بيان حكم الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة . حفظ
الشيخ : و من هذا و دون هذا بكثير ما ابتلي به كثير من المسلمين اليوم حتى صار دين وهو تقليد مذهب من المذاهب الأربعة كيف يتصور أن نكفر هؤلاء المسلمين لأنهم يتبعون مذهبا من المذاهب الأربعة هذا أبعد ما يكون عن واقعنا ونحن لا نقول مداهنون لو أردنا أن نداهن أحدا لما سمعتم هذا الكلام الذي قلناه إن أكثر الناس لا يعلمون التوحيد لا يعرفه أكثر المسلمين اليوم لكننا نقول ما ندين الله تبارك وتعالى به فالتقليد نحن الذي نعتقده أنه ليس دينا ولا غرابة في ذلك فنحن نقول في الوقت الذي نعتقد أن نداء غير الله شرك و مع ذلك لا نكفر هذا المنادي لأنه جاهل بالأولى أن نقول حينما نعتقد أن التقليد ليس دينا وجماهير الناس قد اتخذوه دينا فنحن لا نكفر هؤلاء لأن هذا أولا ليس كفرا في نفسه إلا في حدود ضيقة سأشير إليها قريبا إن شاء الله فكيف نكفر من وقع في خطأ بل في ذنب هذا افتراء علينا وليس أول فرية افتريت علينا وإنما هو كما قلت لكم التذكير والذكرى تنفع المؤمنين نحن يا إخواننا نقول في التقليد أن الأصل الواجب على كل مسلم أن يدين بالكتاب والسنة وأن يتبع ما ثبت في الكتاب والسنة هذا هو الواجب على كل مسلم بدون تفريق بين عالم و بين متعلم و بين أمي في العقيدة لا فرق في ذلك إطلاقا الفرق يأتي في الطريق في الأسلوب بمعنى العالم كيف يعرف حكم الله والأمي كيف يعرف حكم الله يختلفان أشد الإختلاف العالم يعرف حكم الله بدراسته لكتاب الله ولحديث رسول الله الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب كيف يعرف حكم الله وهو إذا فتح المصحف لا يقرأ وكذلك الحديث لا يقرأ الجواب في نفس القرآن الكريم (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) اسألوا أهل الذكر عن ماذا ؟ عن رأي فلان ومذهب فلان وإجتهاد فلان و استنباط فلان أم عن ما قال الله وما قال رسول الله لا شك السؤال عن حكم الله الذي أنزله في كتاب الله و بينه رسول الله صل الله عليه وسلم في حديثه فالإختلاف بين العالم وبين الأمي الجاهل ليس في خصوص وجوب اتباع الكتاب والسنة على كل منهما وإنما الإختلاف في طريقة الوصول إلى معرفة ما يجب اتباع الكتاب والسنة فالعالم يعرف ذلك مباشرة أما العامي والجاهل فلا يمكنه أن يعرف ذلك إلا بواسطة العالم هنا يبدأ الخطأ فواسطة الأمي والجاهل لمعرفة حكم الله وحكم رسوله هو العالم فالعالم وسيلة و ليس غاية و الغاية هو اتباع الكتاب والسنة فإذا وصل الأمر إلى قلب هذه الحقيقة فذلك هو الضلال المبين ما هو ذلك القلب أن نجعل الوسيلة غاية أن لا نسأل عن حكم الله و لا عن حكم رسول الله لكن نسأل العالم شو رأيك يقول له رأيي كذا فيخضع له و يتبعه و كان من المفروض باعتباره مسلما لمن أسلم ؟ أسلمت لله رب العالمين كان المفروض أن يسلم قلبه و عقله و تفكيره و حياته و مماته كما في اقرآن الكريم (( قل إن و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين )) لله رب العالمين كان يجب عليه أن يسلم هذا كله وإذا بنا بصدد قلب الحقائق و جعل الوسيلة غاية أصبحنا نجعل العالم هو الغاية كما لو كان الرسول نفسه صلاة الله و سلامه عليه الذي إذا قال لا يجوز مخالفته و من تعمد بقلبه مخالفته فقد كفر و خرج من الدين خروج الشعرة من العجين أهكذا شأن العلماء أن ننزلهم منزلة الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم ؟ لا لذلك فرق النص القرآني في عديد من الآيات ومن ألطفها فرق بين الرسول الذي يجب اتباعه لأنه معصوم في عصمة الله له وبين الآخذين عنه فرق بأبدع عبارة فقال تعالى (( و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم )) لم يظهر الفعل في المرة الثالثة ما قال أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أطيعوا أولي الأمر منكم وإنما قال (( و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم )) وهذا كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى للإلفات النظر أن إطاعة أولي الأمر وهم العلماء و الحكام ليس كل الحكام وإنما الذين يحكمون بما أنزل الله يطاعون تبعا لطاعتهم لله والرسول أما الرسول فيطاع لأنه رسول لأنه يحكي عن الله ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فأصبحنا نحن لا نفرق بين الرسول و بين الناقل عن الرسول و الفاهم عن الرسول و هم أولوا الأمر و هم الحكام