كلام الشيخ على منهج الدعوة السلفية بمناسبة قراءته لمقال في مجلة المجتمع الكويتية والتعليق على قول صاحبها قبل أن نرجع بدستور الأحوال الشخصية لابد من تهيئة المسلمين لذلك بحجة أن الاسلام يؤخذ كله ولا يترك منه شيء . حفظ
الشيخ : كالبحث السابق حول منهج الدعوة السلفية في بحث في هذه الليلة بمناسبة أني اطلعت على مقال في مجلة المجتمع التي تصدر في الكويت وهي مجلة إسلامية لتعلموا خطورة بل عظمة تمسكنا بكتاب ربنا وسنة نبينا وعلى منهج سلفنا الصالح وأن هذا المنهج إذا ما أهمله المسلمون ضلوا سواء السبيل وكنا ضربنا لكم مثلا من العقائد الإسلامية المتعلقة بالقرآن الكريم الذي هو الأصل الأول والمصدر الأول والمرجع الأول للشريعة الإسلامية على أساس أنه كلام الله سبحانه وتعالى وليس كلام البشر ولا كلام غير البشر ضربنا مثلا على مبلغ ... في فهم الكتاب والسنة عن منهج السلف الصالح في القرآن الكريم على اعتبار أنه من كلام الله عز وجل وكيف وصل الأمر لبعض الفرق الإسلامية أن يعروا هذا القرآن الكريم من أن يكون كلام الله عز وجل فبعضهم قال صراحة إنه ليس كلام الله بل هو مخلوق وبعضهم وافق هذا القائل ضمنا ولكنه لم يصرح تصريحه فأنكر أن يكون لله كلاما مسموعا و وصفه بأنه كلام نفسي. و وصف الكلام بهذا هو تعطيل الكلام الإلاهي الذي من صفاته أنه يسمع ممن يخاطبه الله تبارك وتعالى به سواء كان صالحا أو طالحا .
لا أريد بطبيعة الحال أن أعيد القول فيما مضى ولكني أردت بمناسبة اطلاعي هذا على هذه المجلة أن أقدم إليكم مثالا للواقع حياتنا الإسلامية اليوم . كاتب هذا المقال يعالج حركة هناك في الكويت إسلامية تطالب وليست هذه الحركة بغريبة عن سائر البلاد الإسلامية فكل البلاد الإسلامية تطالب الحكام بأن يعودوا في قوانينهم إلى موافقتها للشريعة الإسلامية فمن هذه القوانين قوانين الأحوال الشخصية فيظهر أن هناك مجلات وجرائد كثيرة تعالج مثل هذا القانون وتطالب الدولة هناك بأن تعود بهذا القانون إلى ما يوافق الإسلام أي الكتاب والسنة . فمن العجائب والغرائب أن يحول بعض المتحمسين للإسلام بين الدولة وبين تحقيق هذا الطلب الإسلامي وهو الرجوع بقانون الأحوال الشخصية إلى الكتاب والسنة ، يستند في ذلك إلى مستند صحيح في نفسه ولكنه ليس دليلا له يؤيده في طلبه فهي كما قيل قديما " كلمة حق يراد بها باطل "
ما هذا هو الحق الذي يستند إليه ؟ يقول " إن الإسلام كلا لا يتجزأ وأنه يجب على المسلمين أن يتبنوا الإسلام كلا لا يتجزأ " هذه الدعوة صحيحة ولا يجوز لأي مسلم أن يرتاب فيها، لكن هنا شيء يجب أن نلاحظه ألا وهو أن هناك تبني فكري أو تبنيا فكريا وهناك تبنيا عمليا فالذي لا يجوز التردد فيه وأنه يجب تبنيه كاملا هو التبني الفكري ولا يجوز أن نؤمن بطبيعة الحال ببعض الكتاب ونكفر ببعض .
