سؤال حول كتابكم صفة الصلاة وما ورد فيها من تغيير الصحابة لصيغة السلام في التشهد فكيف نوجه هذا التغيير ؟ حفظ
السائل : هناك سؤال في كتاب الصلاة ذكرتم حديث، الحديث المروي عن الصحابة في كيفية التشهد للصحابة قد غيروا صيغة السلام عليك للسلام على النبي ورحمة الله وبركاته .كيف نوفق الأمر الثاني بالأول علما بأن بعض السلفية منهجها الأخذ بالقرآن والسنة وفهم الصحابة لهما ؟
الشيخ : كأن السائل فهم أن الصحابة غيروا النص الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الذي هو بصيغة الخطاب " السلام عليك أيها النبي " كأنه فهم أنهم غيروه من عند أنفسهم وهذا ما نبرأ به أقل الناس فهما للسنة حتى لو كان خلفيا سلفيا أعني حتى لو كان من الخلف الذين يتبنون منهج السلف .
لا نتصور رجلا من المتأخرين يفقه أن الأوراد توقيفية يتجرّأ على أن يغير حرفا واحدا في ورد تلقاه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأسانيد فكيف نتصور صحابيا واحدا كمثل، لا سيما إذا كان مثل بن مسعود يقدم على تغيير نص تلقاه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة ؟! هذا الخاطر يجب أن لا يخطر على بال السائل أو غيره أبدا .
وإنما يقول العلماء في مثل هذا إن ذلك الذي فعلوه هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ومعنى التوقيف أي أن الرسول عليه السلام هو الذي ألمح وأشار إليهم أن هذا هو في حياتي أما بعد وفاتي فتتكلمون بصغة الغيبة ليس بصيغة الحاضر فتقولون في التشهد " السلام على النبي " ونحن نعرف بعد الصحابة عن الإبتداع بصورة عامة وبعدهم عنه في الأذكار بصورة خاصة وبالأخص منهم عبد الله بن مسعود الذي جاء النص الصحيح في البخاري عنه أنه قال " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة وكفي بين كفيه " كفي بين كفيه كناية عن اهتمام المعلم بالمتعلم بتلقينه ما هو في طريق تعليمه إياه . قال بن مسعود " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التشهد وكفي بين كفيه التحيات لله ... " وذكر التشهد المعروف عن بن مسعود والذي عليه الحنفية " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " قال بن مسعود بعد أن ذكر النص الذي لقنه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه بين كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ونحن بين ظهرانيه، وهو بين ظهرانينا " يعني علمه أن يقول هذا وهو بين ظهرانيهم يعني وهو حي معهم، قال فلما مات قلنا " السلام على النبي " ، ماقال هو قلت وحاشاه أن يقول كما قلت لكم آنفا حاشاه أن يتصرف في مثل هذا النص الذي تلقاه من الرسول مباشرة وبهذا الإهتمام الذي عبر عنه بقوله " كفي بين كفيه " وإنما ذلك مما فهمه أثناء التلقين لذلك قال في آخر الحديث وهو بين ظهرانينا فلما مات قال قلنا، ما قال قلت ... هو يقول من عند نفسه شيئا يغير فيه نص الرسول عليه السلام وهو يعلم أن تعليم الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو وحي من الله، هو وحي من الله . والذين يجهلون هذه الحقيقة أو يغفلون أو يتغافلون عنها هم في الواقع في خطأ كبير جدا . الذين يتقدمون إلى أوراد الرسول عليه السلام وإلى أذكاره فيزيدون فيها ما شاؤوا من الزيادات لا يتصورون أبدا أنهم يزيدون على الوحي، لا يخطر في بالهم هذا . وهذا في الواقع تفريق خبيث لا يتنبهون له بين الله ورسوله تفريق خبيث بين الكتاب والسنة بين ما جاء في الكتاب وما جاء في السنة . وإلا هل يجرأ أحد هؤلاء أن يزيد في نص القرآن حرفا واحدا من أجل إشباع نهمته وغلوه في حبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثلا . هل يقول أحدهم حين قال الله (( محمد رسول الله والذين معه أشداء )) إلخ هل يقول أحدهم محمد سيدنا محمد رسول الله ما أحد يقول هذا ؟
إيه رأسا بيقل لك هذا زيادة على القرآن ما بيجوز.
