هل من أدب المجلس قطع كلام المتحدث بالسلام والمصاحفة ؟ حفظ
السائل : ... ملاحظة عند بعض ... فيسلم ويقول السلام عليكم ثم يصافح ويقطع حديثه يعني هل هذا من أدب المجلس ... ؟
الشيخ : هو يقول غيرك ما هو أكثر من هذا يقول لا يجوز إلقاء السلام والدرس قائم لأن السلام يقطع المجلس ونحن باعتبارنا سلفيين لا نعمل عقولنا ولا نسلطها على أحاديث نبينا فإذا كان دلالة الحديث واضحة نبقى التكلم فيما ينافي هذه الدلالة هو أشبه ما يكون بالفلسفة مثلا لعلكم تعلمون جميعا الأحاديث التي فيها شرعية السلام على المصلي فيقابل هذا المشروع بفلسفة عقلية يقول يا أخي أنت عندما تسلم على المصلي تشغل باله ثم أنت تكلفه أن يرد عليك السلام إشارة بيده أو برأسه فأنت أشغلته عن الصلاة وأنا أجيب عن هذا بجوابين الأول ... " إذا ورد الأثر بطل النظر " " وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل " الشيء الثاني أن تصورنا أن إلقاء السلام على المصلي هو إشغال له عن الصلاة إنما هو قائم على أن الصلاة تعني غيبوبة عن الواقع كما يحكى عن بعضهم أنه لا يحس بمن حوله قد يكون كذلك أو قد يكون ذلك من الاستغراء في الخشوع والخضوع هو شيء طيب بلا شك لكن هذا لا يعني أن المصلي لازم يكون كذلك دائما وأبدا فلا يشعر بما يقع حوله لأن هذا خلاف سنة الرسول عليه السلام يقينا كما لو قال قائل وقد قيل في بعض كتب الفقه ... إغماض العينين في الصلاة هل هو من آداب الصلاة أم لا فكثيرا ممن عنده طرف من التصوف يقول باستحباب تغميض العينين في الصلاة لأنه يستجلب الخشوع فأتي الرد أن سيد الخاشعين عليه الصلاة والسلام لم يكن يغمض عيينه في الصلاة فكان يرى ما يجري حوله وكذلك لم يكن مستغرقا في الصلاة كل الاستغراق كما ذكرناه عن بعض الناس وإنما كان يقظا كان يلاحظ ما يقع خلفه وعن يمينه وعن يساره من أخطاء فيعلمهم بعد الصلاة .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته، بل وصل الأمر به عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان إلى أن يغير مخطط الصلاة التي كان فيها وكان خطط لها من تخفيف القراءة أو تخفيف الركوع والسجود لأمر يعرض فهناك مثلا حديث للإمام أحمد في مسنده بالسند الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة العصر يوما سجدة أطالها هو دائما سجداته طويلة بالنسبة للسجدات ... لكن تلك السجدة كانت أطول من الطويلة مما جعل بعض الصحابة الذين يصلون خلفه تحدثه نفسه ما بال الرسول عليه السلام أطال السجود هذه الإطالة غير المعتادة لعله جاءه الموت فرفع رأسه من السجود وأطل هكذا ليطمئن على نبيه وإذا به يرى منظرا عجبا يرى الحسن أو الحسين قد ركب ظهر الرسول عليه السلام وعلى التعبير الشامي "مكيف الولد " والرسول لا يتحرك ولا ... هكذا ولا هكذا بيده حتى ينزل المهم الصحابي هذا لماعرف أن الرسول على قيد الحياة فرجع إلى سجودع ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قالوا له يا رسول الله لقد سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها فقال عليه الصلاة والسلام ( إن ابني هذا كان قد ارتحلني فكرهت أن أعاجله ) هذا بلا شك التواضع هذا واللطف واللين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس غريبا وهو الذي أثنى عليه ربنا في القرآن فقال (( وإنك لعلى خلق عظيم )) والشاهد من هذا الحديث الصحيح هو أن الرسول عليه السلام ما كان مستغرقا في صلاته كل الاستغراق وإلا لما أحسّ بركوب ابنه على ظهره وبالتالي لما أطال السجدة أكثر من العادة لكنه أحس بأنه هناك ولد من أولاده الصغار ولد ابنته قد ركب عليه فهو لا يريد أن ينزله لذلك قال بكل تواضع ( كان قد ارتحلني ) يعني اتخذني راحلة كان باستطاعته يقول ركبني