كلام الشيخ على معنى قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) في آية مصاريف الزكاة . حفظ
ألا وهو معنى (( وفي سبيل الله )) في أية مصاريف الزكاة (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) إلى أخر الأية ثم قال تعالى (( وفي سبيل الله )) ، كان السؤال هل في سبيل الله يختص بالجهاد في سبيل الله أم يشمل أيضا مصالح أخرى للمسلمين كبناء المساجد والمدارس واتخاذ المرافق والمنافع العامة للمسلمين؟ فهل في سبيل الله في هذا الموضع من أية مصاريف الزكاة يشمل غير الجهاد في سبييل الله مما ألمحنا إليه أنفا فيجوز إذًا كانت الأية تشمل تلك الأمور فيجوز للغنيّ أن يُعطيَ ماله لبناء مسجد أو لبناء مدرسة أو مستشفى أو غير ذلك؟ فكان جوابي أن معنى قول الله عز وجل في هذه الأية الكريمة (( وفي سبيل الله )) خاص في مسألتين اثنتين لا ثالث لهما.
الأولى ما هو معروف لدى الجميع ألا وهو الجهاد في سبيل الله، فهذا مصرف من مصارف الزكاة يصرفه المكلّف بها في سبيل الله، في الجهاد في سبل الله.
الأمر الثاني مما جاء الدليل الشرعي ليُوسّع كلمة (( وفي سبيل الله )) فيُدخل في هذه الجملة إنفاق المال في الإحجاج للفقير إلى بيت الله الحرام، فيكون معنى (( وفي سبيل الله )) أي في الجهاد والحج، ولم يأت عن أحد من السلف بل ولا الأئمة المجتهدين توسعة لهذه الجملة بأكثر من الأمرين المذكورين (( وفي سبيل الله )) أي في الجهاد في سبيل الله وفي الإحجاج أيضا للفقير المحتاج إلى بيت الله الحرام.
الأمر الثاني هذا الإحجاج للفقير قد جاء فيه حديث صحيح في سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وغيرهما أن رجلا من الصحابة يُعرف بأبي طلْق حجّ مع النبي صلى الله عليه وأله وسلم حجّة الوداع فلما رجع جاءت زوجته إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم تشكوه إليه عليه الصلاة والسلام وقالت يا رسول الله إن زوجي أبا طلق لم يحجّجني على جمله فلان، فأرسل الرسول عليه السلام خلف أبي طلْق فسأله عن هذه الفتوى، فقال يا رسول الله جملي هذا أعددته في سبيل الله عز وجل فقال عليه الصلاة والسلام لو أنك أحججتها عليه لكان ذلك في سبيل الله، فأخذ الإمام أحمد رحمه الله من بين الأئمة الأخرين الذين حصَروا معنى (( وفي سبيل الله )) في الجهاد في سبيل الله أخذ الإمام أحمد من هذا الحديث معنى أخر فأضافه إلى المعنى ألأول فقال (( وفي سبيل الله )) أي الجهاد والإحجاج أيضا في سبيل الله، كما دل عليه هذا الحديث الصحيح.
لم يأت عن أحد من السلف معنى أوسع من هذا المعنى الذي سمعتموه وهو الإحجاج بينما نجد اليوم فتاوى تصدُر من هنا وهناك أن معنى هذه الجملة (( وفي سبيل الله )) واسع بحيث يدخل كل المصالح التي يَنتفع فيها المسلمون ومن ذلك ما أشرنا إليه أنفا بناء المساجد والمدارس ونحو ذلك.
هذا كان السبب لإثارة هذا البحث الأن وهو.