يكون فيه قبر أو أكثر من قبر
الشيخ : لا يجوز إيش ؟
السائل : لا يجوز الصلاة في مسجد فيه قبر
الشيخ : أي نعم
السائل : فهل هذا الحديث صحيح أو غير صحيح ؟
الشيخ : هذا أحاديث .
السائل : علما بأن قبر النبي صلى الله عليه و سلم داخل للحرم الشريف ؟
الشيخ : أي نعم .
السائل : ... .
الشيخ : كيف كيف ؟
السائل : و المسجد الأموي فيه قبر كمان .
الشيخ : المسجد الأموي إيه .
السائل : مقامات كثيرة يوجد فيها قبور و تقام فيها الصلاة ؟
الشيخ : الجواب ، سؤالك فيه شعب يعني ممكن تقسيمه إلى أسئلة فالجواب عن السؤال الأول أن الحديث الوارد في النهي عن الصلاة في المساجد المبينة على القبور ليس فقط صحيحا بل هو صحيح متواتر فلعلكم تعلمون ما هو المقصود من لفظ متواتر ؟ الحديث الصحيح هو يأتي من طريق من إسناد واحد صحيح عند علماء الحديث هذا حديث صحيح لكن الحديث إذا جاء بأسانيد متعددة و عن جماعة من الصحابة كثر يقال في هذا الحديث حديث صحيح متواتر و الحديث الصحيح المتواتر يعني من حيث الثبوت يكون في قوة القرآن الكريم فالحديث الذي ينهى عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور ليس حديثا فردا صحيحا بل هومجموعة أحاديث بل أكثر من عشرة أحاديث و أنا كنت تتبعت في زماني هذه الأحاديث تجاوزت العشرة أحاديث عن عشرة من الصحابة و أكثر كل هذه الأحاديث تدندن و تدور حول النهي عن الصلاة في المسجد أو المساجد المبنية على القبور ، لا بأس من أن نذكر شيئا من هذه الأحاديث مما يحضرنا من ذلك مثلا ما أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت " لما رجعت أم سلمة و أم حبيبة من الحبشة " كانتا من المهاجرات إلى الحبشة و رجعتا إلى المدينة " ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه و سلم كنيسة رأتاها في الحبشة و ذكرتا من حسن و تصاوير فيها " فقال عليه الصلاة و السلام ( أولئكَ ) يعني النصارى ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ... شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) يقول الرسول في آخر الحديث ( أولئكَ ) يعني النصارى ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) هذا حديث ، الحديث الثاني أيضا في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) قالت عائشة رضي الله عنها " لولا ذاك أبرز قبره عليه الصلاة و السلام و لكن خُشي أن يتّخذ مسجدا " الجملة هذه أرجو أن تبقى في ذاكرتكم لأن لها صلة وثقى للجواب على الشطر الثاني من السؤال حيث هذا قبر الرسول في مسجد الرسول ، هذا الحديث الثاني ، الحديث الثالث وهو في صحيح مسلم من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال قبل أن يموت عليه السلام بخمس ليال أو ثلاث ليال الشك من عندي ( ألا ) شو معنى ألا ؟ انتبهوا أيها السامعون ( ألا من أمنّ الناس علي في صحبته و ماله أبا بكر و ولو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا ولكن الله اتخذني خليلا كما اتّخذ إبراهيم خليلا ، ألا و إن من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد إني أنهاكم عن ذلك ) هذا الحديث الثالث يؤكّد الحديثين الأولين و يزيد عليها بيانا لأن بعض الناس الذين اعتادوا و عاشوا على خلاف السنة الصحيحة يقول لك يا أخي شو دخلنا بالنصارى هدول النصارى و الرسول يحكي عنهم ويقول ( أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) و يلعنهم ( لعنة الله على اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) نحن شو دخلنا بالموضوع ؟ يأتي هذا الحديث ليؤكّد معنى معررفا عند العلماء أن نبينا عليه الصلاة و السلام لما يروي لنا أمورا وقعت قبل الرسول عليه السلام و يحذر من هذه الأمور فلا يحكيها لنا للتسلية و إنما لنأخذ منها موعظة و عبرة ولذلك جاء الحديث الأول و الحديث الثاني و لكن الذي نفى الإشكال قد يقول القائل كما قلنا آنفا الحديث الأول و الثاني له علاقة بالأمة المحمّدية فيأتي الحديث الثالث كما يقال اليوم يضع النقاط على الحروف يقول بعد أن يحدث عن من قبلنا ( ألا و من كان قبلكم ) يعني اليهود و النصارى ذكروا في الحديثين ( ألا ومن كان قلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد إني أنهاكم عن ذلك ) هذا حديث ثالث ، و أحاديث و أحاديث كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة و هم أحياء و الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ) فهذا كمان يشمل غير اليهود و النصارى لأن الرسول عليه السلام يقول كما في بعض الأحاديث الصحيحة ( لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ) لا تقوم الساعة معنى الحديث لا تقوم الساعة و على وجه الأرض موحدين لله لا يشركون به شيئا لذلك جاء في الحديث الآخر قوله عليه السلام ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ) فإذن من شرار الخلق أولئك الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد هؤلاء سيكونون بعد الرسول عليه السلام من هذه الأحاديث و غيرها يحرم بناء المسجد على القبر و يحرم بالتالي اتخاذ ذلك المسجد مصلى لم ؟ الجواب مع الأسف معروف عمليا لأن هذا القبر سيدعى من دون الله تبارك و تعالى ومعنى يدعى من دون الله يعني يعبد من دون الله وهذا بحث طويل نؤجله إلى مناسبة أخرى إن شاء الله لندخل في الجواب عن السؤال الثاني أو الشق الثاني من السؤال الواحد .
