بيان المعنى الصحيح للعبادة . حفظ
الشيخ : و هنا لابد لي من وقفة قصيرة ألا و هي حول معنى العبادة إن كثيرا من المسلمين في هذا الزمان لا يفهمون العبادة أي التي إذا ما صرفها المسلم لغير الله عز و جل كفر إلا أن يصلي لغير الله هكذا يفهم الكثيرون اليوم بينما العبادة لها في الإسلام معنى واسع جدا جدا فمن العبادة الدعاء (( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم دخرين )) (( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي )) أي عن دعائي فإذًا الدعاء عبادة لذلك قال عليه الصلاة و السلام بين يدي هذه الآية (الدعاء هو العبادة ) و بهذه المناسبة أذكر و الذكرى تنفع المؤمنين الرواية التي تقرأونها في بعض الكتب و تسمعونها من بعض المدرسين بلفظ " الدعاء مخ العبادة " هذا اللفظ ضعيف أما اللفظ الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) هذا أصح رواية و دراية ، أما رواية فهذا أمر خاص بأهل العلم أي أن إسناد هذه الرواية ( الدعاء هو العبادة ) إسنادها صحيح أما الرواية الأخرى " الدعاء مخ العبادة " فإسنادها ضعيف لأن فيها رجل إسمه عند أهل العلم معروف عبد الله بن لهيعة و هو رجل فاضل ولكنه كان سيّء الحفظ و لذلك لا يعتمد العلماء على حديثه إذا تفرد فبالأولى و أولى أن لا يعتمدوا عليه إذا خالف و هنا قد خالف لأن الثقات رووا الحديث بلفظ ( الدعاء هو العبادة ) و هو خالفهم فقال " الدعاء مخ العبادة " هذا من حيث الرواية من حيث الدراية الحديث الصحيح أبلغ فى بيان منزلة الدعاء عند الله عز و جل من الرواية الضعيفة التي تقول " الدعاء مخ العبادة " لماذا ؟ لأن الحديث الضعيف يعطينا شيئا نكرا شيئا مستنكرا في هذا العصر أشد الإستنكار و قد تأثر بهذا التقسيم كثير من الناس حتى من الناس الذين يتضاهرون بأنهم يدعون الناس إلى الإسلام فتجدهم في خطبهم يدندينون حول تقسيم الإسلام أو الشرع إلى قسمين لب وقشر تقسيم الشرع إلى لب و قشر و يبنون على ذلك نحن ما بدنا نهتم الآن بالقشور لازم نهتم بإيش ؟ باللباب ، هذا الحديث من جملة ما ينبينا على ضعفه و نكارته أنه جعل الدعاء مخ العبادة و معنى ذلك كما يقول الفقهاء مفهوم الحديث منطوقه واضح أن لب الشريعة و العبادة هو الدعاء قشره ماذا ؟ قشره الصلاة الصيام و ما شابه ذلك . إذًا هذا الحديث الضعيف يجعل الشريعة قسمين لب و قشرة و حين يسمع السامع و بخاصة من كان لا علم عنده ما دام فيه لب و فيه قشر نحن شو بدنا بالقشر نأخذ اللباب و ندع القشور و هذا نحن نسمعه من كثير من الناس إذا قلت له يا أخي لا تطل ثوبك أكثر فتجعله دون الكعبين فإن هذا خلاف السنة بل خلاف ما أمر الرسول بيقول لك هذا أمور شكلية لا قيمة لها و إنما العبرة بما في القلب هذا خطأ تقسيم الإسلام إلى لب و إلى قشر هذا خطأ في الأسلوب و في التعبير منشؤه هذا الحديث الضعيف " الدعاء مخ العبادة " هذا لا يصح عن الرسول صلى الله عليه و سلم إنما الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) هذه جملة معترضة لأننا نعيش في زمن يضطرنا أن ندخل بعض الجمل من أجل التنبيه و تيقيض الناس من غفلتهم نعود إلى الحديث الصحيح و هو قوله عليه السلام ( الدعاء هو العبادة ) يعني على وزان قوله عليه السلام ( الحج عرفة ) هذا أسلوب عربي عظيم جدا لأن حصر الشيء في عبادة يعني أن هذه العبادة شيء عظيم عظيم جدا و كأن الحج محصور بإيش بالوقوف في عرفات حتى كأن العبادة محصورة في إيش ؟ في دعاء الله عز و جل وحده لا شريك لذلك لما الرسول عليه السلام نطق بهذا الحديث الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) تلى قوله تعالى (( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) هل هناك من يستكبر عن دعاء الله عز و جل وحده لا شريك له ؟ قد كان هذا فى زمن ما قبل رسالة الرسول عليه السلام أي أن المشركيين كانوا يدعون إلا الله و هل في مسلمين اليوم من يدعو غير الله مع الأسف الشديد حدّث و لا حرج ذلك مع الفارق الكبير لا يفوتني التنبيه مع الفارق الكبير بين أولئك المشركين فقد كانوا مشركين كفارا بدين الإسلام أما هؤلاء فهم مسلمون أمثالنا يصلون و يصومون و لكنهم لم يفقهوا مع الأسف الشديد بعد معنى كلمة التوحيد الكلمة الطيبة لا إله إلا الله لأنها تعني لا معبود بحق في الوجود إلا الله و إذا علمنا أن الدعاء هو العبادة عرفنا بالتالي أن كل مسلم يتوجه بدعاء غير الله فقد عبد هذا الغير من دون الله تبارك و تعالى و هذه مصيبة عظمى وقع فيها كثير من المتعبدين من الصالحين لا أتكلم على الفساق و المجرمين الذين لا يصومون و لا يصلون و إنما أتكلم عن الصالحين قد يقومون الليل و الناس نيام و يصومون في النهار و الناس مفطرون يعني هم من العباد الصالحين و لكنهم مع الأسف لم يفقهوا التوحيد بعد الذي به ينجو الإنسان يوم القيامة من الخلود في النار هذه الكلمة هي الكلمة الطيبة التى قال الله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عنها في الحديث الصحيح ( من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره )