هل يجب علينا كمسلمين اتباع مذهب من المذاهب الأربعة أو لنا أن نأخذ ما يناسبنا من تلك المذاهب ؟ حفظ
السائل : ... طبعا معروف أن المرجع ... هو معروف كتاب الله و سنّة النبيّ لا نقاش فيها ، و المذاهب الأربعة الفقهاء ... اجتهادات أو تفسير لما ورد في السّنّة فهل نحن كمسلمين ملزمين باتّباع مذهب معيّن و إلا نعتمد على أيّ شيء يقع بين أيدينا أو نأخذ ما يناسبنا من المذاهب ؟
الشيخ : أنت تسأل و واضح من حديثك أنك تؤكّد دائما على مسألة و تكرّر عليها من أجل أن ترسخ في الأذهان جيدا و إلا أني قد سبق أني قلت نحن لا نرى التدين بالتقليد و إن كان التقليد قد يجب على كثير من العلماء حينما يجهلون الحكم الشرعي فالأئمة الأربعة خدموا الإسلام و فسروا القرآن و بينوا الأحكام المستنبطة من الكتاب و السنة هذا أمر لا إشكال فيه و هو مما لا يختلف فيه اثنان و لا ينتطح فيه عنزان لكن الذي ينبغي أن يكون راسخا في الأذهان هو أن اجتهادات الأئمة فيها الخطأ و فيها الصواب و أن تمييز الخطأ من الصواب هو من وظيفة العلماء و ليس من وظيفة عامّة الناس و لعلي كنت ذكرت في بعض الجلسات و أنت حاضر فيها يمكن قلت أن الله تبارك وتعالى جعل المجتمع الإسلامي من حيث علمه و جهله قسمين في مثل قوله عزّ و جلّ (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فقسم أهل ذكر و قسم لا يعلمون فأوجب على كلّ من القسمين واجبا غير واجب على الآخر أوجب على من لا علم عنده أن يسأل أهل العلم و أوجب على أهل العلم أن يبينوه و لا يكتموه على الناس ، فالسائلون الواجب عليهم أن يسألوا أهل العلم ما عين لهم شخصا ما قال لهم مثلا سلوا أبا بكر أو عمر أو عثمان أو عليا إنما قال (( فاسألوا أهل الذكر )) فكان الأصحاب إذا وقعت لهم مسألة لا يعرفون الحكم فيها لقوا أبا بكر سألوه ، لقوا عمر سألوه ، ابن مسعود سألوه ، إلى آخره ما فيهم واحد يقول أنا بكري لا أؤمن إلا بعلم أبا بكر و آخر عمري و عثماني ... ما فيه شيء من هذا أبدا و إنما أهل الذكر ، من كان عنده من أهل الذكر سأله فيكون الواقع أنهم تارة يسألون أبا بكر ، تارة عمر ، تارة ابن مسعود ، تارة ابن عمر إلى آخره ، و هكذا ينبغي أن تمشي الخطّة لأن :
" و كل خير في اتباع من سلف *** و كل شر في اتباع من خلف " ، لما صارت القضية حزبية مذهبية ، صار كل ناس يتحزّب لإمام و يتعصّب له فنتج من ذلك مفسدتان إحداهما هي ثمرة الأولى . المفسدة الأولى أنه خسر علم الأئمة الآخرين فهو لا يتعرف عليهم و لا يستفيد منهم لأنه متمسّك بهذا الإمام و قل على الناس الآخرين كل واحد له إمامه فلا يستفيدون من الأئمة الآخرين علما أن الأئمة كما قلنا و نقول دائما ربنا عزّ و جلّ ما حصر علمه و فضله في أربعة أئمة في هذا العالم الإسلامي الذي يعد الملايين إذا لم نقل بلايين فهناك مو بس