معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له من الدنيا " وذكر مسألة: هل كل دعوة دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يستجاب له فيها؟ حفظ
الشيخ : ويظهر أثر هذا الدعاء النافع للمؤمنين الدعاء الذي دعى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الكافرين بخلاف ذلك كله حيث قال عليه السلام ( ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له من الدنيا ) وكان هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الأدعية التي استجاب الله عز وجل دعاءه عليه السلام ... لأنه ليس من الضروري أن كل دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تكون هذه الدعوة مستجابة خلاف ما يقوم في أذهان بعض الناس ممن يعالجون الأحكام الشرعية بأهوائهم أو على الأقل بعواطفهم . ليس كل دعوة يدعو بها الرسول عليه السلام من الضروري أن يستجيبها الله له وإن كان الأمر غالبه كذلك ولذلك قال عليه الصلاة و السلام وهذا من فضله ورحمته ورأفته بأمته قال ( إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله كل من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله ) فهذه الدعوة مستجابة يقينا ولذلك فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عرف كيف يحسن استعمالها وعرف أين يضعها الموضع اللائق بها فقال ( خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ) أما سائر الدعوات فقد تستجاب وقد لا تستجاب ومن الأدعية المشهورة التي لم يستجبها ربنا تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم لحكمة يعلمها أنه دعى أن لا يجعل بأس أمته بينهم شديدا، فلم يقبل ذلك منه عليه السلام .
أقول الظاهر أن هذا الدعاء الذي هو موضع درسنا الليلة مما استجابه الله عز وجل لنبيه لأن معناه في كل من الفقرتين، الفقرة الأولى المتعلقة بالمؤمن والفقرة الأخرى المتعلقة بالكافر، معنى هذه ومعنى هذه متجل في المؤمن وفي الكافر وهذا كما قلنا بالنسبة للفقرة الأولى أمر غالبي أما فيما يتعلق بالكافر ربنا عز وجل قد ذكر في كتابه ما يمكن اعتباره تأييدا أو شرحا لجملة في هذا الحديث ألا وهو قوله تبارك وتعالى (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) هذا الضنك الذي يعيشه الكافر وأجلى ما تجلى هذا الضنك وإنما هو في هذا العصر الحاضر الذي كان من المفروض أن ينال الكافر فيه حضوته من المتعة و الراحة بسبب ما قيض له من وسائل من مخترعات وابتكارات تسهل له ذلك ولكن ذلك كله انقلب عليه بسبب كفره ولذلك قال عليه السلام ومن لم يؤمن به ولم يصدق به عليه السلام فلا تسهل عليه قضاءه فهو لا يرضى بقضاءه مهما كان، كانت صعوبته قليلة ويأخذ ويشتم ويضطرب و و وحياته كلها تنكرب هذا ظاهر جدا فهو مصداق الآية السابقة أولا ولهذا الحديث الصحيح ثانيا .
( ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ) كما قال تعالى (( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة )) بخلاف المؤمن كما هو معروف في سيرة السلف الصالح ( فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك ) فهو ضيق دائما وأكثر له من الدنيا وهل أكثر من هذه الدنيا التي ترونها اليوم عند الكفار !