ما حكم الائتمام بالمسبوق؟ حفظ
السائل : لو سمحت ... بالنسبة للإئتمام بمسبوق إذا أتى رجل إلى المسجد ووجد الصلاة قد انتهت صلاة الجماعة فهل يحق له أو يجوز أن يأتم بمسبوق ؟ الرد على الحديث أنه أتى رجل إلى المسجد فوجد الصلاة قد فرغ منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من يتصدق على هذا )
الشيخ : أما أن يرد أحد على الحديث، فحاشاه
السائل : على تفسير الحديث
الشيخ : أنا عارف شو قصدك
السائل : الحديث أنه جائز
الشيخ : نريد أن نحسن اللفظ
السائل : نعم
الشيخ : على كل حال الحديث الذي أشرت إليه له علاقة بالجماعة الثانية و يمكن التوصل منه إلى سؤالك وهو الإقتداء بالمقتدي، الحديث ( ألا رجل يتصدق على هذا فليصل معه ) مناسبته أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوما بعد أن صلى جاء رجل دخل المسجد يريد أن يصلي فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه الذين كانوا يصلون معه ( ألا رجل يتصدق على هذا ) وفي رواية ( ... على هذا فيصلي معه ) فقام رجل فصلى معه، هذا الحديث يتوهم كثير من الناس بأنه يفيد جواز الجماعة الثانية التي تفعل في كثير من المساجد اليوم، اثنين ثلاثة يدخلون المسجد وقد صلى الإمام الراتب فيتقدم أحدهم و يصلي ثم تأتي جماعة ثانية أيضا يتقدمهم واحد و يصلي هكذا تتعدد الجماعات في المسجد الواحد، حجتهم في ذلك هذا الحديث. هذا الحديث ليس له علاقة إطلاقا بهذه الجماعات التي أشرنا إليها آنفا لماذا ؟
لأن الجماعة التي عقدت في مسجد الرسول عليه السلام وفي مرأى منه بل و بحض منه ليست هي هذه الجماعات التي تقع اليوم ... هذه الجماعة التي انعقدت للرجل الذي كان صلى مع الرسول عليه السلام هذه الجماعة هي جماعة نفل وليست جماعة فريضة، لأن الذي صلى مقتديا بهذا الرجل الذي فاتته صلاة الجماعة هذا يتنفل خلف ذاك الرجل فصلاته صلاة نافلة وبالتالي بتكون الجماعة جماعة نافلة والتي يوضح هذا ويؤكد أنه لا يصح الإستدلال بهذا الحديث على هذه الجماعات التي تفعل اليوم، هذا الحديث صريح بأن هناك رجل متصدق و رجل متصدق عليه، الجماعات التي تقام الآن ليس فيها هذان الوصفان متصدق ومتصدق عليه ونحن نفهم من كلمة الرسول ( ألا رجل يتصدق على هذا فليصل معه ) أن المتصدق غني وأن المتصدق عليه فقير، فمن هو المتصدق ومن هو المتصدق عليه ؟ الذي كان قد صلى مع الرسول عليه السلام واكتسب فضيلة الجماعة خمسا وعشرين أو سبعا وعشرين درجة هو بلا شك الغني وهذا الذي فاتته هذه الجماعة هو الفقير، فهذا الذي تصدق عليه قد صلى الفريضة مع الجماعة، هذا فاتته هذه الفريضة فإذا هو المتصدق عليه، فالآن لما بيدخلوا ثلاثة أربعة للمسجد فاتتهم الجماعة جميعا فتقدمهم أحدهم، مين المتصدق عليه ؟ ما أعرف كلهم فقراء ليش ؟ كلهم فاتتهم الجماعة فاتهم سبعة وعشرين درجة فإذن جر الحديث و تطبيقه على هذه الجماعات التي تقع اليوم هو في الواقع تحميل الحديث ما لا يتحمله، وأوضح شيء هو أن نلاحظ متصدق ومتصدق عليه، هذا لا يوجد في هذه الجماعة لأنهم كلهم مفترضون بينما هناك كان مفترض وهو الإمام ومتنفل وهو المتصدق عليه لهذا فالإستدلال بهذا الحديث هو كما يقول الشافعي وغيره أنه من كان قد صلى الفرض مع الجماعة ثم حضر جماعة أخرى هل له أن يعيد تلك الصلاة مع الجماعة الأخرى الجماعة المشروعة ؟ قالوا نعم وهذا هو الدليل . أو من صلى الجماعة هل له أن يؤم جماعة ما صلوا الفريضة ؟ الجواب نعم لأن هذا وقع في عهد الرسول عليه السلام حيث كان معاذ بن جبل كما في صحيح البخاري كان يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء النبي صلى الله عليه وسلم ثم يذهب إلى قبيلته فيصلي بهم نفس الصلاة أي يؤمهم في صلاة العشاء كانوا يعرفونه أنه هو أفقههم وأعلمهم وأقرؤهم ويعرفون من جهة بأنه يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فينتظرونه حتى يعود إليهم فيصلي بهم صلاة العشاء قال راوي الحديث وهو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه " هي له نافلة وهي لهم فريضة " فمعاذ كان قد صلى أعادها فهذا يجوز كذلك يجوز لمن صلى الفريضة فوجد جماعة أخرى يصلي معهم تلك الصلاة نفسها لكنها تكون له نافلة وعلى هذه الصورة أدلة منها حديث الإمام مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجة الوداع في مسجد الخيف المعروف اليوم في ذلك المكان صلى صلاة الفجر لما سلم وجد اثنين قد انتحيا ناحية يدل وضعهما على أنهما لم يشتركا في الصلاة مع الجماعة فقال لهما صلى الله عليه وسلم ( أو لستما مسلمين ؟ ) قالوا " بلى يا رسول الله " قال ( فما منعكما أن تصليا ؟ ) معنا قالا " يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا " قال ( فإذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة فليصل معهم فإنها تكون له نافلة ) فهذا الصحابي الذي كان قد صلى الرسول وقام استجابة لحض الرسول ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ) صلى معه نفس الصلاة نافلة كذلك من الأدلة على هذه الصورة أو قريب منها قوله عليه الصلاة و السلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي ذر الغفاري قال قال عليه الصلاة و السلام ( سيكون عليكم أمراء يميتون الصلاة ) في رواية ( يؤخرون الصلاة عن وقتها فإذا رأيتم ذلك فصلوا أنتم الصلاة في وقتها ثم صلوها معهم فإنها تكون لكم نافلة ) فإذا الحديث ( ألا رجل يتصدق على هذا فليصل معه ) لا يدل مطلقا على شرعية الجماعة الثانية والثالثة لاختلاف صورتها على الصورة التي أقرها الرسول عليه الصلاة والسلام إذا عرف هذا أمكننا أن ننتقل إلى أصل السؤال وهو رجل دخل المسجد و قد سلم الإمام وقام أحدهم كان مسبوقا بركعة فهل لهذا الداخل أن يقتدي بهذا المسبوق ؟ الجواب لا والسبب أن الجماعة الثانية لا تعرف في عهد الرسول عليه السلام . وهذا الحديث عرفنا الجواب عنه وثانيا قد جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم خرج صباح يوم مع الفجر لقضاء الحاجة ومعه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وكان من عادته عليه السلام أنه إذا خرج لقضاء الحاجة أبعد حتى يبتعد عن الأنظار وقد حضرت صلاة الفجر فلما وجدوا الرسول عليه السلام تأخر عن الوقت المعتاد لصلاة الفجر قدموا عبد الرحمن بن عوف وكانت هذه الحادثة في سفر فصلى بهم ثم توضأ عليه السلام وصب المغيرة بن شعبة الوضوء عليه ثم انطلقا يمشيان إلى المسجد حيث الجماعة فلما رآهم المغيرة بن شعبة أنهم يصلون عظم عليه الأمر فهمّ بالتصفيق تنبيها للإمام لأن الإمام الأصلي قد حظر وجاء فأشار إليه الرسول عليه السلام أن دعه و اقتدى هو والمغيرة فلما سلم الإمام قام عليه الصلاة و السلام فصلى الركعة الفائتة وكذلك المغيرة، هنا كان بالإمكان أن يقتدي المغيرة مع الرسول عليه السلام لا سيما وهو نبي لكن أي شيء من ذلك لم يقع ولا الرسول بعد الصلاة نبه المغيرة أنه كان عليك أن تقتدي بي بل إنه عليه السلام لما سلم التفت إلى الناس الذين صلوا وراء عبد الرحمن بن عوف يطمئنهم لأن صار في أنفسهم شيء ولأول مرة في حياتهم مع الرسول عليه السلام ... هكذا فاصنعوا أي إذا تخلف أو تأخر الإمام الراتب عن الصلاة فقدموا أحدكم ولا تأخروا أنفسكم عن الصلاة وهذا مع أنه سيد البشر عليه الصلاة و السلام وسيد الرسل شجعهم على أن الإمام إذا تأخر فيقدمون من بينهم من يليق بالإمامة الشاهد
أنه هنا كانت المناسبة ل ... الجماعة الثانية بأي صورة من الصور فلم يقع شيء من ذلك ولهذا يكون الجواب أن لا يقتدي بالداخل وإنما يصلي منفردا كما كان السلف كما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف عن الحسن البصري قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتتهم الصلاة مع الجماعة صلوا فرادى " وعلق على هذا الأثر الإمام الشافعي وزاد توضيحا وبيانا فقال " وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا مرة أخرى ولكن لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يجمعوا في المسجد مرتين " والحقيقة التي نعرفها نحن من أنفسنا ثم من غيرنا أن من كان في فكره شرعية الجماعة الثانية فهذا الفكر سيعود عليه بالأثر السيء وأن يتهاون بالمسارعة إلى الصلاة مع الجماعة الأولى بحجة أنه هناك جماعة ثانية وثالثة وهكذا وأنا كمان ... أعرف هذا من نفسي حينما كنت أعتقد أن الجماعة الثانية وما بعدها مشروعة كنت في كثير من الأحيان أدع الصلاة مع الجماعة لأنه في قناعتي النفسية أنه ممكن أصلي جماعة ثانية أو ثالثة وعلى العكس من ذلك لما قام في نفسي أن لا جماعة ثانية أصبحت من أشد الناس حرصا على الصلاة مع الجماعة الأولى لأنه هذا الخير أعرف أنني إذا لم أسارع إليه فاتني ... وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين ونستأذن رب البيت هنا