بيان بعض أحكام السترة مع ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك. حفظ
الشيخ : فأريد أن أذكر بأمرين اثنين و لكل منهما مناسبته الأمر الأول أن كثيرا من إخواننا الحريصين على اتباع سنة نبينا صلوات الله و سلامه عليه يعتنون بالصلاة إلى السترة و لا يفعلون كما يفعل عامة الناس الذين لا يعلمون حيث يصلي أحدهم في المسجد كيفما اتفق له و لا يصلي إلى سترة ليس حديثنا الآن مع هؤلاء و إنما حديثنا مع أولئك الإخوان الحريصين على اتباع السنة و من اتباعهم للسنة أنهم يصلون إلى السترة و السترة ليس لها شخصية معينة فسواء كان جدارا أو كان عمودا أو كان عصا أو كان إنسانا جالسا بين يديه و هكذا هذه السنة عرفها كثير من الحريصين اليوم و الحمد لله على اتباع السنة و لكن كثيرين من أتباع السنة من هؤلاء يغفلون أو ينسون ما أدري ماذا أقول عن سنة تتعلق بهذه السنة ألا و هي الدنو إليها من جهة و عدم المبالغة في الدنو إليها من جهة أخرى و إنما ينبغي أن يكون بين موضع سجود المصلي و بين السترة كما جاء في الحديث الصحيح ممرك بمقدار شبر شبرين فهذا يعني أن لا يقف المصلي بعيدا على السترة و لا أيضا أن يقترب من السترة بحيث أنه يكاد أن ينطحها برأسه هذا الجدار لا يكاد يمس الجدار برأسه هذا خلاف السنة هذا الجدار يقوم بعيدا عنه بعدا كبيرا و إنما الحد الفاصل و المحدد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم القائل ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) كما جاء في صحيح البخارى من حديث سهل بن سعد الساعدي قال " كان بين مصلّى النبي صلى الله عليه و سلم و بين الجدار ممر شاة " مصلّى أي موضع السجود كان بين موضع سجود الرسول عليه السلام و بين السترة التي يتوجه إليها ممر شاه أي مقدار شبر شبر و نصف شبرين بالكثير و لذلك الذي ينبغي أن نلاحظه هو أن لا نكون بعيدين كل البعد عن السترة حينما نقف نصلي إليها و الصلاة إلى السترة لابد منها كما أشرنا إليه آنفا و لا أيضا نقترب منها بحيث نكاد أن نمسها برؤوسنا و إنما الأمر كما قال ربنا عزّ و جل في القرآن الكريم بمناسبة أخرى ... وأذكرر بعض الناس يتوهمون بأن هذه السترة إنما يشرع اتخاذها فقط في الصحراء في العراء و ليس في البنيان كالدار و المسجد هذا وهم و شبهتهم في ذلك إن سترة أنما توضع حيث يخشى أن يمر أحد بين يديه و لا تتخذ بزعمهم في المسجد أو في الدار بخاصة في الدار في الغرفة الصغيرة حيث يقول هذا المصلي و من سيمر بين يدي ؟ إذا هو يصلي كيفما اتفق له نقول له هذا وهم هذا خطأ فقد يمر بين يدي المصلي من لا يراه و هذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بقوله ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) فهناك خلق من خلق الله تبارك و تعالى مما وصفهم ربنا عز و جل في القرآن الكريم بقوله (( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونه )) فالشيطان الذي خلق من مارج من نار نحن لا نراه أما هو فيرانا هو و قبيله من حيث لا نراهم و لذلك فمن الأسباب الشرعية لمنع أن تتعرض صلاة المصلي لشيء من الفساد أو النقصان أن يتخذ هذه السترة و لا يقولن أحدهم ... .
السائل : فسر لنا السترة ... .
الشيخ : ... هذه بارك الله فيك قلنا الجدار أو العمود أو العصا أو الإنسان بين يديه هو هذا نعم فالرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث السابق لا يقطع الشيطان عليه صلاته يشير إلى أن هناك مارا قد يمر بين يديك لا تراه لأنه ليس من جنسك و لم يُخلق مما خُلقت خُلقت من طين و إنما هو خلق من مارج من نار فهو قد يمر بين يديك و لا تراه فما هي الوسيلة الشرعية في إبعاد الشيطن عن هذا المصلي أن يتعرض لصلاته بإفساد أو بنقصان أن تصلي إلى هذه السترة كما قال عليه الصلاة و السلام ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة ) في الرواية الأخرى أو الحديث الآخر ( إذا صلى أحدكم فليدنو من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أي لكي لا يقطع الشيطان عليه صلاته و قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بينما كان يصلي ذات يوم بين أصحابه و هو مد يديه كأنه يقبض على شيء و بعد صلاته عليه السلام و فراغه منها سألوه رأيناك في صلاتك صنعت شيئا لم تكن تصنعه قال ( إن الشيطان أراد أن يقطع علي صلاتي فأخذت بحلقومه فوجدت برد لعابه في أصابعي ) قال عليه السلام ( و لولا دعوة أخي سليمان عليه الصلاة و السلام ربّ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي لأصبح مربوطا بسارية - أي بعمود من أعمدة مسجد الرسول عليه السلام - يلعب به ولدان و صبيان المدينة ) لكن تأدبا منه عليه الصلاة و السلام مع أخيه سليمان عليه السلام الذي دعا هذه الدعوة لم يرد أن يشاركه في تسلطه عليه الصلاة و السلام على ذاك الشيطان فبعد أن كاد أن يخنقه حتى وجد برد لعابه في يده عليه السلام و أصابعه أطلق سبيله أدبا مع أخيه سليمان عليه الصلاة و السلام الشاهد من هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة و السلام الذي هو أكمل الناس و سيد الناس كما قال ذلك عليه السلام صراحة في صحيح البخارى و مسلم ( أنا سيد الناس يوم القيامة أتدرون مما ذاك ؟ ... ) ثم ذكر حديث الشفاعة الكبرى و الشاهد إذا كان سيد الناس كاد الشيطان أن يمر بين يديه لكن الرسول عليه السلام قد اصطفاه الله عز و جل بخصال و أكرمه بمعجزات لم تكن لأحد ممن بعده و ربما ممن كان قبله من ذلك أنه يرى ما لا نراه نحن يرى عليه السلام ما لا نرى نحن أي إنه عليه الصلاة و السلام و هذه فائدة لا يدخل في عموم الآية السابقة (( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )) إنه يراكم معشر الناس إلا سيد الناس فهو يراه عليه الصلاة و السلام و هذه خصوصية كما كان يرى جبريل عليه السلام و يرى الملائكة الكرام وقد جاء في صحيح البخارى و أقول أيضا بهذه المناسبة الطيبة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال للسيدة عائشة يوما ( يا عائشة هذا جبريل يقرؤك السلام ) هي لا ترى جبريل و هو معها في الحجرة مع الرسول علييه السلام ( هذا جبريل يقرؤك السلام ) قالت " يا رسول الله و عليه السلام " و في رواية ( و عليك و عليه السلام ترى يا رسول الله ما لا نرى ) الشاهد هنا أن الرسول عليه السلام بإمكانه أن يرى الشيطان حينما يمر بين يديه أما نحن فلا سبيل لنا إلى ذلك و لذلك ينبغي أن نتخذ الوسائل الشرعية لإبعاد الشيطان أن يتعرض لصلاتنا بشيء من الفساد أو النقصان من أجل ذلك أمرنا عليه الصلاة و السلام أن نتخذ السترة إذا قمنا نصلي لا فرق في ذلك كما أشرت آنفا بين أن نصلي في الصحراء أو العراء أو في البنيان في المسجد الواسع الكبير أو المسجد الصغير أو الغرفة الصغرى لا فرق في ذلك لأن الشيطان له من القدرة بإمكان الله