طيب والزيادة على ما ليس من القرآن وهو وحي أيضا، أيضا لا يجوز لكنهم يفرقون كما قلت لكم بجهلهم كذلك ما يقول أحدهم محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله لأنه هذا الزيادة على النص فنحن معشر الذين ينتمون إلى السلف لا نفرق بين الله ورسوله أبدا، لا نفرق بين كتاب الله وحديث رسول الله، بين تعليم الله وتعليم رسول الله، كلاهما يصدران من مشكاة واحدة هي مشكاة الوحي من السماء .
لذلك لما علم النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب ورد الإضطجاع حين النوم ( اللهم إني أسلمت نفسي إليك و وجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت ) قال له ( إذا أنت قلت ذلك ومت من ليلتك مت على الفطرة ) .
فأعاد هذا الدعاء البراء بن عازب بين يدي الرسول عليه السلام ليتمكن من حفظه فلما وصل إلى قوله الأخير " آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك "، إيش قال هو " وبرسولك الذي أرسلت " بدل أن يقول "وبنبيك الذي أرسلت " قال " وبرسولك الذي أرسلت " فصده الرسول عليه السلام ورده عن ذلك وقال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) .
لو سألنا هؤلاء المغيرين والمبدلين في أذكار الرسول عليه السلام، هل هناك فرق يفسد المعنى الذي جاء به الرسول عليه السلام في هذا الورد بين تعليم الرسول الذي هو "وبنبيك الذي أرسلت" وبين ما أخطأ في براء فقال ( وبرسولك الذي أرسلت ) هل هناك فرق ؟
لو لم يكن محمد عليه السلام رسولا وكان نبيا فقط صار فيه تغيير للمعنى لأنه الرسول أعم من النبي كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا لكن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس هو فقط رسول بل هو خاتم الأنبياء والرسل جميعا فحينما قال البراء " وبرسولك الذي أرسلت " ما خالف الواقع أبدا لكنه خالف التعليم النبوي ، يا إخواننا انتبهو لها، كل شيء هو أنه خالف تعليم الرسول إياه أما المعنى فماشي مستقيم تماما لذلك قال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) على هذا جرى الصحابة وذكرت لكم مرارا في مثل هذه المناسبة عن كثير من الصحابة كيف كانوا يفرون من أن يعدل الرجل عن لفظ الرسول إلى لفظ من عنده .
فهناك مثلا في مسند الإمام أحمد أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلا يقول في التلبية في الحج " لبيك ذا المعارج " قال له وهذا من حكمة الصحابة أيضا في إنكار المنكر قال إنه لذو المعارج ولكن ما هكذا كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا نقول لبيك اللهم لبيك إلى آخر التلبية المعروفة قال له لبيك ذو المعارج هو ذو المعارج لكن التلبية ما هكذا كانت في عهد الرسول عليه السلام .
وأبدع من هذا أيضا في أسلوب الإنكار قصة بن عمر التي ذكرتها لكم أكثر من مرة أيضا سمع رجلا عطس فقال الحمد لله والصلاة على رسول الله، قال وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله لكن ما هكذا علمنا رسول الله قل الحمد لله رب العالمين .