أما التفريط فكالتكاليف الشرعية المتعلقة بكل مكلف من المسلمين فهو ينهض بما يستطيع منها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها كذلك الأمة وليست الأمة كما هو معلوم إلا مجموعة أفراد فكما أن كل فرد يكلف بما يستطيع فكذلك الأمة تكلف بما تستطيع إذا عرفنا هذه الحقيقة وهي حقيقة بدهية لا ريب فيها فحينئذ يتبين لكم أن هذا الكاتب خلط بين الفكر وبين العمل الذي ينبغي أن يطابق الفكر فهو كأنه ينشد مجتمعا إسلاميا يطبق فيه الإسلام بحذافيره لا يمكن أن يتخلف عن التطبيق جزء من أجزائه سواء كان كبيرا أو صغيرا وهذا أمر بطبيعة الحال أمر مستحيل التحقيق لا سيما بالنسبة للمسلمين المتأخرين فهو الآن يقول صراحة قبل أن نعود بقانون الأحوال الشخصية لموافقته للكتاب والسنة فنحذف منه ما يخالف الإسلام ونضع فيه ما يأمر به الإسلام قبل هذا كله يجب أن نصلح المجتمع، يجب أن نصلح المجتمع هذا ونهيأه لتقبل هذه الأحكام وهذه القوانين . كلام جميل في الواقع وهذه التهيأة هي التي نحن ندعو إليها قبل الإهتمام بأشياء لا سبيل لنا إليها لا لأنه إذا تمكنا من ذلك لا نفعل، وهذا فرق كبير جدا بين ما ندعو إليه الناس وهو أن نعمل بما نستطيع إلى استئناف الحياة الإسلامية ولا شك أن ذلك يكون خطوة خطوة وبقدر ما يستطيع الإنسان أو الأمة بمعنى لو أن الإسلام عبارة عن أحكام يبلغ عددها مائة ونحن الآن نعيش في حياة تطبيقية لعشرة منها ما في مانع أن نزيدها واحدة وثانية وثالثة حتى تصير عندنا ... وهكذا أما أن ننتظر حتى تستأنف الأمة حياتها الإسلامية الكاملة بين ذواتها وأفرادها وندع الحكم يمشي منطلقا على خلاف الكتاب والسنة ونحن نستطيع أن نعدل وأن نغير من هذا الحكم بدون أي مشقة أو جهد كما هو واضح الآن من هذه الحركة التي تقوم في الكويت .
فالرضا بهذه القوانين بحجة أن المجتمع ليس مجتمعا إسلاميا كاملا هذا معناه سيضل المجتمع الإسلامي غير كامل لأن لا شك سعي الأفراد في الإصلاح أقل من سعي الحكومات وقديما قال أو روي بالأصح نقول روي عن عثمان أنه قال " إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " فإذا وافق السلطان على تغيير قانون ما موافقا فيه الشريعة الإسلامية لماذا نحن نأبى ونحول بين هذا الإصلاح بحجة أن واقعنا الإسلامي لا يتقبل هذا الإصلاح ، هذا أمر غريب جدا !
قبل سنين كان معروفا في قانون الأحوال الشخصية أن المسلم إذا طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد بلفظ واحد تصبح زوجته بائنة منه بينونة كبرى أي كما قال تعالى (( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )) ثم رأى بعض المشتغلين بالفقه الإسلامي أن تبني هذا الرأي أو هذا الحكم على أنه رأي المذاهب الأربعة التي يحرص جماهير المسلمين على المحافظة على مسائلها ولا يسمحون لاحد بالخروج عنها مهما وجد إلى هذا الخروج سبيلا مع ذلك هؤلاء لما رأوا سوء أثر تبني هذا القول وهو أن الطلاق بلفظ الثلاث ثلاث عادوا فتبنوا رأيا إلى عهد قريب كان رأيا شاذا منبوذا ألا وهو رأي شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله الذي عاد في هذه المسألة منذ نحو ثمان قرون عاد فيها إلى السنة فقال الطلاق بلفظ الثلاث إنما هو طلقة واحدة فتبنى بعض الفقهاء وأدخلوا هذا الحكم الإسلامي الصحيح في قانون الأحوال الشخصية وهناك بلا شك، أنا لست قانونيا وما درست قانون الأحوال الشخصية ولكن أعلم يقينا أن هناك أحكام كثيرة بمثل هذا الحكم تخالف الشريعة الإسلامية كتابا أو سنة أو كليهما معا .
فماذا ضر المجتمع الإسلامي وهو لم يتقدم مطلقا منذ عهد قريب حينما غير هذا الحكم إلى ما يوافق السنة، ماذا ضر ذلك شيئا ولا تقلقل المجتمع ولا رفضه المجتمع كما يشير إلى ذلك كاتب هذا المقال نلخص لكم الآن كلمات من المقالة ... المقال طويل ... صفحتين لتأخذوا الفكرة الصحيحة من نفس الكلام .