إياه أن يدخل في أي مكان كما جاء أيضا في الصحيحين أن النببي صلى الله عليه و آله و سلم زارته ليلة زوجته صفية بنت حيي فجلست عنده ما جلست ثم خرجت لتنقلب أي تنصرف إلى دارها فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ليقلبها إلى أهلها فوقف معها هنية لما مر رجلين من الأنصار فلما رأوا الرسول عليه السلام قائما و معه امرأة أسرع السير هذا من أدبهما و حشمتهما و تعظيمهما لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال صلى الله عليه و سلم ( على رسلكما ) أي لا تسرعا ... في السير كما كنتما من قبل كما كنتما من قبل ( إنها صفية إنها صفية ) يقول لهما لا يدور في ذهنكما شيء هذه زوجتي ما هي امرأة غريبة قالا " يا رسول الله إن كنا لنظن بأحد فما كنا لنظن بك يا رسول " و هذا أمر طبيعي يعني كل الناس ممكن أن يظن بهم ظن السوء إلا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المعصوم فما كان جواب الرسول عليه على قولهما ما هذا قال ( إن شيطان - و هنا الشاهد - إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) فإذا الشيطان معرض أن يمر بين يدي الإنسان و لو كان في غرفة صغيرة فلكي لا تتعرض صلاته لشيء من الفساد و النقصان كما قلنا آنفا نصلي إلى سترة هذه وسيلة شرعية ليست وسيلة مادية يمكن نحن نفهمها بعقولنا القصيرة الجامدة فهذه من أمور الغيب التى يجب الإيمان بها و الإستسلام لها لأن ذلك من أول شرائط الإيمان الصحيح كما قال ربنا عز و جل (( آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )) من هم ؟ أول وصف (( الذين يؤمنون بالغيب )) فإذًا نحن نؤمن بالغيب أولا بأن هناك خلقا لا نراهم بأعيننا وهم الجن و الشياطين منهم و هذا منصوص في الكتاب و السنة و هو أمر متواتر مقطوع بوجوده و الشيء الثاني أن صلاة المصلي قد يتعرض الشيطان للإخلال بصلاة هذا الإنسان بمروره بينه و بين موضع سجوده فإذا وضع السترة كانت هذه السترة كعلم لا يجوز له أن يمر بين يديه هذه وسيلة شرعية و لا يقل الإنسان أنا أصلي في مكان ليس هناك ولد و ليس هناك حيوان يمر بين يدي لا . هناك حيوان أي خلق من خلق الله لا نراه بأعيننا ألا و هو الشيطان و هذا ما صرح به الرسول عليه السلام في الحديث السابق ( لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) يقع كثيرا أحدنا يصلي في داره و في الدار هر أو قط يريد أن يمر أو داجن يعني دجاجة أو شاة أو ماعز أو ما شابه ذلك و هذا ما وقع للرسول عليه السلام حيث كان يوما يصلي فأرادت شاة أو جدي هكذا نص الحديث جدي يعني شاة صغيرة أن يمر بين يديه فسعاها الرسول سعاها يعني نزل معها في المسابقة يعني لم يدعها تسبقه فتمر بين يديه فسعها حتى ألصق بطنه بالجدار ومرت الشاة أو الجدي خلفه عليه السلام هذا يدلنا على أهمية و اهتمام اتخاذ السترة هذه شاة أو هذا جدي حيوان لا يعقل بخلاف الشيطان الذي يجلس للإنسان بالمرصاد فهذا حيوان يمر مرا لا يعقل و لا يرمي إلى شيء أما الشيطان فيرمي إلى إفساد الصلاة مع ذلك فكان موقف الرسول عليه السلام من هذه الدابة أنه سابقها و ألصق بطنه عليه السلام بالجدار حتى مرت من خلفه هذه أمور كلها تدلنا نحن معشر المسلمين المهتمين باتباع سنة سيد المرسلين أنه يجب علينا أن نتهم أولا باتخاذ السترة وقد عرفنا أن السترة أي شيء منتصب هكذا أمامك سواء كان رقيقا أو غليظا و قد قال عليه الصلاة و السلام مبينا بلغة العرب التي كانوا يفهمونها يومئذ ما هي نوعية السترة التي هم يتداولونها يومئذ قال عليه السلام ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل )تعرفون مؤخرة الرحل ؟ ما هو أو ما هي عندكم ماذا تسمونها ؟ الرحل هو بالنسبة للجمل كالسرج بالنسبة للفرس هذا الذي يوضع على ظهر الجمل إسمه رحل و مؤخرة الرحل العمود هذا الذي يكون في الخلف واحد و في الأمام واحد هذا الذي في الأمام يلف الراكب رجله عليه فيصبح هذا اسمه في اللغة التي كان الرسول و الصحابة في زمنه يتكلمون بها إسمها الرحل و هذه العصا في الأمام و الخلف سماها الرسول عليه السلام مثل مؤخرة الرحل هذه لا تكون طويلة لا متر و لا نصف متر و إنما تكون شبرا أو أكثر قليلا هذه المؤخرة مؤخرة الرحل يعلق عليها الراكب متاعه و المقدمة هذه يلف عليها رجله فيصبح قطعة واحدة من الراحلة أه هذا مما تعلمناه ونحن أعاجم ولكن تعلمناه من لغة الرسول عليه السلام فقال ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ) كم مؤخرة الرحل ؟ شبر شبر و نص شبرين فإذا لم يكن بين يدي المصلي عصا طويلة شبر أو شبرين و مر شيء من هذه الأمور الثلاثة التي سيأتي ذكرها في تمام حديث الرسول عليه السلام تبطل صلاته تبطل يجب عليه أن يعيد الصلاة أما إذا مر شيء آخر فالصلاة تنقص و لا تبطل أي الحديث الأول يقطع صلاة أحدكم أه قوله عليه السلام ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) القطع هنا ليس المقصود به الإبطال و إنما نقصان الأجر أما القطع المذكور في الحديث الثاني ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ثلاثة أشياء المرأة و الحمار و الكلب الأسود ) هذا يبطل الصلاة فإذا مر الكلب الأسود أو مر الحمار أو مرت المرأة بشرط أن تكون امرأة بالغة كبيرة حينئذ تبطل الصلاة إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل باختصار إذا لم يكن بين يديه سترة و هذا من فوائد السترة أنها تحفظ صلاة المتوجه إليها عن القطع بمعنى الإبطال إبطال الصلاة وعن القطع بمعنى نقصان الأجر فيجب علينا أن نهتم بالصلاة إلى سترة سواء كنّا في الدار أو كنا في المسجد أو كنا في الصحراء و نلاحظ ما ذكرته آنفا أن نكون قريبين منها بمقدار يكون شبر أو شبرين بين موضع السجود و بين السترة و لا نبتعد أكثر من ذلك و لا نتجاوز هذه المسافة التي حددها فعله عليه السلام في المسجد النبوي حيث كان يصلي هناك إلى جدار و كان بين موضع سجوده و بين الجدار مقدار ممر شاة من فوائد السترة أن الإنسان إذا كان يصلي لا إلى سترة و أراد أحد أن يمر بين يديه فليس له أن يمنعه لماذا ؟ لأنه لم يضع العلم المنبه أنني أنا في صلاة فلا تتجاوز حدك أما إذا كان وضع سترة و صلى إليها فأراد أحد أن يمر بين يديه فله أن يمنعه و له أن يدفعه بل وله أن يقاتله فإنه شيطان إما أن يكون شيطانا من شياطين الإنس لأنه قيل له هكذا ما رد عليك ثم زدت ما رد عليك ثم أراد أن يهجم رغم أنفك وأنت تصلي واقفا بين يدي ربك فضربته هكذا ضربة هذا إما أن يكون من شياطين الإنسن أو أن يكون من شياطين الجن تشبه بصورة إنسان من الإنس هذه الأحكام كلها تتعلق بهذه السترة عصا أو عمود أو أي شيء تضعه بين يديك فيمنعك من أن تنقص من صلاتك أو أن تعرضها إلى بطلان أردت أن تقول شيئا ؟
السائل : فسر لنا السترة ... .
