كلام الشيخ على أحاديث الآحاد والاحتجاج بها . حفظ
الشيخ : وهذا يجرنا إلى بحث آخر طالما تطرق له بعض الريبيين أو الشكاكين في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجهلهم بها وبأصولها وتراجم رواتها ألا وهو ما يسمى بحديث الآحاد وحديث التواتر، حديث الآحاد لا يستفيد منه إلا الأفراد والآحاد من علماء الأمة ألا وهم المتخصصون في علم الحديث والسنة ، أما عامة المسلمين فلا يستفيدون من هذا التفصيل شيئا يذكر بل يكون ذلك مدعاة وسببا لتشكيكهم فيما جاءهم عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث التي قد لا تتسع عقول بعض الشكاكين والريبيين للإيمان بها، الحديث هو ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأي طريق يعرفه علماء الحديث أما التفصيل فليس عامة المسلمين بحاجة إليه، تقسيم الحديث إلى حسن وصحيح ، حسن لذاته، حسن لغيره صحيح لذاته صحيح لغيره صحيح غريب صحيح مستفيض صحيح مشهور صحيح متواتر هذا لأهل العلم أما لعامة المسلمين فحسبهم أن يعلموا من أهل العلم أن الحديث صحيح فوجب الإيمان والتصديق به أما الذين يتشبثون بهذه التفاصيل التي هي تليق بأهل العلم وليس بعامة المسلمين فهم يتشبثون بها لحمل جماهير المسلمين على عدم الإيمان بكثير من الأحاديث الصحيحة لماذا؟ لأنها حديث آحاد ومعنى حديث آحاد باختصار أنها لم تبلغ درجة التواتر ويعنون بالتواتر أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدد كثير وفير يستحيل تواطؤهم على الكذب على الكذب وقد اختلفوا اختلافا كثيرا وذلك في اعتقادي من رحمة الله لأن الاختلاف في الشيء يدل على أنه لا قيمة له، منهم من يقول أن عدد التواتر مائة شخص ومنهم من يقول كذا وكذا وكذا إلى أن وصلوا إلى عدد العشرة أي إذا لم يرو الحديث الواحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة شخص على أعلى الأقوال أو عشرة أشخاص على أدنى الأقوال ثم عن هؤلاء الصحابة مائة أو عشرة من التابعين وهكذا إلى أن يصل الأمر مسجلا في بطن في بطون كتب الحديث لا يكون الحديث متواترا، وماذا يترتب على كون الحديث متواترا أو على عدم كونه غير متواتر، على عدم كونه متواترا رتبوا على ذلك أن الحديث الآحاد غير متواتر لا يجوز الأخذ به فيما يتعلق بالغيبيات وهم يعبرون عنها بالعقائد فكل حديث يتعلق بغير الأحكام وإنما يتعلق بالغيب إذا لم يكن متواترا فلا يؤخذ به، هكذا زعم الذين تشبثوا بالتفصيل المذكور آنفا وهو تفصيل يصادم في الواقع لكن من الذي يكتشفه ؟ لا يكتشفه إلا أفراد قليلون جدا في كل عصر من علماء الحديث المتخصصين.
لنضرب مثلا من المتفق عليه عند علماء الحديث جميعا أن أوضح مثال للحديث المتواتر قوله عليه الصلاة والسلام ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) ، هذا حديث متواتر فعلا لماذا ؟ لأنه وجد له من الرواة من الصحابة أكثر من مائة وهكذا دواليك وأنت نازل لكن من منكم الآن حصّل هذه الطرق حتى يصبح الحديث عنده متواترا، إذا أنا قلت لكن هذا الحديث متواتر فقد انقطع التواتر عنكم من عندي فيجب عليكم أن تتبعوا أو تتبّعوا الأحاديث كما فعلت وفعل غيري من قبلي حتى يصبح الحديث عندكم متواترا، ماذا يهمكم مثل هذا التفصيل الذي هو أشبه بالفلسفة التي لا تنفع عامة المسلمين إطلاقا فاشتراط التواتر في الحديث هو تعطيل للحديث النبوي ولذلك وجدنا كثيرا من الناس اليوم بعضهم متحزبون وبعضهم قد يكونوا غير متحزبين يردون أحاديث صحيحة بحجة أنه هذا ليس في الأحكام وإنما هو في أمور الغيب أو في العقائد فهو أحاديث آحاد فينبذونه نبذ النواة .