هل يتابع الإمام فيما خالف فيه السنة في الصلاة ؟ حفظ
الشيخ : هل يتابع إمامه إذا سجد على الركبتين أم يخالف إمامه ويطبق هذا الشيء الواجب ونرجوا تبيين كيفية متابعة الإمام؟
هذه المسألة طالما تكلمنا فيها وهي تتعلق بأصل وبفروع تفرّعت من ذاك الأصل، ألأصل هو قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) أو (أجمعون ) ، وهذا الحديث في الصحيحين من رواية جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة ومنهم عائشة ومنهم أنس بن مالك وبعضهم يزيد على بعض والشاهد أن في هذا الحديث أمر الرسول عليه الصلاة والسلام المصلين بالإئتمام بالإمام، وجاء في آخر هذا الحديث كما سمعتم ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ) هذا الحديث يضع لنا هذا الأصل وهو وجوب الائتمام بالإمام حتى لو صلى جالسا أي وهو عاجز عن القيام فعلينا أن نتابعه في الصلاة جالسين أي نُسقط الركن الذي هو القيام في سبيل تحقيق الإئتمام والقدوة التامة بهذا الإمام، هذا هو الأصل في موضوع السؤال الوارد آنفا، أما المسائل التي تؤكد هذا النص العام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) فمثلا السنن من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ذات يوم فلما أراد الجلوس للتشهّد نسي وقام إلى الركعة الثالثة فسبّح به أصحابه فلم يعد للتشهد وتابع الصلاة ثم سجد سجدتي السهو، وقعت هذه الحادثة نفسها لراوي الحديث وهو المغيرة بن شعبة حيث نسي هو بدوره التشهد الأول وذلك في صلاة المغرب فسبّح به من وراءه فما التقت إليهم وفي أخر الصلاة سجد سجدتين وقال صليت وراء النبي صلى الله عليه وأله وسلم فنسي التشهد فسبّحوا له ففعل كما فعلنا قال وقال عليه الصلاة والسلام ( إذا نسي أحدكم التشهد الأول فقام فإن استتمّ قائما فلا يعد وعليه سجدتا السهو وإن لم يستتمّ قائما فيرجع ولا شيء عليه ) هذا معنى حديث المغيرة بن شعبة، فنجد هاهنا هذا الحديث يوجب على المقتدين الذين تنبهوا لخطأ الإمام أن يتابعوه في خطئه وقد ترك واجبا من واجبات الصلاة ألا وهي التشهد جلوسا وقراءة، بل هناك في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله سلم صلى بأصحابه يوما صلاة الظهر خمس ركعات دون أن يتشهّد في الركعة الرابعة وإنما تشهد في الركعة الخامسة ولما سلَّم عليه الصلاة والسلام قيل له يا رسول الله أزيدَ في الصلاة؟ قال لا، قالوا له فقد صليّت خمسا فسجد الرسول عليه السلام سجدتي السهو ثم قال ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكّروني ) فنجد في هذه الحادثة أن الصحابة تابعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حتى لمّا قام للركعة الخامسة من صلاة الظهر ويقال بهذه المناسبة أن متابعة الصحابة للرسول عليه السلام إنما كان لظنهم أنه من المحتمل أن يكون قد نزل حكم جديد على الرسول عليه السلام وهو لذلك هو صلى خمسا، وبناء على هذا الظن كما قيل قالوا له أزيدَ في الصلاة؟ فأجابهم بالنفي وسجد سجدتين واعتذر بأنه كان ناسيا، هكذا يقول البعض بأن متابعة الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام إنما كان لأنه قام في أذهانهم أنه من المحتمل أن يكون جاء حكم جديد، يعنون أنهم لو كانوا على علم يقيني أنه لا احتمال الزيادة على أربعة الظهر لم يتابعوه فنحن نردّ على هؤلاء من وجهين، الوجه الأول أنه هذه مجرد دعوى ليس هناك دليل على ما ذهبوا إليه، والشيء الثاني وهو أقوى أن الصحابة وكثير من التابعين قد وقعت لهم حادثة أغرب بكثير من هذه الحادثة ومع ذلك فما، ما رأوا بأنفسهم جائزا أن يخالفوا الإمام فقد جاء أيضا في صحيح البخاري أن أحد الولاة الحكام في زمن بني أميّة صلى بالناس صلاة الفجر أربعا وهو كأنه لا يزال متأثّرا بشراب كان قد شربه وبعد أن سلّم بهم التفت إليهم قائلا " أزيدكم؟ " إذا ما يكفيكم أربعة بدل ركعتين فأنا مستعد للزيادة، أزيدكم؟ فلا نجد في هذه الحادثة مهما فيها من شذوذ وغرابة وزيادة لا نجد أحد من الصحابة والتابعين قال هذه الصلاة باطلة والسبب هو مراعاتهم لمبدأ ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) .