الشيخ : ... هذه بارك الله فيك قلنا الجدار أو العمود أو العصا أو الإنسان بين يديه هو هذا نعم فالرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث السابق لا يقطع الشيطان عليه صلاته يشير إلى أن هناك مارا قد يمر بين يديك لا تراه لأنه ليس من جنسك و لم يُخلق مما خُلقت خُلقت من طين و إنما هو خلق من مارج من نار فهو قد يمر بين يديك و لا تراه فما هي الوسيلة الشرعية في إبعاد الشيطن عن هذا المصلي أن يتعرض لصلاته بإفساد أو بنقصان أن تصلي إلى هذه السترة كما قال عليه الصلاة و السلام ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة ) في الرواية الأخرى أو الحديث الآخر ( إذا صلى أحدكم فليدنو من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أي لكي لا يقطع الشيطان عليه صلاته و قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بينما كان يصلي ذات يوم بين أصحابه و هو مد يديه كأنه يقبض على شيء و بعد صلاته عليه السلام و فراغه منها سألوه رأيناك في صلاتك صنعت شيئا لم تكن تصنعه قال ( إن الشيطان أراد أن يقطع علي صلاتي فأخذت بحلقومه فوجدت برد لعابه في أصابعي ) قال عليه السلام ( و لولا دعوة أخي سليمان عليه الصلاة و السلام ربّ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي لأصبح مربوطا بسارية - أي بعمود من أعمدة مسجد الرسول عليه السلام - يلعب به ولدان و صبيان المدينة ) لكن تأدبا منه عليه الصلاة و السلام مع أخيه سليمان عليه السلام الذي دعا هذه الدعوة لم يرد أن يشاركه في تسلطه عليه الصلاة و السلام على ذاك الشيطان فبعد أن كاد أن يخنقه حتى وجد برد لعابه في يده عليه السلام و أصابعه أطلق سبيله أدبا مع أخيه سليمان عليه الصلاة و السلام الشاهد من هذا الحديث أن الرسول عليه الصلاة و السلام الذي هو أكمل الناس و سيد الناس كما قال ذلك عليه السلام صراحة في صحيح البخارى و مسلم ( أنا سيد الناس يوم القيامة أتدرون مما ذاك ؟ ... ) ثم ذكر حديث الشفاعة الكبرى و الشاهد إذا كان سيد الناس كاد الشيطان أن يمر بين يديه لكن الرسول عليه السلام قد اصطفاه الله عز و جل بخصال و أكرمه بمعجزات لم تكن لأحد ممن بعده و ربما ممن كان قبله من ذلك أنه يرى ما لا نراه نحن يرى عليه السلام ما لا نرى نحن أي إنه عليه الصلاة و السلام و هذه فائدة لا يدخل في عموم الآية السابقة (( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )) إنه يراكم معشر الناس إلا سيد الناس فهو يراه عليه الصلاة و السلام و هذه خصوصية كما كان يرى جبريل عليه السلام و يرى الملائكة الكرام وقد جاء في صحيح البخارى و أقول أيضا بهذه المناسبة الطيبة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال للسيدة عائشة يوما ( يا عائشة هذا جبريل يقرؤك السلام ) هي لا ترى جبريل و هو معها في الحجرة مع الرسول علييه السلام ( هذا جبريل يقرؤك السلام ) قالت " يا رسول الله و عليه السلام " و في رواية ( و عليك و عليه السلام ترى يا رسول الله ما لا نرى ) الشاهد هنا أن الرسول عليه السلام بإمكانه أن يرى الشيطان حينما يمر بين يديه أما نحن فلا سبيل لنا إلى ذلك و لذلك ينبغي أن نتخذ الوسائل الشرعية لإبعاد الشيطان أن يتعرض لصلاتنا بشيء من الفساد أو النقصان من أجل ذلك أمرنا عليه الصلاة و السلام أن نتخذ السترة إذا قمنا نصلي لا فرق في ذلك كما أشرت آنفا بين أن نصلي في الصحراء أو العراء أو في البنيان في المسجد الواسع الكبير