الكلام على مسألة متابعة المأمومين إمامهم في قول "آمين " في الصلاة. حفظ
الشيخ : ... التي تضمن فضيلة بالغة لا يتنبه لها جماهير المصلين لذلك فهم لا يكاد نجد أحدا منهم يحرص في تطبيق هذا الحديث سواء كان بالمعنى الأول أي المقارنة أو بالمعنى الثاني وهو الأرجح لدينا لما ذكرنا ، لا يكاد أحدهم بهذا التطبيق لينال جزاء هذا الأمر النبوي الكريم وهو قوله عليه السلام ( فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ومعنى هذا أن الله عز وجل تفضل على عباده المصلين فشرع لهم من الوسائل والأسباب الميسرة القريبة التناول إذا ما قاموا بها استحقوا مغفرة الله تبارك وتعالى ، لا يحتاج الأمر للحصول على هذه المغفرة إلا الانتباه لعدم مسابقة الإمام في قوله آمين فإما المقارنة على القول الأول وإما المتابعة على القول الثاني و الأرجح لدينا ولذلك فيجب أن نعلم أن ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للملائكة في هذا الحديث وقوله فإنه من وافقه تأمينه تأمين الملائكة يعني شيئا واضحا ألا وهو أن الملائكة كما قال الله عز وجل فيهم (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) أي أن الملائكة الذين يحضرون ويشهدون الصلوات مع المصلين في المسجد ليسوا كالبشر الذين يعصون الله فضلا عن أن يغفلون عن أحكام الله فهم لا يتصور في حقهم أن يسابقوا الإمام فهم إما أن مقارنين للإمام على رأي الأولين ، وإما متابعين للإمام على الرأي الآخر وهو الأرجح كما قلنا فنحن ننصح إذا بأحد شيئين لابد منهما مرجحين الشيء الآخر الشيء الأول هو ألا يسابق المتقدي الإمام بآمين وإنما يقارن والمقارنة إن تمكن منها المتمكن فستكون ناقصة لأنه لا يستطيع أن يقارنه على مدى قوله هو آمين في كثير من الأحيان لأنه غير مستعد هو أن يقول آمين كما لو كان يقرأ هو نفسه القرآن ثم يؤمن بعد ذلك على وجه الترتيل ، لذلك فنحن ننصح بالشيء الثاني وهو أن تضبطوا أنفسكم إذا سمعتم تأمين الإمام فلا تبدؤوا بقولكم آ من آمين إلا إذا سمعتم النون الساكنة من قول الإمام آمين وحين ذاك تحصلون على هذه المغفرة بأقل عمل وأقل جهد ما هو هذا الجهد أنه ما تكون شارد من وراء الإمام وتستسلم للعادة اللي ماشين الناس عليها هو يقول (( ولا الضالين )) يلا المسجد كله انطلق ليضج ضجته بآمين وبعدين يأتي تأمين الإمام هذا إن لم تلاحظوا فلاحظوا فيما بعد فستجدون القضية انعكست رأسا على عقب المقتدين يقولون آمين ويأتي تأمين الإمام من بعدهم لاحظوا هذا فيكون المصلي أولا خالف أمر الرسول الصريح إذا أمن فأمنوا ثانيا و هذا أهم بالنسبة لهذا المسلم العاصي المغمور بالذنوب والمعاصي أن يتطلب الأسباب التي يستحق بها مغفرة الله فيخسر هذه المغفرة لأنه خالف أمر النبي عليه السلام ( إذا أمّن الإمام فأمّنوا ) ، ولبعض العلماء من شراح البخاري كلام صريح يقول لا يشرع مقارنة الإمام في شيء من الأذكار والأوراد إلا في آمين وهذا تصريح بأن الأصل في الاقتداء بالإمام هو المتابعة وليس المقارنة إلا في آمين فما الذي جعل هذا وأمثاله ... حملهم على أن يخصصوا التأمين بالمقارنة مع تأمين الإمام دون الأذكار التكبير والتسميع والتحميد ونحو ذلك ... نظروا إلى حديث أيضا هو في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل يقول فيه ( وإذا قرأ الإمام (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا آمين ) أي لم يذكر في هذا الحديث ( ... غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين ) ، فنظر بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث فقالوا ما دام أن الرسول عليه السلام قال ( وإذا قرأ الإمام (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا آمين ) معنى ذلك أن آمين ينبغي أن تقع فور قول الإمام (( ولا الضالين )) ... شيء في هذا الحديث بعضه يرجع إلى علم الحديث وبعضه يرجع إلى علم أصول الفقه، أما الذي يرجع إلى علم الحديث فهو هذا الحديث الذي قال ( وإذا قرأ الإمام (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا آمين )لم يذكر قول الإمام آمين لكن في الحديث السابق ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام الإمام صراحة فقال ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) فمن القواعد العلمية الحديثية أنه إذا جاء حديثان صحيحان وفي أحدهما زيادة على الآخر وجب ضم الزايد على المزيد عليه وأن يؤخذ مجموعهما وهذا ما يعبرون عنه بزيادة الثقة مقبولة وحين ذاك نخرج بالنتيجة الآتية في الحديث الثاني ( وإذا قرأ الإمام (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) -وقال آمين- فقولوا آمين ) فمن أين جئنا نحن بقول الإمام آمين في الحديث الأول ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) فضممنا هذه الزيادة إلى الحديث الثاني والذي يؤكد لكم هذا هو أن الاعتماد على الحديث الثاني أي على ظاهره بغض النظر عن الزيادة زيادة التأمين المصرح في الحديث الأول فسيكون الحديث فيه دلالة على أن الإمام لا يقول آمين لماذا ؟ لأنه قال ( وإذا قرأ الإمام (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا آمين ) ما ذكر آمين الإمام والواقع أن الإمام مالك احتج بهذا الحديث لأن الإمام لا يقول آمين يعني لو كان يشرع له أن يقول آمين لكان قال الرسول عليه السلام ( وإذا قرأ الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين -وقال آمين- فقولوا أنتم آمين ) هذه حجة مالك في عدم مشروعية تأمين الإمام عنده لكن الجمهور على أن من السنة للإمام أن يؤمن بل ومن السنة في حقه أن يؤمن جهرا كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك فالحديث الثاني ينبغي أن تضم إليه زيادة التأمين المذكورة في الحديث الأول فلا يختلف الحديثان ويلتقيان ويتفقان وحين ذلك يصبح حكم التأمين من حيث أن المقتدي يتابع فيه الإمام كحكم كل الأذكار الواردة في الصلاة كما فصلنا ذلك فالمقتدي فيها يتابع الإمام ولا يقارنه كالتكبير ونحو ذلك . ثم نلاحظ شيئا آخر لعله يمكن أن يصلح دليلا رابعا في ترجيح القول الثاني وهو مراعاة الحكمة في سنية رفع الإمام صوته بآمين فالحكمة في رفع الإمام صوته بآمين هو ليتمكن المقتدي من أن يحقق الحديث الأول ( إذا أمن فأمنوا ) لأن الإمام لو لم يجهر بآمين لم يتمكن من المقتدي من تحقيق هذا الأمر الذي ثمرته أن يغفر الله لمن حققه فإذا نحن يجب أن نصبر لفراغ الإمام من (( ولا الضالين )) بكاملها ثم نصبر حتى يتراد إليه نفسه لأنه وإن كان بعض أئمة المساجد مع الأسف الشديد لجهلم يقولون (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) آمين هذا خطأ لأن آمين أولا ليست من الفاتحة وثانيا لو كانت من الفاتحة فإما أن يقطع وإما أن يصل فإذا وصل لم يقل (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) آمين وإنما (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) حركها ثم أتبعها بقوله آمين لكن هنا آية يجب الوقوف أولا عندها لا سيما وبها تختم الفاتحة وتتميز الفاتحة عن كلمة الدعاء وهي آمين فقصدي أنه إذا كان في بعض أئمة المساجد لجهلهم أو غفلتهم عن هذه الحقيقة يقول (( ولا الضالين )) آمين فنحن يجب أن نقتدي بالأئمة العارفين الصالحين الذين يقرؤون القرآن آية آية ، وبخاصة من القرآن سورة الفاتحة ونجد كثيرا من الأئمة هكذا يفعلون (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ... اصبر عليّ لآخذ نفسا ليقول هو آمين فأنت إذا أن تترقب معك بقول الإمام جهرا آمين حتى توافق بتأمينك تأمين الملائكة إما على القول بالمقارنة وإما على القول بالمتابعة وهذا هو الأرجح لما ذكرناه من الأسباب هذا ما أحببت أن ذكركم به ولعلي فعلت أكثر من مرة في هذا المكان لكننا نجد في كل مرة على قلة ما نأتي إلى هذا المكان نجد في كل مرة والحمد لله شباب يقبلون على سماع الأئمة وعلى تطلبه ويسمع منهم بعض ... المخالفة للأحاديث الصحيحة كهذا الخطأ فرأينا من الواجب علينا أن ننبهكم جميعها حتى أولا لا تخالفوا أمر الرسول الصريح في قوله ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) على التفصيل السابق وثاينا حتى لا تفوتوا على أنفسكم مغفرة الله تبارك وتعالى بهذا السبب المذلل الميسر هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ... .