أربعة ، أربعين و أربعمائة و أربع ألاف و عدّ ما شئت فحينما يتمسّك الإنسان بمذهب لإمام من هؤلاء الأئمة خسر جهود الأئمة الآخرين و علومهم و أحاديثهم فلا يستفيد منهم شيئا هذه أول خسارة ، الخسارة الثانية التي هي ثمرة الأولى كما قلنا هو أنه ستقع الحزبية العمياء التي تقع بين الناس اللادينيين ، القوميين و الشيوعيين و إلى آخره ، يقع النزاع و الخلاف بين المتديّنين بالتقليد ، هذا يقول إمامي أبو حنيفة أعلم هو الإمام الأعظم ، أنت إمامك الشافعي هو أصغر و هذا ليس بأعظم بيعكس الشافعي القضية و يقول الشافعي هو الإمام الأعظم و هذا كله واقع موش خيال نظري ، فهناك من ألّف كتابا و الكتاب موجود اليوم مطبوع عدّة طباعات عنوانه " المذهب الحقّ " يثبت فيه أن المذهب الشافعي هو المذهب الحق و يروي هناك حكاية أنا أعتقد أنها خيالية و إن كانت واقعية فبيكون الملك الذي هو سبب الحكاية بيكون واحد أخرق أحمق و بخاصّة أنه كان شيعيا لأن الحكاية ماذا تقول ؟ هناك دولة للفاطميين في مصر بعض العلماء من أهل السّنّة استطاع أن يؤثّر في حاكم كان طبعا فاطميا شيعيا واقتنع الرجل بأن هذاك المذهب فاسد و بأنه لازم يتمسّك بمذهب من مذاهب أهل السّنّة فلما اقتنع هذه القناعة الأولى سأل أي مذهب أنا لازم أتمسّك به بعد ما تركت مذهب التشيّع قالوا له فيه مذاهب أربعة فاختر منها ما شئت و كما يقولون اليوم و قولهم غير الحق بطبيعة الحال " و كلهم من رسول الله ملتمس " لا يفرقون بين ما أخذوه من آية أو حديث أو أخذوه اجتهادا و استنباطا فهذا معرض للصواب و الخطأ فقال هذا الملك ائتوني بعالمين من علماء المذهب الحنفي و الشافعي خلي كل واحد منهم يصلي أمامي الصلاة حسب مذهبه و أنا بعدين أختار ، زعم ... الكتاب أتوا بعالمين ، العالم الحنفي جاء و قد تدرّع و لبس جلد كلب مذكّى مقلوبا و الذباب ركبه من جميع الأطراف هذا يشير إلى رأي في المذهب الحنفي أنه إذا ذبح الكلب و قال بسم الله طَهُرَ فإذن هو ذبح كلبا على هذه الطريقة سلخه و وضع الجلد على بدنه و أحرم ما أقول كبّر لأنه لسى ما كبّر لما جاء يكبر ما قال باللغة العربية الله أكبر كما هو السنّة بل الأمر قال باللغة التركيّة مثلا ... أو بالألباني ... ما قال الله أكبر يشير بهذا أنه يجوز في المذهب الحنفي أن يدخل في الصلاة بأي جملة فيها تعظيم لله و لو كانت غير عربية ، المذهب الشافعي و غيره لا يجيز هذا ، بدّو يقرأ (( مدهامتان )) و ركع ما قرأ الفاتحة لأنه يصحّ عندهم و لو آية قصيرة و فيه قول ثاني لازم تكون آية طويلة ركع و لسى ما ركع رفع رأسه ما قال شيئا ... الخلاصة القصة باختصار أخذوا من المذهب الحنفي أسوء صلاة يجيزونها و النكتة أن الأحناف يقولون يجب أن يخرج من الصلاة بصنعه لو بدلا من أن يقول السلام عليكم سبّ جاره صحت الصلاة !
السائل : سبه ؟!
