مواصلة الكلام على التحذير من اتباع المشركين مع بيان أن من تمام الدين مخالفة المشركين في عباداتهم. حفظ
الشيخ : وهكذا تتابع الأحاديث وتتوالى في التفريع بهذه القاعدة والتأسيس لها والتمثيل لها بصور كثيرة وكثيرة جدا في الإسلام فمما يحضرني الآن ما جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمروا بشجرة من سدر عظيمة فقال بعضهم " يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " هذه الشجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فأعجب بعض الصحابة ذلك فقالوا اجعل لنا ذات أنواط حيث تناط بها الأسلحة كما لهم ذات أنواط وأنتم تلاحظون معي أن القضية ماهي يعني جوهرية كما يقولون اليوم لأنه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ما لها علاقة بالعبادة ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول عليه الصلاة والسلام تجاه هذه الكلمة اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال ( الله أكبر هذه السنن قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ) شوفوا التحذير البليغ من الرسول عليه السلام أولئك اليهود قالوا لموسى اجعل لنا إلها نعبده كما لهم آلهة المشركون المخالفين لدين موسى عليه السلام في زمانه أن بعض الصحابة هؤلاء ما تكلموا فيما يتعلق بالعبادة والدين وإنما في أمر يعني ماذا نسميه عادي اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فأنكر ذلك عليهم أشد الإنكار وقال هذا يشبه قول اليهود الذين انحرفوا عن التوحيد حينما فارقهم موسى إلى الطور فرجع إليهم فقال اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في تحذير أمته عن تقليدهم لغيرهم كل ذلك محافظة على شخصية الأمة لكي لا تذهب صورتها ولا تضيع شخصيتها ثم جاءت أحاديث بلا شك أخرى خاصة ما كان منها متعلقا بالدين وفي ذلك مخالفة للمتنطعين من أهل الكتاب وغيرهم فأمر بمخالفتهم في قضايا أخرى تتعلق في بعض العبادات مثلا لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن اليهود والنصارى لا يصلون في نعالهم فخالفوهم ) الآن حديث يتعلق بعبادة من العبادات وشعيرة من الشعائر الإسلامية العظمى وهي الصلاة فقال عليه السلام ( إن اليهود والنصارى لا يصلون في نعالهم وخفافهم فخالفوهم ) أش معنى هذا ؟ الآن الفكرة السائدة على المسلمين جميعا أن الصلاة بدون نعال هو الأصل بل بعضهم قد يغالي فيقول لا يجوز للمسلم أن يصلي في نعليه مندفع من الوراء فلسفة عقلية محضة ليس لها ... من الشريعة الإسلامية ماهي هذه الفلسفة أن النعل بيمشي الإنسان فيها في الطرقات قد تلاقي بعض النجاسات فتتعلق بها ونحن مأمرون أن ندخل في الصلاة بثياب طاهرة و وإلى آخره فإذا لا يجوز للمسلم أن يصلي في نعليه هذا المنطق إذا اعترف وسجياته أمر طبيعي تماما لكن منطق المسلم مقيد بما جاء في الإسلام فإذا الإسلام يسر في أمر ما فليس لمسلم أن يشدد فيه وإذا شدد إن صح التعبير الإسلام في أمر ما فليس لمسلم أن ييسر فيه لأنه ليس له خيرة كما قال عز وجل (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون )) فليس للمسلم أن يشدد حيث يبدو له أن التشديد هو خير كما أنه ليس له أن ييسر حيث يبدو له أن التيسير خير وإنما عليه أن يتبع الشرع سواء بدى له أن فيه تيسيرا أو فيه تشديدا علما أنه لا شيء في الشرع اسمه تشديد لكن بلا شكّ الأحكام تتفاوت بين مثلا يسر ويسر فجاء هذا الحديث ليقيد عقل المسلم في أن يمتنع عن تحكيمه في عبادة ربه فلا يقول مثلا هنا ما لازم المسلم يصلي في نعليه لأنه ربما يكون فيها نجاسة وتغلغلت في النعل ولا يمكن تطهير هذه النجاسة المتغلغلة كأنه إذا نظفنا فإننا ننظف الشيء الظاهر فجاء الإسلام ليقول خالفوا المتشددين في دينهم المغضوب عليهم والضالين إنهم لا يصلون في نعالهم وخفافهم فخالفوهم صلوا في نعالكم لذلك لبيان أن هذا التشديد في هذا المكان هو من تنطع أمثال اليهود قال عليه الصلاة والسلام ( إذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه فإن كان بهما من أذى فليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور ) هنا حكم جديد لا يعرفه المتنطعون في دينهم الذين يظنون أن كل شيء أصابته النجاسة فيوجب خلع هذه النجاسة بعينها في كل شيء فهو يعدّل هذا المفهوم الخاطئ ويكون الأمر كذلك فيما يمكن كالثياب مثلا لكن النعل يكفي فيها أن يمسح الظاهر منها وليس مكلفا أن يتغلغل في باطنها لأن هذا فيه تشديد وفيه حرج وهذا ينافي القاعدة الشرعية التي نص عليها رب العالمين في قوله (( وما جعل عليكم في الدين من حرج ))
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلين أبوعزيز
السائل : أهلين حياكم الله