مثال للشرك اللفظي يقع فيه كثير من الخطباء ألا وهو قولهم" بسم الله و الوطن" مع بيان بعض الأحاديث الضعيفة في موضوع الوطن مع بيان المحبة الحقيقة للوطن . حفظ
الشيخ : ومن النوع الذي يكثر من الخطباء اليوم الذين لا يبالون بالأحكام الشرعية من الشرك اللفظي هو أن يذكر اسم الله أن تفتح المجالس والمحاضر باسم الله والوطن، أليس هذا واقعا كلكم يسمع هذا، هذا من الشرك اللفظي لأنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم قد أنكر أن يقول ما شاء الله وشئت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اعتبر الله طاعته من طاعة الله واعتبر طاعته طاعة لله مع ذلك قال له أجعلتني لله ندا فكيف يقرن الوطن مع اسم الله تبارك وتعالى وما هو هذا الوطن ليته كان الوطن الإسلامي العام الذي لا حدود له وإنما هو قطعة أرض قد تكون اليوم تحت أيدينا فتصبح بعد يوم تحت أيدي غيرنا مع الأسف الشديد فلا يجوز إذًا أن يقول القائل بسم الله والوطن وإنما بسم الله وحده ولا يذهبن بال أحد ما إلى أنه معنى هذا الكلام أنه لا ينبغي لا أقول تقديس الوطن وإنما أقول لا يذهبن بال أحد إلى أن معنى هذا الكلام أنه لا يجب الاهتمام بالوطن وبالحفاظ عليه، لا ليس هذا المقصود كما أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الصحابي ( أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ) لم يقصد من ذلك محمد نفسه أن ينكر نفسه لأن ذلك الصحابي قرن محمد عليه السلام مع ربه، فحينما أمر أن يذكر الله وحده في هذه العبارة .
لا بد أن تفرق في لفظك وفي تعبيرك بين المشيئتين فتقول ما شاء الله ثم ما شاء فلان، كذلك نقول نحن إذا كان لا يجوز كما ذكرنا لكم أن يقول المسلم ما، بسم الله والوطن فليس معنى ذلك أن الوطن لا قيمة له وأن الوطن لا ينبغي المحافظة عليه لا ولكن ليس الوطن بأعظم شأنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان رسول الله لم يشأ ولم يرد أن تذكر مشيئته بمشئة الله عز وجل معا فمن باب أولى وأحرى أن لا يرضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر الوطن وشأنه ما ذكرنا مع اسم الله تبارك وتعالى وبهذه المناسبة أريد أن أذكّر بأن حديث " حب الوطن من الإيمان " هذا حديث ما أنزل الله به من سلطان، هذا حديث بتعبير أهل الحديث لا أصل له أي ليس له إسناد إطلاقا وإنما بعض الناس ذكره في بعض الكتب قاصدا أو ساهيا ثم ورثه الخلف عمن قبله دون أن يعلموا وزن هذا الحديث عند أهل العلم بالحديث وسار على ألسنة الناس وشاع حتى أصبح كأنه حديث متواتر عند الناس وحقيقة أمره أنه كحديث آخر ولكن هذا شأنه ألطف من الأول لأنه لم يشع ولم يذع ذيوع الحديث الأول وإنما هو معروف عند الخاصة أمثالنا ولكن معروف بأنه أيضا كسابقه لا أصل له وهو حب الهرة من الإيمان فهناك حديثان على وزان واحد " حب الوطن من الإيمان " و " حب الهرة من الإيمان " .
السائل : ... .
الشيخ : لا ليس في الحب، " النظافة من الإيمان " النظافة من الإيمان هذا حديث أيضا مشهور ولكنه ضعيف السند وليس كسابقيه، السابقان لا أصل لهما وكذلك أريد أن أذكر بمناسبة حب الوطن من الإيمان وقولنا فيه أنه لا أصل له ليس معنى هذا الكلام أن حب الوطن ليس من الواجب على الإنسان، هناك فرق بين أن يكون حب الوطن غريزيا فطريا طبيعيا في الإنسان في البشرية كلها لا فرق بين مؤمن وكافر، هذا شيء وبين أن يأتي الحديث أو الرسول فيقول عن هذا الشيء الغريزي الفطري في الإنسان كله يقول هذا من الإيمان، إذًا من إيمان الألمان أنهم دافعوا عن بلادهم حتى خربوها بأيديهم فهذا من الإيمان؟ لقد أشار الله عز وجل في آية من القرآن أن حب الوطن هو كحب النفس وكحب الحياة (( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم )) ليش؟ لأنه طبيعة البشر التعلق بالحياة والتعلق بالوطن فبطبيعة الإنسان يتعلق إذًا بوطنه سواء كان مؤمنا أو كافرا فإذًا حب الوطن ليس شعارا يتميز به المسلم على غيره بل هو يشترك فيه مع غيره فلا فرق في ذلك بل مع الأسف الشديد نرى كثيرا من الكفار يفوقون كثيرا من المسلمين في حبهم لأوطانهم لكن الفارق بين المسلم وبين الكافر في حب الوطن الغريزي أن المسلم يشوب حبه لوطنه بعقيدة مسلمة مؤمنة فهو يفترق عن الحب الغريزي للوطن الذي يشترك فيه الكفار لأنه لا يحب الوطن للوطن لأنه أرض من نوع أرضها مثلا ترابها أحمر أو أرضها مخضرة أو فيها الأنهار تجري وهكذا وإنما يحبها لغيرها، يحبها كوسيلة لنشر كلمة الله في الأرض وليجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى .
هذا هو الفرق بين حب المؤمن لوطنه وبين حب الكافر لوطنه فالمسلم يحب الوطن ولكنه حينما يرى أن هذا الوطن عاد بلاء عليه ووباء وهو يدعه ويفتش عن أرض أخرى يتخذه وطنا له وإذا هذه الحقيقة بجانبيها أشار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى إحداهما بهجرته من مكة إلى المدينة وأشار إلى الأخرى بقوله لما هاجر منها ووقف على الجبل مطلا عليها وخاطبها بقوله عليه الصلاة والسلام ( أما إنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولولا أن قومي أخرجوك منك ما خرجت ) ولكن لا نستطيع أن نسوي بين مكة المقدسة وبين اي بلدة أخرى على وجه الأرض فمكة حرم حرمه الله عز وجل وبلاد مقدسة قدسها هي أفضل أرض الله على وجه الأرض إطلاقا فإذا أحبها الإنسان لذاتها لا يكون كالذي يحب وطنه أي وطن آخر لأنها مما اصطفاه الله عز وجل على خيرها من البلاد، الشاهد أن الشرك اللفظي له صور عديدة جدا فعلى المسلم أن لا يقع في شيء منها وإذا رأى أخاه المسلم قد تلبس بشيء منها أن ينبهه وأن ينصحه وهذا شيء كثير وكثير جدا فأنتم تسمعون الناس اليوم يقول بعضهم بعضهم لبعض لأدنى مناسبة ما لي غير الله وأنت هاي هي بذاتها ما شاء الله وشئت بل أفظع "ما لي غير الله وأنت" ... "إيد الله وإيدك" "توكلت على الله وعليك" كل هذا شرك فإن قصده كما أشرنا بعض الجهال فهو شرك أكبر شرك قلبي وإن لم يقصده كما هو شأن غالب الناس فهو شرك لفظي ولكن .