أو المسجد الصغير أو الغرفة الصغرى لا فرق في ذلك لأن الشيطان له من القدرة بإمكان الله إياه أن يدخل في أي مكان كما جاء أيضا في الصحيحين أن النببي صلى الله عليه و آله و سلم زارته ليلة زوجته صفية بنت حيي فجلست عنده ما جلست ثم خرجت لتنقلب أي تنصرف إلى دارها فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ليقلبها إلى أهلها فوقف معها هنية لما مر رجلين من الأنصار فلما رأوا الرسول عليه السلام قائما و معه امرأة أسرع السير هذا من أدبهما و حشمتهما و تعظيمهما لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال صلى الله عليه و سلم ( على رسلكما ) أي لا تسرعا ... في السير كما كنتما من قبل كما كنتما من قبل ( إنها صفية إنها صفية ) يقول لهما لا يدور في ذهنكما شيء هذه زوجتي ما هي امرأة غريبة قالا " يا رسول الله إن كنا لنظن بأحد فما كنا لنظن بك يا رسول " و هذا أمر طبيعي يعني كل الناس ممكن أن يظن بهم ظن السوء إلا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المعصوم فما كان جواب الرسول عليه على قولهما ما هذا قال ( إن شيطان - و هنا الشاهد - إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) فإذا الشيطان معرض أن يمر بين يدي الإنسان و لو كان في غرفة صغيرة فلكي لا تتعرض صلاته لشيء من الفساد و النقصان كما قلنا آنفا نصلي إلى سترة هذه وسيلة شرعية ليست وسيلة مادية يمكن نحن نفهمها بعقولنا القصيرة الجامدة فهذه من أمور الغيب التى يجب الإيمان بها و الإستسلام لها لأن ذلك من أول شرائط الإيمان الصحيح كما قال ربنا عز و جل (( آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )) من هم ؟ أول وصف (( الذين يؤمنون بالغيب )) فإذًا نحن نؤمن بالغيب أولا بأن هناك خلقا لا نراهم بأعيننا وهم الجن و الشياطين منهم و هذا منصوص في الكتاب و السنة و هو أمر متواتر مقطوع بوجوده و الشيء الثاني أن صلاة المصلي قد يتعرض الشيطان للإخلال بصلاة هذا الإنسان بمروره بينه و بين موضع سجوده فإذا وضع السترة كانت هذه السترة كعلم لا يجوز له أن يمر بين يديه هذه وسيلة شرعية و لا يقل الإنسان أنا أصلي في مكان ليس هناك ولد و ليس هناك حيوان يمر بين يدي لا . هناك حيوان أي خلق من خلق الله لا نراه بأعيننا ألا و هو الشيطان و هذا ما صرح به الرسول عليه السلام في الحديث السابق ( لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) يقع كثيرا أحدنا يصلي في داره و في الدار هر أو قط يريد أن يمر أو داجن يعني دجاجة أو شاة أو ماعز أو ما شابه ذلك و هذا ما وقع للرسول عليه السلام حيث كان يوما يصلي فأرادت شاة أو جدي هكذا نص الحديث جدي يعني شاة صغيرة أن يمر بين يديه فسعاها الرسول سعاها يعني نزل معها في المسابقة يعني لم يدعها تسبقه فتمر بين يديه فسعها حتى ألصق بطنه بالجدار ومرت الشاة أو الجدي خلفه عليه السلام هذا يدلنا على أهمية و اهتمام اتخاذ السترة هذه شاة أو هذا جدي حيوان لا يعقل بخلاف الشيطان الذي يجلس للإنسان بالمرصاد فهذا حيوان يمر مرا لا يعقل و لا يرمي إلى شيء أما الشيطان فيرمي إلى إفساد الصلاة مع ذلك فكان موقف الرسول عليه السلام من هذه الدابة أنه سابقها و ألصق بطنه عليه السلام بالجدار حتى مرت من خلفه هذه أمور كلها تدلنا نحن معشر المسلمين المهتمين باتباع سنة سيد المرسلين أنه يجب علينا أن نتهم أولا باتخاذ السترة وقد عرفنا أن السترة أي شيء منتصب هكذا أمامك سواء كان رقيقا أو غليظا و قد قال عليه الصلاة و السلام مبينا بلغة العرب التي كانوا يفهمونها يومئذ ما هي نوعية السترة التي هم يتداولونها يومئذ قال عليه السلام ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل )تعرفون مؤخرة الرحل ؟ ما هو أو ما هي عندكم ماذا تسمونها ؟ الرحل هو بالنسبة للجمل كالسرج بالنسبة للفرس هذا الذي يوضع على ظهر الجمل إسمه رحل و مؤخرة الرحل العمود هذا الذي يكون في الخلف واحد و في الأمام واحد هذا الذي في الأمام يلف الراكب رجله عليه فيصبح هذا اسمه في اللغة التي كان الرسول و الصحابة في زمنه يتكلمون بها إسمها الرحل و هذه العصا في الأمام و الخلف سماها الرسول عليه السلام مثل مؤخرة الرحل هذه لا تكون طويلة لا متر و لا نصف متر و إنما تكون شبرا أو أكثر قليلا هذه المؤخرة مؤخرة الرحل يعلق عليها الراكب متاعه و المقدمة هذه يلف عليها رجله فيصبح قطعة واحدة من الراحلة أه هذا مما تعلمناه ونحن أعاجم ولكن تعلمناه من لغة الرسول عليه السلام فقال ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ) كم مؤخرة الرحل ؟ شبر شبر و نص شبرين فإذا لم يكن بين يدي المصلي عصا طويلة شبر أو شبرين و مر شيء من هذه الأمور الثلاثة التي سيأتي ذكرها في تمام حديث الرسول عليه السلام تبطل صلاته تبطل يجب عليه أن يعيد الصلاة أما إذا مر شيء آخر فالصلاة تنقص و لا تبطل أي الحديث الأول يقطع صلاة أحدكم أه قوله عليه السلام ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) القطع هنا ليس المقصود به الإبطال و إنما نقصان الأجر أما القطع المذكور في الحديث الثاني ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ثلاثة أشياء المرأة و الحمار و الكلب الأسود ) هذا يبطل الصلاة فإذا مر الكلب الأسود أو مر الحمار أو مرت المرأة بشرط أن تكون امرأة بالغة كبيرة حينئذ تبطل الصلاة إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل باختصار إذا لم يكن بين يديه سترة و هذا من فوائد السترة أنها تحفظ صلاة المتوجه إليها عن القطع بمعنى الإبطال إبطال الصلاة وعن القطع بمعنى نقصان الأجر فيجب علينا أن نهتم بالصلاة إلى سترة سواء كنّا في الدار أو كنا في المسجد أو كنا في الصحراء و نلاحظ ما ذكرته آنفا أن نكون قريبين منها بمقدار يكون شبر أو شبرين بين موضع السجود و بين السترة و لا نبتعد أكثر من ذلك و لا نتجاوز هذه المسافة التي حددها فعله عليه السلام في المسجد النبوي حيث كان يصلي هناك إلى جدار و كان بين موضع سجوده و بين الجدار مقدار ممر شاة من فوائد السترة أن الإنسان إذا كان يصلي لا إلى سترة و أراد أحد أن يمر بين يديه فليس له أن يمنعه لماذا ؟ لأنه لم يضع العلم المنبه أنني أنا في صلاة فلا تتجاوز حدك أما إذا كان وضع سترة و صلى إليها فأراد أحد أن يمر بين يديه فله أن يمنعه و له أن يدفعه بل وله أن يقاتله فإنه شيطان إما أن يكون شيطانا من شياطين الإنس لأنه قيل له هكذا ما رد عليك ثم زدت ما رد عليك ثم أراد أن يهجم رغم أنفك وأنت تصلي واقفا بين يدي ربك فضربته هكذا ضربة هذا إما أن يكون من شياطين الإنسن أو أن يكون من شياطين الجن تشبه بصورة إنسان من الإنس هذه الأحكام كلها تتعلق بهذه السترة عصا أو عمود أو أي شيء تضعه بين يديك فيمنعك من أن تنقص من صلاتك أو أن تعرضها إلى بطلان أردت أن تقول شيئا ؟