وانتهى الأمر يقول ( اتخذني راحلة ... ) ( إن ابني هذا كان قد اتخذني راحلة فكرهت أن أعجله ) خليه يكيف حتى يشبع ولما شبع منه ... رفع رأسه من السجود كذلك في صحيح البخاري وغيره أن الرسول عليه السلام كان يقول ( إني لأدخل في الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء صبي فأوجز في القراءة لأفرغ له أمه ) فلاحظوا في هذا الحديث ماذا أولا الرسول سمع صوت الصبي ثم عمل بطبيعة الحال ... منطقية وسريعة جدا صوت هذا الصبي يدل على أن أمه معه في المسجد إذا فمعنى المحاكمة إذا الأم هذه سيشغل بالها وعقلها وراء صبيها لذلك أنا لازم أخفف الصلاة لأجل يفرغ الأم للصبي ولذلك كان يقرر في صلاة الصبح يقرأ ثلاثين آية على الأقل في الركعة وإذا به يقرأ بضع آيات ويخفف الركوع والسجود كل ذلك ليفرغ للصبي أمه ! هذا كله ولا مؤاخذة مقدمة ولو أنها طالت فهي لا تخلو من فائدة أنه إذا كان الرجل يصلي فألقى المسلم عليه السلام فيقال يا أخي هذا فيه إشغال له سنقول أشغلناه بالخير أم بالشر ؟ ابنه الحسن أو الحسين لما ركبه أشغله بالخير أو بالشر نحن لا ندرك الخير والشر إلا من طريق محمد عليه الصلاة والسلام فما دام أنه أقره فهذا من عطفه ومن رحمته بالصغار كما سمعتم في الحديث السابق ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) فما دام أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد شرع لنا إلقاء السلام على المصلي فلا نقول أن في هذا الإلقاء تشغيلا له ... لأننا نقول أنه قد يكون من الصلاة ما يعده الناس بأنه من الصلاة والمثال بين أيديكم حينما قال عليه السلام في تلك الحادثة ( إن ابني هذا قد ارتحلني فكرهت أن أعجله ) ومن هذا الحديث القبيل أيضا حديث البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما وعلى عاتقه بنت ابنته وهي أمامة بنت زينب فحضرت الصلاة وهي على كتفه فلما جاء وقت الركوع أخذها أخذا رفيقا ووضعها على الأرض فلما قام إلى الركعة الثانية أعادها حيث كانت ... عليه السلام وهكذا حتى قضى الصلاة فلا نستطيع أن نقول أن هذه الحركات تنافي الصلاة وذلك الرد بالإشارة لا ينافي الصلاة بل نقول هذا وهذا كله من الصلاة لكن بالمفهوم النبوي لا بالمفهوم الخلفي هذا ، أخيرا أقول إذا دخل الداخل والمجلس ... والخطيب يخطب أو المدرس يدرس عليهم أو الفقيه يتكلم فما فيه أي مانع أن يقول السلام عليكم لأن كون هذا الفقيه يفقه الناس أو يعلمهم ليس هو بأعظم من الإمام في الصلاة أو الجماعة المقتدين وراء الإمام فقد شرع عليه الصلاة والسلام عن ربه إلقاء السلام على هذا المصلي ... كما أنه أيضا شرع إلقاء السلام على الجالسين في الحلقة يتدارسون القرآن أو يتدارسون العلم كما في مسند الإمام أحمد يبقى أخيرا المصافحة التي كان السؤال موجها إليها فأنا قلت أنه إذا كان فيه مصافحة متيسرة فيكون ذلك من تمام السلام يدخل فيسلم تسليمة واحدة كما يصافح الجالسين واحدا واحدا أما إذا كان العدد الله مبارك فيهم وهم كثر وفيه شيء من الحرج ... كل إنسان يعرف كيف تؤكل الكتف ... ما دام فيه حرج والحرج يرفع ما هو أكثر من هذه الفضيلة الشاهد من هذا كله أن المصافحة في بعض الأحيان توزع وليس في كل الأحيان فأنا أتكلم الآن في الفقه فدخل الداخل وسلم ورددت أنا عليه السلام ... الموضوع شيء هذا الداخل تمكن كما هو الواقع الآن سلم واستمر بالمصافحة ما ... المجلس إطلاقا فليس فيه إتمام المصافحة ... لا يوجد الحرج هو يدعم الفائدة العلمية بل في هذه المصافحة تحقيق لذاك الحديث الذي ذكرته آنفا وهو حديث أبي ذر قال " ما لقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وصافحنا " وهذا ما عندي فيما سألت .
السائل : جزاك الله خيرا .
الشيخ : وإياك .