يؤكد لكم هذا ما روى الإمام أبو داود في سننه بإسناده الصحيح أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا صلى خلف عثمان رضي الله عنه في منى يتابعه وكان يصلي عثمان أربعا وهو مسافر كسائر الصحابة لأن ذلك كان في موسم الحج وهو في منى، أيام منى، أيام التشريق فكان يصلي بالناس تماما، لا يقصر فكان ابن مسعود ينكر عليه ذلك ويُذكِّره بما كان عليه الرسول عليه السلام في حجة الوداع وفي كل أسفاره من أنه لا يزال يقصر حتى يرجع إلى المدينة.
كان أصحاب ابن مسعود يسمعون منه هذا الإنكار على عثمان ثم يرونه من جهة أخرى يصلي خلفه أربعا، فيقولون له كيف هذا؟ تنكر عليه الإتمام ثم تتابعه؟ كان جوابه " الخلاف شرّ " كأنّ ابن مسعود رضي الله عنه يقول إننا بين شرين، الشر الأول مخالفة السنة في القصر، الرسول عليه السلام كان يقصر دائما وأبدا، فمخالفة هذه السنة بلا شك شر لكن هناك شر آخر، مخالفة الإمام الذي نقتدي به هذا شر، وكأنه يقول فيما أفهم، فالرسول يقول ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وفي حديث آخر يزيد فيقول ( فلا تختلفوا عليه ) لا تخالفوه افعلوا كما يفعل فابن مسعود يقول فنحن بين شرين فأنا أختار أخف الشرين وأخفهما أن لا أخالف الإمام فإذا صليت أنا بالناس إماما قَصرْت، أما إذا صليت بإمام لا يقصر وإنما يتمّ فمخالفته شر فهذا يدلنا على أن ابن مسعود وقد رُوِيَ مثله أيضا عن بعض الصحابة الآخرين كأبي الدرداء وأبي ذر، الشك مني الأن، أيضا كان يصلي وراء عثمان تماما ويجيب بنفس الجواب " الخلاف شر " .
فمن هذه المجموعة من النصوص أنا اطمئننت إلى أن المقتدي إذا اقتدى بإمام ورضيه قدوة له فينبغي أن تضمحلّ شخصيته وراء شخصيته وراء شخصية هذا الإمام، وأن تنقلب صلاته إلى صلاة الإمام أصاب أو أخطأ لأن الإصابة والخطأ في مثل هذه القضايا هي أمور إجتهادية وكل إنسان يدّعي طبعا أن السنّة معه ولذلك فالسنّة من مثل الأدلة السابقة توحّد المسلمين في صلاتهم وتجمعهم وراء هذا الإمام الواحد، وتجعل صلاتهم واحدة، لا خلاف بينهم فيها، ذلك لأن الإختلاف في البلدة الواحدة أشدّ تأثير من الإختلاف الواسع العام، إذا كان الله عز وجل يحذّر تحذيرا عاما عن الإختلاف فيقول (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون فالاختلاف في ذات العبادة نفسها أشد خطرا على المختلفين لا يقولنّ قائل كما سمعنا مرارا وتكرار "فكيف نحن نترك السنة، مثلا نترك وضع اليدين على الصدر" ومثل ما جاء في السؤال "هو بيبرك على ركبه نحن نتابعه" لا يقولنّ قائل هذا، لأننا لا نقول اتبعوا الإمام على ما نعتقده من أنه أخطأ أو مخالف للسنة من أجل خاطر الإمام وإنما نقول هذا من أجل خاطر السنة نفسها إذا صح التعبير، بل من أجل أمر الرسول عليه السلام الصريح في قوله السابق ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) إلى أخره يقول ( فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ) الإمام حينما يصلي جالسا يصلي معذروا، الإمام الذي لا يرفع يديه في الصلاة، لا يرفع معذورا، الإمام الذي يبرك على ركبه يبرك معذورا، لأنه يظن أن هكذا السنة، وليتصوّر أحدنا نفسه يصلي وراء إمام من الأئمة السابقين من مثل الصحابة وأمثالهم فهم لم يكونوا كلهم متفقين على كل مسألة وكل جزئية، فهناك مثلا بعض الصحابة لا يتوضّؤ من مسّ المرأة، وأخرون يتوضؤون من مسّ المرأة، وهناك صحابة لا يتوضؤون من خروج الدم مهما كان كثيرا، وناس أخرون منهم يتوضؤون، هل كان أحدهم يأبى عن الصلاة خلفه مخالفا لهم في المذهب؟ الجواب لا، إذا ما قام الإمام ليصلي بالناس جميعا انمحت الأراء الشخصية وراء هذا الإمام فهو مثلا لمس امرأته ولم يتوضأ، أنا أرى أنه هذا اللمس ينقض الوضوء مذهبي يطيح حينما أصلي وراء هذا الإمام، والعكس بالعكس، الإمام يرفع يديه، ابن مسعود كان لا يرفع يديه، ابن مسعود معروف أنه عمدة الحنفيّة في عدم رفع اليدين، فهل كان ابن عمر مثلا إذا اقتدى بابن مسعود لا يرفع يديه؟ يعني لا يصلي وراءه؟ يقول هذا مخالف للسنّة أو ابن مسعود إذا صلى وراء ابن عمر يقول هذا مخالف للسنّة، لم تكن هذه الأمور تفرّق بينهم إطلاقا، فأنا أقول إذا كان صحّة الصلاة وبطلانها يذهب الإختلاف بمجرد الإقتداء، أن من يرى صلاته باطلة لو فعل مثل فعل الإمام تصبح صلاته صحيحة إذا صلى وراء ذاك الإمام لأنه صلاة الإمام صحيحة، فأنت إذا صليت وراء إمام لا يرفع يديه وتركت رفع اليدين، تُرى هذا أخطر أم إذا صليت وراء إمام صلاته باطلة بالنسبة لمذهبك، أنا مثلا أرى أن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء فإذا رأيت رجلا أكل من لحم الجزور حتى انفزر وقام يصلي وما توضأ بأقول أنا صلاتي ما بتصح وارءه؟ لا، لأن القدوة تمحو هذه الخلافات كلها.
لذلك أعود فأقول ما يتساءل أحدكم فيقول كيف نترك السنّة من أجل القدوة؟ الجواب نحن تركنا أكثر من السنّة، تركنا الفرض، تركنا الطهارة حينما نصلي وراء إمام صلاته غير صحيحة بالنسبة لوجهة نظرنا نحن.
هذه المسألة طالما تكلمنا فيها وهي تتعلق بأصل وبفروع تفرّعت من ذاك الأصل، ألأصل هو قوله عليه الصلاة والسلام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) أو (أجمعون ) ، وهذا الحديث في الصحيحين من رواية جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة ومنهم عائشة ومنهم أنس بن مالك وبعضهم يزيد على بعض والشاهد أن في هذا الحديث أمر الرسول عليه الصلاة والسلام المصلين بالإئتمام بالإمام، وجاء في آخر هذا الحديث كما سمعتم ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ) هذا الحديث يضع لنا هذا الأصل وهو وجوب الائتمام بالإمام حتى لو صلى جالسا أي وهو عاجز عن القيام فعلينا أن نتابعه في الصلاة جالسين أي نُسقط الركن الذي هو القيام في سبيل تحقيق الإئتمام والقدوة التامة بهذا الإمام، هذا هو الأصل في موضوع السؤال الوارد آنفا، أما المسائل التي تؤكد هذا النص العام ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) فمثلا السنن من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ذات يوم فلما أراد الجلوس للتشهّد نسي وقام إلى الركعة الثالثة فسبّح به أصحابه فلم يعد للتشهد وتابع الصلاة ثم سجد سجدتي السهو، وقعت هذه الحادثة نفسها لراوي الحديث وهو المغيرة بن شعبة حيث نسي هو بدوره التشهد الأول وذلك في صلاة المغرب فسبّح به من وراءه فما التقت إليهم وفي أخر الصلاة سجد سجدتين وقال صليت وراء النبي صلى الله عليه وأله وسلم فنسي التشهد فسبّحوا له ففعل كما فعلنا قال وقال عليه الصلاة والسلام ( إذا نسي أحدكم التشهد الأول فقام فإن استتمّ قائما فلا يعد وعليه سجدتا السهو وإن لم يستتمّ قائما فيرجع ولا شيء عليه ) هذا معنى حديث المغيرة بن شعبة، فنجد هاهنا هذا الحديث يوجب على المقتدين الذين تنبهوا لخطأ الإمام أن يتابعوه في خطئه وقد ترك واجبا من واجبات الصلاة ألا وهي التشهد جلوسا وقراءة، بل هناك في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله سلم صلى بأصحابه يوما صلاة الظهر خمس ركعات دون أن يتشهّد في الركعة الرابعة وإنما تشهد في الركعة الخامسة ولما سلَّم عليه الصلاة والسلام قيل له يا رسول الله أزيدَ في الصلاة؟ قال لا، قالوا له فقد صليّت خمسا فسجد الرسول عليه السلام سجدتي السهو ثم قال ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكّروني ) فنجد في هذه الحادثة أن الصحابة تابعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حتى لمّا قام للركعة الخامسة من صلاة الظهر ويقال بهذه المناسبة أن متابعة الصحابة للرسول عليه السلام إنما كان لظنهم أنه من المحتمل أن يكون قد نزل حكم جديد على الرسول عليه السلام وهو لذلك هو صلى خمسا، وبناء على هذا الظن كما قيل قالوا له أزيدَ في الصلاة؟ فأجابهم بالنفي وسجد سجدتين واعتذر بأنه كان ناسيا، هكذا يقول البعض بأن متابعة الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام إنما كان لأنه قام في أذهانهم أنه من المحتمل أن يكون جاء حكم جديد، يعنون أنهم لو كانوا على علم يقيني أنه لا احتمال الزيادة على أربعة الظهر لم يتابعوه فنحن نردّ على هؤلاء من وجهين، الوجه الأول أنه هذه مجرد دعوى ليس هناك دليل على ما ذهبوا إليه، والشيء الثاني وهو أقوى أن الصحابة وكثير من التابعين قد وقعت لهم حادثة أغرب بكثير من هذه الحادثة ومع ذلك فما، ما رأوا بأنفسهم جائزا أن يخالفوا الإمام فقد جاء أيضا في صحيح البخاري أن أحد الولاة الحكام في زمن بني أميّة صلى بالناس صلاة الفجر أربعا وهو كأنه لا يزال متأثّرا بشراب كان قد شربه وبعد أن سلّم بهم التفت إليهم قائلا " أزيدكم؟ " إذا ما يكفيكم أربعة بدل ركعتين فأنا مستعد للزيادة، أزيدكم؟ فلا نجد في هذه الحادثة مهما فيها من شذوذ وغرابة وزيادة لا نجد أحد من الصحابة والتابعين قال هذه الصلاة باطلة والسبب هو مراعاتهم لمبدأ ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) .
يؤكد لكم هذا ما روى الإمام أبو داود في سننه بإسناده الصحيح أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا صلى خلف عثمان رضي الله عنه في منى يتابعه وكان يصلي عثمان أربعا وهو مسافر كسائر الصحابة لأن ذلك كان في موسم الحج وهو في منى، أيام منى، أيام التشريق فكان يصلي بالناس تماما، لا يقصر فكان ابن مسعود ينكر عليه ذلك ويُذكِّره بما كان عليه الرسول عليه السلام في حجة الوداع وفي كل أسفاره من أنه لا يزال يقصر حتى يرجع إلى المدينة.
كان أصحاب ابن مسعود يسمعون منه هذا الإنكار على عثمان ثم يرونه من جهة أخرى يصلي خلفه أربعا، فيقولون له كيف هذا؟ تنكر عليه الإتمام ثم تتابعه؟ كان جوابه " الخلاف شرّ " كأنّ ابن مسعود رضي الله عنه يقول إننا بين شرين، الشر الأول مخالفة السنة في القصر، الرسول عليه السلام كان يقصر دائما وأبدا، فمخالفة هذه السنة بلا شك شر لكن هناك شر آخر، مخالفة الإمام الذي نقتدي به هذا شر، وكأنه يقول فيما أفهم، فالرسول يقول ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وفي حديث آخر يزيد فيقول ( فلا تختلفوا عليه ) لا تخالفوه افعلوا كما يفعل فابن مسعود يقول فنحن بين شرين فأنا أختار أخف الشرين وأخفهما أن لا أخالف الإمام فإذا صليت أنا بالناس إماما قَصرْت، أما إذا صليت بإمام لا يقصر وإنما يتمّ فمخالفته شر فهذا يدلنا على أن ابن مسعود وقد رُوِيَ مثله أيضا عن بعض الصحابة الآخرين كأبي الدرداء وأبي ذر، الشك مني الأن، أيضا كان يصلي وراء عثمان تماما ويجيب بنفس الجواب " الخلاف شر " .
فمن هذه المجموعة من النصوص أنا اطمئننت إلى أن المقتدي إذا اقتدى بإمام ورضيه قدوة له فينبغي أن تضمحلّ شخصيته وراء شخصيته وراء شخصية هذا الإمام، وأن تنقلب صلاته إلى صلاة الإمام أصاب أو أخطأ لأن الإصابة والخطأ في مثل هذه القضايا هي أمور إجتهادية وكل إنسان يدّعي طبعا أن السنّة معه ولذلك فالسنّة من مثل الأدلة السابقة توحّد المسلمين في صلاتهم وتجمعهم وراء هذا الإمام الواحد، وتجعل صلاتهم واحدة، لا خلاف بينهم فيها، ذلك لأن الإختلاف في البلدة الواحدة أشدّ تأثير من الإختلاف الواسع العام، إذا كان الله عز وجل يحذّر تحذيرا عاما عن الإختلاف فيقول (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون فالاختلاف في ذات العبادة نفسها أشد خطرا على المختلفين لا يقولنّ قائل كما سمعنا مرارا وتكرار "فكيف نحن نترك السنة، مثلا نترك وضع اليدين على الصدر" ومثل ما جاء في السؤال "هو بيبرك على ركبه نحن نتابعه" لا يقولنّ قائل هذا، لأننا لا نقول اتبعوا الإمام على ما نعتقده من أنه أخطأ أو مخالف للسنة من أجل خاطر الإمام وإنما نقول هذا من أجل خاطر السنة نفسها إذا صح التعبير، بل من أجل أمر الرسول عليه السلام الصريح في قوله السابق ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) إلى أخره يقول ( فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ) الإمام حينما يصلي جالسا يصلي معذروا، الإمام الذي لا يرفع يديه في الصلاة، لا يرفع معذورا، الإمام الذي يبرك على ركبه يبرك معذورا، لأنه يظن أن هكذا السنة، وليتصوّر أحدنا نفسه يصلي وراء إمام من الأئمة السابقين من مثل الصحابة وأمثالهم فهم لم يكونوا كلهم متفقين على كل مسألة وكل جزئية، فهناك مثلا بعض الصحابة لا يتوضّؤ من مسّ المرأة، وأخرون يتوضؤون من مسّ المرأة، وهناك صحابة لا يتوضؤون من خروج الدم مهما كان كثيرا، وناس أخرون منهم يتوضؤون، هل كان أحدهم يأبى عن الصلاة خلفه مخالفا لهم في المذهب؟ الجواب لا، إذا ما قام الإمام ليصلي بالناس جميعا انمحت الأراء الشخصية وراء هذا الإمام فهو مثلا لمس امرأته ولم يتوضأ، أنا أرى أنه هذا اللمس ينقض الوضوء مذهبي يطيح حينما أصلي وراء هذا الإمام، والعكس بالعكس، الإمام يرفع يديه، ابن مسعود كان لا يرفع يديه، ابن مسعود معروف أنه عمدة الحنفيّة في عدم رفع اليدين، فهل كان ابن عمر مثلا إذا اقتدى بابن مسعود لا يرفع يديه؟ يعني لا يصلي وراءه؟ يقول هذا مخالف للسنّة أو ابن مسعود إذا صلى وراء ابن عمر يقول هذا مخالف للسنّة، لم تكن هذه الأمور تفرّق بينهم إطلاقا، فأنا أقول إذا كان صحّة الصلاة وبطلانها يذهب الإختلاف بمجرد الإقتداء، أن من يرى صلاته باطلة لو فعل مثل فعل الإمام تصبح صلاته صحيحة إذا صلى وراء ذاك الإمام لأنه صلاة الإمام صحيحة، فأنت إذا صليت وراء إمام لا يرفع يديه وتركت رفع اليدين، تُرى هذا أخطر أم إذا صليت وراء إمام صلاته باطلة بالنسبة لمذهبك، أنا مثلا أرى أن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء فإذا رأيت رجلا أكل من لحم الجزور حتى انفزر وقام يصلي وما توضأ بأقول أنا صلاتي ما بتصح وارءه؟ لا، لأن القدوة تمحو هذه الخلافات كلها.
لذلك أعود فأقول ما يتساءل أحدكم فيقول كيف نترك السنّة من أجل القدوة؟ الجواب نحن تركنا أكثر من السنّة، تركنا الفرض، تركنا الطهارة حينما نصلي وراء إمام صلاته غير صحيحة بالنسبة لوجهة نظرنا نحن.