كأنه القضية الآن تتكرر تماما لكن مع الأسف دون أن يكون هناك متجاوبين مع المنكرين، هذه زيادة اليوم في عباداتنا تأتي بصورة عجيبة وأكثرها الزيادة في الأذان، اتباع الرسول عليه السلام كما قال بن عمر وأنا أقول معك والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الرسول ما هكذا علمنا، فهكذا الصحابة والآثار كثيرة جدا جدا كانوا يتورعون أن يأتوا بتغيير للفظ الرسول عليه السلام ومن أشهرهم في ذلك وأدقهم صاحبنا صاحب حديث التشهد الذي علمه الرسول إياه وكفه بين كفيه ألا وهو عبد الله بن مسعود حيث روى الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الأثار بالسند الصحيح عن بن مسعود أنه كان إذا علم أصحابه التشهد يأخذ عليهم الحرف الواحد، يأخذ عليهم الحرف الواحد يعني إذا مثلا زاد حرف أو نقص حرف يقل له لا ارجع وقلها كما تلقيتها عن الرسول عليه السلام فهل نتصور مثل هذا الصحابي لو كان وحده هل نتصوره يأتي إلى التعليم الذي لقنه الرسول عليه السلام إياه مباشرة " السلام عليك أيها النبي " فيأتي ويعدل منه إلى السلام على النبي دون أن يكون عنده تعليم وتوجيه من الرسول عليه السلام له بذلك، حاشاه بذلك . فكيف وليس هو في الميدان وحده، هو أولا يروي لنا فيقول فلما مات رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قلنا يعني نحن معشر الصحابة " السلام على النبي " ولذلك تأكيدا لهذا المعنى الذي رواه لنا بن مسعود بصيغة الجمع قلنا " السلام على النبي " جاء هذا التشهد مع اختلاف الألفاظ كما هو مذكور في صفة الصلاة عن السيدة عائشة ب " السلام على النبي "، جاء عن عمر بن الخطاب في موطأ مالك " السلام على النبي " وهكذا ، إذن هذا نقوله هو اتفاق وإجماع من الصحابة ذهبوا إليه ليس اجتهادا منهم وتغييرا للنص كما يتبادر من سؤال السائل وإنما هذا بتوقيف من الرسول صلوات الله وسلامه إياهم .
وما أبدع هذا الأمر فيما إذا عرفنا اليوم غلو الناس في دعاء الموتى والإستغاثة بغير الله عز وجل فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أومأ وأشار إلى هؤلاء الصحابة من باب سد الذريعة أنه أنا إذا مت قولوا " السلام على النبي " ذلك لأن كثيرا من الناس اليوم يتوهمون أوهاما كثيرة منها أن الموتى يسمعون، الموتى جميعا، يتوهمون كثير من الناس اليوم إذا ما قلنا كلهم أن الموتى يسمعون فمن باب أولى سيدهم سيد المسلمين جميعا محمد عليه السلام يسمع من باب أولى فما بالكم إذا كان الرسول هو لا يسمع، هو لا يسمع حتى الصلاة عليه وهو أفضل ما يقال في حقه عليه السلام فهل يسمع استغاثة المستغيثين به من دون الله عز وجل هل يسمع توسل المتوسلين به من دون الله عز وجل ؟
الصلاة على الرسول لا يسمعها هو وقد يستغرب بعضكم ممن لم يطرق سمعه مثل هذا الكلام من قبل، كيف الرسول عليه السلام لا يسمع الصلاة عليه ؟ نعم اسمعوا حديث الرسول عليه السلام الذي قد تسمعونه وهو ( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ) إسمعوا قال ( فإن صلاتكم تبلغني ) ما قال أسمعها، قالوا " كيف ذاك وقد أرمت ؟ " قال ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ويوضح هذا التبليغ ( فإن صلاتكم تبلغني ) يوضحها حديث آخر يرويه أيضا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ) ( يبلغوني عن أمتي السلام ) فإذن الرسول عليه السلام إذا صلى أحدنا عليه لا يسمع هذا السلام كما يتوهم جميع الناس تقريبا وإنما هناك ملائكة مخصصين موظفين من رب العالمين ينقلوا سلام المصلين عليه إليه صلوات الله وسلامه عليه . فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يسمع فإذن نحن نخاطبه حيث جاء الخطاب فقط كما نخاطب الموتى نقول لهم " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين " إلى آخر الدعاء المعروف لكن هذا لا يعني أننا نخاطب من لا يسمع .
الموتى لا يسمعون بنص القرأن ونص السنة وقد شرحت هذا شرحا وافيا في مقدمة كتاب " الآيات البينات في عدم سمع الأموات عند الحنفية السادات " مقدمة ضافية هناك فمن شاء منكم رجع إليها للتوسع في هذا الموضوع . خلاصة القول السلام على النبي هذا توقيف من النبي للصحابة وليس تغييرا منهم وحاشاهم من مثل ذلك وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .
الشيخ : كأن السائل فهم أن الصحابة غيروا النص الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الذي هو بصيغة الخطاب " السلام عليك أيها النبي " كأنه فهم أنهم غيروه من عند أنفسهم وهذا ما نبرأ به أقل الناس فهما للسنة حتى لو كان خلفيا سلفيا أعني حتى لو كان من الخلف الذين يتبنون منهج السلف .
لا نتصور رجلا من المتأخرين يفقه أن الأوراد توقيفية يتجرّأ على أن يغير حرفا واحدا في ورد تلقاه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأسانيد فكيف نتصور صحابيا واحدا كمثل، لا سيما إذا كان مثل بن مسعود يقدم على تغيير نص تلقاه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة ؟! هذا الخاطر يجب أن لا يخطر على بال السائل أو غيره أبدا .
وإنما يقول العلماء في مثل هذا إن ذلك الذي فعلوه هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ومعنى التوقيف أي أن الرسول عليه السلام هو الذي ألمح وأشار إليهم أن هذا هو في حياتي أما بعد وفاتي فتتكلمون بصغة الغيبة ليس بصيغة الحاضر فتقولون في التشهد " السلام على النبي " ونحن نعرف بعد الصحابة عن الإبتداع بصورة عامة وبعدهم عنه في الأذكار بصورة خاصة وبالأخص منهم عبد الله بن مسعود الذي جاء النص الصحيح في البخاري عنه أنه قال " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة وكفي بين كفيه " كفي بين كفيه كناية عن اهتمام المعلم بالمتعلم بتلقينه ما هو في طريق تعليمه إياه . قال بن مسعود " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التشهد وكفي بين كفيه التحيات لله ... " وذكر التشهد المعروف عن بن مسعود والذي عليه الحنفية " التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " قال بن مسعود بعد أن ذكر النص الذي لقنه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه بين كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ونحن بين ظهرانيه، وهو بين ظهرانينا " يعني علمه أن يقول هذا وهو بين ظهرانيهم يعني وهو حي معهم، قال فلما مات قلنا " السلام على النبي " ، ماقال هو قلت وحاشاه أن يقول كما قلت لكم آنفا حاشاه أن يتصرف في مثل هذا النص الذي تلقاه من الرسول مباشرة وبهذا الإهتمام الذي عبر عنه بقوله " كفي بين كفيه " وإنما ذلك مما فهمه أثناء التلقين لذلك قال في آخر الحديث وهو بين ظهرانينا فلما مات قال قلنا، ما قال قلت ... هو يقول من عند نفسه شيئا يغير فيه نص الرسول عليه السلام وهو يعلم أن تعليم الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو وحي من الله، هو وحي من الله . والذين يجهلون هذه الحقيقة أو يغفلون أو يتغافلون عنها هم في الواقع في خطأ كبير جدا . الذين يتقدمون إلى أوراد الرسول عليه السلام وإلى أذكاره فيزيدون فيها ما شاؤوا من الزيادات لا يتصورون أبدا أنهم يزيدون على الوحي، لا يخطر في بالهم هذا . وهذا في الواقع تفريق خبيث لا يتنبهون له بين الله ورسوله تفريق خبيث بين الكتاب والسنة بين ما جاء في الكتاب وما جاء في السنة . وإلا هل يجرأ أحد هؤلاء أن يزيد في نص القرآن حرفا واحدا من أجل إشباع نهمته وغلوه في حبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثلا . هل يقول أحدهم حين قال الله (( محمد رسول الله والذين معه أشداء )) إلخ هل يقول أحدهم محمد سيدنا محمد رسول الله ما أحد يقول هذا ؟
إيه رأسا بيقل لك هذا زيادة على القرآن ما بيجوز.
