خطبة جمعة من أحد الإخوة . حفظ
خطبة جمعة من أحد الإخوة .
الخطبةُ الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) .
أما بعد : فإن أحسن الكلام كلامُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتُها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
يقول اللهُ جل جلاله في مُحكمِ التنزيل (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ))، ويقول عليهِ الصلاةُ والسلام : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضاً ) أمر الله - سبحانه وتعالى - في هذه الآية بأن يتعاون المؤمنون جميعاً على طاعة الله ورضوانه وحذرهم -جلّ جلاله- من أن يتعاونوا على الفتنة والفساد والشر، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم شبّه أمة الإسلام بالبنيان المرصوص الذي يتكون في مجموعه من لبناتٍ ، كل لبنة تضم إلى الأخرى، فباجتماعها يكونُ البنيانُ مرصوصاً قوياً ، يكون البنيان قوياً عاتياً، وهكذا يشبه النبي صلى الله عليه وسلم أمّة الإسلامِ بذلك، فأمة الإسلام إذا ما تفككت وإذا ما اتبع كل واحد منها رأسه ، واتبع منهاجاً بما تهوى الأنفس، وبما تشتهي فإنهم يكونون مثالهم كمثال الغنم التي لا راعي لها ، مثالهم مثالُ الأغنام المشتتة التي ينفردُ بها الذئبُ واحدة واحدة فيقضي عليها، واليومُ دعاة الإسلام اليوم مدعوون لتطبيق أمر اللهِ ولامتثال أمرِ الله -سبحانه وتعالى- بالتعاون على البر والتقوى ، فهم أولى الناس باتباع أوامرِ الله -سبحانه وتعالى- وهم أولى الناس باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وللأسف الشديد أننا نرى دعاة الباطلِ في كلِّ مكان ، اجتمعوا على باطلهم وألفوا بينهم واجتمعوا على حربِ الإسلامِ والمسلمين، ولكن وللأسفِ الشديد أن دعاة الإسلامِ اليوم كلُ كما أخبر اللهُ سبحانه وتعالى: (( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وقد ذمّ الله سبحانه وتعالى الافتراقوالاختلاف وعابه ، فقال -جلّ جلاله-: (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وفي قراءة الإمامين ، حمزةَ والكسائي: (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَارَقوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا )) ، فعدّ اللهُ-جلّ جلاله- الاختلاف في الدين من المفارقة ، من مفارقة الدين والعياذ بالله، فأنتم معشر الأحباب ومعشر الإخوة ، مدعوون اليوم إلى أن ترصوا صفوفكم وإلى أن تجتمعوا على كلمة سواء بينكم ، لأنكم دعاة منهج الحق ، ولأنكم آمنتم باللهِ رباً وبالإسلامِ ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فإذا كنتم -أنتم- أصحاب المنهاج الحق كما تدندنون حول ذلك فليكن شعاركم وليكن دثاركم أن لا يتبع أحدٌ منّا هواه ، وأن لا يغضبَ لنفسِه ، وأن يؤثر الوحدة على الافتراق، لأن الوحدة رحمة ، والفرقة عذاب ، الفرقة عذاب ، لقد عانت الأمة الإسلامية من الفُرقةِ كثيراً، وعدوها لها بالمرصاد، يخطط لها صباح مساء، ينقضَّ عليها انقضاض الفهد على فريسته، ولكن هيهات هيهات فإن التخدير قد سرى مفعوله في جسد الأمة الإسلامية -وللأسف الشديد- فإن أعداء الإسلامِ اليوم يعلمون من أين تؤكل الكتف، ها هم يخدرون الأمة الإسلامية، يدخلون إلى بيوتها الفتنة والفساد ، إذا أدخلوا إلى بيوتها التلفاز وخلطوا الرجال بالنساء وفعلوا وفعلوا كل ذلك من أجل القضاءِ على الإحساس وعلى الشعورِ الإسلاميّ في روح وجسد الأمة الإسلامية فهل يعي دعاة الإسلام اليوم الخطر المحدق بهم من كل جانب ؟ هل يفيقوا من غفلتهم ؟ وهل يفيقوا من سباتهم فيتناسوا الخلافات التي بينهم ؟ أقولُ الخلافات الخلافات التي قامت على الهوى وعلى حبِّ الرفعة وحبِّ الظهور الذي يقصمَ الظهور، وللأسفِ الشديد أن ما نرى كثيراً من إخواننا الذين على منهجِ الحق تراهم يغضبون لأتفه سبب يزمجرون ويصيحون وربما هجر أحدهم أخاه لغضب نفسي ولشهوة في نفسه ولأنه لم يذعن له بما أراد منه أن يذعن له في المناقشة العلميّة ، إذا لم تطعه في رأيه وفي وجهةِ نظره قاطعك واتخذك عدواً لدوداً ، إنّ رجلاً حاله هذا لا يكون من الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( أوثق عرى الإيمان الحبُّ في الله والبغضُ في اللهِ ) فأنتم مدعوون أيها الإخوة إلى أن ترصوا الصفوف و إلى أن تجندوا الطاقات وإلى أن تشمروا عن ساعدِ الجد، فتصلوا من قطعكم وتحسنوا إلى من أساء إليكم وتبروا المسلمين وتكرمونهم ولا تحتقروا أحداً منهم و تنصحوا لهم بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، فإن أحد من المسلمين اعتدى على أحدٍ منكم أو سبّه أو شتمه فليصبر على ذلك أسوةً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل به المشركون ما فعلوا ولكنه لمّا دخل مكةَ فاتحاً ، قال: يا أهل مكة ، ما تظنون أني فاعلٌ بكم ؟ قالوا: أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم ، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عفا عن قتلة عمه وقتلة أهل بيته وعن قتلة المؤمنين فما بالنا أيها الإخوة لا نعفو عن إخواننا ولا نرحم عليهم ولا نودهم ولا نصلهم ونوصيهم بالبر والتقوى ؟.
