بيان أن الإسلام قد دخله ما دخله من الدخن وخاصة ما وقع في التفاسير و السنة النبوية. حفظ
الشيخ : ... لا شكّ أن أي علاج من طبيب ماهر خريت إذا لم تنفّذ وصفته " الراشيتة " كما يقولون اليوم بحذافرها فهذه الوصفة لم تؤت أكلها و ثمارها بل إذا دخل فيها ما ليس منها قد تعكس النتيجة فيزداد المريض مرضا وهو يظن أنه يعالج نفسه بوصفة الطبيب هذا مثل العلاج الرباني الذي أنزله الله عزّ و جلّ على قلب محمّد عليه السلام فيما إذا دخل فيه ما لم يكن منه من قبل فهل وقع هذا المحظور ؟ هل دخل في الإسلام ما لم يكن فيه ؟ الجواب مع الأسف نعم . دخل ليس في القرآن ، القرآن الحمد لله محفوظ لكن دخل في تفسيره كما دخل في السّنّة أي في تفسير السّنّة و زيادة على القرآن دخل في السّنّة ما ليس منها فالقرآن محفوظ لكن فُسّر بتفاسير خاطئة ففسد بذلك هذا العلاج خذوا أمثلة بسيطة جدّا ، جماهير المسلمين يتبرّكون بالقرآن الكريم بعضهم يعلّق المصحف في صدّر الدكان لكن لا يقرأ منه آية في طول الزمان بعضهم إذا قرأ ذهب إلى الميّت ليقرأ على قلبه وهذا الحي هو أحوج إلى تلاوته و تدبّره من ذاك الميت لأن الميت لا يستفيد من هذه القراءة شيئا لأنه أولا لا يسمع ما يتلى عليه ثم لو سمع لم يستطع أن يستفيد منه شيئا لأن وقت الاختبار و الامتحان انتهى بانتقاله من هذه الدار إلى الدار الآخرة و أوّلها البرزخ ... إنزال القرآن كما قال ربّنا عزّ و جلّ فيه (( لتنذر من كان حيا و يحقّ القول على الكافرين )) فإذن القرآن أنزل على الأحياء يعملون به و ليس ليقرأ على الموتى هذا ليس من السّنّة بل هو خلاف السّنّة أن يقرأ القرآن على الأموات بينما المفروض أن يقرأه على الأحياء و أن يتدبّروه و أن يفسّروه تفسيرا كما جاء في السّنّة الصحيحة أما السّنّة فحدّث عنها و لا حرج و مما دخل فيها مما ليس منها هي السبب في انحراف الناس هذا السبب الذي أودى بهم إلى هذا الخنوع و هذا الخضوع الذي يشعر به كل مسلم و قد يتسائل بعضهم ما السبب و أما الجمهور فهم في غفلة ساهون لا يتساءلون ، الذين يتساءلون لا يعلمون السبب أن هذه الوصفة الطبية الإلهية أوّلا لا تطبّق موضوع على الرف ، ثانيا لو أريد تطبيقها فقد أسيء فهمها من حيث القرآن فسّر كما قلنا آنفا فسّر بأنواع من التفاسير بعيدة عن الشرع كل البعد الأحاديث دخلها ما ليس منها بالألوف المؤلّفة كما جاء في تاريخ بعض الخلفاء من بني العباس أنه ألقي القبض على أحد الزنادقة في زمن أحد الخلفاء المشار إليهم فلما أحضر بين يدي الخليفة أمر بقتله على اعتبار أنه زنديق مرتدّ فلما رأى أن الموت كما جاء أدنى من شراك نعله أراد أن يشفي من غيظ قلبه فقال أنا لا أموت إلا و قد أدخلت في أحاديث نبيكم ستة آلاف حديث أنا وضعتها فقال له الخليفة خسئت كيف ذلك و عندنا فلان و سّمى منهم عبد الله بن المبارك من شيوخ الإمام الأحمد فلان و فلان و قد أخذوا الغرابيل يغربلون تلك الأحاديث فعلماء الحديث في الواقع هم الذين حفظوا لنا السّنّة و ميّزوا لنا صحيحها من ضعيفها اليوم أكثر المسلمين لا يلتفتون إلى الأحاديث و لا إلى علم الحديث و لا إلا علماء الحديث و لذلك تسمع أحاديث أشكالا و ألوانا فإذن واجب المسلم إذا أراد أن يفسّر آية أن يعرف الطريق الذي إذا سلكه أن يتمكّن من تفسير الآية تفسيرا صحيحا وذلك له كتب معتمدة في كتب التفسير ككتاب ابن جرير الطبري و ابن كثير الدمشقي و تفسير الشوكاني و الصديق حسن خان و نحوها ، كذلك كتب السّنّة يجب أن يلجأ إلى علماء الحديث الذين يميّزون الصحيح من الضعيف و أن يعتمد بصورة خاصة على أصح الكتب بعد كتاب الله ألا وهو صحيح البخاري و صحيح مسلم فإذا المسلم سلك هذه السبيل أخذ الله بيده لأن الله عزّ و جلّ (( و الذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سبلنا )) فربنا عزّ و جلّ بمنّه و كرمه إذا علم من عبده أنه يريد الهداية سهّل له طريق الهداية و العكس بالعكس و هذا من معاني قوله تعالى (( و هديناه النجدين )) فالله يدل على طريق الخير و يأمر به و يدل على طريق الشرّ و ينهى عنه و لذلك كان من عقل حذيفة بن اليمان صاحب سرّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم أنه قال " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلّم عن الخير و كنت أسأله عن الشرّ مخافة أن أقع فيه " كان الناس كل الناس يسألون الرسول عن الخير أما هو بذكائه و فطنته كان يسأل الرسول عن الشّرّ لماذا ؟ لكي يحذره ، ولهذا قال الشاعر :
" عرفت الشر لا للشرّ لكن لتوقيه *** ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه " .
فإذا لم يميز المسلم الحديث الموضوع من الحديث الصحيح وقع في الحديث الموضوع و افترى الحديث على رسول الله و هو لا يشعر و قد قال عليه السلام ( من حدّث عنّي بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذّابين ) ، فإذا المسلم سلك طريق تمييز الحديث الصحيح من الضّعيف ثم تفقّه في الحديث الصحيح فهو الذي بشّر به الرسول عليه السلام أنه يكون من الفرقة الناجية و قد جاء في الحديث الصحيح ( افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال ( هي ما أنا عليه و أصحابي ) فكيف يعرف المسلم ما كان عليه الرسول و أصحابه ؟ عن طريق الحديث ما فيه وسيلة أخرى إطلاقا .