الرد على من يستدل بقول عمر رضي الله عنه عن صلاة التراويح " نعمت البدعة هذه" على تحسين البدع . حفظ
الشيخ : من الأمثلة التي أيضا يوردونها صلاة أو أمر عمر بن الخطاب أبيّ بن كعب أن يصلي بالناس جماعةً صلاة التراويح في رمضان .
يقولون هذا أيضا بدعة ونحن نقول حاشى لعمر وللصحابة أن يتفقوا على شيء اسمه بدعة في الدين والرسول يقول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) لكن الحقيقة أن موقف عمر في هذه الحادثة موقفه وموقف أبي بكر الصديق وموقف زيد بن ثابت في حادثة جمع القرآن وأن موقفه في هذه الحادثة هو نفس موقفه في حادث الإخراج اليهود من جزيرة العرب لم يأت بشيء من نفسه مستحسنا له بعقله وإنما حقق حكما شرعيا كان مقررا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وبيان هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نعلم جميعا كان يصلي صلاة القيام في كل ليالي السنة لم يخص رمضان بقيام دون سائر الليالي هذا شيء وشيء ثاني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ثلاث ليال في رمضان في آخر حياته عليه الصلاة والسلام صلى بالناس جماعة أي إن قيام الليل الذي كان من عادته عليه الصلاة والسلام أن يقومه وحده فهو في رمضان هذا أي آخر رمضان من حياته الكريمة صلاها مع الجماعة ثلاث ليال ولما اجتمعوا وصلوا خلفه عليه الصلاة والسلام ما أنكر ذلك بل أقرهم على هذا الاجتماع وفي الليلة الثانية كذلك وفي الليلة الثالثة كذلك وقد غص المسجد فلا يمكن أن يصلي ناس آخرون في هذا المسجد واجتمعوا في الليلة الرابعة وانتظروا الرسول عليه السلام كما هو وارد في صحيح البخاري ولما ملّوا من شدة من طول الانتظار أخذ بعض من لا صبر عنده يحصب، يرمي باب الرسول عليه السلام بالحصباء فخرج الرسول عليه السلام مغضبا وقال ( يا أيها الناس إنه لم يخف علي مكانكم هذا إني عمدا تركت إني خشيت أن تكتب عليكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) فنجد في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أقرهم على الصلاة خلفه تلك الليالي الثلاث امتنع من الخروج في الليلة الرابعة للصلاة معهم وبهم وبيّن لهم السبب قائلا ( إني خشيت أن تكتب عليكم ) فهنا علّة هي التي منعت الرسول عليه الصلاة والسلام من المثابرة والمتابعة على صلاة التراويح جماعة، خشي عليه الصلاة والسلام أنه إن رأوا الرسول استمر على الإحياء جماعة أن يُلقى في نفوسهم أن هذا أمر حتم لازم لازب فدفعا لهذه الخشية ترك وما صلى وكل أهل العلم يعتقدون أن الدين بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام تمّ وكمل فلا يقبل الزيادة ولا النقص لذلك وجدنا عمر بن الخطاب عاد إلى إحياء تلك السنة التي أحياها الرسول عليه السلام بفعله المذكور ثم بقوله الآتي فأحيا تلك السنة لأنه الخشية زالت ومن القواعد الفقهية الأصولية " أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما " فحكم الامتناع كان قائما على الخشية فلما زالت الخشية زال حكم الامتناع وعاد إلى أصله المشروع، مشروع بفعله ثلاث ليال وتأكدت هذه الشرعية بقوله عليه السلام الذي أشرت إليه وهو ما رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم في رمضان ثلاث ليال قال أو أربعة ثم قال ( من صلى العشاء مع الإمام ثم صلى قيام رمضان مع الإمام كتب الله له قيام ليلة ) هذا قول من الرسول عليه السلام فيه الحض على أمرين اثنين الأمر الأول معروف وهو صلاة الجماعة الفريضة مع الإمام والأمر الآخر حض الرسول عليه السلام المصلين للجماعة للعشاء أن يصلوا أيضا مع الإمام صلاة القيام وأن من جمع بين الجماعتين جماعة الفرض لصلاة العشاء وجماعة السُنة لصلاة التراويح كتب الله له قيام ليلة أجر قيام ليلة بتمامها وكمالها، هذا قول صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام تأكيدا لمشروعية التجميع في صلاة التراويح في رمضان خلافا لمن يظن أنه الأفضل في صلاة التراويح في رمضان أن يصليها في بيته ومع أهله، لا هذا يخالف سنة الرسول العملية التي تركها للعلة التي خشي ويخالف قوله العام الموجه شريعة عامة إلى أمته وهو حضه عليه الصلاة والسلام على صلاة العشاء جماعة وصلاة القيام جماعة فيكون له ثواب قيام ليلة بتمامها.
إذًا ماذا فعل عمر؟ لقد أحيا سنة من فعله عليه السلام مؤكدة بقوله كيف يقال إن عمر ابتدع في الإسلام بدعة لكن هذه بدعة حسنة، ولهم هنا شبهة أقوى مما سبق حكايته عنهم ولكنها أيضا شبهة داحضة ذلك أنه جاء في قصة إحياء عمر بن الخطاب لهذه السنة أنه خرج ثاني يوم فوجد الناس يصلون جماعة وراء إمام واحد أبيّ بن كعب رضي الله عنهما فقال " نعمة البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل "، فتمسك المستعجلون في الاستدلال بهذه الحادثة، تمسكوا بكلمة عمر " نعمة البدعة هذه " فقالوا هاه يوجد في الإسلام بدعة تمدح فنحن نذكرهم بأننا اتفقنا معكم جدلا بأن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) لا يعني البدعة لكن قلنا لكم جدلا إن أصررتم على تفسيرها بمن ابتدع في الإسلام بدعة حسنة فنقبل منكم البدعة الحسنة، وأي بدعة حسنة أحسن من هذا التجميع الذي فعله عمر اتباعا منه لصلاة الرسول ثلاث ليال بأصحابه واتباعا منه لقول الرسول عليه السلام في حقه على التجميع، فإذًا هو لم يحدث شيئا في الدين لكان إذًا لم سماها بدعة؟ بدعة باعتبار ما كان من ترك الناس، لا يجتمعون في صلاة التراويح في خلافة عمر في خلافة أبي بكر الصديق وشيء من خلافة عمر.
وخلافة عمر وبعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان الناس هكذا يصلون زرافات ووحدانا فهو لما قال نعمة البدعة فيعني بالنسبة لما بين صلاة الرسول عليه السلام لصلاة التراويح جماعة وبين إحياء عمر لهذه الصلاة، سماها بدعة فهي بدعة لغوية نسبية بالنسبة لهذا الوقت الضيق لكنها ليست بدعة شرعية لأن الدليل قام على حسنها أي شرعا، قام الدليل على حسنها شرعا، فمن جاءنا بأمر حادث لم يكن في عهد الرسول عليه السلام ولا في عهد السلف الصالح وأتانا بالدليل الشرعي الملزم به بالأخذ بها هذه البدعة فنحن نقول حينذاك نحن نتقرب إلى الله بهذا الذي تسمونه بدعة لكن نخالفكم بهذه التسمية لأن الإسلام ذم الإبتداع في الدين ذما عاما فإذا وجد شيء قام الدليل على حسنه وعلى شرعيته فليس بدعة لأن الإسلام أمر بذلك، هذا الحديث ...
وقصة عمر بن الخطاب في إحيائه هما من أقوى الشبهات التي يتمسك بها الجماهير في استحسان بعض البدع في الدين وقد تبيّن لنا والحمد لله بوضوح أنه لا متمسك لهم في شيء من ذلك .