فنقول صحيح أن قبر الرسول اليوم في مسجد الرسول لكن هل حينما مات الرسول عليه السلام دفن في مسجده ؟ الجواب لا وحديث عائشة الذي لفتّ نظركم إليه هو دليل صريح في ذلك حيث قالت " لولا ذاك أبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا " أي لولا تحدث الرسول عليه السلام عن اليهود و النصارى و أنهم لعنوا بسبب اتّخاذ قبور أنبيائهم مساجد لولا هذا كان قبر الرسول عليه السلام يكون في أرض بارزة أرض مثل الأرض التي قدامكم لكن لم يفعل بقبره عليه السلام ذلك لماذا ؟ خشية أن يتّخذ مسجدا إذن أين دفن الرسول عليه السلام ؟ هنا قصة لما مات عليه الصلاة و السلام (( و كل من عليها فان )) اختلف أصحابه في مكان دفنه أكثرهم كان لا علم عنده بأين يدفن النبي عليه السلام وهم في هذا التشاور أين يدفن عليه السلام دخل عليهم أبو بكر الصديق قال لهم الجواب عندي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( ما من نبي إلا و دفن في الموضع الذي مات فيه ) أين مات الرسول عليه السلام ؟ في بيته في بيت السيدة عائشة ولذلك الصحابة رضي اله عنهم كانوا أحرص الناس على إطاعة الله و إطاعة رسوله لم يكونوا أمثالنا نحن نسمع الحديث نسمع السنة و أكثرنا لا يهتم بها ما كادوا يسمعون هذا الحديث إلا سحبوا السرير الذي مات عليه الرسول و حفروا تحته وذ لك في بيت عائشة و بيت عائشة كان بجنب بيت الرسول عليه السلام لذلك تواترت الأحاديث أن الرسول عليه السلام كان يخرج من بيته إلى المسجد حتى يوم الجمعة كان إذا أذن بلال يوم الجمعة أو قبل ما يؤذن بلال يوم الجمعة كان الرسول يخرج من البيت إلى المنبر فورا و بس بلال ... وقع شيء مؤسف في زمن أحد ملوك بني أمية أو خلفاء بني أمية رأوا من الضرورة توسعة المسجد النبوي علما أنه كان عمر بن الخطاب قد أدخل توسعة على المسجد النبوي وكذلك من بعده عثمان بن عفان انظروا الفرق الآن بين الصحابة و عملهم و بين من جاء بعدهم توسعة عمر بن الخطاب و توسعة عثمان لم تكن على حساب حجرات أمهات المؤمنين التي منها حجرة السيدة عائشة إنما كانت من جهة الجنوبية التي يقولون إلى اليوم زيادة عمر و زيادة عثمان في جهة أخرى لا تحضرني لكن في زمن بني أمية وجدوا حاجة لتوسعة المسجد فوسّعوه من جهة قبر الرسول عليه السلام رفعوا الجدار الفاصل بين بيت عائشة و بيوت سائر أمهات المؤمنين و بين المسجد فصار القبر في المسجد حيث ترونه اليوم فتظنون أن الرسول عليه السلام دفن في مسجده فيشكل عليكم الأمر حينما تسمعون هذه الأحاديث و تسمعون ما يدل عليها من تحريم الصلاة في المساجد المبنية على القبور ، يبقى جواب ثالث و أخير هل حكم الصلاة في المسجد النبوي كحكم الصلاة في المساجد كلها و منها ما ذكرت أنت أو غيرك مسجد بني أمية عندنا في الشام نقول مسجد الرسول عليه السلام ليس كذلك لماذا ؟ لأن مسجد الرسول له فضيلة خاصة حيث قال ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ) هذه الفضيلة ستستمر إلى يوم القيامة لكن الذين أدخلوا القبر في المسجد أخطؤوا السنة و الواجب حينذاك أن المسلم ما يقصد يصلي تجاه القبر و إنما يصلي في الروضة و النواحي الأخرى و بهذا القدر كفاية .