ما حكم من يرى جواز القنوت في الفجر ويستدل على ذلك بحديث أنس" كان رسول صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" رواه الإمام أحمد والبزار وغيرها من الأحاديث ؟ حفظ
السائل : كنا هنا في المسجد وكان ... مصلين ... فنحن لا نقنت في صلاة الفجر فأحد الإخوة و ... مصطفى ذكر هذه الأحاديث عن أنس " لا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " رواه أحمد والبزاز و ... في البزار . وعن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت حتى مات و أبو بكر حتى مات وعمر حتى مات " رواه البزار و رجاله موثوقون ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد يقول وهو قائم اللهم نجّ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعباس بن أبي ربيعة " هذا الحديث رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد ركعة في صلاة شهرا، قال سمع الله لمن حمده ... "
الشيخ : على كل حال المسألة واضحة و معروفة عند العلماء فالأحاديث هذه قسمان من حيث ثبوتها فالحديث الأول والثاني لا يصحان ومن كان عنده معرفة بمصطلح علم الحديث يشعر شعورا بأن فيهما شيء من الضعف هذا فيما لو كان لا يعلم الضعف ... فقول العلماء ورجاله موثقون غير قولهم رجاله ثقات، ثم هذه الغيرية إذا صح التعبير لو كانت متساوية المقام والمعنى أي لو كان قولهم رجاله موثّقون كقولهم رجاله ثقات فهو لا يعني أن الإسناد صحيح ولنبين هذا والذي قبله . رجاله موثّقون يقال عادة فيما إذا كان فيهم من وثّق توثيقا ضعيفا لا يعتد به عند العلماء بخلاف ما إذا قيل رجاله ثقات فهذا التوثيق ثقة يعتمد وهذا أيضا يفهمه من كان عنده علم باللغة العربية وأدابها فكلمة موثوق نفي مبني للمجهول كقولهم وُثِّقَ فمن قال في راو وثّق غير قوله هو ثقة ، فثقة فيها معنى الجزم أما موثوق و وثّق ففيه معنى الإشعار بضعف التوثيق ولذلك نجد الحافظ الهيثمي بصورة خاصة في كتابه " مجمع الزوائد " بيستعمل التعبيرين فهو في أغلب الأحاديث يقول رجاله ثقات أحيانا يقول رجاله موثّقون يجب على طالب العلم أن يتنبه لهذه الفوارق ثم الذي يتابع و يبحث ويحقق يتبين له هذه الحقيقة كالشمس في رابعة النهار.
حين يقول رجاله ثقات يجدهم فعلا قد وثقه فلان و فلان كل واحد من الرواة أما حينما يقول في الحديث رجاله موثّقون فهو لا بد سيجد في هؤلاء الرواة راويا وثقه مثل بن حبان المعروف بتساهله في التوثيق ، فهو يشير بكلمة أنه وثّق أو موثّقون يعني أحد الرواة وثّق ممن لا يعتد بتوثيقه بسبب تساهله في التوثيق كابن حبان وهذا معروف عند العلماء المشتغلين بعلم الحديث والحافظ بن حجر العسقلاني من هؤلاء الأئمة الذين بينوا طريقة توثيق ابن حبان للرواة وأن هذا التوثيق منه ما هو مرجوح لمخالفته طريقة العلماء في التوثيق فهو يوثّق من هو مجهول عند الآخرين بل تارة يوثّق من هو مجهول عند نفسه حيث يقول فلان بن فلان قبل ، أن أقول هذا التعبير أريد أذكر أنه هو كتابه الثقات يورد الثقات في هذا الكتاب، لا يقول فلان ثقة فلان لا بأس به فلان ثقة ثقة فلان لا يسأل عن مثله هذه تعابير معروفة عند العلماء الذين يصرحون بالتوثيق، أما بن حبان ليس هذا من أسلوبه أبدا هو يقنع بأن يذكر اسم الراوي وكنيته وبلده إذا كان معروفا وسنة ولادته و وفاته إذا كان ذلك أيضا معلوما ويذكر شيخ أو شيخين له و راويا واحدا أو راويين له فكل من أورده في كتابه على هذه الطريقة هو عنده ثقة لأنه ذكره في كتاب الثقات فأحيانا ماذا يقول ؟ فلان بن فلان روى عن فلان وعن فلان لا أعرفه ولا أعرف أباه هو يقول هكذا، مع ذلك هو عنده ثقة لم ؟ هو بلا شك رجل عالم فاضل لكن " اتقوا زلة العالِم فإنها زلة العالَم " ابن حبان هذا رحمه الله عامل رواة الحديث معاملة العلماء جميعا للشهود فالأصل في المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويحافظ على الصلاة على الستر والأصل العدالة إلا إذا انكشف منه شيء فحينئذ يحكم بما يلزمه فهو أيضا بن حزم جرى مع رواة الحديث هذا المجرى وهو إحسان الظن بالمسلمين بينما هنا بالنسبة لعلم الحديث يشترط عند الحفاظ شرط آخر وهو أن يكون حافظا ضابطا لأن هذا منصوص على شرطيته في الحديث الصحيح وذلك بقولهم ما رواه شو الحديث الصحيح ؟ ما رواه عدل ضابط ما قالوا مارواه عدل عن مثله عن مثله إلى منتهاه بينما قالوا ما رواه عدل ضابط عن مثله ، فحينما يكون الراوي غير معروف عند المحدث كابن حبان فحينئذ لا يصح أن يحتج بحديثه لأنه لو فرضناه عدلا بالنسبة للشهادة فلا يصح أن يكون عدلا بالنسبة للحديث لأن الحديث يشترط في هذا العدل أن يكون ضابطا حافظا وهذا لا يتبين إلا إذا كان كثير الحديث ومدروس الحديث فمن كان ... إلا شخص، فكيف يسمى بأنه عدل ؟ ثم كيف يقال ضابط ؟ هذا مستحيل أنه يقال فيه وبخاصة في الراوي الذي روى عنه واحد وشهد بن حبان نفسه بأنه لا يعرفه ولا يعرف أصله كمان هو و أبوه فهذا مما أخذ على بن حبان ونسب إلى التساهل في توثيق الرواة وبناء على ذلك علماء الحديث لا يثقون بتوثيق بن حبان إلا إذا اقترن معه موثق آخر كالإمام أحمد ويحيي بن معين وابن المبارك ونحو ذلك من أئمة الحديث . فلعلم بعض الفحول من المحدّثين المتأخرين كالهيثمي والشيخ الحافظ بن حجر وابن حجر نفسه ... عليه ... مشان حتى يكونوا دقيقين في التعبير بيفرقوا بين قولهم رواه أحمد ورجاله ثقات وقولهم رواه أحمد ورجاله موثقون . أيضا بيقولوا رجاله ثقات وفيه فلان وفيه ضعف وقد وثّق لا يزالون ... بهذا التعبير، يضعونه في موضعه فابن حبان الشاهد هو من المتساهلين في توثيق الرواة يترتب عليه تساهله في إيراده لأحاديث أمثال هؤلاء الرواة في كتابه الذي سماه بالتقاسيم والأنواء والمعروف عند المتأخرين بصحيح بن حبان لأنه من وثقه في كتابه الثقات مخرج له في كتابه التقاسيم والأنواء الذي هو صحيح بن حبان فبنرجع ونقول رواته موثقون . الذي بيعرف هذا العلم بس يقول رواته موثقون يعرف أن فيه ضعف في أحد الرواة وإن كان وثقه بن حبان لأن بن حبان يوثق ... بل كما قلنا آنفا إذا قال رواته ثقات يفهم المتخصص في هذا العلم أن الإسناد ينبغي أن ينظر فيه لأن قول المحدّث الحافظ كالهيثمي مثلا و رجال إسناده ثقات ليس كما لو قال وإسناده صحيح أبدا ، وذلك لأنه كون رجال السند ثقات هو شرط من شروط الصحة كما ذكرنا آنفا من رواه عدل ضابط فهو لما بيقول لك رجاله ثقات أنبأك عن علم بأنه فعلا رجاله ثقات لكن وين الشروط الأخرى التي تستفاد من التعريف المتفق عليه عند أئمة الحديث ؟ مارواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولم يشذ ولم يعلّ هذه لا تعطي الشروط بكلمة رجاله ثقات فهنا في الحديثين الأولين فيه إشعار كما قلنا بأن الحديث فيه شيء لأنه ما بيقول أولا رجاله ثقات يقول رجاله موثقون حتى ولو قال رجاله ثقات فلا يعني أنه صحيح أخيرا الحديث الأول اللي هو قول أنس " مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الفجر حتى فارق الدنيا " هذا معروف علته عند علماء الحديث وهو أنه من رواية أبي جعفر الرازي الذي اشتهر بكنيته أكثر من اسمه، اسمه عيسى بن ماهان ويعرف بأبي جعفر الرازي وهو سيء الحفظ لا يحتجّ بحديثه إذا تفرّد ومعنى إذا تفرّد غير إذا خالف لأن الراوي الثّقة إذا تفرّد بحديث ولم يخالف فيه غيره حديثه صحيح أما إذا خالف غيره نظر، فإن كان الذي خالفه أوثق منه ، أحفظ منه ، أو أكثر عددا منه كان حديثه شاذا وإن كان مساويا له كان حديثه محفوظا وصحيحا . فأبو جعفر الرازي لا يحتج بحديثه إذا تفرّد أي إذا روى ما لم يروه الثقة فهو غير حجة لسوء حفظه أما إذا خالف فيكون حديثه منكرا وهذا من تفاصيلهم الدقيقة، الثقة إذا خالف من هو أوثق منه كان حديثه شاذا والضعيف إذا خالف الثقة كان حديثه منكرا وكل من الشاذ و المنكر من قسم الحديث الضعيف. حديث أنس هذا الذي رواه أبو جعفر الرازي هو منكر وليس فقط ضعيفا لأن الراوي ضعيف لأنه خالف من هو أوثق منه، قد روى هذا الحديث عن أنس بطريق صحيح غير طريق أبي جعفر الرازي طبعا بن حبان أيضا وبن خزيمة في صحيحيهما بإسناد صحيح عن أنس قال ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت إلا إذا دعى لقوم أو على قوم ) . هذا يخالف عموم الحديث الأول ( مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الفجر حتى فارق الدنيا ) أنس ثبت عنه " ما كان يقنت إلا إذا دعى لقوم أو على قوم " كما في الحديثين الأخيرين اللي قرأهم أبو صلاح آنفا فهما حديثان صحيحان لما دعا على كفار قريش وهذان الحديثان كحديث أنس الصحيح الذي رواه ... .