ذكر الشيخ إتفاق الأئمة على عدم مشروعية تكرارالجماعة في المسجد الواحد الذي له إمام راتب و مؤذن راتب ؟ حفظ
الشيخ : من هنا اتفق الأئمة الأربعة على عدم شرعية الجماعة الثانية، أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية عنه، إتفقوا كلهم على أن الجماعة الثانية غير مشروعة ويطلق الحنفية الكراهة عليها وإنما يعنون الكراهة التحريمية، لكن نصُّوا وبخاصة منهم الإمام الشافعي على أن المسجد الذي تُكره فيه تكرار الجماعة هو المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب لأن تحقق هاتين الصفتين في المسجد هو الذي يجمع المسلمين في ذاك المسجد، الإمام والمؤذن أما مسجد على قارعة الطريقة ليس له مؤذن يدعوهم وليس له إمام يجمعهم فلا تُكره تكرار الجماعة في هذا المسجد والفرق واضح جدا وهو الذي رمى إليه هؤلاء العلماء والفقهاء ذلك أن تكرار الجماعة في المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب عاقبة ذلك تفريق الجماعة، وما سُمِّيت صلاة الجماعة إلا للتجميع فأي عمل عارض المقصد من شرعية الجماعة وهو تفريق الجمع يكون طبعا مخالفا للشرع ولذلك فلا يُشرع إتخاذ أي سبب أو أي وسيلة يؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى.
أما المسجد الذي ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب فليس هناك جماعة تفرّق بل على العكس من ذلك هناك جماعات تُجمّع كمثل مثلا عائلة في الدار يُصلِّي جماعة منهم وناس منهم آخرون مشغولون أو غائبون ثم يعودون إلى الدار فيصلون جماعة ثانية لا أحد يقول بكراهة ذلك لأنه لا يؤدّي إلى تفريق جماعة منتظمة.
لذلك قال أولئك العلماء بأن هذا الحكم حكم كراهة تكرار الجماعة إنما يختص بالمسجد له إمام راتب ومؤذن راتب.
فإذًا حينما نسمع الأحاديث التي تُبيّن أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة فلا ينبغي أن نفهم لفظة "الجماعة" أو بعبارة أدق أن نفهم أن "أل" في الجماعة للإستغراق والشمول وإنما هي للعهد، فنقول صلاة الجماعة هي الجماعة الأولى، وبالشرط السابق ما تكون جماعة معتدية على الجماعة الراتبة فصلاة الجماعة هي الجماعة الأولى ف "أل" هنا ليست للإستغراق والشمول وإنما هي للعهد.
من أجل هذا الحديث وأمثاله نقول يجب أن تُفسّر نصوص الشريعة وأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام على ضوء الواقع والحياة النبوية الكريمة.