الشيخ : سبه شتمه ليش ؟ لأنه خرج بصنعه ، القصّة مو هيك بدل ما يسلّم و لا مؤاخذة ضرط لأن هذا يجوز في المذهب الحنفي ، شوفوا ذاك الشافعي كيف صلّى ؟ لبس ثياب نظيفة و تعطّر و وقف بكلّ أدب و خشوع و الله أكبر ، وجّهت وجهي ، قرأ الفاتحة و قرأ السورة و ركع يعني صلاة كاملة ، لمّا تعرض صلاتان لمذهبين أمام أي أحمق كان من بدو يختار ؟ المذهب الأول الذي يجيز الصلاة بجلد كلب مذكّى و لا يقرأ و إنما آية مختصرة جدّا و لا يذكر الله لا في الركوع و لا في السجود و بعدين ختامها زفت مين بيفضل هذيك الصلاة و إلا هذيك فمن يومها صار ذاك الرجل إيش ؟ شافعي المذهب !! كيف يطبع كتاب تحت عنوان " المذهب الحق " و يطبع في مصر هذا كله كمثال و الأمثلة أكثر بكثير جدا ما فعل التدين بالتمذهب في المسلمين ، ألا يكفي أنه موجود النص إلى اليوم في كتب الأحناف منه كتاب " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " سؤال هل يجوز للحنفي أن يتزوّج بالشافعية ؟ قال لا ، لماذا ؟ لأن الشافعية يشكّون في إيمانهم و هذا بحث طويل في الحقيقة له بحث في علم الكلام ، الشافعي إذا قيل له هل أنت مؤمن ؟ يقول إن شاء الله ، الحنفي إذا قلت له نفس الكلام هل أنت مؤمن ؟ يقول أنا مؤمن حقّا ، الذي يقول أنا مؤمن حقّا يشكّ في إيمان الذي يقول إن شاء الله ، و السبب مختلفين في تعريف الإيمان هل يدخل في مسمى الإيمان العمل الصالح أم لا يدخل ؟ قيل و قيل فالأحناف يقولون الإيمان شيء و العمل شيء آخر الشوافع يقولون لا العمل الصالح من الإيمان وهذا بلا شكّ هو الصحيح الذي تدل عليه نصوص الكتاب و السّنّة يتفرع من هذا الخلاف الذي يعتقد أن الإيمان ليس له علاقة بالعمل الصالح لما تسأله عمّا في قلبه هو يعرف أنه مؤمن ولذلك يجزم يقول لك أنا مؤمن حقا بس هذا بناء على تعريفه للإيمان الذي لا يدخل في مسمّاه العمل الصالح فذاك الثاني الشافعي و أنا معهم في هذه المسألة يقول لك أنا مؤمن إن شاء الله ليه ؟ لأن مفهوم الإيمان عنده أوسع يدخل في الإيمان الأعمال الصالحة و هذا صريح القرآن (( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون )) إلى آخر الآية المعروفة فلما يقول مسلم ... لعقيدته حقّا أنا مؤمن حقا معنى هو خاشع هو عن اللغو معرض هو ، هو ... من الذي يقدر أن ... لا لكن اللي يقول إن الإيمان هو التصديق بالقلب و إقرار اللسان ... يقول أنا مؤمن حقا و لهذا قال بعضهم إيماني كإيمان جبريل عليه السلام من هذا الخلاف جاءت الفتوى السابقة جواب لسؤال من سأل هل يجوز للحنفي أن يتزوّج بالشافعية يقول لك لا ، ليش ؟ لأنها تقول أنا مؤمنة إن شاء الله ، هذه تشك في إيمانها !! لا ما تشكّ في إيمانها تشك في الإيمان بمفهوم العمل الصالح موش الإيمان بمفهوم الحنفيّة ، و راح زمن يعمل الأحناف يمكن خمسين سنة لا يتزوّج الحنفي بالشافعية إلى أن جاء رجل معروف عند الأحناف و له كتاب اليوم من كتب التفاسير تفسير أبي السّعود ، هذا أبو السعود من شهرته في الإفتاء سمّي بمفتي الثقلين لأنهم كانوا يزعمون أن الجنّ كانوا يسفتوه فيفتيهم . جاء دور هذا العالم الفاضل فسئل نفس السؤال السابق ، هل يجوز للحنفي أن يتزوّج بالشافعية ؟ شوفوا الجواب هل هو أحسن أم أسوء ... قال نعم يجوز تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب !! شو رأيكم ؟! هذا كلّه سببه التحزّب المذهبي ... ماسك المذهب هذا هو دين الله لذلك في بعض البلاد الإسلامية ما يتعرّفون على شيء اسمه غير المذهب الحنفي ومنها بلادنا و التي تحت من اسطنبول كلها تركيا لا يعرفون غير مذهب أبي حنيفة ، لا عقيدة و لا فقها ، المذاهب الأخرى في حاشية ابن عابدين إذا سئلنا عن المذاهب الأخرى قلنا مذهبنا حقّ يحتمل الخطأ و إذا سئلنا عن مذهب غيرنا قلنا خطأ يحتمل الصواب . تفضّل .