طيب والزيادة على ما ليس من القرآن وهو وحي أيضا، أيضا لا يجوز لكنهم يفرقون كما قلت لكم بجهلهم كذلك ما يقول أحدهم محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله لأنه هذا الزيادة على النص فنحن معشر الذين ينتمون إلى السلف لا نفرق بين الله ورسوله أبدا، لا نفرق بين كتاب الله وحديث رسول الله، بين تعليم الله وتعليم رسول الله، كلاهما يصدران من مشكاة واحدة هي مشكاة الوحي من السماء .
لذلك لما علم النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب ورد الإضطجاع حين النوم ( اللهم إني أسلمت نفسي إليك و وجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت ) قال له ( إذا أنت قلت ذلك ومت من ليلتك مت على الفطرة ) .
فأعاد هذا الدعاء البراء بن عازب بين يدي الرسول عليه السلام ليتمكن من حفظه فلما وصل إلى قوله الأخير " آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك "، إيش قال هو " وبرسولك الذي أرسلت " بدل أن يقول "وبنبيك الذي أرسلت " قال " وبرسولك الذي أرسلت " فصده الرسول عليه السلام ورده عن ذلك وقال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) .
لو سألنا هؤلاء المغيرين والمبدلين في أذكار الرسول عليه السلام، هل هناك فرق يفسد المعنى الذي جاء به الرسول عليه السلام في هذا الورد بين تعليم الرسول الذي هو "وبنبيك الذي أرسلت" وبين ما أخطأ في براء فقال ( وبرسولك الذي أرسلت ) هل هناك فرق ؟
لو لم يكن محمد عليه السلام رسولا وكان نبيا فقط صار فيه تغيير للمعنى لأنه الرسول أعم من النبي كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا لكن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس هو فقط رسول بل هو خاتم الأنبياء والرسل جميعا فحينما قال البراء " وبرسولك الذي أرسلت " ما خالف الواقع أبدا لكنه خالف التعليم النبوي ، يا إخواننا انتبهو لها، كل شيء هو أنه خالف تعليم الرسول إياه أما المعنى فماشي مستقيم تماما لذلك قال له قل ( وبنبيك الذي أرسلت ) على هذا جرى الصحابة وذكرت لكم مرارا في مثل هذه المناسبة عن كثير من الصحابة كيف كانوا يفرون من أن يعدل الرجل عن لفظ الرسول إلى لفظ من عنده .
فهناك مثلا في مسند الإمام أحمد أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلا يقول في التلبية في الحج " لبيك ذا المعارج " قال له وهذا من حكمة الصحابة أيضا في إنكار المنكر قال إنه لذو المعارج ولكن ما هكذا كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا نقول لبيك اللهم لبيك إلى آخر التلبية المعروفة قال له لبيك ذو المعارج هو ذو المعارج لكن التلبية ما هكذا كانت في عهد الرسول عليه السلام .
وأبدع من هذا أيضا في أسلوب الإنكار قصة بن عمر التي ذكرتها لكم أكثر من مرة أيضا سمع رجلا عطس فقال الحمد لله والصلاة على رسول الله، قال وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله لكن ما هكذا علمنا رسول الله قل الحمد لله رب العالمين .
