هل فعل ابن عمر موافق للسنة في أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية أم هو اجتهاده وهل الأخذ به جائز ؟ حفظ
السائل : يقول شيخ في السؤال الثاني ؟
الشيخ : نعم .
السائل : هل فعل ابن عمر رضي الله عنه موافق للسنة في أخذه من لحيته ما زاد عن القبضة أم أن هذا اجتهاده الخاص و ما حكم الأخذ ما زاد عن القبضة ؟
الشيخ : نعم ،لم يرد هناك سنة عملية عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم في موضوع الأخذ من اللحية أو عدم أخذها و ليس عندنا إلا أمرين اثنين أوشيئين اثنين الشيء الأول هو أمره صلى الله عليه و سلم بإعفاء اللحية و الشيء الآخر هو ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه و هو أحد رواة حديث الأمر بإعفاء اللحية و فعل ابن عمر هذا ينظر إليه من بعض العلماء على أنه ليس اجتهادا منه و إنما هو تطبيق لما رآه من الرسول صلى الله عليه و سلم فعلا ، إنما يقال إن هذا اجتهاد من ابن عمر فيما لو كان يفسر الحديث و هو عن الحديث يتحدث عن أمر فكري من الأحكام الشرعية ليس يتحدث عن أمر واقعي كان يراه هو بعينه طيلة حياته التي صحب فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، و بمعنى أوضح إن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كلما جالسه يراه و لحيته إما قد تركها عليه الصلاة و السلام على سجيتها و على طبيعتها لم يأخذ منها شيئا وإما أن يكون قد رآه أخذ منها شيئا فلو فرضنا الأمر الأول أي أنه رأى النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يأخذ من لحيته فما يكون لابن عمر أن يخالف سنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو يراه عليه الصلاة و السلام بعينه لا رواية و نقلا عن غيره و إنما هو بعينه يراها لم يأخذ منها شيئا فيكون في ذلك قد خالف سنة شهدها بنفسه ، و هذا أبعد ما يكون عن مثل ابن عمر رضي الله تعالى عنه الذي عُرف عند العلماء جميعا بأنه كان من أحرص إن لم نقل إنه كان أحرص الصحابة بالاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم حتى في أمور قد خولف فيها من بعضم بما يدل عن مبالغته في اتباعه للنبي صلى الله عليه و آله و سلم حتى في الأمور العادية ، حتى في الأمور التي لا يظهر فيها وجه للتعبد بها و معلوم أنه رضي الله عنه رؤي مرة يقصد مكانا يتبول فيه فقيل له في ذلك فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يبول في هذا المكان فقد وصل به الأمر إلى الاقتداء بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم حتى في مثل هذه المسألة التي لا يبدو فيها أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قصد ذلك المكان أو قصد ذلك المكان بالتبول قصدا بل الظاهر أنه وقع له ذلك اتفاقا مع مثل هذا فقد كان ابن عمر يسعى إلى اتباع الرسول عليه الصلاة و السلام في مثل هذا الفعل ، و هذا كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية خلاف المعروف عن أبيه عمر رضي الله عنه الذي كان ينهى عن اتباع آثار النبي صلى الله عليه و آله وسلم كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناده الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في بعض سني خلافة حاجا و نزل منزلا من تلك المنازل فرأى بعض الناس ييممون طريقا يأخذونه و يسلكونه فسأل إلى أين يذهب هؤلاء فقيل له بأنهم يقصدون أماكن كان قد صلى فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فخطب عمر في الناس و قال " يا أيها الناس من أدركته منكم الصلاة في شيء من هذه المواطن فليصل و من لا فلا يتتبعها فإنما أهلك الذين من قبلكم اتباعهم آثار أنبيائهم " فهذا التتبع نهى عنه عمر ، ابنه عبد الله كان يرى أن هذا التتبع هو من السنة أو من الأمور المستحبة التي يؤجر عليها صاحبها الشاهد من هذا هو أنه من البعيد جدا جدا أن ابن عمر يرى الرسول عليه السلام لا يأخذ من لحيته مطلقا ثم هو يصر على مخالفة الرسول عليه السلام في هذه السنة لا سيما و هناك نص عام ( أعفوا اللحى ... ) فكيف يخالف ابن عمر هذا النص العام لو لا أنه رأى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قد بيّن بفعله أن هذا العموم غير مراد لذلك في مثل هذا الأمر يقول أهل العلم إن الراوي أدرى بمرويه من غيره فابن عمر رضي الله عنه هو قد روى لنا هذا الحديث ( و أعفوا اللحى ) فهو إذا إما أن يكون هذا لأمر على إطلاقه و شموله و إما أن يكون قد تولى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بيانه بفعله و عمله و هذا ما جرى عليه ابن عمر ، و قد ثبت عن ابن عمر في الموطأ أنه كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة و ذلك ليس فقط في الحج و العمرة بل و في غير ذلك من الأوقات فإذا خلاصة القول نعتبر أن العلماء الذين ذهبوا إلى تحديد إعفاء اللحية بالقبضة نظروا إلى فعل ابن عمر أنه فعل ينقل إلينا ما شاهد الرسول عليه السلام عليه لأنه و قد عرفنا أنه من أحرص الناس على اتباعه صلى الله عليه و سلم في أفعاله يبعد كل البعد أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ثم هو يخالفه إلى خلاف ذلك غيره .