ما شروط القصر في الصلاة وهل المسافة محددة ومتى يصح للمسافر القصر ومتى لا يصح ؟ حفظ
السائل : معنا فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني وهناك بعض الأسئلة من الأخوة ، السؤال الأول بيسأل السائل فيه ما شروط القصر في السفر ؟ وهل هناك مسافة محددة ؟ ومتى يصح للمسلم أن يقصر ومتى لا يصح له أن يقصر ؟
الشيخ : الحقيقة أن هذه المسألة من جملة المسائل التي كثر البحث فيها وتعددت الأقوال حولها والذي يلاحظه الباحث في أقوال الأئمة و أدلتهم لا يجد أقرب إلى الصواب مما ذهب إليه بعض المتقدّمين وكثير من المتأخرين كابن تيمية و ابن قيم الجوزية من أن السفر مطلق ليس له قيود و حدود من حيث قصر المسافة أو طولها و يستدلون على ذلك بأدلة واضحة من الكتاب و السّنّة فهذه الأدلة مطلقة كمثل قوله تبارك و تعالى (( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) هكذا الآية ؟
السائل : فيها شوية ... .
الشيخ : صحح أنا أقول هذا لأني أشك في ... .
السائل : (( فليس عليكم جناح ))
الشيخ : (( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) الشاهد في الآية (( وإذا ضربتم في الأرض )) و الضرب في الأرض هو كناية عن السّفر فأطلق الله عز و جل الضرب في السفر الذي ربط به جواز القصر و إن كان في الآية شرط ربنا عز و جل في جواز هذا القصر شرطا واضحا في قوله (( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) إلا أن هذا الشرط مما تفضّل الله عز و جلّ بعده على المؤمنين به فرفعه فضلا منه و رحمة بعباده فما دل على ذلك حديث مسلم في صحيحه أن رجلا قال لبعض الصحابة " لو أني أدركت النبي صلى الله عليه و سلم لسألته ، قالوا له تسأله عن ماذا ؟ قال : أسأله ما بالنا نقصر و الله عز و جلّ يقول (( إن خفتم )) ونحن الآن مطمئنون و لا نخاف ؟ قال : قد سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بالنا نقصر و قد أمنّا ؟ " أي إن الله يقول (( إن خفتم أن يفتنكم الذي كفروا )) فهذا شرط فأجاب عليه الصلاة و السلام بقوله ( صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) كأن جواب الرسول عليه الصلاة و السلام يتضمّن شيئين اثنين الشيء الأول أنه يقر السائل على فهمه و أن هذا الشرط من ربه لجواز القصر لكنه يرى المسلمين لا يزالون صحابة و تابعين مستمرين على القصر حيث لا خوف فكيف و ربنا يقول (( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) ؟ الصحابي سأل هذا السؤال فأقره الرسول على فهمه أن هذا شرط صحيح لكنه أجاب بما لا علم عنده فقال الأمر كما فهمت و لكن الله عز و جل زاد بعد ذلك تفضلا على عباده فرفع هذا الشرط و تصدق عليكم فلا شرط بعد ذلك فاقبلوا صدقة الله عز و جل ، ( صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) إذن الآية أطلقت جواز القصر في السفر و لم تقيّده بمسافة وهذا نص في القرآن مطلق لا يجوز تقييده إلا بنص إما من كتاب الله أو من حديث رسول الله و لا يوجد لا هذا و لا هذا ، كذلك حينما ذكر ربنا عز و جلّ بعض الأسباب التي يرخّص لمن التبس بها و تحققت فيه أن لا يصوم شهر رمضان كان من تلك الأسباب السفر فقال عز و جل (( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر )) كذلك هنا كما ترون قال على سفر و هذه بصيغة التنكير أي أيّ سفر كان طويلا أم قصيرا فمن سافر هذا السفر جاز له الإفطار في رمضان بشرط طبعا أن يقضي أياما أخر وهكذا نجد أنه ليس هناك في كتاب الله عزّ و جلّ ولا في أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم ما يقيّد هذين النصين القرآنيين فينبغي أن ندع النص المطلق على إطلاقه و لا يجوز أن نقيّده باجتهادات من عندنا و من القواعد الأصولية الفقهية أنه لا يجوز تقييد ما أطلق كما أنه لا يجوز إطلاق ما قيّد وكذلك لا يجوز تخصيص العام و كذلك العكس لا يجوز تعميم الخاص فالنصّ يوقف عنده و لا يزاد عليه إلا بنص من مثله يجب الخضوع له و ليس هناك شيء يجب الخضوع له كما تعلمون إلا القرآن و إلا سنّة الرسول عليه الصلاة و السلام .