كأنه القضية الآن تتكرر تماما لكن مع الأسف دون أن يكون هناك متجاوبين مع المنكرين، هذه زيادة اليوم في عباداتنا تأتي بصورة عجيبة وأكثرها الزيادة في الأذان، اتباع الرسول عليه السلام كما قال بن عمر وأنا أقول معك والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الرسول ما هكذا علمنا، فهكذا الصحابة والآثار كثيرة جدا جدا كانوا يتورعون أن يأتوا بتغيير للفظ الرسول عليه السلام ومن أشهرهم في ذلك وأدقهم صاحبنا صاحب حديث التشهد الذي علمه الرسول إياه وكفه بين كفيه ألا وهو عبد الله بن مسعود حيث روى الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الأثار بالسند الصحيح عن بن مسعود أنه كان إذا علم أصحابه التشهد يأخذ عليهم الحرف الواحد، يأخذ عليهم الحرف الواحد يعني إذا مثلا زاد حرف أو نقص حرف يقل له لا ارجع وقلها كما تلقيتها عن الرسول عليه السلام فهل نتصور مثل هذا الصحابي لو كان وحده هل نتصوره يأتي إلى التعليم الذي لقنه الرسول عليه السلام إياه مباشرة " السلام عليك أيها النبي " فيأتي ويعدل منه إلى السلام على النبي دون أن يكون عنده تعليم وتوجيه من الرسول عليه السلام له بذلك، حاشاه بذلك . فكيف وليس هو في الميدان وحده، هو أولا يروي لنا فيقول فلما مات رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قلنا يعني نحن معشر الصحابة " السلام على النبي " ولذلك تأكيدا لهذا المعنى الذي رواه لنا بن مسعود بصيغة الجمع قلنا " السلام على النبي " جاء هذا التشهد مع اختلاف الألفاظ كما هو مذكور في صفة الصلاة عن السيدة عائشة ب " السلام على النبي "، جاء عن عمر بن الخطاب في موطأ مالك " السلام على النبي " وهكذا ، إذن هذا نقوله هو اتفاق وإجماع من الصحابة ذهبوا إليه ليس اجتهادا منهم وتغييرا للنص كما يتبادر من سؤال السائل وإنما هذا بتوقيف من الرسول صلوات الله وسلامه إياهم .
وما أبدع هذا الأمر فيما إذا عرفنا اليوم غلو الناس في دعاء الموتى والإستغاثة بغير الله عز وجل فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أومأ وأشار إلى هؤلاء الصحابة من باب سد الذريعة أنه أنا إذا مت قولوا " السلام على النبي " ذلك لأن كثيرا من الناس اليوم يتوهمون أوهاما كثيرة منها أن الموتى يسمعون، الموتى جميعا، يتوهمون كثير من الناس اليوم إذا ما قلنا كلهم أن الموتى يسمعون فمن باب أولى سيدهم سيد المسلمين جميعا محمد عليه السلام يسمع من باب أولى فما بالكم إذا كان الرسول هو لا يسمع، هو لا يسمع حتى الصلاة عليه وهو أفضل ما يقال في حقه عليه السلام فهل يسمع استغاثة المستغيثين به من دون الله عز وجل هل يسمع توسل المتوسلين به من دون الله عز وجل ؟
الصلاة على الرسول لا يسمعها هو وقد يستغرب بعضكم ممن لم يطرق سمعه مثل هذا الكلام من قبل، كيف الرسول عليه السلام لا يسمع الصلاة عليه ؟ نعم اسمعوا حديث الرسول عليه السلام الذي قد تسمعونه وهو ( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ) إسمعوا قال ( فإن صلاتكم تبلغني ) ما قال أسمعها، قالوا " كيف ذاك وقد أرمت ؟ " قال ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ويوضح هذا التبليغ ( فإن صلاتكم تبلغني ) يوضحها حديث آخر يرويه أيضا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ) ( يبلغوني عن أمتي السلام ) فإذن الرسول عليه السلام إذا صلى أحدنا عليه لا يسمع هذا السلام كما يتوهم جميع الناس تقريبا وإنما هناك ملائكة مخصصين موظفين من رب العالمين ينقلوا سلام المصلين عليه إليه صلوات الله وسلامه عليه . فإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يسمع فإذن نحن نخاطبه حيث جاء الخطاب فقط كما نخاطب الموتى نقول لهم " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين " إلى آخر الدعاء المعروف لكن هذا لا يعني أننا نخاطب من لا يسمع .
الموتى لا يسمعون بنص القرأن ونص السنة وقد شرحت هذا شرحا وافيا في مقدمة كتاب " الآيات البينات في عدم سمع الأموات عند الحنفية السادات " مقدمة ضافية هناك فمن شاء منكم رجع إليها للتوسع في هذا الموضوع . خلاصة القول السلام على النبي هذا توقيف من النبي للصحابة وليس تغييرا منهم وحاشاهم من مثل ذلك وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .