بيان أهم كتب التفسير و الفرق بين تفسير ابن جرير و تفسير ابن كثير . حفظ
الشيخ : أما فيما يتعلق بكتب التفسير فأعتقد أن مجال كتب التفسير في الواقع تحتاج إلى خدمة جديدة وذلك لأن الكتب التي ننصح بتلاوتها وبتداولها إنما هي مراجع أساسية للمؤلفين في هذا العلم الشريف علم تفسير القرآن الكريم فإن أحسن الكتب في هذا المجال تفسير ابن جرير الطبري ثم تفسير ابن كثير الدمشقي مع فارق كبير بينهما من حيث ناحيتين اثنتين، الناحية الأولى أن ابن جرير الطبري تأليفه للكتاب جرى فيه مجرى علماء الحديث الذين يروون كل رواية بالسند المتصل منهم إلى قائلها سواء كان القائل هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو كان صحابيا أو كان تابعيا أو كان دون ذلك فهم يروون كل هذه الروايات فهو يروي هذه الروايات بالسند المتصل منه إليه لكن هذا الأسلوب إنما يستفيد منه أهل العلم بل أقولها بصراحة بعض أهل العلم الذين جمعوا بين المعرفة بالعلوم كلها وبخاصة علم الحديث مصطلحا وجرحا وتعديلا، هذا الفريق من العلماء هو الذي يستفيد من تفسير ابن جرير الطبري لأنه يتمكن من دراسة هذه الروايات على ضوء علم الحديث وإلا فنحن نجد كثيرا من المتأخرين ينقلون أحاديث ذكرها ابن جرير في تفسيره بسنده فهم يحذفون السند ويقتصرون على ذكر المتن وحينذاك تصير المسؤولية قائمة على هذا الذي نقل الحديث وحذف السند بينما المسؤولية منتفية على ابن جرير لأنه ذكر السند مع المتن فكأنه يقول وهذا أمر معروف عند علماء الحديث أن المحدّث إذا ساق الحديث بإسناده فقد برئت ذمته وارتفعت مسؤولية من هذا الحديث إذا كان ضعيفا أو كان منكرا أو كان موضوعا، فحينما يأتي بعض المتأخرين ويحذفون السند ويأتون بالمتن فمعنى ذلك أنهم قطعوا الوسيلة بين القارئ وبين التمكن من معرفة إسناد هذا الحديث إذا كان من أهل المعرفة، هذا أسلوب ابن جرير في تفسيره أما بن كثير فقد جرى مجرى المحدثين حذف السند اختصارا وهذا أليق بعامة الناس ولكنه في أكثر الأحيان ولا أقول في كل الأحوال حينما يحذف السند يذكر خلاصة السند من صحة أو ضعف أو وضع وإن كان هو أحيانا أيضا لرفع المسؤلية عنه يسوق السند الذي ساقه ابن جرير أو بن أبي حاتم أو غيرهما ممن كان يروي التفسير المأثور بالسند ثم يتميز ابن كثير على بن جرير بمزية أخرى وهي أنه اطلع على التفاسير التي ألّفها من جاء بعد بن جرير فهو يأخذ من كل هذه التفاسير ما هو أقرب إلى الصواب وأقرب إلى اللغة العربية وإلى إحاطته بسيرة الرسول عليه السلام وسنته فلذلك بهذا الاعتبار وبالنظر إلى هاتين الخصلتين يكون تفسير ابن كثير رحمه الله أنفع لعامة الناس من تفسير ابن جرير الطبري لكن الأمر كما قلت كل من هذين التفسيرين يحتاج إلى تأليف جديد يجمع بين فوائد كل منهما وبأسلوب يفهمه أهل العصر على أساس أننا أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم .
لقد اختصر تفسير ابن كثير فيما علمت في مختصرين اثنين لكن هذا الاختصار لا يليق لا يليق بعامة الناس فإنه بحاجة إلى تأليف وتصنيف جديد بعبارة تتناسب مع أسلوب التأليف والكتابة في العصر الحاضر وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .