هل قول كفر دون كفر ينطبق على الشرك أيضا فيكون هناك شرك دون شرك شرك مخرج عن ملة الإسلام وشرك لا يخرج عن ملة الإسلام ومتى يكون شركا اعتقاديا ومتى يكون عمليا ؟ حفظ
السائل : قول كفر دون كفر هل ينطبق على الشرك أيضا ؟ شرك دون شرك ، شرك يخرج عن ملة الإسلام وشرك لا يخرج عن ملة الإسلام ومتى يكون شركا اعتقاديا ومتى يكون شركا عمليا ؟
الشيخ : ... المسألة واحدة سواء قلنا كفر اعتقادي أو كفر علمي ... أو قلنا شرك اعتقادي أو قلنا شرك عملي لا بد في الشرك الذي يخرج به صاحبه من الملة أن يقترن به الاعتقاد المخالف للكتاب والسنة والأمثلة من السنة التي هي تبين لنا مثل هذه الحقائق وتجليها كثيرة مثلا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر بن الخطاب يحلف بأبيه قال ( لا تحلفوا بآبائكم من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) قال عمر " فما حلفت بعد ذلك بغير الله ذاكرا ولا آثرا "يعني ولو على سبيل الحكاية ما ذكر فلان قال بأبي ما نقل ذلك وهذا من ... رضي الله عنه الشاهد إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سمع عمر يحلف بأبيه ما كفره وما أخرجه عن الدين ويجب أن نعلم أن من لوازم إخراج المسلم عن دينه التفريق بينه وبين زوجه مش مجرد كلمة نقولها هذا كفر وارتدّ في دينه وكل شيء بقى على ما هو عليه هذا له لوزام منها أنه إذا كان متزوجا أنه يفرق الشرع بينه وبين زوجته حتى يتوب ويعود عن شركه وعن كفره إلى الإيمان الصحيح كذلك لما خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وقام رجل ليقول له ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال ( أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ) فنجد ها هنا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يزد على أكثر من الإنكار الشديد على هذا الذي قال له ما شاء الله وشئت لكنه ما رتب ما يترتب من لوازم فيما لو كان ذلك الإنسان أشرك بمعنى ارتد عن دينه وإنما اكتفى بأن بيّن له أن هذا شرك أبدع من هذا وأبعد عن أن يكون مثل هذا شرك ردة أن رجلا من الصحابة رأى في المنام كأنه يمشي في بعض أزقة المدينة فلقي رجلا من اليهود فقال المسلم لليهودي نعم القوم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عزيرا ابن الله فعارضه اليهودي فقال للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ثم استمر في منامه يمشي حتى لقي رجلا من النصارى فقال له نعم القوم أنتم معشر النصارى لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون عيسى ابن الله فقال ذلك النصارني للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ،فلما أصبح الصباح انطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقصّ عليه الرؤيا فقال ( هل قصصت على أحد ؟ ) قال لا فقام الرسول صلوات الله وسلامه عليه خطيبا فيهم ثم قال " لقد كنت أسمع منكم كلمة فيحملني الحياء - هنا الشاهد - فيحملني الحياء على أن لا أنكر ذلك عليكم حتى قص عليّ فلان بأنه رأى كذا وكذا ألا لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد ولكن ليقل ما شاء الله وحده " وفي رواية في هذا الحديث أو الذي قبله ( ولكن ليقل ما شاء الله ثم ما شاء محمد ) الأصل أن يقول ما شاء الله وحده هذا أحسن شيء فإن كان لا بد أن يذكر محمدا فليذكره بحرف " ثم " لأنها تفيد أدنى مرتبة أما الواو فتفيد الشرك لذلك أنكر الرسول عليه السلام على ذاك الذي خاطبه بقوله مباشرة ما شاء الله وشئت وأنكر أيضا ما دلت عليه الرؤيا أن الصحابة يقولون أحيانا ما شاء الله وشاء محمد . موضع الاستشهاد في هذا الحديث أوضح من الاستشهاد بالحديث السابق الذي قبله ذلك أن هذا القول لو كان شرك ردة ما سكت عنه الرسول عليه السلام قيد شعرة ولا لحظة واحدة لأنه كما تعلمون جميعا ما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب إلا لإحلال التوحيد محل الشرك فلا مهاودة في ذلك إطلاقا ولكن هذا النوع من الشرك لما كان شركا عمليا ولم يكن شركا اعتقاديا لم يأذن الله للنبي صلى الله عليه و آله وسلم أن ينبههم إلا حينما رأى ذلك الرأي رؤياه وقصها على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحذرهم من ذلك .
والواقع أني أريد أن أذكر بشيء ربما أكثر الناس عنه غافلون يجب أن نعلم أنه لا فرق في الإسلام بين الكفر والشرك خلاف ما هو الشائع والذايع بين علماء المسلمين فضلا عن غيرهم أي يجب أن نعلم أن كل كفر شرك وكل شرك كفر فليس هناك كفر ليس بشرك كما يتوهم بعض الناس نعم هناك كفر غير الشرك لغة أما شرعا فكل كفر هو شرك وهذا تجدونه صريحا في المحاروة التي قصها الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم بين الكافر صاحب الجنتين وبين صاحبه المؤمن فالمحاروة التي جرت بينهما تدلكم دلالة صريحة على أن من أنكر البعث مثلا فهو مشرك مع أن هذا لا يقال عنه في عرف العلماء أنه مشرك لأنه يؤمن بأن خالق الكون واحد وربما يعبده واحدا ولكنه ينكر البعث فلو تصورنا إنسانا مؤمنا بكل نواحي الإيمان ولكنه أنكر شيئا من الإسلام المعروف عادة أنه بإنكاره كفر هذا كفر لا شك لكنه أيضا أشرك والسر في هذا أو قبل ذلك لعلنا نذكر لكم الآيات الواردة في هذه السورة حيث قال الله عز وجل (( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ... )) هذا في العرف السائد أشرك أم كفر قولوا هذا في العرف السائد أشرك أم كفر ؟
السائل : كفر .
الشيخ : كفر لأنه أنكر البعث والنشور والقيامة ((ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنّه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ... )) .
أي لا أشرك بربي أحدا أي كما أشركت أنت أين الشرك ؟ سأشرحه لك ثم نتابع الآيات (( ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ... )) إذا هو هذا الرجل الذي أنكر البعث والقيامة اعترف بنفسه أنه أشرك مع ربه وشهد عليه بذلك صاحبه المؤمن لكنه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا كما أشرت أمس أين الشرك في القضية الشرك هو يكمن في أن كل من أنكر ما جاء في الشرع فقد اتخذ علقه إلاهه وحكمه في كل ما يقر أو ينكر فمن هنا جاء الشرك بالنسبة لكل من يكفر لذلك فيبقى السؤال في السابق ولو أننا أجبنا عليه مجاراة للعرف السائد يبقى السؤال صوريا شكليا يعني هل الشرك أيضا فيه شرك اعتقادي وشرك عملي هذا سؤال صوري لأنه لا فرق في الشرع بين الشرك وبين الكفر فكل مشرك كافر وكل كافر مشرك ولكن لا بد من التفريق في الكفر أو الشرك فهما لفظان مترادفان شرعا لا بد من التفريق بينما كان منه قد استقر في قلب صاحبه هو مرتد عن وتجري عليه أحكام الردة وبين أن يكون قد استقر في قلبه الإيمان ولكنه يخالط هذا الإيمان ببعض الأمور فيعصي الله عز وجل ولو لا هذا التفصيل لم ينج مسلم من الكفر إذا كان الكفر كفرا واحدا لماذا يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) أي أن من طبيعة الإنسان أنه يذنب وإذا كان أذنب وقد كفر فالقضية مشكلة وإذا كان جاهل أو أتى آت بتفريق فأي تفريق جاء به فهو مردود عليه إذا قال نحن نحكم بالكفر على من جاء من جاز إطلاق لفظة الكفر عليه ما أظن أنه يستطيع أن يطّرد ذلك وهذا أحد الأمثلة الكثيرة جدا وقتال المسلم كفر لا يقول المسلمون أجمعوا بعد رأي ابن عباس تفرد به ثم رجع عنه أن القاتل المؤمن كافر ولا توبة له فالمسملون مجمعون أن القاتل حكمه إلى الله إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له وهذا صريح القرآن الكريم أيضا في الآية المشهورة (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) انظروا الآن كيف تتجاوب نصوص الشريعة بعد فهمها فهما صحيحا (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) إذا فرّقنا بين الكفر والشرك فهناك اليوم في أوروبا ديانة يسمونها بالديانة الطبيعية يعني هؤلاء لا يؤمنون بالكتب والرسل وإنما دروسهم وبحوثهم أودى بهم إلى الإيمان بأن لهذا الكون خالقا واحدا لا شريك له لكن لا يؤمنون بكل ما جاء في شرعنا بصورة خاصة هل الله يغفر لهؤلاء ؟ إذا فسرت الآية (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) يمكن أن يغفر الله لمثل هؤلاء لأنهم ليسوا مشركين لأنهم يؤمنون بالله واحدا لا شريك له وأنا فعلا رأيت أحد كبار العلماء المصريين قد استدل بهذه الآية أنه يجوز أن الله عز وجل لا يعذب هؤلاء الكفار الذين آمنوا بوجود الله عز وجل لأنهم ليسوا مشركين ! هذا جاءه بسبب التفريق بين الشرك والكفر لكننا إذا فهمنا أن الشرك كفر وأن الكفر شرك حينئذ تكون الآية واضحة الدلالة أن كل من كفر بالله عز وجل لا نقول الآن لفظة أشرك كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من أنواع الكفر الاعتقادي فلا يغفره الله تبارك وتعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) أي ما دون ذلك من الكفر الكبير الذي لا كفر بعده فالله عز وجل يغفره ونحن حينما نشرح هذا الشرح واستفدناه من الآيات والأحاديث وتبيين أئمة الإسلام لها .
الشيخ : ... المسألة واحدة سواء قلنا كفر اعتقادي أو كفر علمي ... أو قلنا شرك اعتقادي أو قلنا شرك عملي لا بد في الشرك الذي يخرج به صاحبه من الملة أن يقترن به الاعتقاد المخالف للكتاب والسنة والأمثلة من السنة التي هي تبين لنا مثل هذه الحقائق وتجليها كثيرة مثلا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر بن الخطاب يحلف بأبيه قال ( لا تحلفوا بآبائكم من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) قال عمر " فما حلفت بعد ذلك بغير الله ذاكرا ولا آثرا "يعني ولو على سبيل الحكاية ما ذكر فلان قال بأبي ما نقل ذلك وهذا من ... رضي الله عنه الشاهد إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سمع عمر يحلف بأبيه ما كفره وما أخرجه عن الدين ويجب أن نعلم أن من لوازم إخراج المسلم عن دينه التفريق بينه وبين زوجه مش مجرد كلمة نقولها هذا كفر وارتدّ في دينه وكل شيء بقى على ما هو عليه هذا له لوزام منها أنه إذا كان متزوجا أنه يفرق الشرع بينه وبين زوجته حتى يتوب ويعود عن شركه وعن كفره إلى الإيمان الصحيح كذلك لما خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وقام رجل ليقول له ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال ( أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ) فنجد ها هنا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يزد على أكثر من الإنكار الشديد على هذا الذي قال له ما شاء الله وشئت لكنه ما رتب ما يترتب من لوازم فيما لو كان ذلك الإنسان أشرك بمعنى ارتد عن دينه وإنما اكتفى بأن بيّن له أن هذا شرك أبدع من هذا وأبعد عن أن يكون مثل هذا شرك ردة أن رجلا من الصحابة رأى في المنام كأنه يمشي في بعض أزقة المدينة فلقي رجلا من اليهود فقال المسلم لليهودي نعم القوم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عزيرا ابن الله فعارضه اليهودي فقال للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ثم استمر في منامه يمشي حتى لقي رجلا من النصارى فقال له نعم القوم أنتم معشر النصارى لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون عيسى ابن الله فقال ذلك النصارني للمسلم ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد ،فلما أصبح الصباح انطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقصّ عليه الرؤيا فقال ( هل قصصت على أحد ؟ ) قال لا فقام الرسول صلوات الله وسلامه عليه خطيبا فيهم ثم قال " لقد كنت أسمع منكم كلمة فيحملني الحياء - هنا الشاهد - فيحملني الحياء على أن لا أنكر ذلك عليكم حتى قص عليّ فلان بأنه رأى كذا وكذا ألا لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد ولكن ليقل ما شاء الله وحده " وفي رواية في هذا الحديث أو الذي قبله ( ولكن ليقل ما شاء الله ثم ما شاء محمد ) الأصل أن يقول ما شاء الله وحده هذا أحسن شيء فإن كان لا بد أن يذكر محمدا فليذكره بحرف " ثم " لأنها تفيد أدنى مرتبة أما الواو فتفيد الشرك لذلك أنكر الرسول عليه السلام على ذاك الذي خاطبه بقوله مباشرة ما شاء الله وشئت وأنكر أيضا ما دلت عليه الرؤيا أن الصحابة يقولون أحيانا ما شاء الله وشاء محمد . موضع الاستشهاد في هذا الحديث أوضح من الاستشهاد بالحديث السابق الذي قبله ذلك أن هذا القول لو كان شرك ردة ما سكت عنه الرسول عليه السلام قيد شعرة ولا لحظة واحدة لأنه كما تعلمون جميعا ما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب إلا لإحلال التوحيد محل الشرك فلا مهاودة في ذلك إطلاقا ولكن هذا النوع من الشرك لما كان شركا عمليا ولم يكن شركا اعتقاديا لم يأذن الله للنبي صلى الله عليه و آله وسلم أن ينبههم إلا حينما رأى ذلك الرأي رؤياه وقصها على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحذرهم من ذلك .
والواقع أني أريد أن أذكر بشيء ربما أكثر الناس عنه غافلون يجب أن نعلم أنه لا فرق في الإسلام بين الكفر والشرك خلاف ما هو الشائع والذايع بين علماء المسلمين فضلا عن غيرهم أي يجب أن نعلم أن كل كفر شرك وكل شرك كفر فليس هناك كفر ليس بشرك كما يتوهم بعض الناس نعم هناك كفر غير الشرك لغة أما شرعا فكل كفر هو شرك وهذا تجدونه صريحا في المحاروة التي قصها الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم بين الكافر صاحب الجنتين وبين صاحبه المؤمن فالمحاروة التي جرت بينهما تدلكم دلالة صريحة على أن من أنكر البعث مثلا فهو مشرك مع أن هذا لا يقال عنه في عرف العلماء أنه مشرك لأنه يؤمن بأن خالق الكون واحد وربما يعبده واحدا ولكنه ينكر البعث فلو تصورنا إنسانا مؤمنا بكل نواحي الإيمان ولكنه أنكر شيئا من الإسلام المعروف عادة أنه بإنكاره كفر هذا كفر لا شك لكنه أيضا أشرك والسر في هذا أو قبل ذلك لعلنا نذكر لكم الآيات الواردة في هذه السورة حيث قال الله عز وجل (( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ... )) هذا في العرف السائد أشرك أم كفر قولوا هذا في العرف السائد أشرك أم كفر ؟
السائل : كفر .
الشيخ : كفر لأنه أنكر البعث والنشور والقيامة ((ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنّه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ... )) .
أي لا أشرك بربي أحدا أي كما أشركت أنت أين الشرك ؟ سأشرحه لك ثم نتابع الآيات (( ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ... )) إذا هو هذا الرجل الذي أنكر البعث والقيامة اعترف بنفسه أنه أشرك مع ربه وشهد عليه بذلك صاحبه المؤمن لكنه هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا كما أشرت أمس أين الشرك في القضية الشرك هو يكمن في أن كل من أنكر ما جاء في الشرع فقد اتخذ علقه إلاهه وحكمه في كل ما يقر أو ينكر فمن هنا جاء الشرك بالنسبة لكل من يكفر لذلك فيبقى السؤال في السابق ولو أننا أجبنا عليه مجاراة للعرف السائد يبقى السؤال صوريا شكليا يعني هل الشرك أيضا فيه شرك اعتقادي وشرك عملي هذا سؤال صوري لأنه لا فرق في الشرع بين الشرك وبين الكفر فكل مشرك كافر وكل كافر مشرك ولكن لا بد من التفريق في الكفر أو الشرك فهما لفظان مترادفان شرعا لا بد من التفريق بينما كان منه قد استقر في قلب صاحبه هو مرتد عن وتجري عليه أحكام الردة وبين أن يكون قد استقر في قلبه الإيمان ولكنه يخالط هذا الإيمان ببعض الأمور فيعصي الله عز وجل ولو لا هذا التفصيل لم ينج مسلم من الكفر إذا كان الكفر كفرا واحدا لماذا يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) أي أن من طبيعة الإنسان أنه يذنب وإذا كان أذنب وقد كفر فالقضية مشكلة وإذا كان جاهل أو أتى آت بتفريق فأي تفريق جاء به فهو مردود عليه إذا قال نحن نحكم بالكفر على من جاء من جاز إطلاق لفظة الكفر عليه ما أظن أنه يستطيع أن يطّرد ذلك وهذا أحد الأمثلة الكثيرة جدا وقتال المسلم كفر لا يقول المسلمون أجمعوا بعد رأي ابن عباس تفرد به ثم رجع عنه أن القاتل المؤمن كافر ولا توبة له فالمسملون مجمعون أن القاتل حكمه إلى الله إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له وهذا صريح القرآن الكريم أيضا في الآية المشهورة (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) انظروا الآن كيف تتجاوب نصوص الشريعة بعد فهمها فهما صحيحا (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) إذا فرّقنا بين الكفر والشرك فهناك اليوم في أوروبا ديانة يسمونها بالديانة الطبيعية يعني هؤلاء لا يؤمنون بالكتب والرسل وإنما دروسهم وبحوثهم أودى بهم إلى الإيمان بأن لهذا الكون خالقا واحدا لا شريك له لكن لا يؤمنون بكل ما جاء في شرعنا بصورة خاصة هل الله يغفر لهؤلاء ؟ إذا فسرت الآية (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) يمكن أن يغفر الله لمثل هؤلاء لأنهم ليسوا مشركين لأنهم يؤمنون بالله واحدا لا شريك له وأنا فعلا رأيت أحد كبار العلماء المصريين قد استدل بهذه الآية أنه يجوز أن الله عز وجل لا يعذب هؤلاء الكفار الذين آمنوا بوجود الله عز وجل لأنهم ليسوا مشركين ! هذا جاءه بسبب التفريق بين الشرك والكفر لكننا إذا فهمنا أن الشرك كفر وأن الكفر شرك حينئذ تكون الآية واضحة الدلالة أن كل من كفر بالله عز وجل لا نقول الآن لفظة أشرك كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من أنواع الكفر الاعتقادي فلا يغفره الله تبارك وتعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) أي ما دون ذلك من الكفر الكبير الذي لا كفر بعده فالله عز وجل يغفره ونحن حينما نشرح هذا الشرح واستفدناه من الآيات والأحاديث وتبيين أئمة الإسلام لها .