شرح الخصلة الأولى المبيحة للغيبة وهو المتظلم وذكر الدليل عليها . حفظ
الشيخ : فأول ذلك قال " القدح ليس بغيبة في ستة متظلم " أولهم المتظلم الظلوم الذي يشكو ظلمه لغيره و في هذه الحالة لابد لهذا المظلوم من أن يذكر ظالمه و أن يذكر نوع ظلم إياه هذا بلا شك غيبة و لكن هذه الغيبة ليست داخلة في المبدأ العام و إنما هذه مستثناة حتى في القرآن الكريم قال تعالى (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم )) ، إلا من ظلم فيجوز للمظلوم أن يذكر ظالمه بالسوء من القول لماذا ؟ لكي يتمكن من الوصول إلى حقه المهضوم و في هذه الحالة قال عليه الصلاة و السلام مبينا الآية ( لي الواجد يحل عرضه و عقوبته ) اللّيّ هو المماطلة ... على الذمة و يأتي صاحب الدين يطالبه فيماطله يقول له اليوم و بكرة و بعد بكرة كما هو معروف عند كثير من الناس و ليس ذلك عن عذر فعلا أي عن عن عدم وجود ما يؤدي به دينه و إنما هو للاستفادة من هذا المال الذي بين يديه و لو تضرر من تأخير أدائه لصاحبه فقال عليه الصلاة و السلام ( لي الواجد ... ) مماطلة الواجد لما ... به ما عليه من الدين ( يحل عرضه ) يحل للدائن أن ينال من عرضه و يجب أن نتذكر أن العرض في اللغة ليس هو ما يمس فقط شرف الإنسان من ناحية نسائه بل ما يمسه بصورة عامة في خلقه فهنا يحل عرضه أي يحل للدائن المماطل من المدين أن يذكره بالمماطلة و أنه رجل مثلا أعطيناه أعناه ديّناه إلى أجل مسمى و هو اليوم مضى الشهر و الشهران و الثلاثة وإلى آخره و لسى يماطل يماطل و ما هو عن فقر و إنما عن بخل و شح كما قلنا آنفا استغلال هذا المال لصالحه الخاص ، فيحل مطله لصاحب الحق أن ينال منه لا ينال منه أن يقول مثلا كنا جرت العادة من بعض الناس مما لا خلاق لهم يسبه لشرفه لأهله لأبيه ربما و إنما لا يتعدى أن ينال منه في شخصه أولا و فيما يتعلق بمماطلته من وفاءه بالدين ثانيا قال عليه السلام عطفا على عرضه قال ( و عقوبته ) و هذه العقوبة إنما هي للحاكم الحاكم يجوز أن يحبس الدائن المدين إذا ما تبين له أنه يستطيع الوفاء و لكنه يماطل فهذا من الأحاديث التي تشهد لاستثناء المظلوم فيما إذا استغاب ظالمه من الغيبة المحرمة و هناك قصة وقعت في عهد الرسول صلوات الله و سلامه عليه فيها أولا الشاهد لهذا المستثنى من الغيب و فيها شيء من أسلوب الرسول صلوات الله و سلامه عليه في معاجالته أخطاء الظالمين و في انتصاره للمظلومين فقد جاء في الأدب المفرد للإمام البخاري و سنن أبي داود و غيرهما من حديث أبي هريرة و غيره أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله جاري ظلمني فأمره عليه الصلاة و السلام بأن يخرج متاعه و يجعله على قارعة الطريق عفش البيت قال له أطلعه وضعه في الطريق و واضح المقصد و المغزى من هذا الأمر النبوي و هو أن الناس سيسترعي انتهابهم و يلفت أنظارهم إنسان أخرج متاع البيت عفشه كله فوضعه في حافة الطريق فلا بد أن يتساءلوا وأن يسألوا ما لك ؟ و هذا الذي وقع فما كان منه إلا أن يقول جاري ظلمني ! فما يكون من الناس و هم العهد بتوجيهاتهم الإسلامية الصريحة الصحيحة التي لا تعرف للنفاق و المداهنة معنى فما يكون منهم إلا أن يدعوا على جاره الذي ظلمه بقولهم قاتله لعنه الله فكانت هذه المساب أو الشتائم كافية لتأديب الرجل و لذلك ما كان منه إلا أن ذهب إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و قال يا رسول الله مر جاري بأن يرجع متاعه إلى داره و قد لعنني الناس قال ( لقد لعنك الله قبل أن يلعنك الناس ! ) بسبب إيذاءه لجاره المسلم و هنا حينما جاء الرجل أولا إلى النبي صلى الله عليه و سلم شاكيا قائلا جاري ظلمني يتساءل ترى هذا الجار ألا يكره أن يقال أمام الناس بل أمام سيد الناس أنه ظالم ؟ لا شك أنه يكره ذلك إذا هذا يمكن أن يدخل تحت المبدأ العام ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) فهل هذا النوع يدخل تحت المبدأ العام ؟ الجواب لا لماذا ؟ لأنه لم يقل لم يستغب هذا المظلوم أخاه الظالم من باب يعني ... النفس و شفاء غيظها و إنما محاولة منه للوصول إلى رفع الظلم عنه من جاره الظالم و لهذا لم يقف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من هذا الجار المظلوم موقف المنكر عليه لا لا هذه غيبة هذه ليست غيبة داخلة في المبدأ العام هذا الذي ينبغي أن يحفظ و هذا هو النوع الأول قال " متظلم " .