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.
الخطبةُ الثانية
الحمدُ للهِ رب العالمين ، وأفضل الصلاةِ وأتمُ التسليم على المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، أيها الإخوة المؤمنون ، اعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- قد أمركم بأمرٍ عظيم، أمرٍ لابد لكم منه في دعوتكم ، حيثُ قال -جلّ جلاله- :(( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، هذا أمرٌ من اللهِ -سبحانه وتعالى- لأن به استقامة الدعوة الإسلامية ، ولأن به استمرارية الدعوة الإسلامية، ولأن به يكون الود والإخاء بين المسلمين، أما الغضب لغير الله، وأما الهجرُ لغيرِ الله، فذلك ليس في الإسلامِ من شيء ، النبيُ صلى الله عليه وسلم معلّمُ الناسِ الخلق الذي مدحه الله -سبحانه بقوله- (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) ، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا المنهج الحق ، كذلك صلى الله عليه وسلم علمنا الأخلاق الحسنة ، قالت السيدةُ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- تنعت صفة أخلاقِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كان خلقه القرآن ) كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول قولاً إلا التزمه في سلوكه وفي حياته، لذلك كانت دعوته مؤثرة في قلوبِ الآخرين، أما أن نجدَ الداعيةَ اليوم يتكلمُ الكلامَ الكثير ولكن قولَه يخالف فعله، فهذا العالم وهذا الداعية نصيحته لا تدخل الآذان ، تصوروا أيها الإخوة تصوروا أن رجلاً يعظُ الناس ويذكرهم وينهاهم عن شربِ السجائر .
الخطبةُ الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) .
أما بعد : فإن أحسن الكلام كلامُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتُها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
يقول اللهُ جل جلاله في مُحكمِ التنزيل (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ))، ويقول عليهِ الصلاةُ والسلام : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضاً ) أمر الله - سبحانه وتعالى - في هذه الآية بأن يتعاون المؤمنون جميعاً على طاعة الله ورضوانه وحذرهم -جلّ جلاله- من أن يتعاونوا على الفتنة والفساد والشر، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم شبّه أمة الإسلام بالبنيان المرصوص الذي يتكون في مجموعه من لبناتٍ ، كل لبنة تضم إلى الأخرى، فباجتماعها يكونُ البنيانُ مرصوصاً قوياً ، يكون البنيان قوياً عاتياً، وهكذا يشبه النبي صلى الله عليه وسلم أمّة الإسلامِ بذلك، فأمة الإسلام إذا ما تفككت وإذا ما اتبع كل واحد منها رأسه ، واتبع منهاجاً بما تهوى الأنفس، وبما تشتهي فإنهم يكونون مثالهم كمثال الغنم التي لا راعي لها ، مثالهم مثالُ الأغنام المشتتة التي ينفردُ بها الذئبُ واحدة واحدة فيقضي عليها، واليومُ دعاة الإسلام اليوم مدعوون لتطبيق أمر اللهِ ولامتثال أمرِ الله -سبحانه وتعالى- بالتعاون على البر والتقوى ، فهم أولى الناس باتباع أوامرِ الله -سبحانه وتعالى- وهم أولى الناس باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وللأسف الشديد أننا نرى دعاة الباطلِ في كلِّ مكان ، اجتمعوا على باطلهم وألفوا بينهم واجتمعوا على حربِ الإسلامِ والمسلمين، ولكن وللأسفِ الشديد أن دعاة الإسلامِ اليوم كلُ كما أخبر اللهُ سبحانه وتعالى: (( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وقد ذمّ الله سبحانه وتعالى الافتراقوالاختلاف وعابه ، فقال -جلّ جلاله-: (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وفي قراءة الإمامين ، حمزةَ والكسائي: (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَارَقوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا )) ، فعدّ اللهُ-جلّ جلاله- الاختلاف في الدين من المفارقة ، من مفارقة الدين والعياذ بالله، فأنتم معشر الأحباب ومعشر الإخوة ، مدعوون اليوم إلى أن ترصوا صفوفكم وإلى أن تجتمعوا على كلمة سواء بينكم ، لأنكم دعاة منهج الحق ، ولأنكم آمنتم باللهِ رباً وبالإسلامِ ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فإذا كنتم -أنتم- أصحاب المنهاج الحق كما تدندنون حول ذلك فليكن شعاركم وليكن دثاركم أن لا يتبع أحدٌ منّا هواه ، وأن لا يغضبَ لنفسِه ، وأن يؤثر الوحدة على الافتراق، لأن الوحدة رحمة ، والفرقة عذاب ، الفرقة عذاب ، لقد عانت الأمة الإسلامية من الفُرقةِ كثيراً، وعدوها لها بالمرصاد، يخطط لها صباح مساء، ينقضَّ عليها انقضاض الفهد على فريسته، ولكن هيهات هيهات فإن التخدير قد سرى مفعوله في جسد الأمة الإسلامية -وللأسف الشديد- فإن أعداء الإسلامِ اليوم يعلمون من أين تؤكل الكتف، ها هم يخدرون الأمة الإسلامية، يدخلون إلى بيوتها الفتنة والفساد ، إذا أدخلوا إلى بيوتها التلفاز وخلطوا الرجال بالنساء وفعلوا وفعلوا كل ذلك من أجل القضاءِ على الإحساس وعلى الشعورِ الإسلاميّ في روح وجسد الأمة الإسلامية فهل يعي دعاة الإسلام اليوم الخطر المحدق بهم من كل جانب ؟ هل يفيقوا من غفلتهم ؟ وهل يفيقوا من سباتهم فيتناسوا الخلافات التي بينهم ؟ أقولُ الخلافات الخلافات التي قامت على الهوى وعلى حبِّ الرفعة وحبِّ الظهور الذي يقصمَ الظهور، وللأسفِ الشديد أن ما نرى كثيراً من إخواننا الذين على منهجِ الحق تراهم يغضبون لأتفه سبب يزمجرون ويصيحون وربما هجر أحدهم أخاه لغضب نفسي ولشهوة في نفسه ولأنه لم يذعن له بما أراد منه أن يذعن له في المناقشة العلميّة ، إذا لم تطعه في رأيه وفي وجهةِ نظره قاطعك واتخذك عدواً لدوداً ، إنّ رجلاً حاله هذا لا يكون من الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( أوثق عرى الإيمان الحبُّ في الله والبغضُ في اللهِ ) فأنتم مدعوون أيها الإخوة إلى أن ترصوا الصفوف و إلى أن تجندوا الطاقات وإلى أن تشمروا عن ساعدِ الجد، فتصلوا من قطعكم وتحسنوا إلى من أساء إليكم وتبروا المسلمين وتكرمونهم ولا تحتقروا أحداً منهم و تنصحوا لهم بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، فإن أحد من المسلمين اعتدى على أحدٍ منكم أو سبّه أو شتمه فليصبر على ذلك أسوةً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل به المشركون ما فعلوا ولكنه لمّا دخل مكةَ فاتحاً ، قال: يا أهل مكة ، ما تظنون أني فاعلٌ بكم ؟ قالوا: أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم ، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عفا عن قتلة عمه وقتلة أهل بيته وعن قتلة المؤمنين فما بالنا أيها الإخوة لا نعفو عن إخواننا ولا نرحم عليهم ولا نودهم ولا نصلهم ونوصيهم بالبر والتقوى ؟.
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.
الخطبةُ الثانية
الحمدُ للهِ رب العالمين ، وأفضل الصلاةِ وأتمُ التسليم على المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، أيها الإخوة المؤمنون ، اعلموا أن الله -سبحانه وتعالى- قد أمركم بأمرٍ عظيم، أمرٍ لابد لكم منه في دعوتكم ، حيثُ قال -جلّ جلاله- :(( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، هذا أمرٌ من اللهِ -سبحانه وتعالى- لأن به استقامة الدعوة الإسلامية ، ولأن به استمرارية الدعوة الإسلامية، ولأن به يكون الود والإخاء بين المسلمين، أما الغضب لغير الله، وأما الهجرُ لغيرِ الله، فذلك ليس في الإسلامِ من شيء ، النبيُ صلى الله عليه وسلم معلّمُ الناسِ الخلق الذي مدحه الله -سبحانه بقوله- (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) ، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا المنهج الحق ، كذلك صلى الله عليه وسلم علمنا الأخلاق الحسنة ، قالت السيدةُ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- تنعت صفة أخلاقِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كان خلقه القرآن ) كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول قولاً إلا التزمه في سلوكه وفي حياته، لذلك كانت دعوته مؤثرة في قلوبِ الآخرين، أما أن نجدَ الداعيةَ اليوم يتكلمُ الكلامَ الكثير ولكن قولَه يخالف فعله، فهذا العالم وهذا الداعية نصيحته لا تدخل الآذان ، تصوروا أيها الإخوة تصوروا أن رجلاً يعظُ الناس ويذكرهم وينهاهم عن شربِ السجائر .